أليست هذه يا إخوتي الأفاضل قضية عالمية يتوجب الانتباه لها و الاحتراز مما يمكنها أن تصيب به كل أحد و كل شيئ ؟ حتام أيها السادة المكرمون و أنتم مطأطئون لما لا يسمع و لا يبصر و لا يغني عن أحد شيئا إلا ما عاد به من تراب الدنيا و أذى العميان على الناس قاصيهم و دانيهم .
الأم الطبيعة ... لا شريك لها ... و كل ما عبد دونها ... فهو وثن لا حق له في قليل و لا كثير من المجد و الاعتبار ... تحيي و تميت ... و ترزق مخلوقاتها من بعضهم البعض في دورة مستمرة ... و تحفظ و توفر أسباب البقاء على حسب ما تستطيع و ليس على قدر ما تشاء ... صماء عشواء بكماء ... تغلي كغلي القدر بما تحويه من مصنوعاتها ... لا عقل لها يدبر غير الضرورة و الحتم الفيزيائي المادي ...
محتواة في كون مترامي الأطراف لا يدرك أبعاده و كنهه حتى الآن أحد سوى بعض المعارف التي تنضج يوما بعد يوم فيشطب منها و يضاف إليها مع تطوير الآلات و ربط المعطيات بعضها ببعض ... تتنافس المصنوعات بداخلها و تتدافع و تتنازع بحسب القدرة المادية المتاحة و التفضيلات الممكنة ... الكلمة الأولى و الأخيرة لها ... فهي تحبس كل شيئ بين جنباتها لا يفلت من قوانينها و لا يسعه غير الإذعان لأطرها التي بتغيرها يضطر كل شيئ لأن يوائم نفسه و يناسبه على ما يقتضيه تبدلها أو يفنى و يهان .
هذا هو الرب الحق ... الذي له الحق كله في كل تمجيد و تقديس و ذكر مما لا يريده و لا يطلبه إذ لانفع له فيه لا في قدره و لا في كيفيته و لا في نوعه و جنسه فحركات المخلوقات غير ذات بأس و لا
أهمية عند أحد ذي خطر ... و لكن أهم عبادة تعبد بها الطبيعة الرب الحق ... طلب العلم النافع و هو العلم المادي الذي يغني و يصلح و يزيد و يعطي و ينفع دون غيره من معارف الزيف و الكذب و البهتان من اختراعات الكهنة البائسين .