الَّرمَــــــــــــادِيّ
أوُســــقوط النـــظام!

(خطران يهددان العالم :
النظام والفوضى !)
انتونان ارتو

(1)
كرةٌ مضيئةٌ
تدورُ حول كرةٍ مطفئةْ!.

في سديم هيوليِّ في طريقِِ المجراتِ أوغبارِ المداراتِ؛
قبل أن تفقسَ آلهةِ الليلِ بيضَها الملكيَّ فوقَ قشِ الكواكبِ ،
في زمانٍ قلَ أن يُدركهُ الوصفُ ، أو تمسكهُ لغةٌ راعفةٌ أو سياجْ ؛
عن قوةٍ قادرةٍ تتربصُ بمشيئةِ الكونِ ؛ وتنفجرُ كالرعدِ على سماءِ أسراره
في أقانيمِ الضوءِ , وأقنانهِ السيدةْ ؛
في غبشِ الرؤيا ووضُوحِه ـ مُنْتَصَفِ نهرِ الخرافةِ -الحقيقةْ
في هيولِ البلاغةِ ؛ ونثرِ فخارِها الذهبيِّ :علي خزفِ "الكلماتِ" ـ مستودعِ الثورِ
في أرخبيلِ السماواتِ ، وخطايا الأرضيينِ :
كان يُقِّلبُ كتابَ الحياةِ ، وينهبُ أسرارِها
يتمردُ على ربقةِ القيدِ ، وسلالةِ الطينِ
يرىَ مالا يُرى، ويقطفُ في آخرِ الليلِ : تفاحةَ الجاذبيةْ!.

كمركبةٍ فضائيةٍ يعبرُ أُفقهُ الرماديَّ
يدورُ كقمرٍ اصطناعيٍّ وفي فلكِ ألامسِ والغدِ
يمخرُ عتمةَ الغيبِ البعيد ويكشفُ مجاهيلهَ
ويؤسسَ – علي غيرهِ – مملكةَ الصحوِ والحقِِ
وله " الأرضُ" شاردةً في خِياراتِها الاخيرة /الاولى
يضعُ "النورُ " ، على كفهِ ويهيلُ الترابَ عليه .

عن طوالعِ أيامهِ السبعةِ , وأبراجِها المعلقةِ
يُلقي نَردَ "الحظِ على رحىَّ الحلوِ والمرِ
ويبحثُ عن مفاتيحَ أقمارهِ الشاردةْ ،
وينهبُ _من مغارة الشعر - لؤلؤ الحكمةِ وكنوز النبوءة ؛
يُنهي – في مركزِ الكونِ – معاركَ فادحةٍ _لم تنه بعدُ
ويهبطُ من السماء السابعة مضرجاً بمسكِ "المحاربِ"
وشهوةِ "الكاشفِ " : إلى شفرةِ اليابسةْ !.

ساطعٌ مثلَ قنديلٍ مباركٍ، يشعُ علي ملكوتٍ لا نهائيِّ
يتعرفُ عليه مثخناً بجراحٍ نبيلةٍ، لا تسكُنَها "العادةُ" أو يُبْرئُها النسيان !.
باخعٌ صوتَه علي صدأٍ دائبٍ لا يدومْ ، وله شهوةَ الرفضِ -القبول
لزرائبِ البشرِ العائدينَ ؛ من ارقِ الانتظارِ وعَرْقِ المعيشةْ !.
ومن هلاكٍ لا يُفْنىَ أو يُستحدثُ ؛ يطرحُ روثَ الحاجةِ في حظائرِ الميتينَ،
يهدمُ حوائطَ العالمِ القديم وأقفاصهْ ،يحفرُ " للحقيقةِ " سجناً فسيح
تُعذبهُ غربةِ"الأخـرِ" الذي فيهِ فيفتحُ شُباكَه على مسرحِ إنسان حرٍ
يغترفُ جُنحةُ خطيته الاولى ويموت عاى صليب الخلود /الحياة !.

