القرود تطبق حد الرجم فى الجاهلية على قردة ذيلها نجس


(صفحات من تفسيرى لسورة "النور")


د. إبراهيم عوض


"الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة": يقول ابن كثير فى تفسير هذه الآية: "قَالَ تَعَالَى، "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ": هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا حُكْمُ الزَّانِي فِي الْحَدِّ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَنِزَاعٌ: فَإِنَّ الزَّانِيَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِكْرًا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ، أَوْ مُحْصَنًا، وَهُوَ الَّذِي قَدْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ. فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يَتَزَوَّجْ فَإِنَّ حدَّه مِائَةُ جَلْدَةٍ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُغرّب عَامًا عَنْ بَلَدِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّ عِنْدَهُ أَنَّ التغريبَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ: إِنْ شَاءَ غَرَّب وَإِنْ شَاءَ لَمْ يغرِّب. وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتبة بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنيّ فِي الْأَعْرَابِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَا رسولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفا (يَعْنِي أَجِيرًا) عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَليدَة، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وتغريبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وتغريبُ عَامٍ. وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ (لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ) إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا.

فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى تَغْرِيبِ الزَّانِي مَعَ جِلْدِ مِائَةٍ إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يَتَزَوَّجْ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَإِنَّهُ يُرْجَمُ كَمَا قال الإمام مالك: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْناها، وَرَجمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَرَجمْنا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى أَنْ يطَولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: "لَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ"، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ قَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ. فَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوِ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ مُطَوَّلًا. وَهَذَا قِطْعَةٌ مِنْهُ، فِيهَا مَقْصُودُنَا هَاهُنَا. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ هُشَيْم عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَلَا وَإنّ أُنَاسًا يَقُولُونَ: مَا بالُ الرَّجْمِ؟ فِي كِتَابِ اللَّهِ الجلدُ. وَقَدْ رَجَم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ورَجَمْنا بَعْدَهُ. وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ أَوْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُونَ أَنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لَأَثْبَتُّهَا كَمَا نَزَلَتْ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، بِهِ.
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ هُشَيْم عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْد عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْران عَنِ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ الرَّجْمَ فَقَالَ: لَا تُخْدَعُن عَنْهُ، فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ. أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ رَجَمَ ورَجمَنا بَعْدَهُ، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ: "زَادَ عُمْرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَيْسَ فِيهِ" لَكَتَبْتُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُصْحَفِ: وَشَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. أَلَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّالِ وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امتُحِشُوا. وَرَوَى أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى القَطَّان عَنْ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيَّب عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِيَّاكُمْ أَنْ تهَلكوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ. الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَر وَقَالَ: صَحِيحٌ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْن عَنْ مُحَمَّدٍ (هُوَ ابْنُ سِيرِين) قَالَ: نُبِّئتُ عَنْ كَثِير بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ وَفِينَا زَيْدٌ، فَقَالَ زَيْدٌ: كُنَّا نَقْرَأُ: "وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ". قَالَ مَرْوَانُ: أَلَا كتبتَها فِي الْمُصْحَفِ؟ قَالَ: ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَفِينَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: أَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: قُلْنَا: فَكَيْفَ؟ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: فَذَكَرَ كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ الرَّجْمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أكْتِبْني آيَةَ الرَّجْمِ: قَالَ: "لَا أَسْتَطِيعُ الْآنَ". هَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ غُنْدَر عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَير عَنْ كثير بْنِ الصَّلْت عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِهِ. وَهَذِهِ طُرُقٌ كُلُّهَا مُتَعَدِّدَةٌ وَدَالَّةٌ عَلَى أَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً فَنُسِخَ تِلَاوَتُهَا، وَبَقِيَ حُكْمُهَا مَعْمُولًا بِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَدْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِرَجْمِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَهِيَ زَوْجَةُ الرَّجُلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ لَمَّا زَنَت مَعَ الْأَجِير. وَرَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ مَاعِزًا والغامِدِيَّة. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُنقَل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ جَلدهم قَبْلَ الرَّجْمِ. وَإِنَّمَا وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاح الْمُتَعَدِّدَةُ الطُّرُقِ وَالْأَلْفَاظِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى رَجْمِهِمْ، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْجَلْدِ. وَلِهَذَا كَانَ هَذَا مَذْهَبَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى الزَّانِي المحصَن بَيْنَ الْجَلْدِ لِلْآيَةِ وَالرَّجْمِ لِلسُّنَّةِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بشُرَاحة، وَكَانَتْ قَدْ زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَةٌ، فَجَلْدَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ، ثُمَّ قَالَ: جلدتهُا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .وقد رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي. قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: البِكْر بالبِكْر جَلْد مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ".
