العلم والعلماء
العلم والعلماء
ماهر محمدي يس


العلمَ من نعَم الله التي أنْعم الله بها علينا؛ فهو الخيْر والهداية والبركة والرِّفعة، فهو النور الذي يُخرِج الناسَ من ظلمات الجهْل، وهو الوسيلة الناجحة للبناء والارتقاء.
والحمد لله رب العالمين، الذي شرف أهل العلم ورفع منزلتهم على سائر الخلق، رفع الله درجاتهم في الدنيا والآخرة ، في الدنيا رفع ذكرهم عند الخلق، ورفع مكانتهم ومنزلتهم، وأما في الآخرة فلهم الدرجات العلى وأي شرف وأي منزلة أعظم من ذلك.
يكفي أهل العلم، أن ذِكرهم يتجدد مع الزمان، لا يُذكَرون إلا ويُترحَّم عليهم، أجسادهم مفقودة، لكن آثارهم باقية بين أيدينا.
والناس بدون أهل العلم يَتخبَّطون في الجهالات، ويقعون في المهالك والحفر، ولا يجدون طريقًا يتنسَّمون به السلامة، ويصلون به إلى المراد والغاية.

قال سبحانه وتعالى :
* حم * تَنْزِيْلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُوْنَ (سورة فصلت : 1-3).
*شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُو العِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (سورة آل عمران: 18 ).
* ... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (سورة الزمر: 9).
* وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العَالِمُونَ (سورة العنكبوت: 43).
* ... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (سورة المجادلة: 11).
* ... وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (سورة البقرة :230).
* ... إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (سورة فاطر: 28).
*... نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (سورة يوسف : 76).
* ... وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (سورة طه: 114).
* وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ (سورة سبأ:6).
* ... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (سورة النحل: 43).
* اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم (سورة العلق:1-4).
* قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ... (سورة النمل: 40).
* ... وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (سورة ال عمران‏:7).
* أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُوَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (سورة الحج:٤٦).
* قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (سورة العنكبوت : ٢٠)
* وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (سورة آل عمران: 187).
* يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُواْ الْأَلْبَابِ (سورة البقرة: 269).
* بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (سورة العنكبوت: 49).
* ... إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ العِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (سورة الإسراء: 107).
* أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَابِ (سورة الرعد: 19).
* اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (سورة الطلاق‏: 12).
* ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (سورة القلم : 1).
* ... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (سورة الأنبياء: 7).

* عن معاوية ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" .
* وعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَهل اللَّهُ له طَرِيقًا إلى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضاً بما يصنع ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ" .
* وعن أبي موسى ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " مَثَل مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَت مِنْهَا طائفة نَقِيَّة قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ". إلى آخر الحديث.
* وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها".
والمراد بالحسد الغبطة ، وهو أن يتمنى مثله.
* وعن ابن مسعود ، رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا ، فرب مبلغ أوعى من سامع".
* وعن أنسٍ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " من خرج في طلب العلم ، فهو في سبيل الله حتى يرجع".
* عن أبي أُمامة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم قال : " فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ " ، ثم قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَض، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا ، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الْخَيْرَ"
* وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: صدقة جاريةٍ، أو علمٍ ينقع به، أو ولدٍ صالح يدعو له.
* وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم قال: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تَبَعُه لا يَنْقُصُ ذلك من أُجورِهم شيئاً".
* وعن سهل بن سعد ، رضي الله عنه ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : " فواللهِ للأن يهدي الله بك رجلاً واحداًخير لك من حُمْرِ النَّعَمِ ".
حمر النعم : هي الإبل الحمر ، وهي من أشرف أموال العرب.
* وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم: " من سُئل عن عِلمٍ فَكَتَمَهُ ، أُلْجِم يوم القِيامة بلِجامٍ من نارٍ ".
* كما أَوْصى الحسين بن علي ابنَه: "يا بُنَي، إذا جالستَ العلماء، فكُنْ على أنْ تسمعَ أحرص منك على أنْ تقولَ".
* قال الحسن البصري رحمه الله ورضي عنه: الدنيا كلها ظلمة إلا مجالس العلماء.
* عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " طلب العلم فريضة على كل مسلم ".
* وقال علي بن أبي طالب: :"العلم يُكسِب العالم طاعة في حياته، وجميل الثناء بعد وفاته، وهل بعد هذا من خَلَف!!".
* طُوبى لمن عمل بعلم.

من نعم الله علينا أن أنعم الله على العلماء بالعلم، فلما حمَّلهم العلم أوجب عليهم تبليغه لغيرهم ، ليكون بهم الانتفاع، ويكون بهم النجاة، ويكون بهم الخير.
وقد رأينا أثر ذلك جليًّا عند ترك العلم والعلماء والبعد عنهم ، انتشر الفساد، والبلاء، وكثرت المنكرات، واتسع الناس في الشهوات المحرمة ببعدهم عن علمائهم، وانتشرت الشبهات والتساهل في الدماء، وتسلط الكثير ممن كانوا سببًا للفساد في البلاد والعباد .
لننظر للمجتمعات التي شجعت العلم واهتمت بالعلماء ، زادت فيها المعارف والتطور وأصبحت مجتمعات مرموقة في أخلاقها وفي تطورها وتعاملها فيما بينها، وأضفي العلم عليها صبغة الراحة والطمأنينة والسكينة والعيش الرغيد ، في حين ترى المجتمع الذي يسوده الجهل يكثر فيه الاضطراب والتناحر والتباغض إضافة إلى التخلف الذي يشهده وكل هذا بسبب الجهل.
فنسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء الذين يعملون بالعلم والاقتداء بالعلماء وعلى دربهم نسير ، ونعمل في سبيل رفعة مجتمعاتنا، والله الموفق لما فيه الخير.

ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
منظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط