آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ترجمة قصة "سباق الخمسين ياردة"

  1. #1
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي ترجمة قصة "سباق الخمسين ياردة"

    سباق الخمسين ياردة*

    للكاتب الأمريكي ويليام سارويان**



    بعد أن وصلني خطاب معين من نيويورك في السنة التي بلغت فيها الثانية عشرة ، عقدت العزم على أن أصبح أعظم رجل نفوذا في الحي الذي أسكنه ، وكان الخطاب من صديقي ليونيل سترونجفورت ، وكنت قد قصصت قسيمة من مجلة "أرجوسى أول ستوري" ووقَّعت عليها ووضعتها في مظروف وأرسلتها بالبريد إليه ، وكتب إليَّ ردا بسرعة ، وبحماس يكاد يكون بهجة خالصة ، قائلا إنني كنت بلا شك رجلا ذا ذكاء غير عادي ، بل ربما كنت عملاقا ، وعلى النقيض من الأناس العاديين المنتشرين في العالم الذين كانوا فيما يتعلق بالقدرة على الحديث أناسا يسيرون وهم يحلمون ويعانون من أحلام اليقظة ، كنت أنا شخصا سوف يصبح في يوم من الأيام إنسانا مرموقا.

    وكان رأيه فيَّ يشبه كثيرا رأيي في نفسي ، ومع ذلك فقد كان من دواعي سروري أن يُؤيَّد هذا الرأي بمثل هذا التأكيد ، وبصفة خاصة من قِبل رجل من نيويورك ويتميز بأكبر مقاييس للصدر في العالم ، ووصلت مع الخطاب عدة صور فوتوغرافية للسيد سترونجفورت وهو لا يرتدي شيئا سوى قطعة صغيرة من جلد النمر ، وكان رجلا ضخما وادَّعى أنه في وقت من الأوقات كان سقيما. وكان محملا في جميع أجزاء جسمه بالعضلات وبدا كما لو كان شخصا يستطيع أن يرفع سيارة من طراز فورد 1920 ثم يقلبها.

    لقد كان شرفا لي أن أتخذه صديقا.

    وكانت المشكلة الوحيدة هي أنه لم يكن لديَّ المال ، ولقد نسيت كم كان المبلغ بالضبط في بداية تعارفنا ، غير أنني لم أنس أنه كان مبلغا خارج نطاق إمكانياتي تماما ، وبالرغم من أنني كنت متشوقا لأعبر عن عرفاني بالجميل للسيد سترونجفورت لما أبداه من حماس فإنه بدا لي أنني لا أستطيع أن أجد الكلمات التي أشرح من خلالها افتقاري إلى المال ، وذلك دون أن يبدو بجلاء أنني نفسي أسير وأنا أحلم أو أنني مصاب بأحلام اليقظة ، وعلى هذا ، فبينما كنت أنتظر يوما بعد يوم بحثا في كل مكان عن كلمات ليس من شأنها أن تنال من صداقتنا أو أن تنزل بي إلى مصاف عامة الناس ، تحادثت في هذا الشأن مع عمي جيكو الذي كان يدرس الفلسفة الشرقية في ذلك الوقت ، وأصابته الدهشة من طموحي الغريب إلا أنه سُرَّ سرورا عظيما ، وقال إن سر العظمة ، وفقا لليوجا ، هو إطلاق تلك القوى الحيوية الخفية داخل الإنسان والكامنة في كل البشر.

    وقال بالإنجليزية التي كان يحب أن يفتعلها عندما يتحدث إليَّ : "إن هذه القوة مصدرها الله ، ولأقُل لك يا أرام إنها لرائعة."

    وأبلغته أنني لا يمكنني البدء في أن أصبح الرجل ذا النفوذ الذي صممت أن أكونه إلا بعد أن أرسل بعض النقود للسيد سترونجفورت.

