( هل للإسلام القدرة على التَّمَدْيُنِ لمواجهة الفكر الغربي؟)
ما موقف الأصُوليّة من حركة الحداثة و ما بعد الحداثة؟ ،سؤال من بين الأسئلة التي طرحها مفكرون، و هناك من طرح هذه الأسئلة بصيغة أخرى لفهم العلاقة بين الإسلام و الغرب إن كانت علاقة ندّيّة عادلة متحضرة، أم هي علاقة هيمنة على الآخر و استعباد له؟ المشكلة أنهم لم يتوصلوا إلى جواب مقنع، بعدما تحول "التعايش" مع الآخر إلى إشكالية حاولت بعض القوى فرض سيطرتها و نموذجها على الآخر بالقوة و تحويل الشعوب إلى تابع مستلب، لأن الفكر الحديث لم يتوصل إلى تعريف دقيق لمفهوم الحداثة و ما بعد الحداثة في ظل صراع الأصوليات و ظهور إيديولوجيات تولدت عنها قوميات برؤوس متعددة ، بل ظهرت مصطلحات جديدة كمفهوم "الحداثة المتأخرة" ،كانت النتيجة أن فقدت الشعوب هويتها و قيمتها الإنسانية، في هذه الورقة نرحل مع شخصيات فكرية عديدة اهتمات بمسالة الحداثة و ما بعد الحداثة من هذه الشخصيات المفكر جان فرانسوا ليونار من رواد حركة ما بعد الحداثة في فرنسا و موقف المودودي من فكرة الحداثة في رده على الأصوليين
قد يتساءل سائل لماذا هذه الشخصيتان بالذات؟ الجواب لأن جان فرانسوا ليونار عاش في الجزائر في الفترة ما بين 1950 و 1952 كانت فيها نيران الحرب مشتعلة بين الجزائر و فرنسا و وقف عن قرب على اساليب القمع الذي كانت تمارسه فرنسا ضد الجزائريين و آثار الإستعمار و التفرقة العرقية ، كانت تجربته في الجزائر عاملا مهما في تشكيل "ضميره السياسي" ، حسب الكتابات كان ليونار من دعاة الإختلاف و التعدد في كل المجالات و في أنواع الخطاب المختلفة، له آراء في الحياة و الثقافة و المجتمع، لقد ناقش ليونار كثير من المسائل المتعلقة بالحداثة و ما بعد الحداثة، و مدى تقبل الفكر العالمي لها و لذا يقول عنه النقاد أنه من الصعب أن نفهم كتاباته، يرى ليونار أن العالم يمر بحركة تتميز بما أسماه "الإنفجار الإتصالي عن بعد" و أنه يشهد تفكك المذاهب و النظريات و الإتجاهات الفكرية الكبرى في المعرفة الأدبية و العلمية و يعاني من غياب أو اختفاء أنساق المعتقدات التي توجه الإنسان في تفكيره و سلوكاته و عباقاته مع الآخر.
فمصطلح ما بعد الحداثة في نظره هو نتاج الفكر الأمريكي يصف حالة انتقاده في الوقت الراهن، و قد استعار هو هذا المصطلح لدراسة المجتمعات الحديثة التي بدأت في الظهور بعد نهاية العصور الوسطة، كما يفرق بين مجتمعات العصور الوسطى التي ربطت خطاب الصدق و العدالة بالقصص التاريخية، أما مرحلة ما بعد الحداثة يقول انها فقدت هذه الخطابات و لم تعد تؤمن بالقصص التاريخية التي لم تعد تتماشى مع العصر الحالي و كأنها تريد أن تلغي التاريخ ( الماضي) من حياة الإنسان، و تريد له أن يعيش حاضره فقط طالما هي تؤمن بأن الماضي انتهى و المستقبل مجهول ، و بالتالي فمرحلة ما بعد الحداثة تفتقر إلى مشروعية ماهو صادق و ماهو عادل، مما أدى إلى ظهور و استفحال الحركات الإرهابية ، هذه الأخيرة أوقفت كل عملية تفكير أو تقدم، يقول ليونار إن الأزمة ليست أزمة ارتفاع في سعر البترول و إنما هي أزمة هذه القصص التاريخية و الحكايات الكبرى ذاتها، حيث تميزت بالتناقضات مثلما نقرأه عن مجتمع النبوّة بعد وفاة الرسول ( صلعم) و ما وقع من حروب و جرائم قتل استهدفت أهل البيت، انقسم فيها المجتمع المسلم إلى شيعة و سُنّة تقاتلت فيما بينها، و حتى الحروب بين الكنيسة و الدولة في المجتمع الغربي.
