المدن الأمريكية تجسد التعددية الثقافية والإبداع الفني


للكثير من المدن الأمريكية الرئيسية دور مهم في صياغة حياة البلد الثقافية، وكان للسكان المتنوعين إثنياً إسهامات تفوق الحصر في ما حققته الولايات المتحدة من إنجازات في مجالات الأدب والفنون الأدائية والهندسة المعمارية والمطبخ الأمريكي المميز. وهذه لمحة تبرز ملامح النشاط والتنوع في التراث الأمريكي الفني.

* سياتل

مدينة سياتل، التي يطلق عليها لقب "المدينة الزمردية"، هي أكبر مدن المنطقة الشمالية الغربية الأمريكية الواقعة على ساحل المحيط الهادئ. وقد اعتبرها المحللون في العام 2005 المدينة التي توجد فيها أدنى نسبة من الأمية في الولايات المتحدة، وأظهرت نتائج دراسة أجريت في العام 2002 أن سكان مدينة سياتل هم الأفضل مستوى تعليمياًً بين الأمريكيين.

ومدينة سياتل، التي تشكل مركزاً إقليمياً مهماً للفنون الأدائية، هي مقر أوركسترا سياتل السمفونية وأوبرا سياتل وفرقة باليه نورث وست باسيفيك. ويصف مشروع التجربة الموسيقية، ومقره في مبنى صممه المهندس المعماري الشهير فرانك غيري، نفسه بأنه "متحف مشاركة في الموسيقى." ومدينة سياتل هي أيضاً المكان الذي ظهرت فيه موسيقى الغرنج (أو الروك البديل) إلى الوجود.

وتشتهر سياتل أيضاً بمسارحها ومتاحفها وصالات العرض الفنية الكثيرة المهمة فيها، مثل غاليري هنري للفن، ومتحف سياتل للفن، وحديقة المنحوتات الأولمبية، ومتحف فراي للفن. ويمكن مشاهدة مجموعات أكثر تخصصاً في متاحف سياتل الأخرى، مثل متحف تراث شعوب شمال أوروبا الجرمانية (أي سكان اسكندنافيا القدماء)، ومتحف وينغ لوك الآسيوي، ومتحف الطيران (الذي يظهر موقع سياتل البارز في صناعة الطيران.) كما تستضيف المدينة أيضاً مجموعة من المهرجانات الإثنية السنوية ويقام فيها عدد وافر من مهرجانات واجتماعات الهنود الأمريكيين، سكان أمريكا الأصليين، التي تعرف بالبَوَّو.

* سان فرانسيسكو

تتميز مدينة سان فرانسيسكو، التي تشكل جزءاً من منطقة خليج سان فرانسيسكو الشهيرة بجمالها الطبيعي الخلاب حيث يعيش 7,2 مليون نسمة، بسكانها الكوزموباليتانيين المتحررين من النزعات الإقبيمية والمتنوعين إثنيا. وتجسد أحياؤها هذه التعددية: الحي الصيني (تشايناتاون) الذي أسس عام 1906؛ ومنطقة الإرساليات، حيث يعيش الكثير من المهاجرين من المكسيك وأميركا الوسطى؛ وحي هايت-آشبري، الذي يرتبط في الأذهان بحركة الهيبيين التي شهدتها الستينات من القرن الماضي، والذي ما زال يحتفظ حتى اليوم بنفحة من البوهيمية رغم عمليات إصلاح المباني والترقية واسعة النطاق التي أجريت فيه.

وقد ساعد تدفق الكتاب والفنانين على سان فرانسيسكو في الخمسينات من القرن العشرين في خلق ثقافة المقاهي الحديثة فيها، في حين ثبت الجيشان الاجتماعي الذي شهدته الستينات سمعة سان فرانسيسكو كمركز للفعاليات المناصرة للحركات المتحررة.

ومبنى أوبرا النصب التذكاري الحربي في سان فرانسيسكو هو مقر فرقتي أوبرا وباليه سان فرانسيسكو المرموقتين، في حين تقدم فرقة سان فرانسيسكو السمفونية معزوفاتها في صالة ديفز للموسيقى السمفونية المجاورة ويشتهر مسرح هيربست بما يقدمه من عروض موسيقية منتقاة متباينة. وما زالت القاعة المجددة التي انبثقت عن قاعة فيلمور الشهيرة تستعمل حتى اليوم؛ أما القاعة الأصلية فكانت قد اشتهرت بوصفها المكان الذي أطلق مشاهير موسيقى الروك مثل الجريتفول ديد وجانيس جوبلن وجفرسون إيربلاين في الستينات من القرن الماضي. ويلعب مسرح أميركان كونزرفاتوري دوراً رائداً قيادياً في ساحة الفنون الأدائية في المدينة في حين يستقطب متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث 600 ألف زائر سنويا.

* لوس آنجيلس

مدينة لوس آنجيلس، وهي أكبر مدن ولاية كاليفورنيا وثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة، مركز للثقافة والتكنولوجيا والتجارة الدولية. وهي تحتل المرتبة الأولى في العالم في ميدان إنتاج الأعمال الترفيهية الشعبية وقد أحرزت شهرة عالمية بفضل صناعات السينما والتلفزيون وتسجيل الموسيقى.

ومن متاحف وصالات فنون لوس آنجيلس العديدة متحف جون بول غيتي، المشهور بضخامة مجموعته من القطع الأثرية الإغريقية والرومانية والاترورية، ومتحف منطقة لوس آنجيلس للفن، وهو أضخم متحف فنون شامل غرب شيكاغو. ويتيح حوض (أكواريوم) كابريلو للحياة المائية للزوار استكشاف غرائب الأنظمة البيئية المائية الطبيعية، في حين يشاهد زوار متحف حفر قار لا بريا (La Brea Tar Pits Museum) كيفية استخراج الأحافير (أي النباتات والحيوانات القديمة المتحجرة في أديم الأرض) وتنظيفها وتحليلها.

أما جناح دوروثي تشاندلر، الذي يشكل جزءاً من مركز لوس آنجيلس للموسيقى، فهو مقر أوبرا لوس آنجيلس ويستضيف حفل تقديم جوائز أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية (الأوسكار) السنوي. أما قاعة وولت ديزني للحفلات الموسيقية التي صممها المهندس المعماري فرانك غيري بشكل مستقبلي غير تقليدي فهي مقر أوركسترا لوس آنجيلس الفلهارمونية.

* سانتا في، (ولاية) نيو مكسيكو

استوطن المستعمرون الإسبان مدينة سانتا في، عاصمة ولاية نيو مكسيكو، خلال القرن السادس عشر وتم تأسيس المدينة رسمياً في العام 1610. ويشكل طرازا الهندسة المعمارية، البويبلو وطراز المناطق الإسبانية، اللذان يستخدمان اللبن المصنوع من الطين، شاهداً على اعتزاز سانتا في بجذورها الهندية الأمريكية والإسبانية.

وقد اشتهرت مدينة سانتا في بكونها مدينة متعددة الثقافات ومركزاً للفنون، ويعيش فيها العديد من الرسامين الذين حول الكثيرون منهم مناظر المدينة الجميلة إلى لوحات فنية. ومن فناني نيو مكسيكو المشهورين، جورجيا أوكيف، التي عاشت بعض الوقت في سانتا في، والتي يعرض متحف جورجيا أوكيف في سانتا في أعمالها وأعمال الفنانين الذين عالجوا مواضيع مشابهة. ويشتمل طريق كانيون رود على أكبر عدد من الصالات الفنية التي تعرض الأعمال الفنية المعاصرة لفناني منطقة الجنوب الغربي والفنانين الهنود الأمريكيين علاوة على الأعمال الفنية التجريبية.

وقد اجتذبت مدينة سانتا في أيضاً الكثير من الكتاب، وبينهم ووكر بيرسي وكورماك مكارثي. كما أن للموسيقى والأوبرا حضوراً ممتازاً في المدينة. فأوبرا سنتا في تعتبر من أفضل فرق الأوبرا الإقليمية في الولايات المتحدة، ويتزامن موسم نشاطاتها مع مهرجان سانتا في الخاص بموسيقى الحجرة. كما تحتوي سانتا في على الكثير من المتاحف عالمية المستوى، كمتحف نيو مكسيكو للفن، ومتحف معهد الفن الهندي الأمريكي، ومتحف التاريخ، ومتحف سايت سانتا في (المكرس للفن المعاصر).

* دينفر

تشكل هذه المدينة المترامية الأطراف الممتدة على سفح سلسلة جبال روكيز في كولورادو مركزاً ثقافياً مهماً يستقطب الفنانين من جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم.

ويدعم سكان المنطقة المتسمون بالتنوع والتعددية النشاطات الثقافية من خلال منطقة المرافق العلمية والثقافية، وهي منطقة ضرائب خاصة ضمن ولاية كولورادو توفر التمويل لمنظمات الفن والموسيقى والمسرح والرقص وعلم الحيوان وعلم النبات والتاريخ الطبيعي والتاريخ الثقافي في منطقة مدينة دينفر الكبرى. وتقدم منطقة المرافق العلمية والثقافية، التي استحدثها الناخبون في العام 1988، الملايين من الدولارات المتوفرة من عائدات الضرائب سنوياً للمنظمات المحلية.

وتشكل اليوم منطقة المثلث الذهبي للمتاحف في دينفر مركز المدينة الثقافي والفني الرئيسي إذ تحتوي على متحف دينفر للفن ومكتبة دينفر العامة ومتحف تاريخ كولورادو ومسرح باليه كولورادو، بالإضافة إلى عشرات المسارح الأخرى والغاليريهات واستوديوهات الفنانين.

ويعرض متحف دينفر للفن، الذي يشتمل على جناح يتحدى الجاذبية الأرضية صممه المهندس المعماري دانيل ليبسْكِند، مجموعات رائعة من القطع الفنية التي تمثل الفترة السابقة للعصر الكولومبي ونتاج الهنود الأمريكيين وفناني الغرب الأمريكي علاوة على الفن البوذي. ويقال إن مجمع دينفر للفنون الأدائية، الذي يعرف باسم "البليكس"، هو ثاني أضخم مركز للفنون الأدائية في العالم، بعد مركز لنكولن سنتر في نيويورك.

وتستضيف مدينة دينفر في كل حزيران/يونيو وآب/أوغسطس من كل عام، مدرسة ومهرجان آسبن للموسيقى، وهو أحد أضخم مهرجانات الموسيقى الكلاسيكية في الولايات المتحدة.

* أوستن، ولاية تكساس

تطلق مدينة أوستن، بولاية تكساس، على نفسها لقب "عاصمة الموسيقى الحية في العالم" لكونها مقر الكثير من الموسيقيين والنشاطات الموسيقية. وقد دفعت أساليب حياة سكانها المنتقاة التقدمية هؤلاء السكان إلى تبني شعار "لنبق أوستن غير اعتيادية." ويفخر أهالي دينفر، كما يبدو واضحاً من هذا الشعار، بغرابة أطوارهم وتنوعهم.

وتزخر المدينة بنشاطات موسيقية حية تثير الإعجاب وفيها أماكن موسيقية يفوق عددها، نسبة لعدد السكان، ما يوجد في أي مدينة أميركية أخرى. ويتم تسجيل برنامج، أوستن سيتي لمتس، وهو البرنامج التلفزيوني الموسيقي الذي ما زال يذاع منذ مدة تزيد عن المدة التي استمر فيها عرض أي برنامج تلفزيوني أميركي آخر، في حرم جامعة تكساس في أوستن. أما مهرجان أوستن سيتي ليمتس الموسيقي فيقام سنوياً في حديقة زيلكر في أوستن، في حين يقام مهرجان الموسيقى الحضري سنوياً في شهر نيسان/إبريل، وهو نفس الشهر الذي يقام فيه مهرجان أوستن لموسيقى الرغي (التي يعود أصلها إلى جامايكا). كما تستضيف المدينة مهرجان أوستن للأفلام السينمائية وتنظم مهرجان أفلام/موسيقى/وسائل متعددة سنوياً يعرف باسم ساوث ساوث وست (الجنوب الجنوب الغربي).

وفرقة باليه أوستن هي رابع أكبر فرقة باليه في الولايات المتحدة. وتحظى فرقة أوبرا أوستن (أوستن ليريك أوبرا) بإعجاب واسع، كما أن في المدينة ثقافة مسرحية قوية.

* نيو أورلينز

نيو أورلينز، واسم التحبب الذي يطلق عليها هو "بيغ إيزي"، هي ميناء أميركي رئيسي وأكبر مدن ولاية لويزيانا. وقد اشتهرت نيو أورلينز، وهي من أقدم مدن الولايات المتحدة، بتراثها المتعدد الثقافات وموسيقاها ومطبخها.

وفي المدينة عدد من الأحياء السكنية التي يتميز كل منها عن الآخر. فيشاهد المرء في الحي الفرنسي (فرنش كوورتر) على سبيل المثال مساكن الكريول المتلاصقة بجنائنها المزهرة والمتميزة بالزخرف اللولبي المعقد بالحديد، في حين يشاهد في مناطق أخرى منازل القرن التاسع عشر الضخمة المترفة المشيدة على الطراز الإغريقي الحديث أو على الطراز الذي كان سائداً في المستعمرات الأصلية أو على طراز العصر الفكتوري، علاوة على أساليب معمارية أخرى. وتشكل المقابر الكاثوليكية الأنيقة المنمقة مكاناًً آخر يستقطب الزوار إليه.

وبين الأماكن السياحية الرئيسية في نيو أورلينز شارع بوربن الشهير، في الحي الفرنسي، المعروف بحياته الليلية النشطة التي لا تهدأ؛ وشارع سانت تشارلز (الذي توجد فيه جامعتا تولاين ولويولا)؛ وميدان جاكسون؛ وكاتدرائية سان لوي؛ والسوق الفرنسية؛ وحفلات الجاز في قاعة برزيرفايشن هول. وبين متاحف المدينة الفنية كل من مركز الفنون المعاصرة ومتحف نيو أورلينز للفن في سيتي بارك ومتحف أوغدن للفن الجنوبي. ويوجد في نيو أورلينز أيضاً عدد من الحدائق العامة المهمة، مثل دارة وحدائق لونغ فيو وحديقة نباتات نيو أورلينز.

* سانت لويس

احتلت سانت لويس مكانتها البارزة عندما استضافت المعرض العالمي في العام 1904 ودورة الألعاب الأولمبية للعام 1904. وتشتهر هذه المدينة الواقعة في ولاية ميزوري بتراثها الفرنسي والألماني وبتاريخها الفكتوري.

وفي المدينة عدد وافر من المتاحف: متحف سانت لويس للفنون، الذي يشتمل على قطع فنية من جميع العصور بدءاً بالقطع الأثرية القديمة جداً حتى الفن الحديث، بما في ذلك لوحات بريشة رمبرانت وفان كوخ وبيزارو وبيكاسو؛ ومتحف المدينة (سيتي ميوزيم)، الذي يقدم عروضاً مبتكرة، وكهوفاً اصطناعية وملعباً ضخماً في الهواء الطلق؛ ومؤسسة بولتزر الوقفية للفنون، ومقرها في مبنى صممه المهندس المعماري الحائز على جائزة برتزكر، تاداو أندو. ومن المباني التي تلفت الانتباه وتجتذب السياح أيضاً كاتدرائية سانت لويس الباسيليقية، وهي كاتدرائية كاثوليكية مبنية على الطراز الروماني البيزنطي المحتوي على جزء ناتئ شبه دائري في أحد طرفيه، وقوس غايتواي، وهو أشهر معالم المدينة.

ومدينة سانت لويس هي مقر أوركسترا سانت لويس السمفونية ذات الشهرة العالمية، التي شكلت في العام 1880. كما تستضيف المدينة سنوياً مسرح أوبرا سانت لويس ومهرجان سانت لويس السينمائي الدولي، وهو من أهم المهرجانات السينمائية الإقليمية في الولايات المتحدة. وقد ارتبط اسم المدينة منذ القدم بموسيقى الراغتايم والجاز والبلوز. ويشتمل حي المسارح فيها على مسرح فوكس، وهو أحد أضخم المسارح المحترفة في الولايات المتحدة.

* شيكاغو

شيكاغو، الملقبة بالمدينة كثيرة الرياح (ويندي سيتي)، هي أكبر مدن ولاية إلينوي وثالث أكبر مدينة في الولايات المتحدة. وهي عاصمة الغرب الأوسط الأمريكي التجارية والمالية والثقافية، وقد أصبحت منذ إقامتها معرض شيكاغو العالمي في العام 1893، من أكثر المدن تأثيراً على العالم.

ويتضح أصل سكان شيكاغو المهاجرين من خلال أسماء مناطق مطاعمها، إذ توجد فيها مناطق غريك تاون (البلدة اليونانية) وتشاينا تاون (البلدة الصينية) وليتل إيتالي (إيطاليا الصغرى) وليتل سيئول (سيئول الصغرى). كما تشتهر المدينة بهندستها المعمارية الخلابة: وتعتبر المباني المشكلة لخط أفقها من بين الأكثر ارتفاعاً في العالم، ومن ناطحات السحاب الموجودة فيها برج سيرز (أعلى مبنى في نصف الكرة الغربي.)

ويتضمن تراث شكاغو الثقافي أسلوب موسيقاها الحية المميز، المعروف باسم شيكاغو بلوز. ولدى المدينة حركة هيب هوب مهمة، كما أن مسارحها هي التي ولدت أسلوب الكوميديا المرتجلة الحديث. وتمثل الموسيقى الكلاسيكية أوركسترا شيكاغو السمفونية وأوبرا شيكاغو، اللتان تحظيان بشهرة عالمية. وفي المدينة أيضاً عدد من فرق الرقص الحديث وفرق الرقص على موسيقى الجاز بالإضافة إلى فرقة جوفريه للباليه وفرقة شيكاغو فستفال باليه. أما معهد فن شيكاغو فيحتوي على مجموعة تجسد 5 آلاف عام من ثقافة العالم، في حين يوجد في منطقة ريفر نورث في شيكاغو أكبر عدد من صالات عرض القطع الفنية المعاصرة.

* غريس لاند (في ممفيس، بولاية تنسي)

غريس لاند هي عبارة عن قطعة أرض مساحتها 5,6 هكتار ومنزل فخم ذي أعمدة بيضاء كان يملكه في الماضي المطرب إلفيس برسلي (رائد الموسيقى الشعبية الراحل الذي تأثر به وسار على خطاه الكثيرون). وعنوان غريس لاند هو 3734 جادة إلفيس برسلي في ممفيس، تنسي.

وما زالت غريس لاند، منذ تحولها إلى متحف فتحت أبوابه للزوار في العام 1982، مقصداً يؤمه الزوار دون توقف. وفي حين أن بعض غرف القصر محظورة على السياح، إلا أنه يتاح لهم التجول في غرف معينة بينها ما يعرف بالغرفة الغابة (نسبة إلى ديكورها). ويعرض في غريس لاند الكثير من ممتلكات المطرب الشخصية والجوائز التي حصل عليها والبذلات التي كان يرتديها على المسرح، كما تعرض فيها مجموعة سياراته والطائرتان اللتان كان يملكهما. وتختتم الجولة في غريس لاند عادة بزيارة ضريح برسلي، الموجود هناك.

وقد أصبح منزل إلفيس برسلي في غريس لاند الآن ثاني أكثر المنازل الخاصة اجتذاباً للسياح في الولايات المتحدة (إذ يحتل البيت الأبيض المرتبة الأولى في هذا المجال). وقد تم تسجيل المنزل والأرض في السجل القومي للأماكن التاريخية في العام 1991، وأعلنا معلماً تاريخياً قوميا في العام 2006.

* ناشفيل، ولاية تنسي

مدينة ناشفيل، عاصمة ولاية تنسي، مركز رئيسي لصناعة موسيقى الريف الأمريكية (كنتري ميوزيك).

وقد بدأ برنامج غراند أول أوبري (Grand Ole Opry)، وهو برنامج إذاعي موسيقي أسبوعي يقدم حفلات حية، في ناشفيل في العام 1925. وساعد ذلك، بالإضافة إلى صناعة النشر المزدهرة في ناشفيل، المدينة على احتلال منصب مدينة الموسيقى الأمريكية (Music City USA). وتعتبر ناشفيل، التي يرتبط اسمها بموسيقى الريف الأمريكية، مركزاً رئيسياً لتسجيل وإنتاج الموسيقى وهي مقر قاعة مشاهير موسيقى الريف (كنتري ميوزيك هول أوف فايم). وقد أصبح مهرجان ناشفيل للأفلام السينمائية، الذي أنشئ كلفتة تقر بأهمية صناعة الأفلام السينمائية الصغيرة ولكن المتنامية في المدينة، من أضخم مهرجانات السينما في جنوب الولايات المتحدة.

ومن أكثر الأماكن اجتذاباً للسياح في ناشفيل، مبنى البارثينون، وهو نسخة بالحجم الطبيعي لمبنى البارثينون (هيكل الإلهة أثينا) الأصلي في مدينة أثينا باليونان. ومن معالمها السياحية الأخرى: مركز تنسي للفنون الأدائية (وهو مقر فرقة تنسي المسرحية، ومسرح ناشفيل للأطفال، ودار أوبرا ناشفيل ومسرح باليه ناشفيل) ومركز شيرمرهورن للموسيقى السمفونية، حيث تقدم أروكسترا ناشفيل السمفونية حفلاتها الموسيقية. وفي المدينة عدد من المراكز الفنية والصالات الأخرى، بينها مركز فريست للفنون المرئية، ومتحف ولاية تنسي، وصالة الفن في جامعة فندربلت، وغاليري سارات.

* واشنطن

إن العاصمة الأمريكية التي أطلق عليها اسم الرئيس الأول للولايات المتحدة مدينة يقبل السياح على زيارتها بكثرة نظراً لنصبها التذكارية ومعالمها التاريخية ومراكزها الثقافية.

وتحتوي واشنطن على مجمع متاحف مؤسسة سمثسونيان وصالة الفنون القومية (ناشنال غاليري أوف آرت)، التي توجد فيها لوحة ليوناردو دا فنشي الوحيدة الموجودة في نصف الكرة الغربي. ومن المتاحف الأخرى التابعة لمؤسسة سمثسونيان المتحف القومي للطيران والفضاء، وغاليري فرير للفن، والمتحف القومي للفن الإفريقي، ومتحف التاريخ الأمريكي، ومتحف هيرشورن، والمتحف القومي للتاريخ الطبيعي، والمتحف القومي للهندي الأمريكي. وتتميز متاحف مؤسسة سمثسونيان والناشنال غاليري أوف آرت عن معظم المتاحف والصالات الفنية في المدن الأمريكية الأخرى في كونها لا تفرض أي رسم دخول على زوارها بل يمكن الاستمتاع بها مجانا.

ومدينة واشنطن العاصمة مكان يسلط فيه الضوء على النشاطات الموسيقية والمسرحية الحية. وهناك ثلاث مراكز ممتازة بشكل خاص هي مركز جون ف. كندي للفنون الأدائية، الذي يضم أوبرا واشنطن القومية والأوركسترا السمفونية القومية وفرقة باليه واشنطن؛ ومسرح فولجر وهو مسرح مخصص لمسرحيات شكسبير والمسرحيات المعاصرة؛ ومسرح أرينا (أرينا ستايج)، وهي فرقة مسرحة تمتاز بتشجيعها الأعمال الجديدة وإحيائها المسرحيات الكلاسيكية بإخراج جديد مثير للاهتمام.

* نيويورك

مدينة نيويورك، أكبر مدن الولايات المتحدة، مركز عالمي للنشاط التجاري والمالي، وهي المدينة ذات التأثير العالمي في مجالات الإعلام والترفيه والأزياء.

ويعتبر متحف متروبولتان للفن في مدينة نيويورك من أكبر وأفضل متاحف الفن في العالم، إذ يحتوي على قطع فنية أنتجت على امتداد 5 آلاف عام من تاريخ العالم الثقافي. وفي المدينة أكثر من ألفي منظمة ثقافية وفنية، وما يزيد عن 500 صالة فنية (غاليري) مستقلة. وتهيمن على مشهد أفق نيويورك ناطحات السحاب الشهيرة، وبينها مبنى كرايسلر ومبنى إمباير ستيت، وهما رائعتان من روائع طراز الفن القديم (أو آرت ديكو، وهو فن هندسي زخرفي شاع في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي).

وتعرف الـ39 مسرحاً التي تشكل أضخم مسارح المدينة مجتمعة باسم "برودواي." ويستضيف مركز لنكولن للفنون الأدائية في نيويورك أوبرا المتروبوليتان ذات الشهرة العالمية، وفرقة نيويورك سيتي أوبرا، وفرقة نيويورك الفلهارمونية، وفرقة نيويورك ستي باليه، ومدرسة جوليارد، وغيرها من الكيانات الفنية المرموقة. وقد نشأ الكثير من الحركات الثقافية الأمريكية، كحركة نهضة هارلم في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، في مدينة نيويورك. كما كانت المدينة مركز موسيقى الجاز في الأربعينات من القرن الماضي، ومركز المدرسة التعبيرية التجريدية في الرسم في الخمسينات ومركز موسيقى الهيب هوب في السبعينات من القرن العشرين. ولمدينة نيويورك مطبخ يجسد تعدديتها الثقافية إذ تشكل بتأثير من العدد الكبير من الجاليات المهاجرة التي تعيش فيها. وتحتوي مدينة نيويورك على الكثير من أفضل مطاعم الولايات المتحدة الراقية.
المصادر: يو إس انفو