نعي مطران الموصل
أيها العراقيون النجباء...
أيها العراقيون الشرفاء...
أيها العراقيون المسيحيون...
يا أحفاد تاريخ الإنسانية...
لقد سقط اليوم نجم من سمائكم مضرجا بالدم، وما أنتم بسفاكي الدماء، أو الساعين إلى عروش الأرض الزائلة. لقد سقط اليوم شهيد المحبة والسلام والأخوة بين أطياف المجتمع العراقي، وما أحوجكم إلى رجالات المودة والسلام في مثل هذه الأيام العصيبة في تاريخ العراق الحزين والمكلوم والمغلوب على أمره من أمثال المرحوم المطران بولص فرج رحّو. لم أخسر رئيسا لطائفتي الدينية، وحسب، بل فقدت صديقا عزيزا إلى نفسي وعائلتي. والمطران بولص فرج رحّو الذي رفض مساومة جسده بمليوني دولار قبل التضحية، وهو سعيد بقراره، كان يعلم بأن الدولارات ستقتل آخرين من بعده، سواء مسلمين أم مسيحين، يزيديين أو صابئة، لا فرق عنده، والجميع من عرفه عن كثب يعلم هذا جيدا. من ندين ونلوم على هذه الفاجعة، والفواجع التي سبقتها؟! لقد شبعنا من الإدانات وردود الفعل السياسية الفارغة. لست رجل سياسة، ولم أحلم يوما بأن أكون سياسيا، ولكن من حقي أن أستغرب كمثقف عندما يصرح دولة رئيس الوزراء نوري المالكي قبل أيام بما معناه أن في اختطاف رجال الدين وقتلهم وتفجير الكنائس والمساجد، دون تمييز، هو عنوان قوة العراقيين واتحادهم. بالله عليكم، تأملوا هذا الكلام.
أيها الأخوة...
لو حدث ما حدث لأحد أئمة المسلمين الكبار، لا سامح الله، فماذا ستنطلي عليه ردود فعل الشارع العراقي؟ تخيلوا فقط ما الذي سيحدث في كربلاء والنجف، مثلا. وبالمقابل، لن يحدث شيئا في الموصل وقراها المسيحية سوى الابتهال إلى الله وطلب المغفرة والراحة الأبدية للشهيد المطران في تظاهرة سلمية.
أيتها الزميلات، أيها الزملاء في الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب وفي كل مكان من أرض المعمورة......
تحتم علي الواجب أن أكتب شيئا عن المرحوم بصفتة صديقا لي وللعائلة قبل كل شىء. ولأنكم أصدقائي، أردت أن تشاركوني أحزاني وأحزان مسيحيي العراق ومسلميه ومواطنيه من ديانات أخرى، وأن تشجبوا الأيادي الأثيمة، مهما كانت نواياها وهويتها، التي اغتالت سيادة أسقف الكلدان في الموصل، المرحوم بولص فرج رحّو.
نسألك، يا الله، أن تسكن الفقيد فسيح جناتك، وأن تجعل من دم الفقيد الطاهر نورا يضىء درب العراقيين جميعا إلى بر الأمان. ومن التراب إلى التراب، يا ابن آدم، ونحن اللاحقون. نم قرير العين في مثواك، فشهادتك لن تذهب هباء، بإذنه تعالى، وإن الفرج قريب لا محالة.
صديقك وابن رعيتك،
البروفيسور دنحا طوبيا كوركيس
الأردن في 13 آذار 2008
المفضلات