واقعنا اليوم (التربية والتعليم..العوائق والآمال02)
الأستاذ محرز شلبي

تبعا لما ذكرته في الحلقة السابقة من واقعنا اليوم والمتعلقة بالتربية والتعليم أطرح السؤال الموالي :
كيف هو حال الواقع التربوي في بلادنا؟
من وجهة نظري في رأيي وأنا من أهل الميدان شاب الرأس فيه بعد أن تقلدت عدة مناصب ، فإن الواقع التربوي وبكل موضوعية في بلادنا بل وفي الوطن العربي ككل ، يعيش حالة متردية وسيئة للغاية نظرا لعدم استقرار مناهجه لعدة عوامل منها الإرهاصات السياسية المتذبذبة والاجتماعية إزاء المشاكل التي عانتها خاصة الجزائر أثناء العشرية الحمراء والتي ربما لازالت تعاني منها.
في الحقيقة إن وضع التعليم بحاجة إلى ثورة شاملة يحتضنها الجميع دون احتكارها من فئة معينة بالمفاهيم لانتشال التعليم من واقعه الحالي باعتبار أن العملية التعليمة برمتها ومن خلال ما نلحظه في تردي المستوى التعليمي لا تخدم المستقبل المنشود ولم تحقق الغرض الذي وجدت من أجله وهو الارتقاء الجذري بالوضع الوطني بشكل عام، فالعملية التعليمية تواجه تحديات كبيرة في ظل ثورة التكنولوجيا وثورة الاتصالات والمعلومات الهائلة وخاصة أنه رافق هذه المتغيرات الكبيرة ظهور اتجاهات وفلسفات ومعارف ومفاهيم وأساليب تعليمية جديدة ومختلفة عن واقعنا التعليمي الذي لم يعد سراًّ على أحد ...

وحتى أن لا نكتفي بعملية التشريح والتجريح التي صارت من مهام القاصي والداني يمكن أن نطرح جماعيا سؤالا مهما ألا وهو : كيف يمكن النهوض بالعملية التعليمية والتربوية في بلادنا؟
مع الأسف الشديد إلى حد الآن لم يستوعب الأغلبية بأن التعليم هو حجر الزاوية للتنمية والعمود الفقري لبناء نهضة الوطن أي وطن ، والتعليم وهو أساس إيجاد حركة التغيير الفعلي في أي وطن كان ولنا شواهد كبيرة في بعض الدول التي حققت قفزات نوعية اقتصادية وطفرة علمية لأنها انتهجت مبدأ التعليم أساس الارتقاء.

وقبل هذا وذلك يسهم الإطار البشري وخصوصاً المعلم بكثير من ذلك من حيث الاهتمام به من خلال الإعداد الجيد والتدريب والتطوير المستمر والتكفل به اجتماعيا وماديا لأنه ليس في حياة الشعوب أنبل وأعظم رسالة من رسالة المعلم وهي مهنة الأنبياء والصالحين ويجب أن تهتم الدولة كثيراً لحال المعلم ليكون مستقراً نفسياً وفي مجمل حياته المعيشية إلى جانب الاهتمام با لبنى التحتية من المدارس وغيرها بحسب الكثافة السكانية وحسب الاحتياج وأن تكون مبان معدة وجاهزة وموفر فيها كافة الوسائل التعليمية وأن تكون مدارس حاضنة للطلاب وليس العكس كما هو اليوموما بدا من بوادر لأشكال من الانحرافات في الوسط التربوي...

إن التربية والتعليم ووسطها لا يقل شأنا عن المساجد ، فكما نطالب عامليه بتجريم الحزبية والجهوية والمذهبية في كافة المؤسسات التعليمية والثقافية والتنموية لخطرها الكبير على مستقبل الأجيال ، نطالب أيضا بالمشرفين عليه وطنيا أن يكونوا كذلك أيضا بعيدا عن أي هيمنة بتحريم وتجريم الممارسة الحزبية واقترانها بالتعليم وأن تنأى عن التدخلات السياسية بذلك.

وبصفة عامة يجب إبعاد الوضع الحزبي أو الفكري في الإشراف على المؤسسة التعليمية ، وما نشاهده في الساحة من تجاذبات بين الهيئات المختلفة المهتمة بالشأن التربوي والتعليمي إلا أكبر دليل ، وبكل صراحة نعلنها إن التدخلات والممارسات تلك داخل مؤسسات التعليم هو بحد ذاته اغتيال للأجيال القادمة واغتيال للمستقبل وهذا ما يجب أن يتنبه إليه ويقف أمام ذلك كل الشرفاء من أبناء الوطن.

لعل يتبادر لدى البعض بأنه هل يفهم من ذلك أن النقابات التربوية تعمق ذلك الشرخ الموجود في التعليم؟
دعنا نتحدث بصراحة والجميع يدرك هذا إن الأطراف السياسية وخصوصاً الحزبية أوجدت لها كيانات نقابية وكل طرف له كيان ويسعى لاستقطاب المعلمين تحت لافتة حقوق المعلم وها هي تكرس ذلك النهج نفسه حتى باتت تعرف بنقابات حزب كذا وحزب كذا, المهم أننا لسنا ضد تلك النقابات ولكن يجب أن لا تخضع للمناكفات السياسية والحزبية على حساب التعليم وتعمل على تعطيل وإعاقة التعليم في أغلب الأيام تحت حجة الإضراب وغيرها, نحن مع حقوق التربويين التي يجب أن تهتم الحكومة بذلك ولكن ما إن تأتي بداية عام دراسي حتى نسمع بتهديدات الإضرابات, طيب لماذا لا تكون مطالبة موحدة ومشروعه ومعقولة من جميع النقابات التي تتزايد وتتكاثر كل سنة !؟

ملاحظة أخرى وهي أنه من العوائق في طريق فشل العملية التربوية ظاهرة تسريب الاختبارات..
كان ذلك مؤلم جداً وتعتبر عملية تسريب الاختبارات جريمة بل خيانة وطنية وتعليمية ..

وقبل أن أختم حلقة هذا الأسبوع على أن نلتقي الأسبوع القادم إن شاء الله لنواصل ذكر وأسباب هذه العوائق الهدف من ذلك التقييم للمساهمة في التقويم ، فلابد أن نصارح بعضنا في ذكرا لسلبيات والإيجابيات بكل جرأة وموضوعية دون تجريح أو اتهام.