ارتدادات الأزمة الاوكرانية على منطقة الشرق الاوسط

بعد أزمة الصواريخ الكوبية و التي بدأت في 14 اكتوبر 1962 وانتهت في 28 اكتوبر 1962 سحب الاتحاد السوفيتي في ذاك الوقت صواريخه النووية من كوبا و بالمقابل سحبت الولايات المتحدة الامريكية صواريخها النووية من تركيا وايطاليا في حل دبلوماسي سياسي أمني يتجاوب مع المخاوف الأمنية لكلا الطرفين ، في تلك الأزمة كان العالم يقف مذهولا امام ازمة قد تؤدي الى حرب نووية فتاكة .

قد تعيدنا الأزمة الاوكرانية الى نفس المخاوف بنشوف حرب مباشرة بين روسيا التي تحملت ارث الاتحاد السوفيتي وبين المعسكر الغربي بقيادة امريكا ولكن في معايير التقييم هل هي نفس المناخات التي صادفت الأزمة الكوبية هي نفسها التي تحيط بالأزمة الاوكرانية .. بالتأكيد لا ، فالعالم قد تغير منذ اوائل التسعينات وانهيار الاتحاد السوفيتي الى صعود القوى الاوحد في العالم وهي الولايات المتحدة الامريكية وانتهاء الحرب البارده مما اثر على الحياة الامنية والاقتصادية في العالم .

قد نتحدث عن بوتين رجل المخابرات الروسية المخضرم والذي اعاد بناء روسيا لتحل محل الكفة الاخرى من الميزان امام الولايات المتحدة الامريكية واعاد بناء روسيا وتأسيس امتداد للنفوذ في مناطق مختلفة و خاصة في الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي في اوروبا الشرقية والتي وقع كثير منها فريسة للنفوذ الامريكي وانتشار لحلف الناتو ، فالأزمة الاوكرانية وما تحمل من ديموغرافيا و جغرافيا تمثل اهمية قصوى للأمن الاقليمي والقومي الروسي هذا اولا اما ثانيا لقد عمل بوتين على اقامة شبه حلف مع الصين استعدادا لأي مواجهة مع الكتلة الغربية وحلف الناتو كما له رعاية غير مباشرة للقوة التكنولوجية والنووية الايرانية وربما حاول بوتين في هذه الايام ان يخلق موازين في شبه القارة الهندية باتصالات مباشرة مع باكستان النووية ايضا فالموقف في اوكرانيا لا يقف حول تأمين الامن الاقليمي والقومي لروسيا بل يريد اعادة صياغة موازين القوى الدولية والاقليمية حيث اذا ما تطورت الازمة الاوكرانية وعجز الطرفين عن ايجاد قواسم مشتركة تحقق الامن والاستقرار لروسيا وتبدد مخاوفها من انتشار حلف الناتو الذي تصاعد بطلب الرئيس الاوكراني بالانضمام لهذا الحلف فإن الفرز تكون واجبة ومفروضة على دول كثيرة في العالم .

لكن في البداية سنتطرق الى الخريطة الجغرافية لاوكرانيا التي تقع في شرق اوروبا وتحدها روسيا من جهة الشرق وبيلاروسيا من الشمال و من الغرب بولندا وسلوفاكيا و المجر اما من الجنوب رومانيا ومالدوفيا والبحر الاسود وبحر ازوف ومساحتها تقع بتقدير 600000 كيلو مترمربع .

ولكن هنا نشير لخطاب بوتين يوم 21/2 الذي بحث في تاريخ اوكرانيا الذي يعود الى الثورة البلشيفية عام 1917 ودور قادة الثورة البلشيفية لينن وستالين في صياغة دولة تسمى اوكرانيا الحقت كدولة للاتحاد السوفيتي مع تغيير في دديموغرافيا الارض وخاصة في المدن الشرقية من اوكرانيا وهم مواطنون روس ، بعد الثورة البرتقالية في فبراير عام 2014 اتجهت قيادة اوكرانيا الى الغرب وشعي دائم للانتماء للسوق الاوروبية والتي تزايدت في الانتماء الى طلب الالتحاق بحلف الناتو في حين الرئيس بوتين عبر عن ما يفيد بالحق التاريخي لروسيا في اوكرانيا وهذا ان دل فيدل على ان الرئيس بوتين وبالحق التاريخي له ان يسترجع اوكرانيا الى ماضي الاتحاد السوفيتي اي باللحاق بالدولة الروسية ويخرجها من النفوذ الامريكي حيث قال بوتين بأن لينن وستالين هما من صنعا اوكرانيا منذ الثورة البلشيفية عام 1917 ومنحت الاتحاد السوفيتي روسيا هذا الكيان 150 مليار دولار الى عام 2010 وكما عبر بوتين عن موقفه في الازمة قائلا ان اوكرانيا جزء من تاريخنا وديانتنا المشتركة واواصر عائلية حيث اتهم القيادة السوفيتية بالضعف حين سمحت بانفصال دول الكتلة الشرقية كما اتهم القيادة الاوكرانية بالفساد معتبرا ان الدولة الاوكرانية تدار بقوى خارجية .

المهم هنا ليس فيما حشدته روسيا من الة عسكرية استراتيجية وتكتيكية او المنوارات في بيلاروسيا المهم هنا ما يدور حول قرار استقلال المدن ذات الهوية الروسية في شرق اوكرانيا بلوجانسك و دونيتسك واعتبارها دول مستقله ومايدور في سوريا من مناورات استراتيجية للقوى الروسية وفي البحر المتوسط في ظل تحرك للقوات التركية في شمال تركيا والقوات الامريكية ايضا والاخطر من ذلك تصريح وزير الخارجية الاسرائيلية بأنه اذا حدثت الحرب فإن اسرائيل ستكون مع حليفها امريكا وهذا ما دفع قوات الاركان الروسية بإجراء عملية مناورة كبرى في البحر المتوسط وبأسلحة استراتيجية اذا هنا وكما قلت سابقا ان الازمة الاوكرانية اذا تصاعدت ولم تصل الى حل دبلوماسي سياسي وامني يعيد الاتفاق الذي ابرم في الازمة الكوبية بانسحاب قوات حلف الناتو من دول شرق اوروبا مقابل انسحاب القوات الروسية من اوكرانيا فإن بوتين كما افاد خطابه بأنه له الحق التاريخي في احتلال اوكرانيا ولن يقف عند هذا الحد بل سيفرض على الدول الانحياز اما لروسيا والصين وايران وكوريا الشمالية او الانحياز لامريكا والغرب وهنا ستحدث الكارثة في حرب عالمية ثالثة ستأكل مئات الملايين من البشر اما العرب وان كان سوريا قد اعلنت مبكرا اعترافها بالدولتين وانحيازها لقرار بوتين فإن باقي العرب سيحدث معهم مثلما حدث في الحرب العالمية الثانية .

بقلم سميح خلف