ما اتفق عليه المفكرون أن حركة ما بعد الحداثة (كحركة فكرية) تقوم على رفض الأسس التي ترتكز عليها الحضارة الغربية الحديثة و ترفض المسلمات التي تقوم عليها هذه الحضارة، لعل ليونار هنا يتحدث عن الأصولية الغربية و بلوغ نهايتها ( اي توقف دور الكنيسة) ، هي دراسات سلط فيها المفكرون الضوء على العائلات التي تعيش بصورة دينية محددة، حياة تقليدية و منعزلة، و عائلات أخرى ناشطة دينيا و لكن بطريقة أصولية، و هذا يعني ليس كل ما يراه المرء أصوليا يكون في واقع الأمر كذلك، هو الشيئ نفسه ما نراه في الأصوليات الإسلامية التي تعيش الآن صراعات داخلية بينها و بين نفسها فلا هي سارت على النهج ألأصولي و لا هي سايرت الحداثة، و ظل الصراع في المجتمع العربي افسلامي قائما بين الأصالة و المعاصرة.
نلاحظ هنا كيف بتلاعب المفكرون و الفلاسفة بالمفاهيم و المصطلحات ( الحداثة، مابعد الحداثة و الحداثة المتأخرة) ، فالمفكرون يرون أن ما توصلت إلى الحداثة المتأخرة ما هي إلا نماذج ، السؤال هل الحداثة المتأخرة تأتي بعد مرحلة ما يعد الحداثة؟ أم أنه لا توجد هناك حداثة أصلا، الأمر و ما فيه أن المفكرون و الفلاسفة يبتكرون مفاهيم و مصطلحات و يبحثون عن مرادفات لها، كمفهوم العصرنة الذي يقابله مفهوم الحداثة و نقيضها الأصالة، خاصة عندما يدور الحديث عن الإسلام و الغرب أو الصراع بين الشرق و الغرب إن صح القول ، و مثل هذه النقاشات قد تؤدي إلى الفهم الخطأ للدين ، فما يطرح هنا و هناك ماهو إلا تلاعب بالألفاظ أو الكلمات، وطرح أسئلة لإثارة مشكلة و لا نقول إشكالية، الحديث هنا يقود إلى الحديث عن الأصوليين الذين يقفون ضد مشروع الحداثة، و هم مجموعة نظمت نفسها في حركات اجتماعية و يتعاملون مع قضايا معينة، لها أهميتها بالنسبة لهم، فهم يجعلون القناعات الدينية مُطْلَقَة و غير قابلة للنقاش، وكما هو معروف فإن الحركات الأصولية لا تؤمن بالحداثة و لا بما يعد الحداثة، فهي تريد إخضاع الحياة الخاصة و العامة لإملاءات قناعاتها الدينية من باب بناء الهوية بل توحيدها و الحفاظ عليها و يُقْصَدُ بذلك الهوية الدينية، يكون ذلك بوضع حدود منيعة تفصلهم و تميزهم عن الآحرين.
و كمثال ففي المجتمعات الإسلامية جعلت بعض الجماعات ( في العراق و إيران و مصر و الجزائر ..الخ) من الزيّ الإسلامي (اللباس) قيمة دينية، أي على الرجل أن يرتدي القميص و يطلق اللحية و المرأة تضع النقاب أو البرقع و تلبس القفاز و الجوارب لكي تتميز عن باقي النساء حتى لو كن مسلمات، ( ياحبيبي ماهذا التعصب؟)، مثال آخر يتمثل في طرح قضية "المهدي المنتظر" لدى كثير من المفكرين و حتى عند المرجعيات الدينية و قضية الروح القدس المذكورة في الإنجيل و القرآن و ما طرأ حولهما من خلافات بين المسلمين الذي اختلفوا حول مجيئ المهدي المنتظر، فهذا المهدي عند أهل السنة و الجماعة يختلف عن رؤية الشيعة له ( الإمام الغائب) فكل طائفة تصف هوية الأخر (الغريم) وصفا سلبيا، سؤال موجه للأصوليين (المسلمين) أو كما يسمونهم بـ: "مجتمعات الكتاب" طالما الأصولية هي البقاء على النهج القديم أي السلف في تفكيرهم و سلوكاتهم، لماذا إذًا يستهلكون ما يبتكره الغرب؟ للعلم أنه من السّلف ظهر مفهوم "السلفية" كتيار سياسي أعطيت له صبغة دينية و هذه الأخيرة منقسمة إلى طائفتين أيضا: السلفية المعتدلة (المدرسة الباديسية كمثال) و السلفية المتطرفة (الوهّابية).
