رذاذات ديماويّة

بقلم: حسين أحمد سليم

قناعة إطمئنانٍ إيمانيّ بذكر الرّحمة الإلهيّة ترتيلاً و تجويدًا و همسًا و ترنيمًا و دندنة و إستغاثة و مناجاة, تستكن هدأة أشرعتي في كوامني النّفسيّة عند رمال و صخور شواطئي الوجدانيّة و واحات رؤاي العقليّة و إنتعاشاتي الرّوحيّة و دندناتي القلبيّة, تنتعش سيّالات ذاكرتي الإشراقيّة التّفكّريّة المُقلبنة و شغاف جناني المُعقلنة بأبعد ممّا يتخاطر به خيالي في أرحبة و فضاءات الإمتدادات اللامتناهية و المتجاوزة لأسوار المحدودات, ممّا يحملني طوعًا قدريّا على صهوات الرّؤى لما خلف اللامنظور للبصر عند الإنسان و يرود بي عوالم البصيرة الحكيمة, حيث ترسو أشرعتي في مرفأ القنديل الأزرق عند شاطيء الحبّ و العشق بعد سفر طال بي في البعد الآخر و أنا أحزم بعض ما تبقّى من أمتعتي الشّفيفة التي ترافقني في حركة فعل الإرتحالات المتوالدة من بعضها البعض...

منذ إقترن عقلي المُتفكّر بقلبي المتشاغف تنامت الحكمة في وجداني العادل, فتنامى الوعي في بواطني و تفاعل العرفان في ذاتيّتي, و غدوت أتجاوب مع معتقداتي المُسلّم بها و التي لا تقبل الجدل أو المماحكة أو النّقاش الذي لا طائل منه أو التّعديل إمّعة لواقع ما, كوني أقمت صروحها على أسس إيمانيّة راسخة و ثابتة, و جبلتها بالمفاهيم العلميّة و الإلتزام بالأخلاق العظيمة التي تُشكّل شخصيّة الإنسانِ, و تنسج له معايير التّفضيل و التّقييم على قواعد يطمئنّ لها النّاقد في مسارات تناوله للحقيقة المجلوّة, و التي تنبثق من قلب النّقطة الإشراقيّة في الرّوح القدسيّة التي تتحكّم بالنّفس إيجابيّا للإنعتاق من ربقات السّوآتِ مهما صغرت و حتّى اللمم...

قناعة وعيٍ باطنيّ و عرفانٍ ذاتيّ و إيمانٍ روحيّ و إطمئنانٍ نفسيّ و إلتزامٍ نهائيّ يسكنني الإعتقاد بقوّة و ثباتٍ, أنّ ما يتمخّض عنه تفكّري من صنوف الإبداعات الإنسانيّة من إيحاءات عوالم الفنون الكتابيّة و الفنون التّشكيليّة و الفنون الأدائيّة, لا معنى لها في لعبة التّفضيل و لا قيمة تُحتسب في لغة الإحتسابات حين تنفصل نتاجات هذه الفنون عن حياة الإنسان, و لا تتناول قضاياه و همومه و معاناته و أمانيه و طموحاته و رؤاه...

و حركات فعل الإجادة و الإبداع في الكتابة الحروفيّة أو اللونيّة أو أيّ حركة فعل آخر, لا يجب أن تكون كما العدسة اللاقطة للمشهديّات و المرئيّات و اللوحات شاملة و مبيّنة لكلّ التّفاصيل و الحشوات و غرائب التّناقضات, و إنّما يجب أن تسهم بشكل واضح و فاعل في بثّ روح الحياة في جماديّة و ربقات المادّة التي يُعجن منها خيال و فكر و وجدان الكاتب النّاجح مفردات كائناته الفنّيّة, و يجب أن تتفاعل سيّالات روحه الأثيريّة فيما يكتب حتّى لكأنّ ما يكتبه بالحروف أو الألوان جزء من ذاته الرّوحيّة و المادّيّة و المعنويّة التي تُشكّل شخصيّته...