نظرة على جدلية التهدئة و المصالحة



بعد صمت نطقت السلطة مهاجمة وناقدة اي عملية تهدئة او هدنة مع الاحتلال ، هذا الموقف بعد صمت وبعد مرور يومين على تواجد معظم قيادة حماس في الداخل والخارج وفي اجتماعات مكثفة للبحث في سبل التعاطي مع اطروحات اقليمية دولية لفكفكة ازمات غزة وحلها وهو التدافع الاقليمي والدولي بعد مسيرة العودة التي انطلقت في 30 مارس الماضي ومؤثرات تلك المسيرة على الحالة المعنوية للاحتلال وتذكيره بانه محتل وقرصان لهذه الارض وفشل نظرية امنه التي خاض من اجلها عدة حروب من قبل عام 48م الى حرب النكبة وحرب 67م وحرب 56م وثلاث حروب على غزة اخرها في عام 2014 استمرت 51 يوما .
السلطة اخيرا اعترضت على مبدأ التهدئة او الهدنة و لكن نا تساؤل هنا ؟ ماهو واقع السلطة التي تعترض الان على هدنة او تهدئة و ما هو واقع و ميكانزمات عملها منذ اتفاق اوسلو و ما هو برنامج حركة فتح التي خطفها محمود عباس بعد ذلك ، هل نذكر المقاومة الذكية التي رفعوها شعارا ابان حفلة المقاطعة و ما سمي المؤتمر السابع و ما تلاها من شعارات كالمقاومة السلمية و ان رفعت تلك الشعارات ماهي النتائج التي حققتها تلك الشعارات عمليا ، هل اوقفت الاستيطان الذي يتزايد يوما بعد يوم ويفرض وقائع جديدة على الارض ، هل نفذت السلطة قرارات وتوصيات المجلس المركزي و قطعت علاقاتها مع اسرائيل و سحبت الاعتراف بها بعد ان تخلت اسرائيل عن اوسلو و كل بنودها هل اوقفت السلطة التنسيق الامني ام هناك معونة مالية جديدة من امريكا لتتمكن اجهزتها الامنية من ممارسة نشاطها في الضفة الغربية و في سفارات الخارج لاهداف معروفة للجميع و برنامج معروف للجميع ؟
هل يحق للسلطة و لحركة فتح عباس ان تعترض على اي هدنة او تهدئة مع الاحتلال ، يمكن ان تكون هدنة ان تهدئة ولكن لن تكون بأي حال من الاحوال دفع ثمن تاريخي لصالح الاحتلال كما حدث و قامت به السلطة وبالتحديد في عهد محمود عباس .
حركة فتح الخاضعة لمحمود عباس مازالت تماطل في اعطاء موافقة على المبادرة المصرية و مبادرة ميلادينوف بل وضعت عدة نقاط لاحداث تعديلات في حين ان الوسيط المصري و كما سمعنا لن يضيف او يحف اي من البنود ، اما حماس فقد وافقت على الورقة المصرية بدون اي تعديلات ، اذا محمود عباس و فتح الخاضعة له تعطل المصالحة ، ليس غريبا هذا الموقف بل كل شيء محسوب بناءا على الاستقراءات و المواقف السابقة ، فعندما قام محمود عباس بفرض عدة عقوبات على غزة بالشكل الظاهري هو يريد ان يرغم حماس على شروطه و التزاماته بموجب اتفاق اوسلو المعدوم و لكن هل حماس رضخت و هل حماس تضررت بالشكل الاكبر ام من تضرر الموظفين الخاضعين لحركة فتح و قيادات و كوادر من حركة فتح استهدفتهم تلك العقوبات ، هل محمود عباس استهدف حماس فقط ؟ ام استهدف فصائل في منظمة التحرير مثل الجبهة شعبية والجبهة الديموقراطية التي منحته النصاب لعقد ما يسمى المجلس الوطني في رام الله ، اذا محمود عباس لا يستهدف حماس فقط بل يعمل بشكل جغرافي ضد غزة بكل مكوناتها ، من الغريب ان تشن حركة فتح محمود عباس الهجوم على اي قرار يتخذ بخصوص تهدئة و فك ازمات غزة و هذا الرفض و الهجوم غير مبرر بعد يومين من وصول وفد رفيع المستوى من حماس الى غزة وهو من اهم الاجتماعات التي تعقدها حركة حماس بكامل قياداتها و هي قرارات عض الاصابع ، فهناك الخيارات و الممرات اصبحت محدودة و من ساهم في تحديد تلك الخيارات هو سلوك الرئيس عباس و سلوك السلطة و سلوك حركة فتح الخاضعة له ، ممرات اجبارية يجب ان يتخذ فيها قرارات ستنعكس كليا على الواقع الفلسطيني او ما يسمى اتاحة المجال لمكونات صفقة انسانية وطنية تنقذ اثنين مليون فلسطيني ، هذا اذا لم تتراجع حركة فتح و السلطة في رام الله عن موقفها من المبادرة المصرية و الأممية ، فلماذا ترفض السلطة المبادرة وتطالب بتعديلات عليها في حين ان الهدنة او التهدئة هي بند من بنود حلول الرزمة الواحدة بما فيها المصالحة و التمكين كما تريد السلطة ، اذا السلطة غير جادة في التعامل مع المبادرة المصرية ، و اعتقد و هذا رأيي الشخصي ان مصر لن تتوقف على رفض السلطة او مبرراتها او تعليلاتها عن ممارسة دورها التاريخي و القومي لعدة معطيات مختلفة و هامة ، لن تتخلى و توقف القطار عن التوجه الى غزة فالمطلوب الان انقاذ اثنين مليون فلسطيني يعانون بحيث اصبح الواقع لا يحتمل ، فإذا كانت هناك هدنة او تهدئة ستعتبر هي المخرج الان لعدة مناخات اقليمية و دولية ، وهناك فرصة اخيرة للسلطة ان تتراجع عن شروطها و تفسراتها و اضافاتها بخصوص المبادرة المطروحة ، ولن يكون التاريخ عاجزا والشعب الفلسطيني عاجز عن تفسير الظواهر و خاصة ظاهرة السلطة بقيادة محمود عباس و مدى انعكاس هذه الظاهرة على الواقع الوطني و الجغرافي و التاريخي و الانساني للشعب الفلسطيني ، لانريد ان نكيل الاتهامات بقدر ما نضع ايدينا على كثير من المسببات والدوافع لهذا الواقع الفلسطيني المزري و لكن كلمة اخيرة اريد ان اقولها اذا ما تحدثنا بشكل استراتيجي في تفسير الظواهر ان كل ما يحدث هو من تداعيات اتفاق اوسلو و على الشعب ا لفلسطيني ان يسمي الاشياء بمسمياتها لكي يحدد مواقفه و ماذا سيتخذ من قرارات فابتأكيد لو حدث ذلك اننا سوف نستطيع انقاذ ما يمكن انقاذه ولا يمكن للانسان ان يتقدم للامام بأقدامه و رأسه معكوسة الاتجاه للخلف .


سميح خلف