ونبدأ بالحديث الأخير، ويفهم منه أن الرسول قد قاله قبل نزول آيات حد الزنا، وإلا لاكتفى بها، فإن القرآن هو القول الفصل. ومع هذا ينزل القرآن بحكم مختلف، إذ ليس فيه إلا الجلد للزانى والزانية قولا واحدا دون تمييز بين بكر ومحصن، وتؤكده آية سورة "النساء"، التى تقول بتنصيف العقوبة للأمة، والتنصيف لا يكون إلا فى الجلد، وإلا فليس هناك نصف قتل ولا نصف رجم. فإن قيل إنه كانت هناك آية "الشيخ والشيخة" فالسؤال: ولم حذفت؟ يقولون إنها حذفت وبقى حكمها. فهل يمكن أن يعمل الحكيم الخبير الرحيم الودود الكريم اللطيف على إرباك عباده وتضليلهم بحذف آية الرجم مع الإبقاء على حكمها؟ هذه إساءة إلى الله عز وجل. والله أرحم وأكرم بعباده من أن يفعل معهم وبهم هذا. أما الرواية التى تقول: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: فَذَكَرَ كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ الرَّجْمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أكْتِبْني آيَةَ الرَّجْمِ: قَالَ: "لَا أَسْتَطِيعُ الْآنَ" فغير مقنعة، إذ لم رفض الرسول عليه السلام كتابة آية قرآنية؟ بل هل كان الصحابى فى حاجة إلى إذن لإثبات آية قرآنية غير مثبتة فى مصحفه رغم أنها آية صحيحة تماما؟ ولنفترض أن هذا كله قد حدث فلماذا لم يوافق النبى فيما بعد على كتابة الصحابى للآية المذكورة كما وعده وعدا ضمنيا حين قال له: "لا أستطيع الآن"؟ هل اكتفى الرجل بسؤاله عليه السلام مرة ثم سكت؟ لكن هل يعقل أن يكون هذا موقفه من اختفاء آية من آيات القرآن؟ وأين الصحابة الآخرون من هذه المسألة؟ أكانوا لا مبالين بالأمر؟ والنبى: لم اكتفى بالرد المذكور على الصحابى ثم تجاهل الأمر كله بعد هذا، ودون أن يوضح سبب هذا الموقف منه؟ ثم إن آية "والشيخ والشيخة" إن صحت وبقى حكمها لا تتحدث إلا عن حكم الشيخ والشيخة. فإذا قلنا إن آية "النور" خاصة بغير المحصنين والمحصنات فمعنى هذا تلقائيا أنه لا عقوبة على المحصن من الشبان والرجال والكهول لأنه لا يوجد نص قرآنى بهذا الحكم. وهذا إرباك ما بعده إرباك. كذلك فإن الشيخ والشيخة قد لا يكونان محصنين، فماذا نفعل بهما؟ أنرجمهما كما تقول الآية المزعومة؟ إذن نخالف حكم آية "النور". أم نجلدهما؟ إذن نخالف نصها هى نفسها.
وفى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن أتاه مبتهجا لأنه ضبط اثنين يزنيان، يريد منه عليه السلام أن ينفذ فيهما الحد: "هلا سترتهما بثوبك؟" ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يكره الفضائح وإنزال العقاب بالزناة رغم فظاعة الجرم. وفى الحديث الشريف أيضا أنه قد جاءه معترف بالزنا، فطلب ممن حوله أن يستنكهوه، فلعله كان شاربا ولا يعى ما يقول بدقة، بل لقد تساءل: أبه جنون؟ ويفهم بكل وضوح أنه لم يكن يحب تطبيق الحد فى الزنا ويؤثر فتح باب التوبة لمن يريد أن يتوب. وحين فر أحد الزناة من ألم الحجارة المتساقطة عليه وجرى وراءه الراجمون وأمسكوا به واستأنفوا رجمه حتى مات، وعلم الرسول بذلك، استغرب وأعرب عن تمنيه لو أنهم كانوا تركوه يمضى لحال سبيله. فلم الإصرار هنا إذن على الرجم؟ كذلك كان الرسول يمهل الزانية حتى تضع حملها ثم يمهلها بعد الوضع حتى ترضع وليدها ويفطم. وفى كل ذلك دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتح لها باب التراجع والتوبة، إذ لا أظنه كان يسأل كل قليل عن تلك المرأة: أجاءت لرجمها أم ليس بعد؟ وعلى كل فلا يوجد فى روايات الحديث شىء من هذا البتة.
ويقول د.شوقى ضيف فى تفسير هذه الآية فى كتابه: "الوجيز فى تفسير القرآن الكريم" إن آية "النور" قد نسختها أحاديث الرجم. لكنْ هنا سؤال يقفز فى الحال: ولم لا يكون الرجم هو الحكم المنسوخ؟ إن العقل والقلب ليقبلان أن ينسخ القرآن السنة لا العكس، على الأقل لأن القرآن صحيح مائة فى المائة أما الأحاديث ففيها كلام كثير حتى لقد صفيت مئات الألوف منها إلى بضعة آلاف. ولقد عودنا القرآن على تخفيف الحكم مع الأيام لا على تغليظه. فعلى سبيل المثال أخبر سبحانه المسلمين بأن الواحد منه يغلب فى الحرب عشرة من المشركين، ثم بعد قليل خفف الأمر واكتفى بأن يغب الواحد منهم اثنين فقط. كما كان هناك حكم فى سورة "المجادلة" يقضى بأن يخرج من يريد مناجاة الرسول على حدةٍ صدقة، وبعد قليل مسح هذا الحكم. وحين أراد عليه السلام الصلاة على زعيم المنافقين عقب موته ونزل قرآن يمنعه من هذا ويؤكد أنه لو استغفر له سبعين مرة فلن يغفر الله له كان تعليقه عليه السلام أنه لو عرف أن استغفاره له أكثر من سبعين مرة سيكون مقبولا لاستغفر له. وبالمثل فرغم وجود حد للزنا فإنه عليه الصلاة والسلام عاتب من أتاه يخبره بمشاهدته رأى رجلا وامرأة يزنيان وقال له بكل إنسانية ورحمة: هلا سترتهما بثوبك؟ وفى ليلة المعراج تقول الرواية إن الله قد افترض الصلاة على المسلمين خمسين مرة فى اليوم، فلما علم موسى بذلك اقترح عليه مراجعته لربه سبحانه لأن خمسين صلاة فى اليوم مرهقة، فما كان من الرسول إلا أن ظل يراجعه تعالى حتى خفضها إلى خمس صلوات عليها أجر خمسين. أقول هذا حتى لو لم تكن الرواية صحيحة، فالذى يهمنى منها دلالتها على نزوع الإسلام إلى التخفيف حتى لقد فكر صناع الروايات فى نسج رواية حول هذا النزوع: إن لم تكن هذه الرواية صحيحة. وربما صح على نحو ما فى سياقنا الحالى الاستشهاد بقوله تعالى فى الآية 157 من سورة "الأعراف" عن النبى محمد ودوره فى تخفيف الإصر الذى كان يئن منه بنو إسرائيل: "يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم". وهناك تفصيلات أخرى كثيرة لى فى هذا الموضوع يجدها القارئ فى تفسيرى لسورة "الأحزاب".
وفى هامش ترجمته لتلك الآية يقرر محمد حميد الله أنها قد ألغت التشريع التوراتى الخاص بهذه الخطيئة من الرجم إلى الجلد. وهذا التشريع التوراتى موجود فى الإصحاح الثانى والعشرين من سفر "التثنية" بالعهد القديم، ونصه كاملا: "13«إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، 14وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. 15يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ، 16وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. 17وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلاً: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ. 18فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ 19وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ.
20«وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ. 21يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. 22«إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعًا مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْل، يُقْتَلُ الاثْنَانِ: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. 25وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الْفَتَاةَ الْمَخْطُوبَةَ فِي الْحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا الرَّجُلُ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، يَمُوتُ الرَّجُلُ الَّذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ. 26وَأَمَّا الْفَتَاةُ فَلاَ تَفْعَلْ بِهَا شَيْئًا. لَيْسَ عَلَى الْفَتَاةِ خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ، بَلْ كَمَا يَقُومُ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَقْتُلُهُ قَتْلاً. هكَذَا هذَا الأَمْرُ. 27إِنَّهُ فِي الْحَقْلِ وَجَدَهَا، فَصَرَخَتِ الْفَتَاةُ الْمَخْطُوبَةُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُخَلِّصُهَا".
وثم سؤال آخر يتعلق بهذا الموضوع، وهو "وماذا نفعل بآية تنصيف حد الزنا الموجودة فى سورة "النساء؟". ألم يكن ينبغى، منعا لمزيد من الإرباك، نسخها؟ أليس عجيبا أن تنسخ آية "الأحزاب" المدَّعاة الخاصة بالرجم ويبقى حكمها، وتبقى آية "النساء" ولا يعمل بها إلا فى حالة من الحالتين اللتين تدخلان تحتها، وهى حالة غير المحصن؟ كذلك فآية "النور" لا تذكر إلا الجلد، فنجد حديثا يقول: الجلد وحده لا يكفى بل لا بد من التغريب أيضا. وهذا إرباك آخر. ليس هذا فقط، بل إن ثم فقهاء يرون أن المحصن يجلد أولا ثم يرجم ثانيا. الله أكبر. هذا ضد القرآن لا مرة واحدة بل مرتين. ثم إن فى الحديث التالى المنسوب لرسول الله عليه السلام: "البِكْر بالبِكْر جَلْد مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ" إرباكا آخر لأنه يفتح على الفور باب السؤال التالى: "وماذا عن الرجل البكر مع المرأة المحصنة، والمرأة البكر مع الرجل المحصن؟" هل لهما حكم ثالث؟
كما نرى فالأمر كله مربك ومزعج، ويفتح باب الحيرة والشبهات على مصراعيه. ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات". أفليس يحق للبعض من ثم أن يتساءل: ألا يدخل هذا الجدال المتشابك الطويل فى باب الشبهات، وبالتالى يسوغ الاكتفاء بالجلد لجميع أنواع الزناة؟ ثم إنى لم أسمع بروايات تذكر أن حد الرجم قد نفذ فى التاريخ الإسلامى بعد الجيل الأول. أليس لهذا مغزاه؟ لكن أنصار الرجم يغلون فى أمرهم حتى لنقرأ مثلا رواية تقول إن القرود قد رجمت قردة زانية فى الجاهلية. يريدون أن يقولوا إن القرود ترجم، أفيصح منا نحن البشر أن نقصر عنهم ونكون أقل تدينا منهم؟ وهو كلام مضحك. فلم يكن فى الجاهلية رجم أصلا فى دنيا البشر، فكيف يكون فى القرود؟ وهل يتزوج القرود أصلا ويكتبون عقد نكاح حتى يكون هناك زنا فى عالمهم؟ وهل نأخذ ديننا عن القرود؟ حقا لم يبق سوى هذا الخبل، الذى لسنا بناقصيه، فعندنا من الخبل الكثير بحمد الله! ثم هل رجم القرود مرة واحدة فى تاريخهم الطويل ثم سكتوا؟ واضح أن الإجابة بـ"نعم". فهم إذن بلا شك أعقل منا لأنهم تنبهوا إلى خطئهم من أول مرة فتابوا وأنابوا ولم يعودوا إليها مرة أخرى قط.
وقبل أن أترك حكاية القردة أسوق ما كتبه ابن عبد البر عنها فى ترجمة "عمرو بن ميمون الأودي"، وهذا نصه: "أبو عبد الله أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وصدق إليه، وكان مسلماً في حياته وعلى عهده صلى الله عليه وسلم. قال عمرو بن ميمون: قدم علينا معاذ الشام فلزمته، فما فارقته حتى دفنته، ثم صحبت ابن مسعود. وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين، وهو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة إن صح ذلك، لأن رواته مجهولون. وقد ذكر البخاري عن نعيم عن هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون الأودي مختصراً، قال: رأيت في الجاهلية قردة زنت، فرجموها (يعني القردة)، فرجمتها معهم. ورواه عباد بن العوام عن حصين، كما رواه هشيم مختصراً. وأما القصة بطولها فإنها تدور على عبد الملك بن مسلم عن عيسى بن حطان وليسا ممن يحتج بهما. وهذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنا إلى غير مكلف وإقامة الحدود في البهائم. ولو صح لكانوا من الجن لأن العبادات في الجن والإنس دون غيرهما، وقد كان الرجم في التوراة".
