[

size=4]كنوزٌ من طين 3 -[/size]( من الأدب الحِثـي )


د. شاكر مطلق


قبل قرنين فقط من زمننا الحالي ، لم تكن الإمبراطورية الحثية ، وعاصمتها " حتّوسا " – قرب مدينة بوكازكوي التركية - قد اكتشفت بعد .
وصلتنا منها لوائح بأسماء ملوكهم الذين أعطيت لهم فترات حكم خيالية ، لا يمكن الاعتماد عليها طبعاً ، فعلى سبيل المثال حكَم ملِكان منهم فقط ، فترة 43 ألف ومئتي عام ، كما حكم الرّب ، " الراعي " ديموزي - تموز " ، سومري الأصل ورمز " عقيدة الخلود والبعث المتجدد " ، فترة 36 ألف عام ...الخ .
هذا ناهيك عن أن التواريخ التي بين أيدينا هي تواريخ تقريبية أيضاً ، ومع ذلك فإننا نعرف ، من خلال الدراسات المقارنة والرسائل ، التي وصلَتنا على ألواح طينية – رُقَيْمات -أو على أختام مسطحة أو أسطوانية ( * ) ، عن وجود ملوك عِظام من تلك الحقبة ، ومنهم الإمبراطور العظيم " شوبّيلولِـيوماس - Suppiluliumas " الذي يوصف في الغرب بـ " حمّورابي " الحثيين ،بسبب تشريعاته العظيمة، وكان لقبه " لابارناس – أي العظيم " .
بعد وفاته استلم الحكم ابنه الملك " أرنو فانداس الثالث – Arnuwandas III " – 1334 – 1335 ق.م- ( كل التواريخ اللاحقة هي قبل الميلاد ) . هذا الملك توفي بعد عام فقط من حكمه بسبب الطاعون ، وخلَفه بالحكم أخوه ، الابن الثاني المدعو :
" مورزيليس الثاني ( مُورشيلي ) – 1334 – 1306 . وعلى الرغم مما وصلنا عنه من أخبارٍ كمحارب عظيم مثل والده ، إلاّ أنه كان رقيقاً ، شاعرياً وشاعراً ،برغم ما عنده من صعوبة في النّطق .
من تراتيل هذا الملك أقدم ترجمة – عن الألمانية - قمت بها منذ أكثر من ربع قرن ، لما يعرف بـ " قصائد الطاعون " ، وهي من بدايات الأدب الحِثّي ومن ذروته أيضاً.
( * ) – تطرقتُ إلى هذا الموضوع بإسهابٍ في عملي الضخم ، الموثق بمئات صور الأختام من مجموعتي الخاصة ومن مصادر عالمية موثوقة ،الموسوم بـ " الأختام الأسطوانيّةُ فنٌّ وتوثيقٌ " الذي عملت عليه لأكثر من 27 عاماً ، والذي لم يصدر بعد على الورق مطبوعاً، برغم اتصال جهات مرموقة في الوطن العربي معي لهذا الشأن ، الذي شاع خبره على الشبكة ، بعد أن وصل إليها بصورة غامضة ونُشر باسمي ، كاملاً ، وأخالها جهة رسمية لديها نسخة منه على قرص مدمج ، ولا أدري لذلك تفسيراً آخر .


ترجمة عن الألمانية – د. شاكر مطلق:
صلَوات الطّاعون


يا إله الطقس الحِثـِّي
يا سيّدي
وأنتِ أيّتها الآلهةُ
التي هي سيّدتي
إن الأمر كذلك :
يُذنبُ المرءُ
وكذلك أَذنبَ أبي أيضاً
وتَخطّى كلمةَ إله الطّقس الحثّي
الذي هو سيّدي
غير أنني لْم أُذنب في شيءٍ
ولكنّ الأمر هكذا
خطيئةُ الأب تَنـتقِـلُ إلى الابنِ
وكذلك جاءت إليَّ خطيئةُ أبي
غير أنني اعترفتُ بها
إلى إله الطّقس الحثّي
الذي هو سيّدي
وإلى الإلهة
التي هي سيّدتي أيضاً
الأمْرُ هكذا
لقد قمنا بذلك
ولأنني اعترفتُ بخطيئة أبي
فليلطّـِفْ مشاعرَه إلهُ الطّقس الحِثـّيِّ
الذي هو سيّدي
والإلهةُ التي هي سيّدتي
ولتكنْ لطيفةً نحوي
ولتطردْ الطّاعونَ من بلاد حِثّـي .