    "النقود !" ، قالها عمي باحتقار ، وأضاف : "إنني أقول لك يا أرام إن النقود لا شيء، إذ إنك لا تستطيع أن تقدم رشوة لله."

    وبالرغم من أن عمي جيكو لم يكن بالضبط رجلا ضعيفا ، إلا أنه لم يكن قطعا رجلا من نوع ليونيل سترونجفورت ، وكنت أشعر بيقين أنه في مباراة للمصارعة كان بإمكان السيد سترونجفورت أن يستخدم قبضة الطوق[1] أو ضغطة الرقبة[2] أو مسكة القدم[3] فيجعله يستسلم أو يعتصره حتى الموت ، وأيضا ، ومن ناحية أخرى ، كان يجول بخاطري أن عمي كان لا يقارن حجما بالسيد سترونجفورت ، ولكن لم يكن السيد سترونجفورت متوثبا مليئا بالنشاط مثل عمي ، وبدا لي أنه ـ على أحسن الفروض ـ فإن السيد سترونجفورت في مباراة مع عمي ، سوف يلقي قدرا كبيرا من المتاعب التي لم يعتد عليها . أعني من القوى الحيوية الخفية التي كانت دائما تنطلق من عمي ، حتى أن نظرة سريعة منه كثيرا ما كانت تجعل رجلا ضخما يجبن وينصرف ، أو يتوقف عن الكلام فورا إذا كان يتحدث.

    وقبل أن أتمكن بوقت طويل من اكتشاف كلمات أشرح بها للسيد سترونجفورت عن النقود ، جاء خطاب آخر منه ، وكان ودودا مثل سابقه ، بل في الواقع كان ـ إن كان هذا ممكنا ـ أكثر ودا منه ، وشعـرت بسـعادة غامرة وأخذت أجري هنا وهناك مطلقا القوى الحيوية الخفية ، وأخذت أتشقلب على يديَّ وأتسلق الأشجار ، وأتشقلب في الهواء محاولا أن أقلب سيارات من طراز 1920 ، متحديا كل من يحضر للمصارعة ، ومسببا إزعاجا لأقاربي وضيقا لجيراني بوسائل أخرى كثيرة.

    ولم يكن السيد سترونجفورت ليس غاضبا مني فحسب ، بل إنه قام بتخفيض تكاليف المقرر التعليمي ، وبالرغم من ذلك فإن المال الضروري كان لا يزال أكثر مما أستطيع الحصول عليه ، وكنت أبيع الصحف كل يوم ولكن تلك النقود كانت للحصول على الخبز وما أشبه ، ولبعض الوقت أخذت أستيقظ مبكرا جدا كل صباح وأطوف بأرجاء المدينة باحثا عن حقيبة صغيرة مليئة بالنقود ، وعلى مدى ستة أيام من المغامرة وجدت نيكلا[4] واحدا وسِنْتَيْن[5]، ووجدت أيضا كيس نقود لامرأة يحتوي على عدة أدوات تجميل كريهة الرائحة ، ولم أجد أية نقود ، ولكني وجدت قصاصة من الورق مكتوبا عليها بخط ينم عن الجهل بالكتابة : "ستيف هرتويج ، 3746 شارع فنتورا ."

    وبعد ثلاثة أيام من وصول الخطاب الثاني من السيد سترونجفورت ، جاء خطابه الثالث، ومن هذا الخطاب فصاعدا أصبح تراسلنا في اتجاه واحد ، وفي واقع الأمر فإنني لم أكتب إليه على الإطلاق ، فقد كانت مراسلات السيد سترونجفورت تغلبني على أمري ولم يكن من السهل على الإطلاق الرد عليها دون أن تكون لديَّ النقود ، إذ لم يكد لديَّ في الواقع ما يمكن قوله.

    وكان الوقت شتاء عندما وصلني خطابه الأول ، وحينئذ صممت على أن أصبح أقوى رجل في الحي ، وفي نهاية المطاف ـ فيما كنت أعلم ـ واحدا من أقوى الرجال في العالم ، وكانت لديَّ أفكار خاصة بي عن كيفية تحقيق هذه الغاية ، ولكن كانت لديَّ أيضا صداقة حارة واهتمام عظيم من جانب السيد سترونجفورت في نيويورك ، ووصاية روحية نشطة من جانب عمي جيكو في مدينتنا.

    واستمرت خطابات السيد سترونجفورت في الوصول كل يومين أو ثلاثة أيام طوال الشتاء وحتى حلول الربيع ، وأتذكر ، عندما نضجت ثمار المشمش بقدر يغري بسرقتها، وصول خطاب غاية في الروعة من صديقي في نيويورك ، لقد كان ترنيمة للجدة على الأرض ، وحلول وقت الربيع ، وزمن الشباب في القلب ، ووقت التجديد ، والقوة المتجددة ، والعزيمة الجديدة ، وأشياء كثيرة أخرى ، لقد كانت بحق رسالة إنجيلية بديعة ربما على القدر نفسه من روعة أية رسالة كُتبت للرومان أو لأي شخص آخر ، لقد كانت مليئة بصفات أسطورية ، وإحساس بالعالم ، وبشعور بزهو القوة مما كان يميز الأيام التي يتحدث عنها الكتاب المقدس ، وكانت الفقرة الأخيرة من الأغنية البديعة تتناول ـ في اعتذار ـ الموضوع الشائك المتعلق بالنقود ، وكان المبلغ سدس أو سبع المبلغ المطلوب في البداية ، ودخل عنصر جديد في برنامج السيد سترونجفورت لتحويلي من نكرة إلى عملاق ذي قوة جبارة وذي جاذبية مطلقة للنساء ، فقد قال السيد سترونجفورت إنه قرر أن يعلمني كل شيء دفعة واحدة أو جرعة واحدة أو شيء من هذا القبيل ، وعلى أية حال ، فقد قال إنه لقاء ثلاثة دولارات ، سوف يرسل لي بكل أسراره الثمينة في مظروف واحد ، أما الباقي فإنه يكون بيدي أنا وبيد التاريخ.

    وبحثت الأمر مع عمي جيكو الذي كان قد وصل قبل ذلك الوقت إلى مرحلة الصوم والتأمل والمشي لعدة ساعات والارتعاد ، وكنا نتناقش مرتين أو ثلاث مرات في الأسـبوع طوال الشتاء ، وكان قد أطلعني بلغته الإنجليزية المكسورة والفريدة على كل الأسرار التي كان يتعلمها هو من اليوجا.

    وقال : "أخبرك يا أرام بأنني أستطيع أن أفعل أي شيء ، وإن هذا لشيء رائع."

    وصدقته أيضا ، بالرغم من أنه كان قد فقد الكثير من وزنه ، ولم يكن يستطيع النوم ، وكان هناك بريق حاد في عينيه ، وكان يبدي احتقاره الشديد للعالم في ذلك العام ، وكان يمتلئ شفقة على الحيوانات الجميلة العجماء التي كان الإنسان يسيء معاملتها ، ويقتلها ، ويستأنسها، ويعلمها كيف تقوم بعمل الحيل.

    وقال لي : "أخبرك يا أرام أنه من الإجرام أن نجعل الأحصنة تعمل ، وأن نذبح الأبقار، وأن نعلم الكلاب القفز ، وأن نعلم القرود تدخين الغليون.

    وأحطته علما بخطاب السيد سترونجفورت.

    فقال : "النقود ! إنه دائما يريد نقودا ، إني لا أحبه."

    وكان عمي يحصل على كل معلوماته من الرف الخاص بالثيوصوفية[6] والفلسفة والتنجيم وما إلى ذلك في المكتبة العامة ، إلا أنه كان يؤمن بأنه كان يحصل عليها من الله مباشرة ، وكان قبل أن يتخذ اليوجا ، واحدا من الفتيان الذين يجوبون المدينة وكان يشرب "الراكى"[7] بكميات كبيرة ، ولكن بعد أن بدأ النور يأتي إليه ، توقف عن الشراب ، وكان يقول إنه يشرب شرابا أفضل من "الراكي" أو أي شيء آخر.

