آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: معوقات ترجمة الرواية الأردية إلى اللغة العربية

  1. #1
    رئيس قسم اللغة الأردية بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر فرع البنات بالقاهرة مصر الصورة الرمزية إبراهيم محمد إبراهيم
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    61
    المشاركات
    236
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي معوقات ترجمة الرواية الأردية إلى اللغة العربية

    معوقات ترجمة الرواية الأردية
    تطبيقاً على
    روايات القرن التاسع عشر
    لا شك أن الرواية في الأدب الأردي تحتل مكانة خاصة بين أصناف هذا الأدب الأخرى باعتبارها أكثرها تعبيراً عن شبه القارة الهندو باكستانية وأهلها بما يحتويه هذا الصنف الأدبي من إمكانيات تتيح له القيام بهذا الدور ، كما أنها هي المغذي الرئيسي للإبداعات السينمائية بما تمثله من ضرورة ثقافية ، وواجهة حضارية لأي مجتمع ، ولا غنى له عنها ، وهو ما يمثل في الحقيقة دافعاً كبيراً لاستمرارية وضوح الرواية على سطح الحياة الأدبية .
    هذا والرواية في الأدب الأردي لا يتعدى عمرها قرناً ونصف من الزمن ، وكانت بدايتها الحقيقية مع رواية " مرآة العروس " والتي كتبها الأديب " نذير أحمد الدهلوي " عام 1869م ، وله روايات أخـرى منهـا : " بنات النعش " ، و " ابن الوقت " وغيرها ، وكان يهدف من رواياته هذه إلى الإصلاح الاجتماعي والأخلاقي ، ومركزاً على بعض قضايا المرأة في تلك الفترة .
    وفي نفس الفترة عاش أديب آخر له إبداعاته الكبيرة في مجال الرواية وهو الأديب " عبد الحليم شرر : 1860م – 1926م " ، وكانت معظم رواياته ذات اتجاه تاريخي ، فكتب " ملك العزيز ورجينا " عام 1888م ، ونشرها على أقساط في مجلة " كداز " والتي أصدرها في عام 1887م ، وتعد هذه الرواية هي أول رواية تاريخية في الأدب الأردي ، كما كتب " فردوس برين : 1899م " ، و " فتح اندلس " ، و " عزيزه مصر : 1920م " ، و " زوال بغداد " ، و " رومة الكبرى " ، و " حسن انجلينا : 1889م " وغبرها ، وقد بلغ مجموع الروايات التاريخية التي كتبها ثمان وعشرين رواية ضمن مؤلفات بلغ عددها ( 122 ) عملاً . وكان عبد الحليم شرر يهدف من وراء رواياته إلى الإصلاح القومي والوطني بالدرجة الأولى ، وهو ما صرح به في نهاية روايته " ملك العزيز ورجينا " حين قال : " إن هذه الرواية في الغالب هي الأولى من نوعها ، وقد حازت إعجاب المسلمين هنا ، وقد عرضت هذه الرواية للإنجازات الإسلامية العظيمة التي تبعث الحماس الدفين وتحي الهمم الميتة من جديد ، فكل جملة منها تثير الحمية الإسلامية ، وأنا على يقين من أن أولئك السادة الذين طالعوا الرواية بعمق من أولها إلى آخرها قد امتلأت نفوسهم بالحماس ، وصاروا يترقبون التطور على أحرّ من الجمر " .
    وفي نفس الفترة ، أي النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ظهر لدينا الأديب الروائي الكبير " رتن ناتهـ سرشار : 1846م – 1903م " ، ومن أشهر رواياته " فسانه آزاد " والتي كتبها عام 1880م ، وله أعمال أخرى منها " سير كوهسار " ، و " جام سرشار " ، و " كامني اور خدائي فوجدار " وغيرها . وكان " رتن ناتهـ سرشار " يهدف من وراء أعماله الروائية هذه إلى التعبير عن الحياة في تلك الفترة
