الفنان العربي الأمريكي الأستاذ فائق عويس قدم عملا ثقافيا عربيا تنوعيا مميزا

صدر للفنان وأستاذ اللغة والثقافة العربيتين في جامعة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا المعروف، فائق عويس، مجلد فريد بعنوان موسوعة الفنانين الأميركيين العرب، قام فيه بتسليط الضوء على 85 من الأفراد والجماعات الذين يعملون في الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام والرسم الكاريكاتيري وفن الخط والوسائط الفنية المختلطة والهندسة المعمارية وتصميم المشاهد المسرحية.

ويقول عويس في تصديره للموسوعة "إن النبذ المختصرة التي تضمنها هذا الكتاب ليست مجرد سير؛ ولكنها تسلط الأضواء على العديد من القضايا التي كان لها أثر على أعمال الفنانين وكانت مصدر إلهام لهم وأسهمت في تكوين رؤيتهم الفنية. وتضم هذه المسائل: السياسة واللغة والثقافة والهوية والاقتصاد (...) وهي أمور توفر بوابة للولوج في ثقافة العالم العربي الثرية."

* التنوع والهوية

ومن بين الموضوعات التي تناولتها الموسوعة مسألة التنوع بين الفنانين وأعمالهم، مما يجعل من التصنيفات التي تطلق على أعمالهم مثل "فن شرق أوسطي" أو "فن عربي" تصنيفات غير وافية؛ حيث يمكن أن ينتمي تراث الفنانين كأفراد إلى 22 بلدا عربيا، سواء كانوا من الجيل الثالث أو الثاني أو الأول، وكثير منهم يعتبرون أنفسهم أميركيين لبنانيين أو أميركيين مصريين أو أميركيين فلسطينيين بقدر ما يعتبرون أنفسهم أميركيين عربا.

كما إنهم يجسدون التنوع الموجود داخل العالم العربي نفسه، سواء من حيث العقيدة أو الانتماء إلى مجموعات سكانية غير عربية كالكلدانية والآشورية والكردية والأمازيغية والأرمنية التي تشعر بالانتماء إلى الثقافة العربية.

ويفيد عويس أنه، ضمن هذا التنوع، يرتبط العديد من الفنانين ببعضهم البعض عن طريق الاهتمام بمواضيع ومخاوف متشابهة. وأحد هذه المواضيع هو الهوية، أو ما يصفه عويس "بفن الشتات العربي". وكما هو الحال في كثير من الأحيان بالنسبة للأجيال المتعاقبة من المهاجرين من أجزاء عديدة من العالم، يصارع الفنانون الذين تم تسليط الضوء عليهم إحساساً بأنهم ينتمون إلى ثقافتين. ويستشهد ببيت في قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش، حيث يقول: " أنا من هناك. أنا من هنا ولستُ هناك ولستُ هنا".

كما يستشهد عويس أيضا بعبارة البحاثة والكاتب إدوارد سعيد الشهيرة :" إن الثقافة الغربية الحديثة هي بدرجة كبيرة من نتاج المهاجرين واللاجئين والذين يعيشون في المنفى".

وبشكل لا يمكن تجنبه، يهيمن النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وكذلك الصراعات الدائرة في لبنان والعراق غيرهما من الأماكن، بشكل مضخم على أعمال الكثيرين. ويقول عويس إن "الفنانين الأميركيين العرب يتناولون في أعمالهم أيضاً قضايا العدالة الاجتماعية، بما فيها الهجرة (...) وحرية التعبير وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والعنصرية والتمييز".

* فنانون معروفون ومجهولون

تسلط موسوعة الفنانين الأميركيين العرب الضوء على فنانين معروفين ومجهولين سواء في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم. ومن بين المشاهير سام معلوف مصمم الأثاث الذي فازت أعماله المميزة في فن النجارة والنحت الخشبي وصنع الكراسي الهزازة التي اشتهر بها بجائزة مؤسسة ماكارثر للأعمال الإبداعية التي تعرف بشكل غير رسمي بجائزة العبقرية. (راجع مقالة حرفي الخشب سام معلوف الـ91 من عمره ولا يزال يعشق هذه المهنة).

