بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله يحق الحق ويزهق الباطل, والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة, القائل:" لقد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي الا هالك " صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, مصابيح الدجى, وشموس الهدى والعرفان, الذين تطهروا من دنس القبائح والرذائل, وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: ففي زحمة الأحداث, التي يشهدها العالم السلامي, من التشتت, والتمزق, والجهل بأحكام الشريعة الغرّاء.. وفي غياب العلماء الناصحين, المتفقهين في الدين, المتمكنين من علوم الشريعة.. تنطلق أصوات منكرة (مأفونة) تدعوا الى مقارفة الفاحشة والرذيلة, باسم الدين وباسم الاسلام.. وتحت ستار الحفاظ على الفضيلة.. وذلك بترويج هذه الاشاعة الكاذبة "زواج المتعة" وأنه نكاح شرعي يقرّه الاسلام.. فيه تحصين لأبناء المسلمين من الوقوع في "الزنى" ومقارفة الفاحشة!!
نكاح المتعة ليس طريقا للعفة ، لأن الشخص المتمتع, يقضي وطره مع المرأة, لبضعة أيام, او لبضع ساعات.. فكيف يحصن نفسه من الفاحشة والشهوة فيه متجددة؟ هل كلما اشتهى الجنس, جدد عقد النكاح على فتاة ليستمتع بها؟ أليس في هذا هتك لأعراض الفتيات!؟ ان الشهوة في الرجل متأججة, ولا يطفئ نيرانها الاستمتاع بالمرأة لساعات, أو لأيام, وحتى لسنوات, فكيف يزعمون أنه بلسم وعلاج لتحصين الشباب؟
ما الفارق بين أن يزني الشاب بفتاة, وبين أن يعقد معها عقدا مؤقتا, لمدة يوم أو يومين, أو أسبوع أو أسبوعين؟ ثم يمضي بعد أن ينال شهوته, ويحقق هدفه, خفيف الظل, هانئ البال, ولا يفكر أحملت منه هذه الفتاة, أم حملت من غيره؟ وبمن سيلتحق هذا المولود؟ أليس هذا جناية على المرأة, والضحية فيه انما هو هذا الطفل الذي تولّد في الأحشاء؟
نكاح المتعة محرّم في الشريعة الغرّاء, بالنصوص القطعية التي لا تحمل الشك والجدل.. وما يثيره البعض من القول بحلّه, فانما هو محض سفه وجهل وبهتان.. ولهذا أجمع المسلمون_من أهل السنة والجماعة_ على تحريمه دون تردد.. وانما أباحه شرذمة الرافضة, الذين لا يدركون مقاصد الشريعة الغراء, ولا يعلمون ما يترتب عليه من مفاسد ومصائب_لو عقلوها لكانوا أول المنادين بتحريمه_ ولما كان بين أحد من المسلمين, من يرفع عقيرته بالقول بحله, فضلا عن ترغيب الناس فيه والتشجيع عليه!! ويكفينا أن نعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نص على تحريمه, في محفلين عظيمين, من أشهر المحافل, في جمع غفير من أصحابه, ليكون التحريم قاطعا باتا, على رءوس الأشهاد, هما: يوم غزوة خيبر ويوم الفتح الأكبر "فتح مكة". حدث هذا وتكرر, لينبه صلوات ربي وسلامه عليه, على عظيم خطر هذا الدنس والرجس, الذي يشجع عليه بعض المبتدعة اليوم, ويصورونه بصورة "نكاح شرعي" أباحه الاسلام, وما هو الا أخو الزنى وشقيق السفاح .
يقول العلامة الألوسي في تفسيره روح المعاني عند قوله تعالى (محصنين غير مسافحين) أي أعفّاء غير زناة , وفي الآية اشارة الى أن القصد من الزواج ليس مجرد قضاء الشهوة, وصب أوعية المني, فبطلت بهذا القيد المتعة لأن المقصود المتمتع, ليس الا ذاك, دون الارتباط الشريف بالتأهل, أي التزوج, والاستيلاد, وحماية العرض... ولذا نجد المرأة المستمتع بها, في كل شهر تحت صاحب, وفي كل سنة بحجر _أي حضن_ ملاعب, والاحصان غير حاصل في امرأة المتمتع, غير الناكح. تفسير روح المعاني 57.
وما أجمل ما قاله الامام جعفر الصادق من أئمة أهل البيت حين سئل عن نكاح المتعة, فقال هو الزنى بعينه!! ألا فليهنأ الناكحون للمتعة, والمشجعون عليه, بهذا الرجس والدنس, الذي ينادون به, ويفخرون بأنهم يطبقون الشريعة الغراء, ويكرهون الفاحشة والبغاء, وهم غارقون في أوحال هذه الرذيلة!؟
تحريم المتعة في خيبر حين فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر, والدليل على تحريمه ما رواه البخاري ومسلم عن "علي بن أبي طالب " رضي الله عنه قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر, وعن أكل الحمر الأهلية. أخرجه البخاري في كتاب المغازي, باب غزوة خيبر 7481, وفي النكاح باب نهي النبي عن نكاح المتعة أخيرا, ومسلم في النكاح رقم 1407, والترمذي 1121 باب ما جاء في تحريم المتعة, والنسائي 6125 ومالك في الموطأ 2542 تحريم نكاح المتعة.
