نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

العَزِيمَة
ماهر محمدى يس

العزيمة دليل حسن الظّنّ ، ومتانة الدّين وعلامة اليقين ، والعزيمة تصنع المستحيلات وتليّن الصعوبات ، كما إن الجدية في الحياة كلها، وإلزام النَّفس بما يُراد تحقيقه ؛ طريقُ الناجحين في حياتهم .
قوة العزم والعزيمة من وسائل تهذيب النفس وتحصيل الأخلاق الفاضلة ، والعزيمة على طلب الحقّ تثمر نور الحقّ وجلال الإيمان.
إن صدق العزيمة من أفضل خصال الشرف وأجلها ، وما اقترن العزم الصحيح بأدب التوكل على من بيده ملكوت كل شيء إلا كانت عاقبته نجاحًا ورشدًا .
وقوي العزيمة هو الذي تكون إرادته تحت سلطان عقله، فيقبل بها على ما يراه صوابًا، ويدبر بها عما يراه فسادًا.
قال الشاعر:
إذا كنتَ ذَا رأيٍ فكُنْ ذَا عزيمةٍ *** فإنَّ فسادَ الرأْيِ أن تتردَّدَا
قال الشاعر:
من يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر

قال سبحانه وتعالى :
* فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (سورة آل عمران:159).
* يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (سورة لقمان:17).
* فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ... (سورة الأحقاف : 35) .
* وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (سورة الشورى:43).
* وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (سورة طه:115).
* طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (سورة محمد: 21).
* لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (سورة آل عمران:186).
* قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ ... (سورة الممتحنة:4).
* وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (سورة الكهف: 60).
* يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (سورة مريم :12) .

* قال رسول الله : " لايكُن أحدكم إمَّعة ، يقول : أنا مع الناس ، إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت !! ولكن وطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم ".
* عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اعبد الله ولاتشرك به شيئا ، وزُل مع القرآن أينما زال ، وأقبل الحق ممن جاء به من صغير أو كبير وإن كان بغيضا ، واردد الباطل على من جاء به من صغير أو كبير وإن كان حبيبا أو قريبا " .
* قال لقمان الحكيم لابنه: "مَن يقارن قرينَ السوء لا يَسْلَم، ومَن لا يملك لسانه يندم ، يا بني كُنْ عبدًا للأخيار، ولا تكن خليلًا للأشرار".
* قال ابن الأثير: العزيمة "هي ما وكدت رأيك وعزمك عليه ووفيت بعهد الله فيه . والعزم: الجد والصبر" .
* قال ابن عاشور: "وإن تصبروا وتتّقوا تنالوا ثواب أهل العزم فإنّ ذلك من عزم الأمور" .
* عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ " لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ. لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لاَ مُكْرِهَ لَهُ" .
* قال ابن منظور: "لا خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ أَوْرَطَتْ صاحبَها" .
* قال فخر الدين الرازي: " منصب النبوة والإمامة لا يليق بالفاسقين، لأنه لا بد في الإمامة والنبوة من قوة العزم والصبر على ضروب المحنة حتى يؤدي عن الله أمره ونهيه ولا تأخذه في الدين لومة لائم وسطوة جبار".
* قال الغزالي: " التَّقْوَى في قول شُيوخنا: تنزيهُ القَلْب عن ذَنْب لم يسبق منك مِثْلُه حتى يَحْصُلَ للعبدِ من قُوّة العَزْم على تركِه وِقايةٌ بينه وبين المعاصي" .
* قال ابن الجوزي : " ليس في سياط التأديب أجود من سوط العزم".
* قال أحمد بن قدامة المقدسي: " وأشد حاجة الرائض لنفسه، قوة العزم، فمتى كان متردداً بعد فلاحه، ومتى أحس من نفسه ضعف العزم تصبر، فإذا انقضت عزيمتها عاقبها لئلا تعاود، كما قال رجل لنفسه: تتكلمين فيما لا يعنيك؟ لأعاقبنك بصوم سنة".
* قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها".
* يقول ابن القيم رحمه الله : " لو أن رجلاً وقف أمام جبل وعزم على إزالته ؛ لأزاله " .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبَاً سَلِيمَاً، وَلِسَانَاً صَادِقَاً، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)

هذا الدعاء العظيم المبارك, في غاية الأهمية, فقد اشتمل على أعظم مطالب الدين, والدنيا, والآخرة .

ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
منظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط