مَنَاحَاتُ عَلمانـِجِيٍّ فِي شَتَاتِ الوَاقِوَاق

ابن الأحمر

يَابْنَ أَبِي المِرْصَادِ يَا مِسْكِين!


أُخبرتُ أنَّكَ أُوتِيتَ بَعْدِي بَسْطَةً فِي لِسَانِكَ، وبَيَانًا عَذْبًا فِي خِطَابِكَ، ومَجَالًا وَاسِعًا فِي فُنُونِكَ، غَيرَ أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ ذَمُّوكَ، وعَنِ الصِّدْقِ دَفَعُوكَ!

قُلْتَ إِنَّ الإِيمَانَ بِالتَّمَنِّي وَالتَّحَلِّي، فَلَسْتُ إِيَّاكَ أَعْنِي بِحَدِيثِي عَنْ جَرِّ الذُّيُولِ!

أَنْتَ بَعْضُ مَنْ جَحْمَظَهُمْ أعْدَاءُ الشَّرِيعَةِ عَنِ الْوُقُوفِ مَعَ الحَقِّ، فَأَصْبَحْتَ كَذَّاباً عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى النَّاسِ؟!

لَم يُشَرِّفْكَ اللهُ تَعَالَى بِفَتْحِ (جَبَلِ طَارِقَ)، فأَمْسِكْ عَنْ ذِكْرِ النَّفِيرِ السَّابِقِ فِي (الوَاقِوَاق)!
مَا كُنْتَ فِي النَّافِرِينَ! أَنْتَ، يا دِعْكَايَةُ، وَقَبِيلُكَ يَوْمَئِذٍ جُحَّظٌ متَهَبِّشُونَ، تَنْتَظرون الْغَدْوَةَ، ثُم جَأَجْتُمْ ثُم بَرْقَشْتُمْ بِفُؤَادِ طُوَيْــئِـرٍ مُفَزَّعٍ !


وَلَمَّا أَرَّشَتْ (بَنُو أُقَيْشٍ) النَّارَ فِي (مَجْرِيطَ) حَتَّى صَارَتْ دُوَينَ السَّمَاءِ، لَهَا فِي الجَوِّ قُرْنَاسٌ، إِذَا جَمْعُكُمْ مِنْ (بَنِي عِلْكَانَ) يَؤُشُّونَ.

وتَنَاحَبَ السُّودُ الـمَدَالِيجُ فِي الظَّلْمَاءِ؛ فَذُبِّحَتِ الأَبْقَارُ، وغَبَّبَ الذِّئْبُ فِي الغَنَمِ حَتَّى ظَهَرَتِ التُّحوتُ وهَلَكَ الوُعُولُ. وَمَا دَفَعَتِ الأَقَارِبُ، وَمَا نَفَعَتِ النَّواحِبُ، وَفِي صُدُورِ المؤْمِنِينَ حَزَّازٌ مِنَ الهَمِّ حَامِزٌ !

لَمَّا رَابَنِي مِنْ دَلْوِكَ اضْطِرَابُهَا، قُلْتُ لَكَ: "أَصْبِحْ، فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشٌ"، فبَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي، يَا عَسِيفَ الكَافِرِينَ!

وَقَدْ نَظَرْتُكُمْ، إِينَاءَ صَادِرَةٍ للوِرْدِ، فِي (قَرْطَاجَنَّةَ)، عَلَّكُمْ تُؤَمِّرُونَ أَحْوَزِيّاً، نَسِيجَ وَحْدِهِ، حَسَنَ السِّيَاقِ لِلْأُمُورِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ النِّفَارِ، فَمَا احْتَلَزْتُ مِنْكُمْ حَقِّي وَلَا حَقَّ اليَتَامَى وَالأَرَامِلِ وَالثَّكَالَى وَكُلِّ مَغْدُورٍ!

وهَا قَدْ جَحَظَ إِلَيْكَ عَمَلُكَ فِي (كُورُونَا) فَأَنْتَ مُجْفَئِظٌّ، بَلْ حَشْرَجَتْ، وَطَلَّابُ التِّرَاتِ مُطَلَّبٌ.
وَكَفَانِيَ اللهُ مَا كُنْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي "لَأَجْحَظَنَّ إِلَيْهِ أَثَرَ يَدِهِ، وَلَأَنْزِعَنَّ خُنْزُوانَتَهُ، وَلَأُطَيِّرَنَّ نُعَرَتَهُ!".


إِنَّ الحدِيثَ مَعَكَ لَشَيِّقٌ، وَإِنَ الوَقْتَ لَضَيِّقٌ، يَا كَيْذُبَانُ، فَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى.

ابن الأحمر
غَريبًا، حَريبَ البَدو، في بلاد شتَّام الله!
ذات لَيلةٍ كَأْداءَ، مِن يوم الأربُعاء، 14 ربيع الأول 1443هـ