اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ مصطفى الهادي مشاهدة المشاركة
اشكركم استاذي العزيز إنما كان قصدي من السئوال هو الاحاطة به من جوانبه ، وقد ورد شبيه ذلك عن ابي هريرة كما في قوله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. رواه البخاري كتاب احاديث الانبياء

وروى الطبراني في الكبير عن أمامة: يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، وعقله الذي يعقل به، فإذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته، وإن استنصرني نصرته، وأحب ما تعبدني به النصح لي).
ودمتم
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (البقرة 165)

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران 64)

وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (المائدة 116)

فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (الأعراف 30)

اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (التوبة 31)

وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (النحل 20)

وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (مريم 81)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (الحج 73)

مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت 41)

الأستاذ الشيخ مصطفى الهادي،

في مداخلتكم الأولى نقلتم إلينا حديثا وصفتموه بأنه حديث قدسي بقولكم: "قوله تعالى في الحديث القدسي: عبدي اطعني تكن مَثَلي تقل للشيء كن فيكون"، ويبدو أنكم قلتم هذا الكلام على عواهنه نقلا عن مصدر غير موثوق، لأنكم لو بحثتم عن هذا الحديث في مظانه لما وجدتم شيئا، ناهيك عما في هذه المقولة من مخالفة عقدية واضحة.

وقد بينت في ردي أن هذه المقولة وما شابهها من عبارات يتم دسها (زورا وبهتانا) أو تنسب (من دون وجه حق) إلى بعض شيوخ الصوفية، الذين يقدسهم أتباع الطرق الصوفية إلى حد التأليه، وربما تم رفع هذه المقولة إلى الله سبحانه وتعالى، وتم وصفها على أنها حديث قدسي من قبل الذين يقولون "قال الشيخ" ولا يقولون "قال الله"، لاعتقادهم أن كل ما يصدر عن شيخهم من أقوال أو أفعال إنما هو صادر عن الله سبحانه وتعالى والعياذ بالله.

الحديث القدسي اصطلاحا هو ما رفعه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الله تبارك وتعالى. ويقال له: (الحديث القدسي) ويقال له (الحديث الإلهي) ويقال له أيضاً: (الحديث الرباني). ومناسبة وصف هذا النوع من الأحاديث بذلك التكريم لها، لأن الأحاديث القدسية تدور معانيها غالباً على تقديس الله وتنزيهه عما لا يليق به من النقائص.

لذلك أرجو الانتباه، والتأكد من أصل النصوص التي ننقلها، وخصوصا إذا قيل أنها أحاديث نبوية أو قدسية، والأفضل عدم نقلها من دون أسنادها.

ينبغي على المسلم المؤمن أن يكون متيقنا من أن الله سبحانه وتعالى حق لا يرضى إلا بالحق، ولا يأمر إلا بالحق والعدل، وأنه لا يأمر بمعصية أو ظلم أو باطل وينهى عنها، وأنه لا يجير صفات الألوهية إلى أحد من خلقه، لأنه لا إله إلا الله، ولأن "لا إله إلا الله" هي الركن الأول من أركان الإسلام.

لقد أتى الرسل عليهم صلوات الله وسلامه بالمعجزات وبالكرامات، لكنهم لم يأتوا بها بإرادتهم المجردة بل بمشيئة الله وبأمره وبإذن منه.


قال تعالى:

وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (الإنسان 30)

وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (التكوير 29)

وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ ... (الكهف 24)

وأما تقرب العبد إلى الله إلى حد أن يكون مستحقا لحب الله فيصبح مستجاب الدعاء ويكون الله سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها فهذا ليس على إطلاقه وإنما هو مشروط ومقيد بالعدل وبالحق وبتنزيه الله رب العالمين، ولا يصل بحال من الأحوال إلى درجة أن يقول البشر للشيء "كن فيكون" لأن هذه إرادة الله، وإرادة الله مطلقة بلا قيد ولا شرط.

قال تعالى:

"وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (آل عمران 49)

فشتان بين "كن فيكون" التي تعني التصرف بالكون وبكل شيء، وبين هداية البشر إلى الخير، واستجابة دعائهم بالخير، وجعلهم بإذن من الله لا يسمعون إلا خيرا، ولا يرون إلا خيرا، ولا يعملون إلا خيرا، ولا يسعون إلا إلى الخير.

إن "كن فيكون" والتصرف بالكون والخلق والإفناء من القدرات المخصوصة بالخالق سبحانه وتعالى، ولا تنبغي لبشر، فإذا ادعى أحدهم بأنه يقول للشيء كن فيكون، فهو ادعاء باطل لا أصل ولا صحة له، لأنه يعني مشاركة الله في ألوهيته ومزاحمته عليها. وإن من يدعي من البشر أنه يقول للشيء "كن فيكون" لا يختلف بشيء عمن يسأل الله أن يجعل منه إلها والعياذ بالله


قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (فاطر 40)

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (الإسراء 111)

... مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (الكهف 26)

وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ...(الكهف 52)

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (الفرقان 2)

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (الأعراف 33)

قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (يونس 34)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

هدانا الله وإياكم لما فيه الخير، والله الموفق،

منذر أبو هواش

.