    وسألته : "وما هو ذاك ؟"

    فقال : "يا أرام ، إنها الحكمة."

    وعلى أية حال ، فقد كان السيد سترونجفورت غير ذي فائدة له ، وكان يعتبر الرجل دجالا.

    وقلت لعمي : "إنه لا بأس به."

    ولكن عمي حل به الغضب فأطلق قوى حيوية خفية وقال : "سوف أحطم رأسه ، إنه يحتال عليكم جميعا يا ذوي العقول الصغيرة."

    وقلت : "إنه لا يحتال علينا ، إنه يقول إنه سوف يعطيني جميع أسراره مقابل ثلاثة دولارات."

    وقال عمي جيكو : "أبلغك يا أرام أنه لا يعرف أية أسرار ، إنه كذاب."

    فقلت : لا أدري ، بل أود لو جربتُ هذا الأمر."

    وأعطاني عمي جيكو الدولارات الثلاث اللازمة فأرسلتها إلى السيد سترونجفورت ، وجاء المظروف من نيويورك مليئا بأسرار السيد سترونجفورت ، وكانت غريبة في بساطتها، وكانت كلها أمورا أعرفها على أية حال إلا أنني كنت على قدر من الكسل لم أعرها معه أي اهتمام ، وكانت الفكرة أن تستيقظ مبكرا في الصباح ، وأن تقوم على مدى ساعة أو نحو ذلك بعمل العديد من أنواع تمرينات الأكروبات التي وضحها بالرسوم ، وأيضا أن تشرب الكثير من الماء ، وأن تستنشق الكثير من الهواء النقي ، وأن تأكل طعاما صحيا طيبا ، وأن تستمر في ذلك إلى أن تصبح عملاقا.

    وشعرت ببعض من خيبة الأمل وأرسلت ملاحظة مهذبة قصيرة بهذا المعنى ، وتجاهل الملاحظة ولم أتلق منه شيئا بعد ذلك إطلاقا ، وفي هذه الأثناء كنت أتبع القواعد وكنت أزداد قوة كل يوم ، وعندما أقول في هذه الأثناء ، فإنني أعني أنني خلال أربعة أيام كنت أتبع التعليمات ، وفي اليوم الخامس قررت أن أنام بدلا من الاستيقاظ وملء البيت بالضوضاء وإثارة ضيق جدتي ، وكانت قد اعتادت أن تستيقظ في ظلام الصباح الباكر وأن تصيح بأنني كنت أبله عديم الفائدة ولن أصبح غنيا أبدا ، ثم تعود إلى النوم لمدة خمس دقائق ثم تستيقظ فتصيح بأنني لن أشترى أو أبيع فأحقق ربحا ، ثم تنام قليلا ، وتستيقظ فتصيح بأنه كان هنـاك ذات مرة ثلاثة أبناء لملك ، كان أحدهم حكيما مثل أبيه ، وكان الآخر مولعا بالفتيات ، بينما كان للثالث عقل أصغر من عقل طائر ، ثم تغادر الفراش وتصيح بلا انقطاع وهي تحكي لي القصة كلها بينما أقوم بعمل التمرينات.

    وكانت القصة عادة تهدف إلى حثي على أن أكون معقولا وألا أستمر في إيقاظها قبل طلوع النهار ، وكانت هذه دائما هي العظة على وجه التقريب ، بالرغم من أن القصة نفسها قد تكون عن ثلاثة أبناء لملك ما ، أو ثلاثة أخوة كل منهم ذو ثراء واسع وعادةً ذو طمع شديد، أو عن ثلاث بنات ، أو ثلاثة أمثال ، أو ثلاث طرق ، أو أي شيء آخر من هذا القبيل.

