المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مسلم العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
للنار أهل في القرآن ولا أهل للجنة
أهل كل شيء هم الذي يلتزمون به ... يفارقونه ثم يعودون إليه؛
فأهل البيت هم سكانه الذي يلتزمون به دائمًا ولا يعودون إلا إليه.
وأهل أي قرية يغادرونها ثم يعودون ليأووا إليها في نهاية اليوم.
وقد سمى تعالى اليهود والنصارى بأهل الكتاب، وأهل الذكر، وذكر أهل الإنجيل،
وهذه التسمية لا تعني أنهم أصحاب الكتاب، ولا أصحاب الإنجيل، ولا أصحاب الذكر،
وأهل أي شيء هم الذين يترددون عليه، يفارقونه ثم يعودون إليه، ...
وتسمية اليهود والنصارى بأهل الكتاب
يدل على أنهم لن يفارقوه مفارقة دائمة لا عودة بعدها،
وإذا استعرضنا آيات القرآن كلها، نجد تسمية لأصحاب النار بأهل النار،
بينما لا نجد تسمية لأصحاب الجنة بأهل الجنة...
فلماذا هذا التفريق في الاستعمال بينهما؟!
لما كان أصحاب الجنة لا يفارقون الجنة بعد دخولها،
ولا يخرجون منها أبدًا؛ فهم خالدون مخلدون في نعيمها،
لم يصح تسميهم بأهلها؛ لأن استعمال "أهل" يكون مع التردد على الشيء ومفارقته،
فحالهم لا يتناسب مع هذه التسمية، والله تعالى أعلم بما علم الإنسان من البيان.
أما أهل النار؛ فمن أهل النار من لا يخلد فيها
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
الأخوة الأعزاء،
أشكر كافة الأخوة المعلقين، وأوجه كلامي إلى صاحب المشاركة الأخ أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي آملا أن يتحفنا برده الواضح، وأن يقوم بما يلزم من تصويبات، وإزالة ما ورد في مشاركته من تناقضات ومخالفات، وأقول متوكلا على الله:
إذا دخل أهل الجنة الجنة فهم فيها خالدون أبداً لا يخرجون منها، وكذلك أهل النار في النار خالدين فيها لا يخرجون منها.
قال الله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ).
وقال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ).
وقال تعالى: (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ * إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ) .
وقال تعالى: (الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُون * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُون).
وثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يُنَادِي مُنَادٍ -يعني في أهل الجنة- : إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلا تَبْأَسُوا أَبَدًا) رواه مسلم.
وثبت أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ إلى أن قال: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلا مَوْتَ) رواه مسلم في صحيحه.
وأكد سبحانه خلود الجنة والنار وأبديتهما، وخلود المؤمنين في الجنة والكافرين في النار في آيات كثيرة من القرآن، وفصلت السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفصيلاً لا يدع مجالاً للشك في حقيقته ولا لتأويل النصوص الصريحة فمن شكّ فيه أو تأوله فقد اتبع هواه وحرف الكلم عن مواضعه وكان من الكافرين.
إذن أهل النار وأصحاب النار هم الخالدون فيها فقط ... ومن لا يخلد في النار لا يعتبر من أهل النار ولا من أصحاب النار! بل هو من أهل الجنة ومن أصحابها ... لأنه إن لم يخلد في النار ... فسوف يخلد في الجنة بكل تأكيد!
وإذن فأهل الكتاب هم أصحاب الكتاب، وأهل الكهف هم أصحاب الكهف، وأهل القبور هم أصحاب القبور، وأهل الجهاد هم أصحاب الجهاد، وأهل القرية هم أصحاب القرية، وأهل البلد هم أصحاب البلد، وأهل الحديث هم أصحاب الحديث، وأهل الإيمان هم أصحاب الإيمان، وأهل الكساء هم أصحاب الكساء، وأهل العزم هم أصحاب العزم، وأهل الخبرة هم أصحاب الخبرة، وأهل الكفاءة هم أصحاب الكفاءة، وأهل الذكر هم أصحاب الذكر، وأهل اليمين هم أصحاب اليمين، وأهل السبت هم أصحاب السبت، وأهل العلم هم أصحاب العلم، وأهل الفضل هم أصحاب الفضل، وأهل الكفر هم أصحاب الكفر، وأهل اللغو هم أصحاب اللغو، وأهل الفيل هم أصحاب الفيل، وأهل الدار هم أصحاب الدار، وأهل الجنة هم أصحاب الجنة، وأهل النار هم أصحاب النار، وأهل السنة هم أصحاب السنة، وأهل البيت هم أصحاب البيت، وأهل الخير هم أصحاب الخير، وأهل الأعراف هم أصحاب الأعراف، وأهل الأهواء هم أصحاب الأهواء، وأهل الكبائر هم أصحاب الكبائر، وأهل الذنوب هم أصحاب الذنوب، وأهل البدع هم أصحاب البدع، وأهل المذاهب هم أصحاب المذاهب، وأهل الفكر هم أصحاب الفكر ... لا فرق ...
ونعيد ونكرر للقرآنيين ولغيرهم:
أخرج البخاري ومسلم عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا حكم الحاكم فاجتهد , فأصاب فله أجران, وإذا حكم وأخطأ فله أجر} انتهى .
وأخرج أبو داود, والترمذي عن الحارث بن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ {عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن
قال له : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟
قال : أقضي بكتاب الله ,
قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟
قال : فبسنة رسول الله ,
قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله , ولا في كتاب الله ؟
قال : أجتهد رأيي , ولا آلو
فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ,
وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله} انتهى .
وقال البخاري في " تاريخه الكبير ": الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ عن معاذ روى عنه أبو عون , ولا يصح , ولا يعرف إلا بهذا مرسل انتهى . وفيه كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني ثم البيهقي في [ ص: 40 ] سننهما ", وفيه :
الفهم فيما يختلع في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة اعرف الأشباه والأمثال, ثم قس الأمور عند ذلك فاعمل إلى أحبها إلى الله, وأشبهها بالحق فيما ترى الحديث, وسيأتي بتمامه قريبا, قال البيهقي: والاجتهاد هو القياس، وأخرج عن جماعة من الصحابة أنهم اجتهدوا وقاسوا فأخرج عن سفيان حدثني عبد الله بن أبي يزيد:
قال : سمعت ابن عباس إذا سئل عن الشيء, فإن كان في كتاب الله قال به، وإن لم يجد وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به, فإن لم يجد, وكان عن أبي بكر، أو عمر قال به, فإن لم يجد اجتهد رأيه. انتهى .
وأخرج حديث ابن مسعود قال: {لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير, ومنكم أمير فبلغ ذلك عمر فأتاهم فقال لهم: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: نعم قال: فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر} قال البيهقي: فقد قاس عمر الإمامة في سائر الأمور على إمامة الصلاة وقبله منه جميع الصحابة المهاجرون والأنصار.
وأخرج حديث ابن مسعود في قصة بروع بنت واشق أقول فيها برأيي, فإن كان صوابا فمن الله, وإن كان خطأ فمني وحديث أبي بكر في " الكلالة " أقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله, وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان .
وعن مالك بن أنس قال: أنزل الله كتابه وترك فيه موضعا لسنة نبيه وسن نبيه صلى الله عليه وسلم السنن, وترك فيها موضعا للرأي والقياس انتهى .
لقد اتهمت في الماضي بالانتصار لرأيي، لذلك فقد آليت على نفسي بعد ذلك أن أبين رأيي وألا أنتصر له إلا في أضيق الحدود، وعند الضرورة القصوى.
والسلام عليكم،
منذر أبو هواش
المفضلات