اسرائيل والاتفاق النووي الايراني

بداية ثمة ماهو مؤكد ان ايران قد تجاوزت في برنامجها النووي كل التحذيرات والحصار و هي في طريقها الى انجاز السلاح النووي وربما استغلت ايران انسحاب امريكا من الاتفاق النووي السابق عام 2018 بأنها استطاعت من زيادة تخصيب اليورانيوم بنسب اكبر ماهو متفق عليه في الاتفاق النووي السابق عام 2015 بينما صرح الرئيس السابق لأمريكا بايدن بأنه لا عودة للاتفاق النووي و مزيد من اجراءات الحصار الا ان حاجة اوروبا لهذا الاتفاق كما هي حاجة امريكا و حاجة ايران معا فتحت باب المناقشات والمفاوضات حول احياء الاتفاق النووي من جديد مع بعض التعديلات التي طلبتها امريكا و هناك طلبات قدمتها امريكا من خلال الوسيط الاوروبي الغير مباشر .
في اعتقادي اخر ما وصلت اليه المفاوضات بين الوسيط الاوروبي و ايران هو موافقة ايران على عدم المطالبة برفع العقوبات عن الحرس الثوري الايراني و ادراجه في قائمة الارهاب كما استفادت ايران بعدم وضع السلاح الصاروخي في الاتفاق او التعديلات الجديدة .
بالتأكيد ان ايران كما قلت سابقا قد تجاوزت التهديدات الاوروبية الامريكية وتجاوزت استخدام عامل القوة من قبل امريكا والغرب لظروف ذاتية تخص تطور صناعة الاسلحة في ايران والظرف الدولي القائم وتعدد الجبهات الدولية التي جعلت امريكا والغرب في تراجع وهي بحاجة ماسة الى اتفاق نووي مع ايران يقطع عليها الطريق لكي لا تمضي قدما في بدائل اخرى مثل الحلف الصيني الجديد وهو المرعب لأمريكا و الغرب و في مقدمة الاهتمام لدى امريكا و اوروبا والخطر الاخر الانتفاضة الروسية على النظام الرأسمالي الامبريالي ومنظومته الاقتصادية و الامنية وفتح المجال لعالم متعدد الاقطاب وهذا ما فتحته الازمة الاوكرانية والصمود الروسي والمتحدي لكل الالة العسكرية الغربية واقتصادها .
ولكن ما يلفت النظر حالة التشنج الكبرى والهذيان الذي اصاب الادارة العسكرية والسياسية في اسرائيل ، فأثناء زيارة بايدن لتل ابيب قام بايدن بتطمين الاسرائيليين والتزام امريكا بالأمن الاسرائيلي وتطوير منظومة القبة الحديدية لتعمل بالليزر ، بينما صرح رئيس فرنسا ماكرون لرئيس وزراء اسرائيل يائير لابيد بأن الاتفاق النووي الاوروبي الامريكي الايراني سيراعي مصالح اسرائيل ، بينما صرح لابيد بأن بلاده تعارض العودة الى الاتفاق النووي الايراني وحذر من ان اسرائيل لن تكون ملزمة او ملتزمة باتفاق محتمل واستطرد قائلا ان اسرائيل ستفعل كل ما يلزم لمنع ايران من امتلاك قدرة نووية .
قامت اسرائيل منذ اكثر من شهرين بمناورة عسكرية لفتح اكثر من جبهة واهمها الجبهة اللبنانية بينما تخشى اسرائيل الان من رد حزب الله على ترسيم الحدود الدولية بين اسرائيل ولبنان واطماع اسرائيل في حقل الغاز وتصريح حسن نصر الله بأن حزب الله لن يلتزم بأي اتفاق نووي مع ايران اذا تم المساس بمصالح لبنان اما غينتس قائد الجيش الاسرائيلي فقال نحن مستعدين لعملية عسكرية لضرب المشروع النووي الايراني ، اما في غزة والمواجهة مع الجهاد الاسلامي المحسوب على ايران فإسرائيل ليست بحاجة الى مواجهة شاملة و غير محسوبة في غزة و من هنا قبلت اسرائيل بالوساطة لعملية التهدئة التي تراوغ الان في تنفيذ بعض بنود التهدئة .
اذا تحدثنا عن ايران فنحن نتحدث عن ما قاله مسؤول في البرلمان العراقي بأن ايران موجودة في 4 دول عربية فهناك العراق التي قد تتعرض اسرائيل لهجمة صاروخية منها ولبنان وقوة حزب الله وهناك الحوثيين في اليمن و هناك غزة .
اذا الاتفاق الايراني النووي وما ذكره ماكرون قد يكون يحددد خطوط العرض والطول للنفوذ الايراني في المنطقة بما يؤمن مصالح اسرائيل و من هنا جاء رد حسن نصر الله لمزيد من الضغط في ورقة تقسيم الحدود .
بلا شك ايضا ان هناك تحرك في المنطقة العربية لصنع تحالفات في محاولة لايجاد موقع للامن القومي العربي بين مصر ودول الخليج ومع تتبع ردود الافعال الدولية واطرافها لقد صرح جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي بأنه لا توجد ضمانات لاحياء الاتفاق النووي بين ايران والقوى الدولية ولكن في حديث اخر لقد ردت ايران على نص المقترح الاوروبي بتنشيط اتفاق 2015 بأنه معقول واستطرد قائلا لقد قدمت اقتراحا بصفتي المنسق للمحادثات غير المباشرة بين ايران والولايات المتحدة ووافقت عليه ايران وارسلته للادارة الامريكية لكنها لم ترد للان فيما ارفقت ايران طلبا بضمانات من الجانب الامريكي بعدم الانسحاب مرة اخرى من خطة العمل الشاملة والمشتركة فيما ذكرت بعض وسائل الانباء بأن امريكا تحاول كسب الوت لكسب ثقة اسرائيل في اي اتفاق محتمل و هي الان بصدد التشاور مع اسرائيل الان الجانب الاسرائيلي كما اكدت المصادر الصحفية بأنهم غير مقتنعين بكل رسائل التطمينات الامريكية بينما صرح وزير الخارجية الايراني ناصر كانعاني بأن ايران استجابت لمقترحات منسق الاتحاد الاوروبي ولم نتلقى ردا للان من الجانب الامريكي واردف قائلا بأن هناك لدينا بدائل دولية و خطة "ب" اذا رفضت امريكا مذكرة المنسق من خلال تعزيز العلاقة مع دول اخرى "يقصد الصين وروسيا" .
والتساؤول الاخير في هذا المقال هل تستطيع اسرائيل منفردة في مواجهة ايران والطوق الايراني المحيط بها وتقوم اسرائيل بمغامرة حذر منها الامين العام لحزب الله بزوال هذا الكيان وكما صرح رئيس ايران ايضا لكن ممايثير التساؤلات هو عدم الرد الايراني على الغارات الاسرائيلية في الساحة السورية التي تستهدف قواعد حزب الله والسلاح الايراني ، اما ايران من صمتها وتحولها وتجاوزها لعملية الاغتيالات التي تتم على اراضيها هي عملية كسب وقت لتنال نصيب الاسد في توزيع القوى الاقليمية والنفوذ في المنطقة وهذا ما ستكشفه الايام القادمة .

بقلم : سميح خلف