    ومع ذلك ، فقد كانت تنبح صوتها ، لأنني لم أعد استمتع بتمرينات الأكروبات في الصباح المبكر أكثر مما كانت تفعل هي ، وفي واقع الأمر ، كنت بدأت أحس بأنها كانت هراء ، وأن عمي جيكو كان على حق تماما فيما يتعلق بالسيد سترونجفورت.

    ولذا فقد تخليت عن برنامج السيد سترونجفورت وعدت إلى برنامجي الخاص الذي كان على وجه التقريب كما يلي : أن آخذ الأمور ببساطة وأن أصبح أقوى رجل في الحي دون أية متاعب أو تدريبات ، وهذا هو ما فعلته.

    وفي ربيع هذا العام أعلنت "مدرسة لونجفلو" عن عقد سباق مضمار تتنافس فيه مدرسة ضد أخرى ، ويشترك فيه كل من يريد.

    واعتقدت أن هذه هي فرصتي ، ففي رأيي سوف أكون الأول في كل سباق.

    وعلى نحو أو آخر فإن التفكير المستمر في موضوع الرياضة كان من أثره أن تحول إلى توقع هائل استمر معي آناء الليل وأطراف النهار ، حتى أنني قبل يوم سباق المضمار كنت قد جريت الخمسين ياردة عدة مئات من المرات ، وقمت بالقفز الطويل وأنا أجري وأنا أقف ، وقمت بالوثب العالي ، وفي كل سباق جعلت منافسيَّ يبدون كالعاجزين.

    وانقلب هذا النشاط الداخلي الهائل والذي كان "يوجا" خالصة إلى حمى في يوم سباق المضمار.

    وجاء الوقت أخيرا بالنسبة لي ولثلاثة رياضيين آخرين ، أحدهم يوناني ، لكي نتجه إلى العلامات الخاصة بنا ، ونستعد ثم ننطلق ، وفعلت ذلك في اندفاعة عمياء من السرعة كنت أعرف أنها لم تحدث أبدا من قبل في تاريخ الرياضة.

    وبدا لي أنه لم يسبق لإنسان حي أن ينطلق بمثل هذه السرعة ، وفي داخل نفسي كنت قد جريت الخمسين ياردة خمسين مرة قبل أن أكلف نفسي فتح عينيَّ لأكتشف إلى أي مدى تركت العدائين الآخرين خلفي ، وأصابتني الدهشة الشديدة لما رأيت.

    كان ثلاثة أولاد يسبقونني بأربعة ياردات ومازالوا ينطلقون.

    وكان هذا أمرا غير معقول ولا يصدق ، غير أنه كان من الواضح أنه الحقيقة ، ولابد أنه كان هناك خطأ ما ، إلا أنه لم يكن ثمة خطأ ، فقد كانوا هناك يسبقونني ويبتعدون.

    حسنا ، إن الأمر كان يعني ببساطة أنه على أن ألحق بهم مفتوح العينين ، فأفوز بالسباق ، وبدأت في فعل هذا ، ولكنهم مع ذلك استمروا بصورة لا تصدق في الابتعاد بالرغم مما انتويته ، وأصابني الضيق فقررت أن ألزمهم حدودهم جزاء وقاحتهم ، وبدأت في إطلاق كل القوى الحيوية الخفية التي كنت أملكها داخلي ، وعلى نحو أو آخر ، بدا لي أن هذا أيضا لم يقربني منهم وشعرت أن الحظ كان يخونني بشكل ما ، وإذا كان الأمر كذلك ، فقد عقدت العزم على أن أُخجل ذلك الذي تخلى عني عن طريق الفوز بالسباق بالرغم من هذا التخلي ، ومرة أخرى نفثت حياة وطاقة جديدتين في الجري ، ولم تكن هناك مسافة طويلة باقية إلا أنني كنت أعرف أنه بإمكاني تحقيق ذلك.

    ثم عرفت أنه ليس بإمكاني.