    ومن الأدباء الكبار في القرن التاسع عشر في مجال الرواية الأديب " مرزا محمد هادي رسوا : 1858م – 1931م " ، ومن أشهر أعماله روايته التي سماها " امراؤ جان ادا " ، والتي كتبها على أرجح الأقوال عام 1899م ، وله أعمال أخرى منها " افشائـ راز : 1896م " ، و " ذات شـريف : 1900م " ، و " شريف زاده : 1900م " ، و " خوني شهزادي : 1921م " ، و " اخترى بيكم : 1934م " وغيرها .
    هذا والباحث في فن الرواية الأردية في القرن التاسع عشر يلاحظ أنها لم تتبوأ مكانتها بين الإنجازات الأدبية الكبيرة ، وذلك راجع إلى أن الرواية في القرن التاسع عشر عموماً كان ينظر إليها على أنها مجرد قصة وحكاية ذات هدف معين لا أكثر ، ولذلك وجدنا " نذير أحمد " يرى أن الرواية ما هي إلا انتقاء لأحداث وشخصيات بعينها لإثبات أمر بعينه ، بينما يرى " سرشار " أن الرواية هي عمليــة خلــط للأحــداث سابقهــا بلاحقهــا بما يهيئ أسباب الضحك للقارئ ، أما " رسوا " فكان يتخذ منها وسيله للارتقاء بمستوى اللغة الأردية ، وهو ما صرح به في مقدمة روايته الأولى " افشائـ راز " حين قال : " ليس في هذه الرواية أكثر من سهولة الأسلوب وبساطة البيان ، ولم أكتب فيها ولو صفحة واحدة بقصد إضحاك القارئ حتى تؤلمه بطنه من كثرة الضحك ، وإنما كان هدفنا مختلف تماماً ، وهو أننا حرصنا على أن تكون اللغة الأردية المستخدمة فيها سلسة ، وحاولنا المحافظة على عباراتها الأدبية ، وإن كنا قد استخدمنا في الحـوار أسلــوب المحادثــة لدى الطبقــات كلهــا من أعــلاها إلــى أدناها " . ولكن " رسوا " لم يكن يهدف إلى هذا فقط ، وإنما كان يرى – على حد تعبيره هو – أن رواياته ما هي إلاّ تاريخ لعصره .
    والنظرة الفاحصة للترجمـات العربية من الرواية الأردية يجدها قليلة للغاية ، ولا تتناسب مع الإنتاج الضخم للأدب الأردي في مجال الرواية حتى في القرن التاسع عشر ، ولهذا أسباب تأخذ شكل المعوقات . وهذه المعوقات بعضها يتعلق بالترجمة عن الأردية إلى العربية بصفة عامة ، وبعضها الآخر يتعلق بالرواية الأردية ، وخاصة في القرن التاسع عشر . أما المعوقات العامة فنذكر منها :
    1 – حداثة تخصص اللغة الأردية وأدبها في العالم العربي بشكل عام ، وهو ما أدى إلى تأخير التعارف بين القارئ العربي وبين الأدب الأردي .
    2 – ندرة المتخصصين في اللغة والأدب الأردي ، وهو في حقيقة الأمر يعد نتيجة طبيعية للسبب الأول ، إذ أن وجود المتخصص مرتبط بوجود التخصص ذاته .
    3 – ضعف المستوى العلمي في التخصص ، ولهذا أسباب ليس المجال هنا لذكرها ، ولكنها في معظمها مترتبة على كون التخصص حديث في الدول العربية وعلى رأسها مصر ، فيفتقد المتخصص إلى تراكم الخبرات الذي يصل به إلى الإقبال على الترجمة وإخراجها بشكل جيد ، ومن المتوقع بطبيعة الحال أن يتوافر مثل هذا التراكم لدى المتخصصين بمرور الوقت .
    4 – عدم توفر الإمكانيات المادية لنشر الأعمال المترجمة دائماً ، وهو ما ينعكس في شكل قلة الأعمال المترجمة والمنشورة ، والتي تيسرت لها هيئة من الهيئات التي تستطيع تحمل تكلفة الطبع والنشر .
