لا تتحدث عن السوريين أيها المعتـــوه!

د. عبد القادر المنلا – أورينت نت


ليست لقاءات صحفية بالتأكيد تلك التي تجريها وسائل الإعلام الغربية مع المعتوه الذي لا يشاركه أحد شعوره بأنه رئيس جمهورية إلاّ أوهامه وأمراضه وسفهه، فمن الواضح أن ما يثير شهية الإعلاميين لإجراء حوار مع نموذج بشار الأسد مجموعة من الأسباب ليس بينها أنه رئيس جمهورية، يتمثل أولها بكون الأسد نموذجاً فريداً للإنسان اللاحم الذي بلغ من الجنون والغطرسة عتياً ولا يزال قادراً على الحديث كما لو أنه إنسان، والسبب الثاني وهو الأهم يتمثل في يقين الإعلاميين بأنهم يقابلون شخصاً لن تتاح لهم فرصة لقائه لأنه سيكون جثة بين لحظة وأخرى.. وبهذا يعد اللقاء مع شخصية كهذه سبقاً صحفياً كأنك تحاور من هو ميت سريرياً ولكنه لا يزال قيد الحياة وقيد الكلام، وقد يتمثل السبب الثالث في رغبة الإعلاميين في صناعة مادة فكاهية أو غرائبية لا تسنح الفرص دائماً لصناعتها تماما كما يحرص الصحفي على إجراء حوار مع مريض نفسي في مشفى المجانين، أو تصوير حيوان مفترس أو حيوان مقزز ومعرفة خصائصه طرق عيشه وعلاقته بباقي الحيوانات، ألم تصور أفلام عن الضباع والأسود والكلاب والسلاحف والجرذان؟؟ ربما يكون البحث العلمي أيضاً في شخصية الأسد باعتباره حيواناً على هيئة إنسان دافعاً لتلك الحوارات.. أما أن يخطر في خيال أحد الصحفيين –باستثناء بن جدو وفصيلته- أن يحاور الأسد على خلفية كونه رئيساً أو سياسياً أو حتى إنساناً طبيعيا فذلك ما يستبعده العقل وينفيه المنطق..

وبما أن هذا الرئيس لا يفهم لغة السوريين ولم يفهم جملة واحدة مما قاله الشعب السوري على مدار كل سنوات الثورة نتمنى أن تترجم رسالتنا إليه -والتي يجمع كل السوريين على محتواها- إلى اللغة التي يفهمها إن كان ثمة لغة يمكن التواصل معه من خلالها، أو فليستمع إلى السوريين وهم يرددون جملة واحدة: لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه..
لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه فأنت آخر من يحق له الحديث عنهم، وآخر من يحق له الكلام.. بل آخر من يحق له الحياة..

لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه، فبسبب عندك وجهلك ورعونتك ودمويتك وتمسكك بالحكم أصبح كل السوريين، كلهم دون استثناء بين قتيل وجريح ومعتقل ومشرد ومهجر ومهدد، أصبح السوري منبوذا ومكروها ومتهماً ومرفوضاً من كل بلدان العالم، بسبب حمقك وبلادتك وضحكتك، بسبب براميلك وكلورك وقاتليك المحترفين المأجورين وسجانيك المتوحشين ومخبريك الرخيصين ومؤيديك المشبوهين الذين باعوا دم أبناء جلدتهم رخيصة في سوق المصالح، بسبب عدائك وحقدك الأعمى على السوريين، بسبب دواعشك الذين أيقظتهم ليشاركوك القتل والتنكيل هام السوريون -أو من كتب له الخروج سالماً من سجنك الكبير- على وجوههم في مشارق الأرض ومغاربها يتوسلون طرقاً للبقاء على قيد الحياة..

لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه بعد أن دفنت خيرة شباب سورية بين ركام براميلك أو في مقابرك الاعتباطية أو سمتهم سوء العذاب في زنازينك أو تركتهم معطوبين مشوهين.
لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه، فالسوريون لم يعودوا يتحدثون عنك ولم يعودوا يناقشون وجودك، لم يعد السوريون أيها المعتوه يصغون لما تقول أو يهتمون بكلامك الممجوج المكرر المبتذل المبستر المعلب الذي تلوكه منذ أكثر من أربع سنوات وكانت نتيجته فقط دمار سورية والسوريين على يديك ويد مناصريك وحلفائك دون أن تستطيع الوصول إلى النصر بل تهاويت أيضاً وبت أنت نفسك محاصراً بالهلاك، بل ربما ما يستوقف السوريين أكثر هو تلك القنوات التي تقبل بأن تبث حديثاً لك حتى وإن تقصدت حشرك في الزاوية أو إضحاك العالم عليك أو إعادة تلميعك.. ربما كنت الوحيد الذي قال كلمة الباطل فإذا بها كلمة حق غير مقصودة حينما تحدثت عن المؤامرة فاكتشفنا أنك تعي ما تقول وتنفذ بنود المؤامرة بإخلاص شديد..

لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه فالسوريون باتوا يعرفون أنك دمية، بيدق في لعبة شطرنج قذرة وأنت لا تجيد سوى البلاي ستيشن، هل سمعت حديث السوريين وهم يبحثون عن طريقة يصلون فيها إلى أوروبا وكم يمكن أن يقعوا فريسة لأمثالك من القتلة واللصوص ومصاصي الدماء في رحلة هجرتهم القاسية، كم سيدفعون للمهربين الذين أثروا بفضلك، وكم تكلفهم الفيزا النظامية وجواز السفر المزور، هل سمعت أحاديثهم عن لمّ الشمل؟؟ لم الشمل يا معتوه!! ولمَ على السوريين أن يتشتتوا ويذوقوا مخاطر البحر وموت البحر وتجار البحر وهم أحق أهل الأرض بالكرامة!!

هل سمعت نواح الشباب وهم في مقتبل العمر ممن استطاعوا النجاة بأنفسهم مضحين بمستقبلهم وجامعاتهم وبيوتهم وذويهم فقط ليبحثوا عن فرصة أخرى للحياة في مكان ما؟؟ هل سمعت حديث الموهوبين وأصحاب الكفاءات العلمية وحملة الشهادات العليا وهم يعملون في مهن رخيصة اتقاء للعوز والفاقة؟؟ هل سمعت عن رعب السوريين من الإقامات وجوازات السفر والأوراق الثبوتية التي لم يعد بإمكانهم الحصول عليها إلاّ من خلال لصوصك الذين باعوا الوطن وأجروا سقفه مفروشاً يا سقف الوطن؟؟

هل سمعت أنين الأمهات وهن يتحسرن على ابن شهيد وآخر مفقود وثالث مهاجر ورابع معطوب، هل سمعت حديث الأطفال الذين فقدوا ذويهم وباتوا عرضة لتجار البشر؟؟
هل سمعت عن سكان المخيمات وهمومهم ووجعهم وقهرهم وجوعهم وعطشهم وتعرضهم للمذلة والمهانة والتهديد والموت في كل لحظة وكل ذلك من أجل بقائك على الكرسي لزمن أطول؟؟
عمن تتحدث ومن تعني بحديثك عن السوريين؟؟ هل هم أولئك الذين يطبلون لك ويسبحون بحمدك ويركعون على قدميك، هل هم مؤيدوك الذين لا يجدون بديلاً عنك؟؟ حسناً.. هل هؤلاء في حال جيدة أيها المعتوه؟؟ ألا يحاصرهم الذعر ليل نهار؟؟ ألا يفتقدون للماء والكهرباء ومقومات الحياة باستثناء دائرتك المقربة وتجار موتك؟؟

هل السوريون الذين تقصدهم هم بضعة المئات المدججين بكل أنواع الحقد والوحشية والقادرين على ارتكاب القتل في كل لحظة؟؟

ثم إنك تتحدث عن سورية أيضاً؟؟ هل تتحدث عن حلب أم الرقة أم إدلب؟؟ أو كأنك تتحدث عن حمص ودير الزور؟؟ ربما تتحدث عن دوما مثلاً؟؟ أم أن سورية بالنسبة لك هي فقط قصر المهاجرين والقرداحة والمساحة التي تحيط بقبر أبيك؟؟
لا تتحدث عن السوريين أيها المعتوه فأوجاع السوريين أقدس من أن تدنسها بكذبك ونكرانك وضحكاتك وسفسطتك..