بشار "مرعوب" من المحكمة الدولية.. وشبح الاغتيال يُحاصر رستم غزالي

أورينت نت - إياد عيسى


قبل أيام، كشف زير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي، عن محاولة اغتيال الوزير السابق ميشال سماحة.

الواقعة، مرت مرور الكرام. وردود الفعل عليها اختفت تقريباً، باستثناء ما صدر عن العلاقات الإعلامية في حزب الله، من "تكذيب ونفي اقتصر على" ما نشرته صحيفة الوطن السعودية، تحت عنوان "احباط مخطط سوري لاغتيال ميشال سماحة"، مع الاستمرار عملياً برفض تسليم المُتهمين من عناصر الحزب بمقتل الحريري، وأولهم " مصطفى بدر الدين" صهر عماد مغنية، وخليفته العسكري.

شبح رفيق الحريري يلاحق سماحة!
اللافت، أن المحاولة تزامنت مع انتهاء جلسة للمحكمة الدولية المعنية باغتيال الشهيد رفيق الحريري، مُخصصة للاستماع إلى شخصيات لبنانية، منها الوزير والنائب مروان حمادة، حول "الخلفيات السياسية" لجريمة الاغتيال.

المحكمة، وفقاً لمعلومات أوردها "موقع جنوبية". طلبت فعلاً الاستماع لأقوال "سماحة"، على خلفية نقله متفجرات من سوريا إلى لبنان. بعضها يتطابق مع تلك التي استُخدمت في اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، وفي محاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق.

كان سماحة، أوقف في عام 2012، وبحوزته 24 عبوة ناسفة، مُعظمها مُجهز بمغناطيس للصقها بالسيارات، إضافة إلى أجهزة ومتممات تفجير، ومبلغ 170 ألف دولار.
وقتها، شبه تطوع سماحة "لبق بحصة" الاعترافات. (ما دفع وئام وهاب وقتئذ لمهاجمته وشتمه إعلامياً)، منها إثارة فتنة طائفية لحساب اللواء علي مملوك، عبر اغتيال رجال دين، أبرزهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. ولاحقاً دفع اللواء رئيس شعبة المعلومات آنذاك وسام الحسن، حياته منتصف 10/2012 ثمناً للقبض على سماحة، وإحباط مخططه.

غازي كنعان .. أول القرابين!
لطالما، شكل الاقتراب من ملف اغتيال الحريري "حداً قاتلاً"، لكل ساعٍ خلف الحقيقة. ولكل صاحب معلومات وأدلة من شأنها لف حبل الإدانة، حول أعناق القتلة.

ما قبل (الحسن)، يوم 12/10/2005 إثر اغتيال الرئيس الحريري، انتحر وزير الداخلية اللواء غازي كنعان، أو نُحر، أو أُجبر على الانتحار نتيجة اشتداد الضغوط عليه.

قضى كنعان في مكتبه برصاصة من مسدسه بحسب "ما أُشيع"، وذلك بعد ساعات من دفاعه المُستميت، عبر إذاعة صوت لبنان عن بشار الأسد، ورفض اتهامه بقتل الحريري.

بين حديث كنعان الإذاعي ولحظة سقوطه، بحسب معلومات "أورينت نت" الخاصة. توجه الرجل إلى قصر "بشار"، مُلتمساً مقابلته، ومُحاولاً كسر "الفيتو" على استقباله. لكن اللواء، رُد عن أبواب القصر على أعقابه، ليواجه مصيره فور عودته إلى مكتبه. فيما يبقى السؤال (هل انتحر اللواء أم نُحر؟!) حاضراً ينتظر الإجابة.

لا تتلخص مشكلة كنعان، بما يمتلكه من أسرار ومعلومات. تراكمت عبر سنوات طويلة من العمل الأمني الاستخباراتي فقط، إنما في الاستمرار بعلاقته مع النائب "غير المرغوب فيه" آنئذ عبد الحليم خدام. والأهم علاقة الصداقة التي جمعته بالشهيد الحريري، وربما امتلاكه مفاتيح حل "لغز اغتيال أبي بهاء".