    5 – الإبداع الذي يستحق الترجمة من الأردية هو الذي يفرض نفسه على ساحة الترجمة نظراً لعدم وجود الضغوط التي تدفع إلى الترجمة عن الأردية بعكس ما نراه مع لغات أخرى كالإنجليزية مثلاً ، والتي تلقى اهتماماً ضخماً ليس مبنياً كله على تفوقها الأدبي في الغالب ، ولذلك لم يترجم من الأردية على نطاق واسع سوى إبداع الشاعر " محمد إقبال " ، والذي فرض نفسه على الساحة الأدبيــة والإبداعيــة والإسلاميـــة والإنسانيــة فــي العــالــم ، ولكـن ترى كم " إقبال " لدينا في الأردية .
    أما المعوقات التي تتعلق بالرواية الأردية بشكل عام ، وبالرواية الأردية في القرن التاسع عشر بشكل خاص فنذكر منها ما يلي :
    1 – الضخامة التي تتميز بها الرواية بشكل عام ، وهو ما يتطلب جهداً ووقتاً كبيرين ، وهو ما ليس متاحاً لأغلبية المتخصصين نظراً لقلتهم ، وانشغالهم بأعمالهم الوظيفية في التدريس بجامعاتهم ، ولذلك فإننا نجد أن معظم الروايات التي تمت ترجمتها من الأردية إلى العربية أنجزها الباحثون والباحثات في مرحلة من مراحل الدراسات العليا كالماجستير أو الدكتوراه مثلاً ، ومعظمها في الغالب يحتاج إلى مراجعة دقيقة قبل نشرها على القراء ، وذلك نظراً لأنها تمّت في مرحلة يفتقد فيها الباحث كما سبق أن ذكرنا إلى تراكم الخبرة ، بالإضافة إلى المستوى العلمي اللازم لإنجاز الترجمة باقتدار . وهذا لا يعني أننا نوجه نوعاً من النقد للترجمات التي تمت للروايات الأردية من خلال الرسائل العلمية – ماجستير ، دكتوراه – في الجامعات ، بل على العكس ، فإننا نعترف لهم بالريادة في المجال ، ولكننا في الوقت ذاته نشير إلى التطور الطبيعي الذي يحدث في أي مجال من المجالات العلمية ، سواء كان في الأردية أم غيرها .
    2 – كان الإنتاج الروائي في القرن التاسع عشر في غالبه لا يزال إنتاجاً أولياً ، ولم يكن قد وصل بعد إلى القدر الكافي من الإبداع والذي يدعو إلى ترجمته ويشجع عليها .
    3 – عدم توفر جزء كبير من إنتاج القرن التاسع عشر من الرواية الأردية لدى المترجمين في مصر ، وهو ما يمثل جزءاً من مشكلة قائمة تتمثل في عدم توفر كتب اللغة الأردية وأدبها بشكل عام في مصر بغرض البيع والشراء ، وهو مالا يمكن التغلب عليه إلا باستيراد هذه الكتب من الخارج ، أو أن تأتي في صورة إهداءات من الدول التي تتحدث بالأردية ، أو من بعض أبنائها ، والحالتان في الحقيقة في حكم النادر الذي هو في حكم المعدوم .
    4 – أسلوب الرواية في القرن التاسع عشر ، وهو يمثل أحد المعوقات الكبيرة ، إذ أن الرواية الأردية في تلك الفترة كانت تتميز بأسلوبها الصعب ، والذي يرجع إلى أن بعض من كتبوا الرواية في تلك الفترة – إن لم يكن معظمهم - كانوا من رجال الدين ، ولذا فقد اتسم أسلوبهم باحتوائه على قدر كبير من التراكيب الفارسية والعربية ، مما يجعل مهمة من يقبل على ترجمتها ليست سهلة إن لم تكن صعبة ، ولنا في روايات " نذير أحمد الدهلوي " و " مرزا محمد هادي رسوا " و " عبد الحليم شرر" المثال ، كما كانت الرواية في تلك الفترة لا تزال متأثرة بالشعر ، ولذلك وجدنا في بعضها كماً من الأشعار يجعل المترجم يتردد كثيراً قبل الإقدام على الترجمة ، وعلى سبيل المثال سنجد في رواية " امراؤ جان ادا " لـ " مرزا محمد هادي رسوا " ، والتي تعد من أفضل الروايات في تلك الفترة عدة مئات من الأبيات الشعرية ، وبالتالي فإنها تحتاج إلى مترجم متمكن وصبور تماماً لكي يستطيع ترجمة كل هذه الأبيات بالشكل الصحيح ، وبما لا يفقدها رونقها .
