خفق القلب و بوح الرّيشة

بقلم : حسين أحمد سليم

يخفق قلبي الصّغير مُتراقصًا في صدري الذي يضيق عليه, و ينتفض تشاغفا و إشتياقا في غمرات توجّده, و هو يتموسق في نبضاته المنتظمة حينا و العشوائيّة أحيانا, و هو يمارس قدرا في مودّة و رحمة, ترتيل آيات الحبّ على قراءات عديدة, لأكثر من سباعياتها و أحكامها, و تجويد بشارات العشق على بحور كثيرة, تزيد على منظومتها المعروفة و جوزاتها الضّابطة, و يُحرّضني قلبي رُغم صغره على كينونتي من حيث لا أدري, و يستطيع أن يتحكّم بكلّ شيء في قوامي داخليّا و خارجيّا و كما يحلو له... فترتفع حرارتي على حين ومضة بين ترانيمه الإيمانيّة, و تفترّ ريشتي و أنا أُمسّد أطراف و رؤوس شعيراتها, كما إفترار يراعي بين بصمات أناملي, و هو يسكب مداده على صفحات القراطيس, يكتب و يرسم و يُشكّل ما يتراءى له... و ذلك تجاوبا لإفترار تفكّري الفلسفيّ في عقلي المقلبن بالحبّ الأقدس, و إيقاعا هارمونيّا منسجما مع دندنات قلبي المُعقلن بالعشق الأطهر...

أستل الرّيشة الفنّيّة التّشكيليّة, المُبتلّة برحيق من هالات الألوان الطّيفيّة, حيث ينتصب قوس الله تعالى هلالا, كما المستقيم الصّاعد في سمت السّماء, يتعاشق و يتحابب مع أنجم كوكبات مدار الشّمس النّسبيّ... ريشتي التي أختار هي ريشة الحبّ الإلهي الأقدس المُضرّجة بالعشق الأثيريّ الأطهر, ريشتي المعشوفة هذه, الحانية الشّعيرات النّاعمة, أمسّدها ببناني الدّافيء عشقا شفيفا آخر, أغمسها من فيض الإيمان بوريد القلب, المُكتظّ بقاني الدّمّْ, تنتعش بشربة من ماء الحياة, الذي يتسقسق جريا في إمتدادات عروقي, تمتصّ رحيق الحياة إنتعاشا من خيوط شراييني, و أخرجها لطيفة ناعمة كما أدخلتها بلا ألمٍ, تتّشح وفاءا و إخلاصا مُدثّرة بدمي القاني... يقطر عنفوانا منها الحبّ المُقدّس الشّفيف, و العشقُ المُطهّر الأثيريّ الأنسام...

أرسم على قرطاس القلب العاشق ترانيم الحبّ, قناعة موروثة من أكوار و أطوار و أدوار الماضي, فتتجلّى لوحة فنّيّة سورياليّة أو تجريديّة أو فلسفيّة خاصّة أو رمزيّة أو إبداعا و إبتكارا آخر, يتشكّل في دائرة متكاملة السّيّالات حول محورها, تُشرق من محورها النّقطة الإشراقيّة, تتكوكب في حروف معماريّة الأنماط, تختزل منظومة الأبجديّة في أمل مأمول يُراود النّفس في ما هو مُرتجى للحاضر و الغد...
لوحتي المولودة من رحم وجداني المُرتحل في المدى على صهوات الخيال في البعد اللامتناهي, تحكي سيرة الوطنيّة و الإنتساب و الهويّة, و سلاف الإخلاص لقوميّة التّقوى و رضى الله, حيث تتشكّل حكاية الوطن العربيّ الممتدّ من حدود الماء إلى حدود الماء, يحيط ذلك الومض الكوكبيّ بالبيت المقدّس, الذي يشعّ بالحجر الأسود و إليه ترفل كلّ العيون دامعة, و تهفو كلّ القلوب نابضة, و كلّ المشاعر صادقة... و أكتب كلماتي و خواطري بحروف نورانيّة منتقاة من منظومة أبجديّة الضّاد, مشرقيّة أم مغربيّة لا فرق, فالعربيّة القرآنيّة لساني ...

أتوجّه إليكِ إحتراما و تقديرا, و حُبّا و عِشقًا بمسؤوليّة تكليفيّة, يا من جعل الله بيني و بينك مودّة و رحمة, بمحكم كتابه المنزّل على قلب المصطفى, النّبيّ الحبيب الهادي, صاحب الخلق العظيم...