"مغنية – سليمان" القاتلان القتيلين!
لم يكن، العميد محمد سليمان المحسوب على "باسل الأسد" بعيداً عن أحاجي جريمة قتل الحريري، بصفته أحد أهم اركان حكم بشار في الداخل، وضابط الارتباط مع حزب الله وإيران.

اُغتيل "الجنرال" يوم 2/8/2008، في حديقة الشاليه الخاص به قبالة البحر، بمنتجع الرمال الذهبية بطرطوس. واستناداً لمصادرنا الخاصة، كان برفقته زوجته، وصديقه الشخصي "الوكيل السوري الحصري لإحدى شركات السيارات الكبرى في العالم".

لخص رجل الأعمال ما حدث مع العميد، بأنه بدا منشرح النفس في سهرته الأخيرة. لكن ثوان معدودة من انقطاع التيار الكهربائي. ورصاصة وحيدة من قناص محترف، استقرت في الرأس مباشرة، أحالت الهدف من عميد ركن، إلى "مرحوم".

لم تُنظم للعميد الراحل جنازة. "تليق" بنفوذه الداخلي، وامتداداته الاقليمية. رغم توجه العميد ماهر الأسد على متن حوامة، إلى مكان الحادث، عُقب وقوعه فوراً، وقبيل توجه شقيقه بشار إلى طهران في زيارة رسمية بساعات!

لا يبدو التوقيت بين زيارة الوريث لعاصمة الملالي، وواقعة اغتيال سليمان مصادفة أو بريئة. ذلك أن الاغتيال طال أيضاً، وبأشهر سابقة شريك سليمان في التنسيق، والقائد العسكري لحزب الله عماد مغنية، يوم 12/2/2008، ضمن المربع الأمني بكفر سوسة وسط دمشق.
يومها، اتهمت إحدى زوجتي عماد مغنية "إيرانية الأصل"، نظام بشار صراحة بالتورط في اغتيال زوجها، ثم تراجعت عن تصريحاتها. في حين، لا تزال العملية غارقة بالغموض، خصوصاً أن دمشق رفضت أي مشاركة إيرانية بالتحقيقات، ونقلتها من عهدة المخابرات العسكرية، التي كان يرأسها "اللواء القتيل" بدوره آصف شوكت، إلى يد حافظ مخلوف شقيق رامي، والضابط المُبعد مؤخراً من إدارة أمن الدولة.

إذاَ، ما جمع القتيلين. هو الملف اللبناني، وأهم أسراره على الإطلاق "اغتيال الحريري". وهي عملية، لا يُمكن انجازها في حال "التورط" إلا بالتوافق بين الشخصين تخطيطاً، وتنفيذاَ.

اللواء جامع جامع .. "شهيد الغفلة"!
لم تقتصر "المفاجآت" العجيبة المُريبة على "تغييب" "الجنرال والقائد". إذ "لحقهما" متهم ثالث بالتورط في اغتيال الحريري، هو رئيس فرع الأمن العسكري بدير الزور اللواء جامع جامع. حيث تفيد المعلومات المُتداولة بمقتله خلال "اشتباكات مع الثوار" أواسط شهر آب 2013. واكتفى إعلام الأسد وقتها ببث خبر مُقتضب، يخلو من أي إجابة عن السؤالين المٌفترضين، في العمل الإخباري (أين بالتحديد .. وكيف)؟!. وبينما اتفقت المواقع الموالية على تظهير صورة القتيل "كشهيد زاهد"، تشتت روايات اصطياده بين حدي "القنص" والسيارة المُفخخة.

باغتيال "الحريري" في لبنان، وكنعان في سوريا. دشن الأسد الصغير خط "الاغتيالات" المُتنقلة بين البلدين ذهاباً وإياباً. لتعود إلى مربعها الأول ببيروت مؤخراً، عبر محاولة لم تكتمل لاغتيال الوزير اللبناني السابق، ومستشار بشار الإعلامي ميشال سماحة.

لعنة الأسرار تلاحق سماحة إلى سجنه!
لو كان سماحة، وما يعرفه من أسرار ومعلومات. تتعلق بشيء آخر غير مقتل الحريري . لهانت مشكلته على "رعاته"، ولما وصلت أصلاً حد محاولة "تصفيته" على الطريق من السجن إلى المشفى، كما كان مُخططاً. غير أن تطابق نوعية المُتفجرات، مع تلك المُستخدمة في سلسلة اغتيالات السياسيين والإعلاميين، المُرتبطة أساساً باغتيال الحريري. قذفته إلى حضن المحكمة الدولية، حيث لا يحب ولا يشتهي هو، ومعلموه.

