محنة كاتب عربي
محنة كاتب عربي
بدات قصتي عند الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرينتش , عفوا ماذا اقول ,ان توقيت غرينتش توقيت امبريالي استكباري .
كلا سابدا بتوقيت عربي
بدات قصتي عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بتوقيت القاهرة حيث كان الصمت , مهلا؟ هل قلت القاهرة , ان القاهرة وقعت اتفاقية كامب ديفيد وهذا الامر يتعارض مع ما اكتبه عن العرب( والقومجية) العربية .
لابدا من مكان اخر, بلاد تكون محاذية لخطوط الدم والنار , وقريبة لحبيبتي فلسطين .
بدات قصتي عندما كنت جالسا وحيدا اقلب كتبي ودفاتري ابحث عن ذكرياتي التي اصبحت ثقيلة على عقلي الذي اصبح ينظر الى الالف الابجدي فيحسبه رغيفا وان (بحلق) اكثر بحرف النون يعتقده كوبا ساخنا من الحليب يطلبه طفلي الباكي من الجوع وبين الاحرف والمعيشة اعود الى جلستي في تمام الواحدة فجرا بتوقيت الاردن الحامل لكل رياح شوارع فلسطين وصراخ شبانها وشيبها ؟ لحظة هل كتبت الاردن, ان الاردن يملك من اتفاقيات السلام مع اسرائيل اكثر من محتويات مكتبتي , كيف اكتب قصتي بتوقيت الاردن لما لا اكتبها بتوقيت سوريا ولكن لم اسمع بان سوريا قامت باي عمل عسكري او مقاوم منذ ان تعلمت السماع وقراءة كتب السباع وهي ملتزمة باتفاقيات الهدنة واخاف ان كتبت قصتي بالتوقيت السوري ان يعتقلوني لاني خالفت نصوص اتفاقيات الهدنة , وماذا عن العراق الذي كان يتفاخر بصواريخه التي كانت تضرب على حلبجة والمواطنين المسالمين قبل سقوطه وسقوط نظامه الديكتاتوري, وصواريخه الحالية يستعملها الارهاب لقتل ابنائه , حسنا سابدا من لبنان الذي حرر ارضه بفضل مقاومته ولكن اللبنانيين عليهم ديون كثيرة وربما قصتي هذه افتعلت لهم ازمة اقتصادية تضاف الى ازماتهم المتراكمة . ولا يعقل ان اكتب عن غزة واحذف الضفة , وحتى الضفة تابى الا ان اذكر غزة وان جمعت الاثنين معا ساختلف على اسم الفصيل واسم الشهيد واثبات انتمائه وعقيدته ومرشده وقد اكون مسبب باشعال ازمة بينهم جميعا ...
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم , لا اعلم من اين ابدا قصتي البطولية الثورية في ظل هذا الانبطاح العربي والعروبي وان لم اكتب قصة عروبية في هذه الليلة الملعونة اشعل بها قلوب الرجال وتزغرد لها النساء فلن اقبض راتبي غدا وستوبخني زوجتي لانها ستخسر موعدها مع القابلة القانونية فهي حامل بشهرها التاسع , وربما طردوا ابنتي من الدراسة بسبب عدم دفع الاقساط , وماذا ساقول لابني الشاب الذي يطالبني بسروال جديد لانه اصبح اشهر من نار على علم بفضل ارتدائه الدائم لنفس الثياب , وكيف ابرر لصاحب المنزل , انني استدين ثمن فاتورة الكهرباء , وهل سيصدقني ان قلت له اني في كل يوم اكتب قصيدة عصماء لصاحبنا الجزار واحيانا اضعه بمصاف نابليون كي يمرر لي بعض الفضلات من مسلخه , ولكنه سيتهمني باني اصرف معاشي على المقاهي وهو لا يعلم باني اعمل كاتب للغرام بثمن نرجيلتي .
ماذا افعل ؟
سيدي رئيس التحرير الموقر المبجل المحترم
اقدم لك استقالتي من قسم الشؤون العروبية راجيا ان تقبلها لانني فاشل بكتابة القصص النضالية ومتمنيا عليك ان تنقلني الى قسم الفنانين والفنانات والراقصات واني اعلم بانك عالم بحالي واحوالي فانا معيل لعائلتي التي اورثتها الفقر بفضل عقلي المتخلف وعلاكي " الصدئ" وحضرتك تعلم كم افنيت من عمري بخدمة القضية العروبية التي جعلتك تملك قصرا فاخرا ورصيدا جيدا في احد بنوك سويسرا وكل ذلك بفضل تفخيمي للزعماء الذين طالما نفختهم بقلمي الثائر وهي تبرعت لك , ونحن لا ننسى كلماتك العصماء حول دفاعك عن كياننا ووجودنا, وقسمك المكرر امام هيئة التحرير بانك ملتزم بكل فرد منا .
وبالختام اشكر تفهمك ودمت لنا زخرا
وتفضلو بالقبول مع فائق الاحترام
المحرر في الشؤون العروبية
وفي اليوم الثاني وبعد تقديم استقالتي بنصف ساعة وصلني الرد
حضرة المحرر نحن نعلم افضالك على مؤسساتنا وتضحياتك لذلك قبلنا استقالتك من الشؤون العروبية وقررنا فصلك من العمل نهائيا, ليس طردا معاز الله ولكن كما تعلم بانك لاتصلح للعمل في قسم الفنانات لانك تجاوزت عمر النكبة وعشت الانهزامات وشعر راسك سقط مع سقوط بغداد والباقي غزاه الشيب بفضل فضائح صدام الاجرامية , واحب ان انشط ذاكرتك باني لم ارك يوما فرحا بسبب حزن فلسطين وهذا الامر يجعلك غير مؤهل لتبتسم او تضحك في الصالونات الفنية ويهمني ان اعبر لك عن خوفي على معدتك من الطعام الفاخر فانت تحب تناول الفول صباحا وان لم انس فانت قليلا عندما تتناول وجبة الغداء او العشاء بسبب بخلك يا "رذيل", وانا اعدك باني ساسعى جاهدا بان ارسل لك كل يوم الصحيفة لتتبابع معركتنا مع الاستكبار العالمي والذي سنهزمه بفضل الفقراء امثالك , ونحيطك علما باننا سنكرمك ونقدم لك درعا تذكاريا على جهودك في رفع شان صحيفتنا .
ملاحظة : الدرع هو درع برونزي لاننا نخاف ان منحناك درعا ذهبيا او فضيا ان تبيعه , وتحرم عائلتك الكريمة من تذكار سيخلدك لاجيال .
رئيس التحرير
نعم هذا رده على تاريخي ناسيا تواريخ انهزاماتنا العصماء على مر عقود سوداء ,
ودائما نحن ندفع الثمن ...
وعيش يا انسان؟؟؟
في بلاد ... مؤسس مجلة الفكر الحر / لبنان
ناجي امهز
رد مع اقتباس
المفضلات