أيتها الإلهةُ التي هي سيّدتي
والتي تريد الثّأر لدم ( تودْهالـِِيَاس ) .
الذين قتلوا ( تودْهالِـيَاس )
دفَعوا ضريبةَ الدّماءِ
وأيضاً بلادُ حثّـي
أَفـنَـتها ضريبةُ الدّماء هذه
وبذلك نالت أرضُ حثّـي
ما عليها من جزاءٍ
ولأنّ جزاء الدّمَ جاء إليّ الآنَ
فسوف أقوم مع كلّ عائلتي
بالوَفاء به
بتقديم البَديلِ ( التّعويض )
وطـَلبِ الغُفرانِ
والإلهةُ التي هي سيّدتي
سيهدَأُ خاطرُها .
أعيدي عطفَكِ إليَّ
أيتها الإلهة ، التي هي سيّدتي
وسوف أَظهَرُ أمامَكِ
ولأنني أُصلّي إليكِ
استجيبي إليَّ
لأنني لْم أفعل شرّاً
ومن أولئك الذين غابوا
وفعلوا الشُّرورَ
لْم يبقَ أحدٌ منهم
لأنهم أمواتٌ
وبما أنّ مسألةَ أبي جاءت إليّ
اُنظري
فسوف أقدّم لكِ
أيتها الإلهةُ
التي هي سيّدتي
من البلدِ الذي جاءَ ه الطّاعونُ
سأقدّم عطاءاتِ الغفران .
اطردي من قلبي الألمَ
وأمّا من روحي
فانزِعي الخوف َ...
+++++++++++++
ملاحظة:
الترجمة الأولى التي قمت بها عن الألمانية ، نشِرت في دراستنا المنشورة في " مجلة البحث الـتاريخي " الصادرة بحمص العدد 3/1984 وفي كتاب ( ندوة حمص الأثرية والتاريخية الأولى ) 11 / -1984 .
في الترجمة الحاليّة - مطلع 2007 - أجريتُ بعض التعديلات الطّفيفة على بعض الصّياغات التي بدَت لي أكثرَ دقّةً ، فاقتضى الأمرُ التّنويه .
( د. شاكر مطلق )


الملك الحثّي " موفاتالي " - 1306 – 1282 – هو ابن الملك " مورزيليس الثاني ( مُورشيلي ) – 1334 – 1306 – صاحب قصائد الطاعون - ، وهو الذي حارب الفرعون " رعمسيس الثاني " وانتصر عليه في معركة " قادش " الشهيرة بالقرب من مدينة " حمص " السورية ( للمزيد : انظر المرجع عن دراستنا حول الموضوع أعلاه ) ، هذا الملك كان قد أصدر أمراً بضرورة بدء الصلوات بتمجيد إله الشمس ، وليس إله الطقس الحثي ، وهذه الترجمة تكشف عن مدى تأثير عبادة الشمس المصرية وبخاصة عند الفرعون " أخناتون " في المعتقد الحثي ، كما أننا نلمَس من خلال النص التالي التشابه القائم بينه وبين نشيد الشمس عند " أخناتون " .

إلهُ الشّمسِ السّماوي
راعي البشر
أنتَ تصعدُ من البحرِ
يا " إله الشمس السّماوي "
تصعدُ وتجولُ في السّماءِ .
( يا ) " إله الشمس السّماوي " ، يا سيدي
ابنُ الإنسانِ ، الكلبُ ، الخِنزيرُ ، وحيوانات الحقلِ البريّةِ
تَنطِقُ ( أنتَ ) بالعدلِ ( بينهم ) ،
- يا إله الشمسِ -
يوماً تِلو يومٍ .
====================
" ورد النشيد هذا كاملاً ، ضمن مجموعة من الأناشيد الفرعونية ، التي نشرتها في " واتا " ويمكنك العودة إليها هناك .
---------------------