شُكلت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري، في لحظة هاربة من نفوذ "الفيتو" الروسي في مجلس الأمن، و على وقع تداعيات جريمة لا يمكن تغطيتها سياسياً، طالت رجلاً يشكل احترامه قاسماً مُشتركاً بين كافة الأفرقاء السياسيين اقليمياً ودولياً تقريباَ.

بشار – الحريري .. والفرحة التي لم تكتمل!
راهن القتلة على الزمن، واختراق المحكمة بشهود الزور، وتغيُر الظروف والمصالح، والتحالفات. كادوا أن ينجحوا بجعل المحكمة مجرد "اتهام سياسي". وتحويل القصاص من قتلة الحريري إلى كابوس دولي، يتمنى الكثيرون الخلاص منه.

كان القتلة مرتاحين تماماً لأدائهم. بل ان النجاة من تداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق، واستيعاب نتائج مقتل الحريري. ساهما في تعزيز "غرور بشار" بنفسه إلى درجة مُدَمرة.
شيء واحد، لم يخطر ببال "الوريث" وحلفائه، هو اندلاع ثورة شعبية شبه مستحيلة في سوريا، إن لم تكن مستحيلة تماماً بحسابات هؤلاء.

غطت وقائع الثورة، ووحشية مافيا الأسد غير المسبوقة في محاولات قمعها، وفيتو الحماية "الروسي – الصيني" في مجلس الأمن على ما سواها. فيما تراجع الاهتمام بمحكمة الحريري إلى حدود النسيان العفوي شعبياً، والمُتعمد سياسياً.

بالمقابل، لا أحد قادر من داعمي "بشار" على الغاء محكمة الحريري الدولية. حقيقة يعرفها المتورطون بالاغتيال. وتُشكل كابوساً يؤرقهم ليلاً نهاراً. كما يتحاشون الخوض فيه علناً. فيما يعيشون انهيار سلطاتهم لحظة بلحظة.

رستم غزالي .. الضحية المؤجلة!
لن تكون "محكمة الحريري" خارج أي "تسوية" سياسية مستقبلية لخروج "مافيا الأسد". لكن ذلك يتطلب اجراءات احترازية، تدفُن للابد أي دليل مادي على تورط "بشار – نصر الله" بإصدار أمر تصفية رفيق الحريري.

قُتل على التوالي، أو غُيب (اللواء غازي كنعان - عماد مغنية - العميد محمد سليمان – اللواء آصف شوكت – خزان الأسرار والمعلومات اللواء وسام الحسن " – اللواء جامع جامع). كذلك نجا "مؤقتاً" الوزير ميشال سماحة.

لم يبق في الميدان إلا اللواء رستم غزالي. يُراقب الرحيل الغامض لرفاق وشركاء الأمس. ولعله يعرف أكثر من غيره، أن مصيراً مشابهاً يلاحقه بكل لحظة. ويُمني النفس "بالانتصار" على الثورة، وبالتالي إعادة التحكم بمجريات محكمة الحريري، والصاق التهمة في أسوأ الأحوال برقاب "عناصر فالته" من حزب الله. تصرفت منفردة، بعيداً عن قيادة الحزب، والأوامر المباشرة لحسن نصر الله، وبشار الأسد.

لا يملك "غزالي" رفاهية الركون إلى نوايا "المافيا" التي يعمل لحسابها. لكنه يتوهم أن المُزايدة بقتل قومه، وإظهاره الولاء الشخصي، وصولاً إلى "توأمته" بين قريته "قرفا" الحوارنية، و"قرداحة الأسد"، كفيلة بحجز مقعد له في قارب النجاة المأمول، بينما الواقع، أن القارب، وعلى فرض اقلاعه. لن يتسع للأجراء والمرابعين في بلاط "بشار". الأدق أن الجنرال لن يكون حياً للصعود إليه عندئذ. وإن غداً لناظره قريب.