والآن تعالوا إلى تحليل الرواية: هل كانت جماعة القرود الراجمة من مؤمنى القرود؟ فإلى أى نبى يا ترى كانوا ينتبسون؟ أم كان لهم نبى من جنسهم؟ فما اسمه إذن؟ وهل كانوا يصلون ويسلمون عليه كلما أتى ذكره أمامهم كما نفعل نحن البشر مع أنبيائنا؟ وكيف استسلمت لهم القِرْدة السافلة وتركتهم يرجمونها دون مقاومة؟ هل يعقل يا ربى أن تنهال الحجارة عليها وهى ساكنة ساكتة صابرة مصابرة مرابطة؟ ألم تصرخ؟ ألم يؤثر صراخها فى عمرو بن ميمون؟ ألم تفر هاربة من ألم الحجارة المتساقطة عليها؟ ولم يا ترى لم يصف لنا المشهد بتفاصيله، وهو مشهد شائق يغرى بالوصف والتفصيل؟ ثم هل تستطيع القرود أن ترجم ويقتل رجمها كما نرجم نحن البشر وتقتل حجارتنا؟
وإذا كانوا قد رجموا القردة فلماذا لم يرجموا المجرم الذى زنى بها؟ واضح أنهم استضعفوها فرجموها بينما تركوا القرد الذكر. أغلب الظن أنه قرد بلطجى يرأس جماعة من البلطجية أمثاله فلا يقدر أحد أن يقول له: ثلث الثلاثة كم؟ بل هل أقرت القردة بالزنا حتى يرجموها؟ وهل كانت محصنة حتى يرجموها؟ ولماذا لم يعملوا لها تحليل حمل قبل أن يرجموها؟ فإذا كانت حاملا تركوها حتى تضع، ثم عادوا فتركوها حتى ترضع وتفطم قبل أن يرجموها؟ ولم يا ترى لا يقع الرجم إلا فى عالم القرود؟ فهل الكلاب والقطط والبقر والجاموس والمعز والضأن والأسود والنمور والذئاب والثعالب والغزلان والضباب والثعابين والعقارب والغربان والنسور والصقور والقطا والأرانب والديوك أقل غيرة من القرود أو أقل تدينا وورعا وتقوى ولا يخشون ربهم من فُشُوّ الزنا فى مجتمعاتهم وإهلاك الله لهم بسبب انتشار هذه الفاحشة الدنسة فيهم؟ ثم لماذا حد الزنا بالذات هو الذى ذكرته الروايات؟ نعم لم لا توجد روايات عن قطع القرود وغير القرود أيدى لصوصهم، وجَلْدهم لسكيريهم، وقَطْعهم أيدى محاربى الله ورسوله بينهم وأرجلهم من خلاف، وقتل المرتد منهم عن دين الحنيفية السمحاء على رأى من يرى قتل المرتدين؟ والعجيب الطريف أن ابن عبد البر، وهو يناقش رواية رجم القرود، يقول إن الرواية إن صحت كانت القرود جِنًّا فى الحقيقة اتخذوا شكل القرود لكنهم ليسوا قرودا. وهو بهذا كمن ينجو من حفرة فيقع فى دحدورة. فهل كان هناك جن مكلفون قبل النبى عليه السلام؟ وهل لا بد أن يفضح الجن أنفسهم فيصروا على أن يرجموا جنيتهم أم ذيل نجس أمام من يساوى ومن لا يساوى من البشر؟ إنهم طول الوقت مختفون عن الأنظار، فلم يحبّكونها هنا ويظهرون للبشر ويعطونهم الفرصة ليشمتوا بهم؟ لكن هل الجن يظهرون لعيوننا؟ ألم يقل القرآن إن إبليس وقبيله يروننا من حيث لا نراهم؟ ثم لماذا انبرى عمرو بن ميمون فالتقط بعض الحجارة ورجم مع القرود القردة الزانية؟ أيكون قد رأى فى تلك المشاركة جهادا فى سبيل الله لا يحق له أن يتخلف عنه فيضيع منه أجر عظيم أتاه غنيمة باردة؟ لكن لم يا ترى على الجانب الآخر لم نسمع أن قردا أو جنيا اشترك فى رجم مسلمة زانية كنوع من رد الجميل والإسعاد؟ كما نرى فالأمر مزعج أشد الإزعاج ولا يدخل شىء منه العقل.
ومعروف أن من علماء المسلمين قديما وحديثا من يرون أن الرجم قد نسخ وحل محله الجلد. قال بهذا الرأي الخوارج وبعض المعتزلة وبعض علماء الزيدية، وقد ذكره الإمام الشوكاني عند حديثه عن رأي الخوارج في الرجم، وإن كان الشوكاني قد هاجم هذا الرأي ومن يقول به هجوما عنيفا. ومن المعاصرين عبد المتعال الصعيدي ومحمد عزة دروزة والشيخ محمد أبو زهرة والمستشار علي علي منصور ود. أحمد حجازي السقا ود. محمد سعاد جلال ود. مصطفى الزلمي ود. مصطفى محمود ود. طه جابر العلواني ود. محمد سعيد حوى وعبد الحميد الفراهي الهندى...