    5 – كثرة المصطلحات ذات الدلالة الخاصة على عادات وتقاليد معينة تحتاج إلى مترجم ماهر وملم بتاريخ وحضارة وثقافة تلك البلاد وأهلها ، وخاصة أن قطاعاً كبيراً من أهل الأردية ليسوا من المسلمين ، وهو ما يحتاج كذلك إلى شرح وتوضيح يزيد من ضخامة الرواية ، ويثبط همة من يريد نشرها ، ولذا كان أنسب مجال لترجمة الرواية الأردية بعامة ، وخاصة روايات القرن التاسع عشر هو الرسائل العلمية .
    6 – التقدير الخاطئ لبعض موضوعات الرواية الأردية لدى المترجمين ، وخاصة فيما يتعلق بالجانب التاريخي منها ، إذ يظن البعض أنه لا داعي لترجمة الروايات المأخوذة عن التاريخ العربي ، باعتبار أن الأصل لدينا ، وهم كتبوها لتقديمها إلى أهل اللغة . لكن هؤلاء يغيب عنهم أن لترجمة مثل هذا النوع من الروايات أهمية كبرى ، وذلك للاستفادة من المحاولة ذاتها في توظيف أحداث التاريخ لخدمة غرض بعينه أولاً ، وثانياً لتقييمها وتقويمها ، فقد تضم بعض الأخطاء غير المقصودة ، أو المغالطات الناتجة عن تفسير خاطئ للأحداث ، هذا بالإضافة إلى ما قد يشوب صورة بعض الشخصيات التاريخية من التغيير الكلي بسبب ما تميل إليه العقلية الملحمية في شبه القارة الهندو باكستانية من المبالغة التي قد تكون أحياناً في غير محلها ، ومن هنا فإن هناك بعض الروايات التاريخية التي نحتاج إلى ترجمتها بالفعل مثل روايات " عبد الحليم شرر " ، وروايات " مستنصر حسين تارر " التاريخية .
    7 – القصة القصيرة ، وربما صارت في بعض الأحيان من المعوقات لترجمة الروايات بشكل عام نظراً لقصرها قياساً بالرواية ، فيلجأ من يرغب في الترجمة إليها .
    وإلى لقاء آخر


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية ابراهيم درغوثي
    تاريخ التسجيل
    04/12/2006
    المشاركات
    1,963
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    د. ابراهيم محمد ابراهيم
    شكرا جزيلا على هذه النعلومات الجادة عن أدب ينتمي حضاريا لنا ولا نكاد نعرف عنه شيئا
    مع الود والتقدير لمجهودكم الكبير في التعريف به لدى قراء العربية


  3. #3
    مترجم / أستاذ بارز الصورة الرمزية معتصم الحارث الضوّي
    تاريخ التسجيل
    29/09/2006
    المشاركات
    6,947
    معدل تقييم المستوى
    24

    افتراضي

    الأستاذ الفاضل د. إبراهيم محمد إبراهيم
    شكراً جزيلاً لهذا التعريف الوافي بأدبٍ رفيع للغةٍ حضاريةٍ غنية ، و ننتظر بشغف المزيد من مقالاتك المتخصصة .

    مع فائق تحيتي و احترامي

    منتديات الوحدة العربية
    http://arab-unity.net/forums/
    مدونتي الشخصية
    http://moutassimelharith.blogspot.com/

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •