مجمهرة امريء اليأس



المقدمة الطللية

يا طللاً ...
يتخايلُ فوق حدودِ النجمِ الساطعْ.
يا رسماً ...
دَرَسَتْ منه عزائمُ ذراتٍ راحلةٍ ...
حَلُمَت ...
بخيالٍ فيكَ يهاجرْ.

ركبتُ الجَزرَ فحياني:
"عِمْتَ مساءً يا جرحُ"
ها قد لان الصعبُ ...
وعزاني ...
من أنكر يوماً ...
شجنيْ.
لكن الدبَ القطبيَ ...
يُماليءُ ضدي...
أحقرَ أقمارِ الدربْ.

النسيب

هندٌ ...
أو سلمى ...
أو ليلى ...
أو عبلةْ ...
- لا أتذكر -
حين رأتني أُلمّعُ سيفي ...
برمادِ النارْ ...
حفرتْ فوق شفاهي ...
أولَ قبلةْ.
شغلتني الغربةُ ...
عن تطبيبِ شفاهي المشتعلةْ.

جاءتني ليلاً ...
والخيمةُ تغرقُ في أوحال السيلْ.
قالت بفحيحِ الأنثى:
"نامَ الربعُ فهيا ...
لتعيدَ إليّ القبلةْ ...
من شفتيك ...
أو هبني ما يلهيني عنها"
نظرتُ إلى سقفِ الخيمةِ ...
يَرْشحُ ملحاً.
وإلى جسدي ...
يتكورُ برداً ...
وإليها ...
تَلْتهبُ فتَسلخُ عنها شُفوفَ الجلدِ الأملسْ.
ثم نظرتُ إلى الأرضْ ...
لم أرفعْ بصري عنها ...
حتى غاب تهيجها عن أذني.

المديح

دعْ هذا عنكْ.
أركلْ عمركَ ...
وارحلْ ...
لجلالةِ سلطانِ العبثِ الأعظمْ
- أكرِمْ بِجلالتهِ من سلطانْ ...
يَزِنُ بميزانِ القبانِ ...
الأعراضَ المتسخةَ بالنورِ.
يوزعها بين جواريهِ وسمارهْ -
قالوا لي وأنا ...
أتزودُ للقائهْ:
"إحذر أن تُغضِبَ أحدَ سُراةِ بلاطهْ.
هم خيرُ القوادين ...
وخيرُ الخصيانْ".

مولاي السلطانْ ...
أغثني.
أنهكني التشريقُ ...
وأنهكني التغريبْ.
لا أفهمُ أن يغريني عَميْ ...
ببناتهْ ...
- تعويضاً عن (روحي) المصلوبةِ
في قبو الجيرانِ -
يقولُ "تَسَلى".
فإذا حَلّ الليلُ يُشَرِّقُ ويُغَرِّبُ ...
بحثاً عن سعرٍ أعلى ...
للحمِ المتكدسِ في برّادهْ

الرحلة


يُرْغي السلطانُ ويُزْبِدُ ...
يَنتَفِخُ حَميةْ.
يَحمِلُني في جيشٍ جرارٍ ...
نَرحلُ.
نستقِبِلُ دارَ الثارِ.
وبعد حدودِ السلطانِ ...
يُداهمنا جيشٌ من قُطّاعِ الطرقِ ...
عرمرمْ.
نتلاحمُ.
في لحظاتٍ يَفنى جيشي.
أُعْمِلُ سيفي ...
في هاماتٍ ...
تتابَعُ كالمدِ ...
أُكَسّرها.
يَنكسِرُ السيفُ.
تَسقُطُ آلافُ الموجاتِ ...
على جسدي.
أَسقُطُ.

قبل غيابي عن وعيي ...
أَلمحُ ...
خلف لثامِ القائدِ ...
عَينَي قوادِ السلطانِ الأولْ.




.................................................. .....
عوني القرمة
من ديوان "إفتحوا الأبواب للجرح"