نوستـــالجيا



لم أبتعد
فلا ماء في "بئر مراد رايس"
لا ميناء ترسو فيه القصائد
لا. لا أحد
فقط بائع الأحلام
في السجائر الملغّمة
وصبايا يخلخلن أساسات الجسد،
لم أبتعد
عبرت البهجة على ريش أقدامي
إشفاقا على منام الشهيد
وأفرغت جرار الكلمات
في مدح عشاق يمضون سرّا غلى أوكارهم،
واقترفت خطيئة حبّ البلد
لم أبتعد...
قلت أمهلوني لحظة
ممّا تعدّ الشمس في دورانها
لأجتني من حقلها السرّي
لألقي بأصواتي جسورا
نحو ساحاتها،
أمهلوني لحظة
لأوحّد ألسنة الإخوة
بجي من القواميس
وسربا من القوافي
ومليون جد...
لم أبتعد
قلت أمهلوني لحظة
مما تعدّ الروح في طيرانها
لأحلّق فوق مقام الشهيد
وأنثر في الساحات:
لثغة الكلمات في شفتيها
نزق نهدها بين كفّيّ
زغبا طريّا في أكنّة طيرها
نار الملامسة الأولى
وثلج الوحدة حين تبتعد
لا. لم تبتعد...
كنّا مازلنا طفلين
علّمتها كيف تمشّط شعر الأشجار
كيف تكتب شهوة البحر
وكيف تسيل المواويل زبد...
علمتني كيف أصنع من أنفاسها غيمة
كيف يكون الماء مطلع أغنيتي
وكيف أغيب عن يديها
ولا أبتعد
لا زلت أحبو نحو ضجكتها
قد أحلّ رؤيا في حلمها
قد أغفو على تفّاحها
وقد يطردني حارس قلعتها
وقد...
قد تدخل في حلمي وتهمس
"لقانا بعد غد"
لن أبتعد.