إن الإختلافات في الرؤى جعلت مصطلح ما بعد الحداثة يحظى باهتمام كبير عند المفكرين بمختلف جنسياتهم و يعتبر المفكر أرنولد توينبي أحد رواد هذا التيار الفكري، و يرجع ذلك إلى موقفه الفكري من الحضارة الغربية في القرن العشرين و ما اعتلتها من عوامل التفكك، و السؤال يفرض نفسه: ألم تعتر الحضارة الإسلامية عوامل تفكك هي الآخرى و في كل مظاهرها الفكرية و الثقافية؟ لدرجة أن البعض اعتبر مرحلة ما بعد الحداثة تتمثل في الفجوة التي تفصل الثقافة الراقية الرفيعة في كل مجتمع غربي كان أو عربي، بدليل ظهور بعض الثقافات الدخيلة و إدخالها على الثقافة العربية، مثل ثقافة الـ: pop أو الجاز jaz و البلوز blooz عند الأمريكيين السود و كذلك فن "الراي" Rai الذي وصفه البعض بالوباء السيداوي ( نسبة إلى داء السيدا) ، فما هو متفق عليه هو أن هذه الثقافات قرينة العقليات الشاذة ، تحركها اليد الخفية الصهيونية الفرنسية فهي لا تعكس موقفا و لا تعبر عن فلسفة ، تسعى فقط إلى تشويه الأذواق و تحطيم الفن الأصيل، فكل ما يستهلكه المجتمع العربي هو غربي ، لكن هناك تغيير في اللون فقط، و الجزائر واحدة من الدول التي أصيب شبابها بهذا الداء، إلا من رحم ربي ذلك باسم التقدم و الحداثة، وهذا يعني أن ما بعد الحداثة التصقت بها حالات من التدهور و الإنحطاط الإجتماعي و الثقافي، و على مفكري ما بعد الحداثة أن يطهروا فضاءها من مخلفات الحداثة.
فما حدث للمجتمع البشري هو نفسه ما حدث للغراب الذي جاء يمشي مشية الحمامة فلا هو حافظ على مشيته و لا هو مشى مشية الحمامة، هو مثل ينطبق على المجتمع الإسلامي ، فلا هو حافظ على هويته و تراثه و حضارته ولا هو مارس حضارة الآخر ممارسة صحيحة، حتى بعد ظهور الأصوليين الذين فشلوا في جمع الشتات، لأنهم تتبعوا استراتيجيات هيمنة مختلفة باستعمال الخطاب الغير عقلاني و هم الآن يتعايشون مع الآخر باستعمال كل وسائل التكنولوجيا الحديثة، لكننا لا نعلم إن كان هذا التعايش هو لبناء هوية جديدة أو استعادة الهوية المفقودة و محاولة إقحامها في المجتمع المتطور ( الغربي) و مسايرة "العولمة" ، أما عن الثقافات الإسلامية ما تمت الإشارة إليه من بعض الباحثين هو أن الحداثة جاءت في صورة الإستعمار الفرنسي و البريطاني و كانت ساعة ميلادها في الشرق الأوسط عام 1798 في المعركة التي دارت رحاها أمام الأهرامات و ارتبط اسمها في بداية الأمر بنابوليون، ثم تطورت بتاثير بريطاني كانت في البداية تحت إدارة نواب الملوك الخديويين في القرن التاسع عشر و بعد معركة التل الكبيرعام 1882 أصبحت تحت السلطة البريطانية المباشرة.
