الاخوة الأعزاء،
قاعدة أن الضمير يرجع لأقرب مذكور ليست قاعدة مضطردة
ولا مطلقة، والأحوط والأصوب أن نقول أن الضمير يعود إلى
أقرب مذكور ما لم يمنع منه مانع، وما لم تقم قرينة على غير ذلك،
وما لم يرد دليل بخلاف ذلك.
وقد ذكر الألوسي مسألة الخلاف الوارد في عودة الضمير في لفظي
(تعزروه وتوقروه) من قوله تعالى: لتؤمنوا بالله ورسوله
وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً
حيث أجمع العلماء كافة على أن الضمير في (تسبحوه)
يعود إلى الله سبحانه وتعالى من دون شك ولا خلاف،
لأنه لا يجوز تسبيح لغير الله، وأن تَسْبِيح الله سبحانه
فيه وجهان: بِالتَّنْزِيهِ لَهُ مِنْ كُلّ قَبِيح، وبفِعْل الصَّلَاة الَّتِي
فِيهَا التَّسْبِيح. " بُكْرَة وَأَصِيلًا " أَيْ غُدْوَة وَعَشِيًّا
بينما قال بعضهم أن الضميرين َُتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ يعودان إِلَى رَسُول الله
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لتوهمهم أن التعزير لا يكون له سبحانه وتعالى
ومنهم الضَّحَّاك الذي قال َأن تأويل َ(تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)
يعني تَدْعُوهُ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّة، لَا بِالِاسْمِ وَالْكُنْيَة.
لكن القول الأرجح للعلماء أن الأَولى أن يكون الضميران
(تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) لله تعالى أيضًا؛ لئلا يلزم فك الضمائر من غير ضرورة
وهذه المسألة تدخل في باب تنازع قواعد الترجيح في المثال الواحد الذي نصه:
إذا كانت عودة الضمير إلى أقرب مذكور تؤدي إلى تفكيك النظم من غير ضرورة
فلا تلزم هذه العودة، ويكون الأولى أن يعود الضمير إلى أول مذكور
وقد أيد القشيري ذلك وقال فيه: أن الضمائر الأخرى تعود كلها إلى الله تعالى،
وأن تأويل (تعزروه وتوقروه) يعني أن تثبتوا له صحة الربوبية،
وأن تنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك.
والله أعلم، تحيتي واحترامي
منذر أبو هواش
المفضلات