وهناك حالياً معرض رئيسي لأعمال رسام اللوحات الزيتية والصور الزيتية الجدارية، سري خوري (1941 إلى 1997)، الذي ولد في القدس وهاجر إلى الولايات المتحدة وهو في سن المراهقة، يقيمه المتحف الوطني للأميركيين العرب في مدينة ديربورن، بولاية ميشيغان الأميركية، حتى نهاية نيسان/إبريل المقبل.

إلا أنه يوجد أيضا فنانون آخرون، وكثير منهم من النساء، ولكنهم نسبيا غير معروفين لدى قطاعات أوسع من الجمهور، وغالبا ما يعملون بوسائل التعبير الفني غير التقليدية.

فكاترين الطوخي المولودة، في ولاية رود آيلاند، رسامة وفنانة أدائية، تنظر إلى أعمالها على أنها تمثل التعامل مع هويتها كامرأة وكأميركية مصرية من الجيل الأول. وقد كتبت في بعض أعمالها مثل "ظل صور بحجم الحياة الطبيعي" تقول: إن هناك شبكة كثيفة من الذكريات التي تشكلت في مخيلتي بسبب الانطباعات التي خلفتها مصر لدي. وهذه كلها تتسرب بطريقة ما إلى أعمالي مثل: ضوء وألوان الصحراء، وقع اللغتين العربية والقبطية، والتوتر الذي لا يصدق بين التقليد والتغيير."

أما هند المنصور، المولودة في المملكة العربية السعودية، فقد حصلت على درجة الدكتوراه في الإعلام قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة لتحترف الفن. وهي تصف أعمالها قائلة إنه تمثل "الأماكن المغلقة التي ترمز إلى أحلام ورغبات المرأة". ويقول عويس في موسوعته إن سما الشيبي، التي تمتلك موروثا عراقيا وفلسطينيا، تستخدم الصور المركبة التي تؤكد على "نقاط التقاطع بين ثقافاتها العراقية/الفلسطينية والعربية/الأميركية والإسلامية/المسيحية."

كما تتناول الموسوعة أيضا عدداً من المنظمات الفنية التجريبية، ومن بينها بيت جماعة الفنانين اللبنانيين، ومقره في لوس آنجليس، والآخرون: جماعة الفنانين العرب ومقرها في ديترويت.

* فائق عويس

عويس هو فنان استحق هذا اللقب بجدارة. فهو، بالإضافة إلى كونه أستاذاً في جامعة سانتا كلارا في سيليكون فالي بكاليفورنيا، خطاط ويمارس فن التصميم. ويعتبر مرجعاً في مجال الخط العربي كشكل من أشكال الفن ومؤلف "دليل الجيب الصغير في مبادئ الخط العربي" الذي صدر في عام 2005.

وقد وضع تصميمات ملفتة بالخط العربي تزين مدخل المتحف الوطني للأميركيين العرب وقبته. وقد تعاون عويس أيضا مع فنانين آخرين في رسم صور جدارية في سان فرانسيسكو احتفاء بحياة العرب وثقافتهم، بما في ذلك جدارية ثقافية فلسطينية في مركز الطلبة التابع لجامعة ولاية سان فرانسيسكو (سان فرانسيسكو ستيت يونيفرستي).

ويقول عويس في مقدمة الموسوعة إنه "في حين تتجذر الأعمال الموجودة في هذا الكتاب، جزئياً، في ثقافة الأميركيين العرب، فإنها أيضا تخاطب الجماهير في شتى أنحاء العالم حول القضايا العالمية في شموليتها المنوّرة والمثقفة.

وهناك المزيد من المعلومات التي يمكن الحصول عليها بالرجوع إلى موقع فائق عويس،

وموقع المتحف الوطني للأميركيين العرب.

وموقع: فنون -- إعادة صياغة الأفكار والتعبير عن الهوية.
المصادر: يو اس انفو - واشنطن