أيها السادة أليس للنعجة الوالدة قلب ينبض بالدم إلى العروق فيسقي أنحاء بدنها و لها دماغ تعقل به بعض العقل فتفتح العينين و تدير صِواني الأذنين و تمص ريقها و تشم و تدب و ترى الشمس و الولد و الأهل و الحقل و العشب و الماء فتسعى بعقلها المحدود لرعاية مصالحها فتجلب النفع و ترد المضرة ما استطاعت ؟؟؟ إذن أفليس لها حرمة لمشاعرها و حقوقها و كينونتها و أنها في أمة يتوجب أن تسلم فرادى و جماعات من كل شر ...؟ إذن أفليس من العقل أنها لو كانت بعقل أوفر قليللا لأبت معيشة الزريبة الضنكى و قسمة الحياة الضيزى فخرجت تنشد الحضارة أو تطلب الاحتماء بالسلاح الذي يرد عنها كيد الآكلين ؟؟؟ و في هذه اللحظة الحاسمة أسألكم و أخاطب عقولكم : مالفرق بين أم بشرية تقاتل الوحش الذي يهم بالتهام وليدها بكل قواها و ما يعتلج بصدرها من مشاعر الغيظ و الرحمة و الشراسة و المبادرة دون أن يصل ناب المعتدي إلى أوصال صغيرها و بين النعجة الوالدة التي يساق وليدها من عنقه إلى الذبح و السلخ و الشواء من قبل مفترسه المعتاد بل و بالأحرى من ذلك ما الفرق بين الصقر الجارح يجعل نصب العينين الثاقبتين قلب الطفل و بين الراعي يريد أن يتقرب و ينحر أفضل مالديه لعيده ...؟؟؟ كيف احتقرنا غيرنا و كيف بسطنا ظلمنا على ماسوانا من الخلائق متغنين بمكارم الأخلاق و محاسن الشيم و الخلال ؟؟؟ كيف قفزنا من شمال شرق إفريقيا مبتعدين عن الغوريلات و ما لبثنا أن تنكرنا و نعتناها و حلقنا جلودنا من شعرها و تقاصرت نيوبنا و تفلطحت مخالبنا فصارت أظفار و انتصبنا على اثنتين و زعمنا أننا خير من خلق الرب العظيم ... و تعلمنا كثيرا كثيرا و مشينا في الأرض بعيدا بعيدا حتى كادت هاماتنا تلامس الغيم ثم ملأ صدورنا الشك و الرهبة و الريب مما نحن فيه و مما نحن مقبلون عليه و
و حسبنا أننا وحدنا من بنيت له الحياة و أننا وحدنا من لنا الحرمة و الشرف و الكرامة و اليوم و الغد و الجنة ... فيما لا نعدوا في نظر الناظر الحكيم أن نكون دودا يعيث في دهن جثته المتعفنة نتصالح تارة و نتقاتل تارات على عفنها و ريحها و نحن نحسب أننا نحسن صنعا ... شكرا لكم .