إنني امرؤ أحترم كل الكائنات بلا استثناء حتى الصخرة الملقاة في الفلاة بلا اسم و لا هدف و لا عائلة ...
و أنا بهذه الكلمات لا أستهين بالحياة ... و لكنني أنظر من زاوية مختلفة ... فحسب ...
فما تقول فيمن يلقي بك معصوب العينين مسدود الأسماع مكتوف اليدين , وسط بادية مأسدة كثيرة الوحوش كثيرة الشعاب و الوهاد العميقة و الحفر السحيقة حيث تعج الخطوات بالأفاعي المجلجلة و العقارب العمياء ...
لتنطلق من جانب و تعبر لآخر خلال ستين أو سبعين سنة و يطالبك أن تصل سالما معافى بدون خدش أو لحظة رهبة ؟ شاكرا حامدا منصاعا بلا تردد و لا ارتياب ..؟
ألم يكن من السلامة أن لا يمتحنك في المقام الأول ؟
أليس من الكرامة لو طارت فوق هامتك عنقاء كريمة فرفعتك و ألقت بك بعيدا بلا أذى كما يصنع الحمام بالزمنى الذين لا يرجى لهم شفاء و لا يوصف لهم دواء ؟
ألسنا من جهة أخرى نظلم و ننسب بلا شاهد و لا دليل للحكمة و الرشاد ما نستعجمه من فعل الطبيعة و ما نستبهمه من شأنها الذي لا يجد فيه عاقل مناطا لفضيلة و لا عدل و لا رشد ؟
إذن فلماذا نحرص على إنجاب من سوف يسحقه الهم و الوجع و الأسى ؟
لماذا نتهم من يختار المغادرة كيف يريد و ساعة يشاء بمايختار من الأسباب و الوسائل و لا نجد له العذر الكافي و المسوغ الشافي ..؟
مابالنا مانزال نائمين بعيون مفتوحة على الظلمة و الزيف و التيه ؟ و نحسب أننا بخير و صائرون إلى خير ؟
مابالنا لا نستعمل عقولنا في تعرية الأوهام و الدجل و التحريف ؟
مابالنا نسير كباشا مجنونة هينة لا تنظر قط إلى صفحة السماء و تنشق من نظيف الهواء ... ؟
ألا ترى معي ..
أننا منعدمين .. سالمون غانمون ؟
و أننا يوم الانسحاب الأخير ... نجد الكرامة و راحة النفس و الطمأنينة في حضن أمومة الحقيقة الأخيرة .؟
أحييكم و أشكركم ... يتبع .
المفضلات