و إذا كان جان فرانسوا ليونار من المفكرين الفرنسيين الذين اثاروا بفكرهم الساحة الغربية بصفة عامة و فرنسا بالخصوص ، فهناك من أرخوا للفكر العربي المعاصر و أخذوا انطباعات عن أوروبا، فمالك بن نبي كمفكر تنويري و كذلك محمد أركون و طاهر الجزائري رائد التجديد الشامي و الطهطاوي من أمثال هؤلاء، فقد دوّن الطهطاوي رحلته إلى فرنسا و مشاهداته و وقف على الأحداث و الإضطرابات التي عاشتها باريس في 1830 و مكنته رحلته من الإطلاع على كتب روسو و مونتسيكيو، ضمها في مذكراته سماها "الرحلة الباريسية" كما نقف مع مفكرين جدد في العراق و في تركيا و في لبنان ( مهدي عامل في نقده الفكر اليومي) كانت كل مشاريعهم تنويرية، إلا أن أفكارهم اصطدمت مع الفكر السلفي الذي يرفض التجديد و التغيير، و قد لاحظ المفكرون أن الخلط في الأذهان وراء عودة المجتمعات البشرية إلى الجاهلية بما فيها المجتمعات الإسلامة و هو منح الحق في "الحاكمية" لبعض البشر و جعل منهم "أربابًا" كما نلمسه في المجتمع الإيراني و قضية ولاية الفقيه، حيث ترى إيران أن البنية التاسيسية للمجتمع العربي هي بنية دينية و أن الدين هو المحرك الأول للمجتمع العربي.
من هذا المنطلق كانت هناك دعوات لفصل الدين عن السياسة و منهم دعوة سيد أحمد خان في الهند، حيث دعا إلى التنوير الأوروبي و فصل الدين عن السياسة، ما دعا بالمودودي إلى تأسيس الجماعة الإسلامية التي تعتبر واحدة من أكبر منظمات الإسلام السياسي و يعتبر المودودي من أكبر منظري الإسلام السياسي، حيث استطاع أن يطور المنشور الحداثي و أن يعيد صياغة التراث الإسلامي، فقد أعاد الإجتهاد في فهم التراث في ضوء متطلبات الحداثة و خرج من هذا المنظور بنموذج الدولة الإسلامية المتفتحة على الحوار، يقول النقاد أن المودودي و جماعته الإسلاميين مبرمجين لكنهم ليسوا أصوليين و يقابله الأفغاني و محمد عبده الذي قام بعمل إصلاحي في الإسلام لجعله قادرا على الدخول في حوار مع الحداثة، لم يختر الأقغاني النموذج "السلفي" في إعادة تطبيق النصوص الدينية و إنما عن طريق فتح باب الإجتهاد، أي من خلال تفسير حُرّ و تأويل للقرآن و التراث مع الوعي بالبعد التاريخي، إلا أن هذه الإصلاحات حسب النقاد باءت بالفشل .

فشل الإصلاحات وراء تأخر العرب
تؤكد بعض الدراسات أن تقدم الغرب و تأخر الشرق راجع إلى فشل الإصلاحات في العالم العربي الإسلامي فموقف الدول الإسلامية المتحررة إزاء التجديد و التغريب اعتبرت القانون الإسلامي غير صالح للتطبيق في هذه الحياة كثلما حدث في تركيا أيام كمال اتاتورك الذي الغى الإسلام كدين دولة رسمي للبلاد و ألغى المحاكم الشرعية و الخلافة و الحجاب و سارت على هذا النهج إندونيسيا التي قالت أنه لا يشترط الإسلام لأي موظف حكومي أو ضابط في الجيش أو رئيس جمهوربة و لا يلزم عليه أن يقسم بالله و الرسول، و كل إنسان حُرٌّ في اعتناق أيّ دين و بفضل هذا التجديد و التغريب كانت أندونيسيا تتقدم نحو الشيوعية بقيادة رئيسها سوكارنو، لولا فطنة الشعب والطلبة، كما نلمس ذلك في تونس أيضا من خلال خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة في مؤتمر انعقد في مارس 1974 عندما قال أن المسلمين وصلوا إلى حد تأليه الرسول بتكرارهم الصلاة عليه و نفس الشيئ حدث في الجزائر عندما ساق زعماؤها البلاد نحو مادية اشتراكية علمانية و نحو الحضارة الغربية رغم الأمال التي عقدتها العناصر الإسلامية فقد نشرت جويش أوبسرفر jewish observer و هي صحيفة يهودية في عددها الصادر في 31 أوت 1961 مقالا تحت عنوان: "حكم الإسلام لابد أن يسود" أن علماء الجزائر هاجموا القادة القوميين الذين نادوا بدولة جزارية اشتراكية تعطل فيها الدين عن التدخل في شؤون الدولة.
