ذكرى انطلاقة فتح في عمق الواقع المؤلم

تتوقع القاعدة الفتحاوية وحاضنتها الشعبية الى ايقاد شعلة الانطلاقة بمهرجان موحد وجماهير واطر غير مشتته. وتصطدم تلك الامنيات بالواقع المؤلم على المستويين الخاص والعام الوطني فما زالت فتح تعيش بامراضها المختلفة وبعضها المتعمق في جسدها بامراض مزمنة تزداد فتكا بها وفراغات تتركها فرضها عليها واقعها وقيادة وبكل التعريفات غير قادرة على معالجة المراضها وازماتها المزمنة للتحول ذكرى انطلاقتها الى عدة احتفاليات وعدة شعلات لايقادها وربما ثلاث او اربع شعلات في مبارة تمثيلها وكل يصدح بانه ابو الانطلاقة وهو المعبر عنها وعن استمراريتها ،وكثير من النخب الفتحاوية وانويتها الصلبة يعتكفون في منازلهم في تمرد ذاتي على واقعها ويحتفولون بطريقتهم الخاصة بذكرياتهم الجميلة لسنواتها الاولى التي جردتها منهم قيادات نرجسية افرزت واقع من الالام عليها والضعف والترهل والانشقاقات والانسلاخات والتفاوت شبه الطبقي بين قياداتها وقاعدتها .

ولكن هناك ما زال من الجيل الذي اعدوه ليبصم لمكيفات سياسات اعدت وتنفذت لتخرج فتح من ثوبها الذي ارتدته فكرا وعمقا وعملا وادبيات في انطلاقتها الاولى الذي خطته في بيانها الاول وشعارها بالبنط العريض(العاصفة )على الكارلو ستاف والعقبة وفي شعارها بالبنط الصغير(فتح) وكأ مصمم هذا الشعار قد استقرأ المستقبل المعد لهذه الحركة منبها ورافضا تحولها لحركة سياسية تخرج عن مفاهيمها وانطلاقتها ... ولكن هذا ماحصل وما حدث, هذا الجيل جيل مواليد اوسلو وما بعدها الذي اغرقوه بالاكاذيب والابجديات الشعبوية واعلان ما يسمى الاستقلال ومبررات الخروج من الجنوب اللبناني الى تشتيت لقواها المقاتلة وجعل الراتب لدى المقاتل من الحرص عليه اكثر من البندقية وادبيات فتح ، هؤلاء الفتية الذين تمردوا على اليأس وعلى الاحتواء الذين خطوا بوصاياهم قبل استشهادهم بانهم وبهذا الواقع لن يحرروا فلسطين ولكن يأبوا الاستسلام وظواهر الفسادالتي نشروها ليضعفوا الحركة وينهوا فتح كحركة تحرر. هاهم الشرفاء في كتائب الاقصى وكتائب جنين وعرين الاسود في نابلس واليقظة في هذا الجيل في القدس والخليل وبيت لحم وقلنديا وكل مخيمات الضفة وطول كرم يختارون الشهادة فلا كرامة في ظل الاحتلال ومع المنسقين والذين يعتلوا الجنرالية وابناء شعبهم يقاومون ويقتلون ومنازل تهدم واقتحامات لجيش الاحتلال زوار الليل من المستعربين وفي ظل حملات يمارسها اولئك الذين يحتفولون بايقاد الشعلة 58 لانطلاقتها وبأجهزتهم الامنية التي تحاول ترويض المقاومين بإغراءات مختلفة وتعتقل وتعذب وتدهم منازل المواطنين كزوار الليل ايضا .
الحديث يطول حول هذا الواقع و مسبباته وارهاصته الاولى التي فشلت معها كل محاولات الترميم او ازاحة هذا النهج الذي فرشت له ارضيه لكي يسيطر على القرار الحركي رسميا من خلال تاريخ هذه الحركة ومعطيات ذاتية اخرى واقليمية ودولية يعكس حالة الهبوط وخروج الحاضنة الاقليمية للثورة الفلسطينية الى متغيرات تحدث ومازالت تحدث في المنطقة فتخلت عن قصة فلسطين قضية العرب الاولى ، ودوليا فمن انشأ كيان اسرائيل لا يمكن ان يكون بأي حال من الاحوال مع انهاء وجودها ومقابل ذلك تخلت قيادة فتح ومنظمة التحرير عن فلسطين التاريخية رسميا وبرمجيا وسلوكا ولتبقى حاضنة فتح تائهة تعيش فقط على الماضي وعلى سيرة الشهداء والاسرى ومعاركها و مواجهاتها مع الاحتلال هذا سلوك تشعر به قيادة فتح ببقاءها على رأس اطرها ومؤسساتها لاستثارة العاطفة لدى هذا الجيل الذي بعضه فهم اللعبة وامتشق السلاح في جنين ونابلس والخليل وبلاطه و كل المخيمات حقيقة في الضفة وفي غزة حيث اصبحت لعبة ايقاد شعلة الانطلاقة تحلم فيها قيادة فتح بالحشود التي تريد منها ان تقول للاقليم وللعالم والفصائل الاخرى انها مازالت تشكل قوة شعبية سيقيمها الاخرون بأنهم الجهة التي يمكن التفاوض معها .. هذا هو الحال ففتح اصبحت الان عدة مهرجانات للانطلاقه وايقاد الشعلة .. ولكن كيف يمكن التعبير عن حركة فتح ادبيات و من وحي الانطلاقة لعدة سنوات سابقة من تاريخها .

بقلم سميح خلف