والذي يلفت النظر, أن راوي الحديث المحرّم لنكاح المتعة هو "علي بن أبي طالب" من أهل البيت, رضي الله عنه وأرضاه, فكيف يزعم اباحته من ينتسب الى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية الترمذي عن علي بن أبا طالب رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء, وعن لحوم الحمر الأهلية, زمن خيبر. سنن الترمذي 3430 وقال حسن صحيح.
وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "انما المتعة كانت حلال أول الاسلام.. كان الرجل يقدم البلدة, ليس له بها معرفة, فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم.. فتحفظ له متاعه, وتصلح له أشياءه, حتى اذا نزلت الآية (الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين) قال ابن عباس : (فكل فرج سوى هذين فهو حرام) سنن الترمذي 1122 باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة. يريد ابن عباس أن المنكوحة لمتعة, ليست بزوجة حقيقية, لأن الزواج يجب أن لا يحدد له مدة, فهو زواج مؤقت, وليست مملوكة بملك اليمين, والله عز وجل انما أباح الزوجات والمملوكات بملك اليمين, فيكون زواج المتعة محرما وباطلا.
فاذا كان هذا قول ابن عباس في نكاح المتعة, فكيف ينسبون اليه أنه كان يبيح مثل هذا النكاح.وهو يعلن أن نكاح غير الزوجات والمملوكات المسترقات حرام وباطل؟ قال الترمذي: وما روي عن ابن عباس من الرخصة في المتعة, رجع عنه, حيث أخبر عن النبي بتحريمه.سنن الترمذي 3430
المتعة هي الزنى المقنع وهنا نتساءل: من منا يرضى أن يزوج ابنته أو أخته ليوم أو يومبن, أو ساعة أو ساعتين, أو أقل من ذلك أو أكثر؟. أليس هذا ما يشابه الزنى, حتى ولو كان هناك عقد وشهود؟.
ما الفرق بين أن يزني الرجل بامرأة مرات, برضاها وبموافقتها, وبين أن يعقد عليها عقد زواج ليلتين أو ساعات؟. أليس هو الزنى المقنع تحت ستار الفضيلة, والبعد عن الفاحشة؟ والأنكى من ذلك والأخزى, أن يحمل معه باسم الدين "شهادة شرعية" على أنه عقد شرعي, يبيحه الاسلام, وتقرّه الأديان!!. يا للعار والشّنار!! يا للخزي والمهانة!! أرأيت لو أن أحدا من الناس, جاءك يريد أن يعقد عقد الزواج على ابنتك لبضعة أيام, أو لشهر, تصفعه على وجهه بيدك, وتطرده من منزلك؟ لأنه لص أعراض, لا يريد الزواج, وانما يريد قضاء الشهوة!!. فكيف نقول: ان نكاح المتعة لأيام أو لساعات "عقد شرعي" يتفق مع مقاصد الشريعة الغرّاء؟ أليس هو الفاحشة بعينها؟ والله تعالى يقول:" ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا".
الرسول هو الذي حرم المتعة وليس عمر ومن هذه النصوص الي أوردناها, يتضح لنا بجلاء, أن الرسول عليه الصلاة والسلام, هو الذي حرم المتعة وليس عمر بن الخطاب, كما يزعم المرجفون,حيث يقولون: كانت المتعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة, وعمر هو الذي حرّمها, ولا يعتد بتحريمه انما بتحريم الرسول!!. ونقول لهؤلاء المفترين على شريعة الله: ألا تكتفون بالنصوص الصريحة, الواضحة القاطعة, على تحريم الرسول لنكاح المتعة؟ وعلى اجماع السلف والخلف على تحريم هذا النكاح!؟ اذا كان الرسول قد أعلن تحريمها على رؤوس الأشهاد في "خيبر" ثم يوم "فتح مكة" فكان ذلك تجديدا وتأكيدا لتحريم هذا النكاح, فكيف يتجرّأ أحد بعد ذلك أن يقول: أن عمر هو الذي حرّم نكاح المتعة؟. فالأحاديث الصحيحة الصريحة, قاطعة بتحريم نكاح المتعة, وصرّح صلى الله عليه وسلم بأن ذلك دائم الى يوم القيامة, كما ثبت في صحيح مسلم. "فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا" النساء 78. وكيف يجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحريم, ثم يقول الرافضة: ان المتعة جائزة, وحكمها ثابت بالسنة, هل يجتمع كل الصحابة الكرام على جهل مثل هذا الحكم الخطير؟. ان في اباحة نكاح المتعة عدوانا على شريعة الله, وردّا لأحاديث سيد المرسلين, واستحلالا للفروج بالحرام .
قال تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } وَقَالَ : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ } [ إلَى قَوْلِهِ ] : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ }
فارشد الذين لا يستطيعون الزواج لقله ذات اليد ان يتزوجو ما ملكت ايمانهم ومن عجز حتى عن ملك اليمين امرة بالصبر ولو كانت المتعة حلالا لأرشد إليها سبحانه .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ولو كانت المتعة حلالا لما امر الرسول صلى الله علية وسلم الشباب بالصوم لكان قال لهم اذهبو وتمتعو بالنساء وحاشا له ذالك .
استدل الرافضة المبيحون لنكاح المتعة, على جواز هذا النكاح, بأدلة ساقطة واهية, هي أوهى من بيوت العنكبوت, "وانّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون" العنكبوت 41.
وسوف نقوم بإذن الله بتفنيد شبهاتهم بأقوال اهل العلم وأقوال آل بيت رسول الله .
المفضلات