هل أنت مفكر؟!


جعل الله عز وجل العقل مناطاً للتكليف وحمْل الأمانة وتبليغ الرسالة، والتفكير هو أداة العقل التي تعطي الإنسان مكانته المتميزة بين المخلوقات، وتيسر له الاعتبار من الأحداث واليقظة من الغفلة، فبالتفكير يستطيع الإنسان تدبر ما يهمه من أمور، ولذلك فقد ازدادت أهمية دور المفكرين العرب والمسلمين وعظمت مسؤوليتهم، خاصة في هذه الظروف العسيرة التي تتعرض فيها أمتنا إلى هجمة شرسة تستهدف ثقافتها ووجودها.

والمفكر هو المثقف الذي يحمل رسالة، ويمتلك رؤية، ويتزود بثقافة ومعرفة حقيقية، ويفهم حقيقة الواقع والتحديات التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية، ويحدد أهدافه بوضوح، ويبصر سبيله، ويُبشر بمشروع تغييري إصلاحي.

والمفكر هو صاحب قضية، ولديه طموح إيجابي، ولذلك فهو يتفانى في تحقيق أهدافه، لمصلحة مجتمعه وأبناء شعبه ودينه. ويسعى المفكر دائماً إلى تخطي حدود الزمان والمكان لتحقيق المعاني الإنسانية في العالم، دون تقيد بجنسية أو قومية، ولذلك يجهد نفسه ويبذل ما في وسعه لتغيير مجتمعه إلى الأحسن، عبر تحقيق التجانس والتوافق في مجتمعه ومد جسور التفاهم والتحاور مع الثقافات الأخرى، لينقل إليها رسالته معتزاً بدينه وثقافته بغير إفراط ولا تفريط.

والمفكر الإيجابي الفاعل هو الذي يتميز بتجانس فكره وثقافته مع أهدافه وسلوكه، فالثقافة هي منطلق أهدافه وطموحه وليس العكس، وهي حصن متين لهويته ووجوده، فلا هوية بدون ثقافة ولا وجود بدون هوية. والمفكر لا يغير ثقافته بحسب ما تمليه عليه مصالحه وظروفه، وهو ليس من يجمع في عقله أصناف المعرفة والمعلومات أو الذي يحوز الألقاب والمناصب والشهادات، فالثقافة لا تتحقق بمجرد المعرفة، فالذي يميز المفكر السلبي الخامل عن المفكر الإيجابي الفاعل قدرته على التفكير كوسيلة للنقد الاجتماعي بهدف إصلاح المجتمع والنهوض به.

فهل أنت مفكر؟!

وللمفكرين دور عظيم في إنقاذ الأمة من التخلف والجمود والانطلاق بها نحو نهضة شاملة تعيد لها مجدها ومكانتها الريادية بين الأمم، لتحمل الأمانة وتؤدي الرسالة.

ولذلك على المفكرين المساهمة بجدية وفاعلية في عملية إعادة تشكيل وعي الأفراد والشعوب، وإزالة الران عن القلوب والغشاوة عن الأبصار والآذان، وإيقاظ العقول من سباتها، لتنتقل الشعوب من حالة الجمود والسلبية إلى الإيجابية والفاعلية.

لقد حان الوقت لمواجهة موجة جديدة من التحديات التي تحتاج إلى حركة شاملة تؤدي إلى تجاوز أمتنا للمأساة، وتنطلق بها إلى أداء رسالتها تجاه الإنسان والكون، في عصر ازداد فيه ظلام الحضارة الغربية، التي أشقت الإنسان وأباحت إنسانيته، فأصبح حقل تجارب لأصحاب الأيديولوجيات الشيطانية.

مقتطفات من مقال نشرته في 2005 باسم د. محمد الغزي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

تحية منطلقة!