أكتب لكِ كلماتي الحانية الدّافقة بكلّ أحاسيس و مشاعر النّبل, أكتب لكِ خواطري و وجدانياتي من وحي الإيمان بالله تعالى و كتبه و رسله و أنبيائه و أديانه... أكتب لكِ في ومضات بارقة من إيحاءات الخيال المجنّح, سيّالات نثائر و قصائد و خواطر و حِكم و قصار الكلمات... تنساب إليّ من البعد الآخر, و هي تتهادى على صهوة التّفكير اللامحدود, كالرّذاذ المتهادي من أعماق السّماء إلى الأرض العطشى للإرتواء...

حروفياتي يا حبيبتي القدريّة, بحكم الحبّ الإلهي الشّفيف و العشق الرّبّاني الأثيريّ, تتواصل توكيدا لصلة الرّحم الكبرى الموصى بها في كتاب الله القرآن... تتجاذب, تتآلف, تتماذج في كلمات حانية, تتدفّق في سيّالات نورانيّة وجدانيّة, تحاكي مشاعري و أحاسيسي الملتزمة بالعشق الإلهي, و التي تسري في كلّ قطرة من دمي المنساب في عروقي... دمي الذي أصرفه إلى تغذية جوع الفكر الملتزم و الثّقافة الموجّهة و الوعي الباطني و الكتابة المتّزنة أنهل من عرفاني الذّاتيّ بوعيٍ باطنيّ... إضافة إلى تغذية جوع الجسد المقدّرة ...

أنا أيّتها القدريّة, مذ تعرّفت إليكِ في الله, أكتبكِ نثيرة من نثائري في واحة نثري, و أدوّنك قصيدة من قصائدي في بساتين شعري, و أشكّلكِ لوحة فنّيّة تراثيّة من لوحاتي التّشكيليّة في المعرض الفنّيّ الدّائم للوحاتي الفنّيّة في ثنايا سيّالات روحي... و
من وحي إيماني المطلق بالله من منظور إسلاميّ منفتح على الكلّ دون إستثناء, و من منطلق إلتزامي المنهج الرّوحيّ القويم, منهج الأوائل من أولي الأمر الإسلاميّ منهج أهل التّقوى و الصّلاح و الإخلاص... بحيث تتجسّد قوّة العاطفة النّبيلة الصّادقة عندي, و بساطة الأحاسيس الشّفيفة المقدّسة لديّ, لتزخر بهما حروفي و كلماتي و نصوصي و وجدانياتي و رباعيّاتي النّثريّة و الشّعريّة, المنشورة و غير المنشورة... و تزهو إعتزازا و عنفوانا الألوان الطّيفيّة المنبثقة من قوس الله تعالى في لوحاتي الإيمانيّة, التّجريديّة, الفلسفيّة و السّورياليّة المنحى و الحكميّة الأسلوب, لتزدان بها النّفوس المتحفّزة لمرضاة الله, قبل الجدران المتفاخرة في الصّالات لحملها في صدرها, تستعرضها العيون النّهمة, لتتكحّل بومضات من طيف ألوانها الوامضة ...

مرضاة الله تعالى في كتاباتي و ألواني و لوحاتي التّشكيليّة... هدفي أوّلا و آخرا, و التّقوى في العباد مساري في البعد الحياتيّ في هذه الدّنيا الفانية الزّائلة...
أرود البعد الآخر بالوعي الباطنيّ, أرتّل آيات الله في القرآن و الإنجيل و التّوراة, أنشد مبتهلا مزامير الله على لسان داوود النّبي, أمارس تجويد آيات سورة الكهف, وأستعيد لقاء العبد الصّالح, الخضر, بموسى النّبي عند مجمع البحرين الجغرافيّ الإفتراضيّ, و أتعلّم من معجزاته الثّلاث دروس الحبّ و العشق و أسرار الحياة... و أترنّم هائما في ملكوت الله بوصايا السّماء... و قوله تعالى في الآية 136 من سورة المباركة البقرة: " قولوا آمنّا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و ما أوتي موسى و عيسى و ما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحد منهم و نحن له مسلمون "... لوحة إيمانيّة قرآنيّة أبديّة تتحدّى كلّ ما دونها من لوحات العالم قديما و حديثا و مستحدثا ماضيا و حاضرا و مستقبلا ...