هوامش في المصالحة ومتداخلاتها

المناخات التي تعمل فيها القاهرة لإبرام اي اتفاق او مصالحة بين فتح محمود عباس و حماس ليست هي كالمناخات السابقة التي كانت لا تحظى بدعم دولي و أمريكي و اسرائيلي ، اما هذه المرة لقد استندت القاهرة في رعايتها للمصالحة بين الطرفين على هذا الدعم الإقليمي و الدولي و بمشاركة المبعوث الأممي للسلام "ميلادينوف" تتحرك القاهرة في هذا المجال ليست كراعية بل كشريك لعدة اعتبارات اولها المتغيرات الاقليمية و الامن القومي المصري و العمق التاريخي المرتبط بهذه المفاهيم بالاضافة الى المؤشرات السياسية المطروحة للمنطقة و التي اعتقد ان غزة اصبحت هي محور التوجه و التركيز عليها خاصة بعد مسيرة العودة التي هددت الكيان الاسرائيلي معنويا و اجهظت نظرية امنه و استقراره على الارض الفلسطينية .


اذا هناك ثوابت تقود الطرف المصري و الرعاية المصرية للمصالحة و كما قلت لأكثر من سبب ، و لكن هل تنجح مصر في احداث توافق بين فتح و حماس برغم ان هناك ملفات معقدة جدا و متناقضة بينهما ، فالسلطة تريد ان تكون هي لأوحد في تمثيل الشعب الفلسطيني على الاقل الي حين اجراء انتخابات رئاسية و تشريعية و هذا ليس في المنظور و لذلك تطالب السلطة بالتمكين فوق الارض و تحت الارض اي بمعنى اهدار سلاح المقاومة و اعطابه و هذا لن توافق عليه حماس ، اما الرؤية المصرية تقول لا مجال للحديث عن سلاح المقاومة الا في اطار حل سياسي شامل و هذا ما تسعى له مصر للقفز عن عدة معضلات قد تحول دون المصالحة ، و قد يكون سلاح المقاومة من خلال هدنة ثنائية بين حماس و اسرائيل عبر مصر و الطرف الأممي و تحت رقابة مصرية في حين ان البعض في السلطة يطالب برقابة دولية وهذا يمثل خطورة على مصر و حماس معا ، اما حماس فهي تنظر لنفسها انها هي من تملك كل الاوراق و اوراق القوة و هي ترى من نفسها هي الممثل للفلسطينيين ، و خاصة انها تملك قاعدة و حاضنة في غزة و غير غزة و نقطة توازن الرعب بينها و بين اسرائيل تفرض هذا التصور .

اذا المسافة شاسعة بين ما تطلبه حماس و ما تطلبه فتح في الضفة الغربية في حين ان اجراءات عباس العقابية لغزة لم تؤت ثمارها بل مزيدا من خروج الحاضنة الشعبية للسلطة في غزة عن موالاتها للرئيس محمود عباس و بالتأكيد كل ثقافة غزة تعشق المقاومة بصرف النظر عن الانتماء الفصائلي و هذا سر من اسرار قوة حماس مع الحاضنة في غزة .

المصالحة هذه المرة ليست مطلب وطني فقط كالسابق بل هي ضرورة امريكية و اقليمية و ان كان الموقف معقد بخصوص الضفة الغربية التي لا ترى اسرائيل مشكلة فيها بعد تنفيذ غالبية برامجها على تلك الارض و السلطة لديها تحصيل حاصل في انتظار قرارات الكينيست لضم غالبيتها يبقى التصور مستقبل قطاع غزة الذي عقد من اجله عدة مؤتمرات امريكية و غير امريكية لايجاد حل انساني لغزة و بالتأكيد له عمق سياسي ، اي التصور للدولة الفلسطينية في غزة و مركزيتها في غزة ، اما ما هو مطروح الان من خلال العمق الانساني كميناء و مطار فيمكن ان يكون بضمانة مصرية و تسهيلات على الارض المصرية و موانئها لحين البت في برنامج سياسي مستقر يطبق في غزة و بنى تحتية مثل مطار و ميناء و كهرباء و غاز و تجارة متبادلة بين غزة و مصر في حين ان اسرائيل تحاول ان تخرج من التزاماتها تجاه غزة و خاصة في الجانب الاقتصادي و التجاري و احالة تلك الازمات الى مصر .


بالتأكيد ان نجحت المصالحة ام لم تنجح و هي محاولة اخيرة و كما قلت غزة هي تمتلك ثقل الميزان بعد ان فقدت السلطة اوراقها و التي يقال ان محمود عباس يريد الان ان يحل السلطة بما لا يخوله اتفاق اوسلو لانه طرف من عدة اطراف و احالة المؤسسات الفلسطينية الى منظمة التحرير و هنا تقع اشكالية خدماتية و برمجية في اداء السلطة ، بالنسبة للمصريين و دول الاقليم فقد تحرك القطار نحو غزة و لن يتوقف لمعطيات انسانية و سياسية قد ارى منها ان صفقة العصر ليست هي برنامج معلن في بنود و نقاط بل هي اليات للتنفيذ Sep by Step مدخلها الحل الانساني لغزة بمعنى ان السلطة اما تلحق بالقطار او لا تلحق .
سميح خلف