صدر مؤخراً للمترجم أحمد موسى عن دار المتوسط للنشر بميلانو الترجمة العربية للرواية الإيرانية (سمفونی مردگان) تحت عنوان (سيمفونية الموتى)
"سيمفونية الموتى" واحدة من الروايات القليلة المشهورة والجيدة خلال السنوات الأخيرة في إيران، والتي أُلفت على يد روائي ينتمي إلى الجيل الجديد من الروائيين، وشهدت إقبالاً كبيراً من القراء والنقاد على حد سواء. رواية ذات بنية متينة وموجزة وخالية من الحشو والإطالة، تتميز بأسلوب سلس وواضح. وظف الكاتب، عن وعي وبدقة ورقة، تقنيات خاصة في الرواية بشكل عام، وفي أقسامها المختلفة أيضاً.
عباس معروفي :
ولد سنة 1957م. درس وتخرج من كلية الفنون الجميلة بطهران وتخصص في الفنون الدرامية. درّس الأدب في المدارس الثانوية بطهران لمدة 11 سنة. وشرع في أنشطته الأدبية تحت إشراف الشاعر المعاصر هوشنج جلشيري. ويعمل في الوقت الراهن كاتباً وناشراً ويقيم في ألمانيا.
أول أثر نشره عباس معروفي مجموعته القصصية "مقابل الشمس" وكان ذلك سنة 1980م. وبصدور رائعته "سيمفونية الموتى" سيخلّد اسمه ضمن الرواد. في العام 2001م فاز بجائزة "مؤسسة المنشورات الفلسفية الأدبية سور كامب"، وفي العام 2002م حصل على جائزة "المؤسسة الأدبية آرنولد تسوايك".
الكاتب عباس معروفي تمكن بنجاح من إخراج فصول روايته ولم يتعجل في كتابتها ونشرها، عكس بعض مجايليه في الفترة الأدبية الأخيرة في إيران.
يبتدئ عباس معروفي سيمفونية الموتى بمقدمة مختصرة عن قصة قتل قابيل لهابيل من خلال افتتاحه بالآية رقم 26 من سورة المائدة. ولعل للكاتب دوافع جعلته يقحم هذه المقدمة القرآنية، من ذلك ربما مقاربة "الذنب الأول" و"قتل الأخ لأخيه" بسبب الطمع أو الحسد أو الملك أو العشق.
"سيمفونية الموتى" ليست فقط قصة "قتل الأخ" البسيطة. بل إنها سيمفونية حياة الناس باختلاف اضطراباتهم الروحية والشخصية، الذين ارتبط مصيرهم بمصير المجتمع. المجتمع الذي تماثل حياته النار تحت الرماد، مجتمع يعلم الجميع أنه حي، لكن لا وجود لأمارة تدل على بقائه على قيد الحياة.
"سيمفونية الموتى" لمعروفي تبتدئ بقصة هابيل وقابيل وتعزف على وترها. ورغم أن أسلوب معروفي في سرد الوقائع اعتمد على البداية والنهاية والعودة إلى الماضي(فلاش باك)، أي أنه خلق فضاءً في مقطع زماني قصير، لكنه في الآن نفسه كان يوسّع هذا الفضاء متوسلاً باسترجاع الماضي، وهي تقنية متداولة، ويمكن أيضاً ملاحظة أن معروفي في خلقه لقصة الرواية رسم دائرة، على نفس إيقاع السيمفونية الموسيقية، يتحرك على قطرها من الحركة الأولى إلى الحركة الثانية وإلى الثالثة، إلى أن يصل إلى الحركة الرابعة حيث يجد القارئ نفسه مجدداً في بداية القصة.
غلاف الرواية.jpg