الصراع إذًا هو صراع الثابت و المتحول، بين المقدس و اللامقدس ( و لا نقول المدنس) ليس في الصورة التي عرفتها الجاهلية و إنما في الصورة التي رسمتها الحداثة التي يوجه لها معارضوها انتقادات و يعترفون بأن مبادئ "فلسفة التنوير" هي التي ساعدت على قيام الثورة الديمقراطية في العالم الغربي خاصة في فرنسا و أمريكا، إذ يرى التنويريون أن الزمن تغير و هو بحاجة إلى نظريات و مفاهيم جديدة تتلاءم و الإتجاهات الثقافية الجديدة و تنوع المو اقف الفكرية، بل ظهور اتجاهات جديدة في الفن تجاوزت المدارس الحديثة، كما يطرح التنويريون قضايا في شكل أسئلة: ( ماذا أعرف؟.. أعرف "نفسي"، إذن هي فلسفة، ماذا أعرف؟ أعرف "ربي" إذن هو "الدين" فقط، ماذا اعرف؟ أعرف "حاكمي" إذن هي سياسة) هذه العناصر الثلاثة ( الفلسفة، الدين و السياسة) هي التي ترتكز عليها التنويرية.، خلاصة االقول فما ـثبتته الدراسات أن الحداثة في كل الدول و بخاصة الدول الإسلامية لم تكن نتاجا طبيعيا لثورات و إنما نشأت من خلال وجود قوى الإستعمار الغربي و أذرعها الداخلية المتمثلة في النخب العلمانية مما يعطي لهذه الحداثة طابعا خاصا بوصفها مقوما لنشأة الأصولية الدينية أو السلفيين المحافظين مرورا بالإخوان المسلمين وصولا إلى علماء اللاهوت ، حتى الوهابية فهي منقسمة جزء منها محافظ و الجزء الثاني فهو ثوري مرتبط مع جماعات إرهابية، فوقع الصراع بين جماعتين الأولى تقوم على المعتقد و الثانية تقوم على الطقس ز هو تلصراع الذي لا يزال قائما حاليا بين السنة و الشيعة ، نقف هنا مع مفكر معاصر و هو الباحث المغربي محمد زكاري في دراسته حول مشروعية الإصلاح حملت عنوان: "الإصلاح بوصفه مشروع غير مكتمل" حيث قال: لا بد لنا ونحن نفكر في مشروع إصلاحي حقيقي، أن نعيد الاعتبار لما أسسه وقعّد له جهابذة الإصلاح والمشروع النهضوي، منذ القرن التاسع عشر، في غرب العالم الإسلامي ومشرقه، فلا يصيرُ فعلاً واقعيًّا إلا متى حرَّكتهُ إرادة مجتمعيَّة، يشاركُ فيها الفاعلون السياسيون بالقدر نفسه الذي يشاركُ به أفراد الشعب، متجاوزين الوضع الصوريّ الذي أنتجته الديمقراطيَّات المعطوبة و به تصيرُ العمليَّة الإصلاحيَّة جزءاً من مشروعٍ شاملٍ، هدفُهُ الوحيد النهوض بالمجتمع من دواليب التَّخلُّف والبحث عن سبُل التَّقدُّم، غير ان محمد زكاري له رؤية خاصة لمفهوم الحداثة، و يبدوا أنه من المدافعين عنها، إذ يقول: فالحداثة هي اللحظة التي تم فيها الوعي (مع التّشديد على معنى الوعي) بما أنتجه العقل الغربي خلال مراحل نهضته، لكن الحداثة على المنوال الغربي ليست معياراً، ولا ينبغي أن يؤخذ هذا الكلام حجة لدى التيارات المحافظة التي تهوي بالغرب إلى مستوى الشيطانية، فما اتصل بعدم قدرة العرب والمسلمين اليوم على مجابهة الإشكاليات الهوياتية الكبرى، وعدم قدرتهم على إعادة الاعتبار للمقومات الحضارية والروحية في ابتعاث وعي جديد يمكنهم من مواكبة واقع يتغير، فنظريته قد تلقةى قبول لدي المفكرين التنويريين و الإصلاحيين ، فطالما العامل المعياري والقيمي من معادلة الإصلاح غائب او مغيب فالإصلاح بوصفه مشروعا غير مكتمل و لن يكتمل.
علجية عيش