    فقد انتهى السباق.

    وجاء ترتيبي الأخير بفارق عشر ياردات.

    ودون أدنى تردد قمت بالاحتجاج ، وتحديت العدائين لسباق آخر بالمسافة نفسها عائدين ، فرفضوا التفكير في الاقتراح مما أثبت ، كما كنت أعرف ، أنهم كانوا خائفين من التسابق معي ، وأخبرتهم أنهم كانوا يعلمون جيدا أن بإمكاني هزيمتهم.

    وحدث الشيء نفسه تقريبا في جميع السباقات الأخرى.

    وعندما عدت إلى البيت كنت محموما وغاضبا للغاية ، وكنت أهذي طوال الليل ومرضت لمدة ثلاثة أيام ، وقامت جدتي برعايتي جيدا وربما بسببها لم أمت ، وعندما جاء عمي جيكو لزيارتي لم يعد غائر الوجنتين ، ويبدو أنه كان قد أنهى صيامه الذي دام أربعين يوما وليلة أو نحو ذلك على ما أعتقد ، كما توقف عن التأمل أيضا لأنه كان قد قارب على استنفاد الموضوع ، وعاد مرة أخرى أحد الصبية الذين يجوبون المدينة ، وأصبح يشرب ، ويسهر طول الليل ، ويجري وراء النساء.

    وقال لي : "أبلغك يا أرام بأننا أسرة عظيمة ، ونستطيع أن نفعل أي شيء."

































    --------------------------------------------------------------------------------

    * نُشرت في مجلة القصة ، العدد 54 (أكتوبر 1987) ، ص ص 118 – 126.

    ** روائي وكاتب مسرحي أمريكي من أصل أرمني ، فاز بجائزة نقاد المسرح في نيويورك عن مسرحيته The Time of Your Life وقت حياتك التي كتبها سنة 1939 ، كما فاز بجائزة بوليتزر عن المسرحية نفسها ، وتحولت روايته The Human Comedyالكوميديا البشرية التي كتبها سنة 1943 إلى فيلم سينمائي. (المترجم) .



    [1] قبضة يطوق فيها المصارع رأس خصمه بذراع واحدة. (المترجم)

    [2] مسكة يضع فيها المصارع إحدى ذراعيه تحت ذراع خصمه من الخلف ، مع الضغط بيده خلف رقبته. (المترجم)



    [3] مسكة يلوي فيها المصارع قدم خصمه. (المترجم)



    [4] النيكل : قطعة نقدية معدنية قيمتها 5/100 من الدولار الأمريكي. (المترجم)



    [5] السنت : قطعة نقدية معدنية قيمتها 1/100 من الدولار الأمريكي . (المترجم)

    [6] الثيوصوفية تعني معرفة الله عن طريق "الكشف" الصوفي أو التأمل الفلسفي أو كليهما. (المترجم)

    [7] شراب كحولي يشبه البراندي ويصنع من عصير العنب أو الحبوب ، وهذه الكلمة أصلها كلمة "عَرَق" العربية التي انتقلت إلى التركية فكانت فيها "راقي" ثم إلى الإنجليزية. (المترجم)

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية هاني بايرام
    تاريخ التسجيل
    04/12/2006
    العمر
    42
    المشاركات
    32
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    شكراً للبروفيسور و حبذا لو زودتنا بالنص الإنجليزي لتعم الفائدة على الجميع.
    تحيات طالب علم
    هاني
    حلب - سوريا


  3. #3
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأستاذ الكريم هاني بايرام

    الشكر لك على تفضلك بالقراءة.

    أما بخصوص النص الإنجليزي، فهو ليس متاحا الآن، نظرا لأنني ترجمت القصة من نصها المطبوع في كتاب ليس معي حاليا.

    لماذا لا تحاول أنت العثور على هذا النص على الإنترنت وتنشره بنفسك؟ والشكر لك مقدما.

    تحياتي.

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •