أخي العزيز عامر
لقد طرحت أمامنا أسئلة في غاية الأهمية , واسمح لي أن أجيب عن السؤال بخصوص الحوار الجاد الذي يتلازم مع المهنية الأخلاقية بعدما وجدنا أن كثير من المثقفين العرب قد غاب عنهم مبادئ سنة الحوار التي تعتبر أولى الأوليات , وأهم المهمات لنجاح ونهضة الأمة , وإن سوء العلم بأسس وضوابط ومناهج الحوار المهني , والموازين الأخلاقية هو الذي أوقعنا فيما نحن فيه من خلافات ومهاترات وشقاقات بين أفراد الأمة الواحدة ..
بل إننا نجد كل واحد منا يريد أن ينتصر لرأيه ولهواه حتى ولو أدى هذا إلى شتم الآخرين والعلو عليهم بحجة أنه يحمل شهادة دكتوراه أو رسالة ماجستير أو أديبا وقاصا تؤهله شهادته -كما يعتقد- بالغرور والتكبر على من هم أصغر منه ..
وحين نجد المثل الأعلى لا يتحلى بالصفات الحميدة والأخلاق المهنية التي تؤهله للدعوة إلى الحوار الهادئ الرزين , وتقريب وجهات النظر فيما بين المحاورين , والسعي إلى تضييق هوة الخلاف فماذا تنتظرون منا نحن التلاميذ الذي نأمل أن نتعلم الحكمة والخبرة الحياتية من مدرستكم !!!؟؟؟...
ولكن حين نرى مسار الحوار قد أعاد توازنه الحقيقي , وبدأ يسير بالاتجاه الصحيح بالطرق السليمة التي تعتمد على الحجة والبرهان والمنطق لا يمكن لهذا المحاور إلا أن يشهد له كل من سمعه بالحوارية المهنية الأخلاقية التي تؤهله لأن يكون معلما وأستاذا كبيرا نفخر ونعتز به ...
وهناك أسس وثوابت يجب أن نتعلمها قبل أن نخوض بأي حوار من أهمها :-أن نبتعد بعد المشرقين عن الأجواء الغوغائية , ونختار المكان الهادئ المناسب للحوار
- أن نكون على علم بموضوع الحوار لأن العلم والحجة والبرهان والدليل هو شرط نجاح الحوار المهني , لا أن نأتي ونحشر أنفسنا فيما لا نفهمه لمجرد أننا نشارك ونكتب ونرد فهذا يعرضنا لعدم التقدير والاحترام والسخرية والاستهزاء ...
- أن لا نتعالى ولا يصيبنا الغرور والكبر , وأن يكون الإخلاص والصدق هو العنوان الذي نبدأ به حوارنا , وأن نتجرد من أهوائنا ونسلك سبيل العدل والإنصاف حتى مع عدونا ...
- أن يلتزم المحاور بالصدق وجرأة القول والنزاهة , وأن يبتعد عن النفاق والرياء , وأن يكون رحيما مشفقا لأن من أوليات المحاور الجاد هو السعي لإظهار فكرته بعيدا عن معاني القسوة والغلظة , لا أن يأتي لينشر العداوة والبغضاء , ويزيد من حدة توتر النقاش فيما بين المحاورين ..
وليكن هدف المحاور قول الله تعالى حينما خاطب نبيه الأميّ :
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران : 159 ]
ونسأل الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
إنه سميع مجيب
والشكر والتقدير والاحترام لكل من أضاف ردودا عبقة من أساتذتنا الكرام هنا ..
المفضلات