كرةٌ مضيئةٌ تدوُرُ حوْلَ كرةٍ مطفئةً
عند أبوابِ مدينتهِ يتفقدُُ" الرمـاديُّ رعايا ه
يصطادُ الفضاءَ الرحيبَ يتنطسُ أسرارهَ
ويشتغلُ وحيداً بتأمل الكون
ومواجهةِ "الطبيعةِ" و"الَله" و"الكائناتْ" ! .

(2)
"من عرقِ يديِّه يأكلُ الخبزَ "ويمشي خفيفاً في الأسواقْ ؛
يديرُ بوصلة الوقتِ ؛ باتجاهِ سيادةِ المعنىَّ وسيرتُه ،
ويريدُ أن ينجلي الليلَ ليشغلَ حيِّزَ الفراغِ بمرائي السماء والأرض ،
يشدخُ –بالثأرِ-صمغَ " المكانْ" قاتلاً أو قتيلْ ! .
صعدَ للربِ دُخَانَ قربانهِ لكنهُ اعزلٌ ألانَ يتوهمُ الغربةَ
ويتوهجُ في اللين والشدِّةَ إنسانا يتوكأُ عصاةَ خطيئتهِ
تطاردهُ الطبيعةُ وتلاحقه العناتْ !.
كان لا يفصلُ خطوتُه عن هواجسهِ الشاسعةْ
خلفهَ حبقٌٌ ، من الأمنياتِ الحبيسةِ في غسقِِ الروحِ ،
خلفهُ غربةٌ وقطيعٌ من الصبواتِ الشهيدةْ !
يظلمهُ مَنْ لا يدخُلَ جنتهُ ،مَنْ لا يقرأَ انتهُ،
مَنْ لا يقطفَ في الحُلمِ : كوابيسهُ النائمةْ ! .

ربما وهو يهبطُ من أبراجِ تفكيرهَ
كان قمينا به أن يبحث عن صوتهِ من بينِ أصداءٍ كثيرةٍ ؛
ان يشحذُ مديتهُ – في مواجهةِ العصرِ ويُشهرهَا في فراغِه ،
ان يعبرُ أطلالَ "الأوائلِ" ، ليستطيعَ ما يأتيه الآخر، من ثمار "الأخيرِ"
ربما ليكتشفُ جزيرةَ "النصِ" طافيةً علي قدميهَا كان لزاما عليه :
ان يحنُ إلى غرقِ الماءِ في الماءِ يهجرُ اشواقهُ ، ولايتقدمْ ! .
مقدما كان يحسنُ "الكرَ" و"الفرَ" ويتدحرجُ عليه ككرةِ الثلجِ ؛
"كلمَا استدارتْ على نفسها : استطالت "
"هنــاكَ حيث يذهبُ إلى سيرةِ الليلِ وحيداً فتحضرُ أعراسَ تمردَّه أمامهُ
إذ يجهلُ ما يستطيعَه الموتُ – "العشاءِ الأخيرِ"

ربمَا ولكي تسلمَ جرةَ آلامه كان عليه :
ان يستطلعُ عجائبَ العالمِ وأسراره ؛ ان يؤسسُ من غرائبِها علاقاتَه
ان يتخبطُ – كانسانٍ عاديٍّ بين قطبِ " الضلالِ " ،وقطبِ "اليقينْ ".
شاخصاً بقلبِه صوبَ رجلٍ اخضرُ الظلِ يمتصُ منه عُرْيَه
يُعطيه من ذاته اكثر من ذاتِه ويُسَميِّه بإسمِ آلهةِ المحبةِ :
ظلا وضوءٍ شاردٍ و إطارْ ! .
هكذا كان في آخر الزمان غريبا يحجلُ بالسرِ العظيمْ
ويوقظَ في بؤرةِ الكونِ نارَ براكينِه الهامدةْ ،
يستشرفُ القديمْ ، ويحفلُ بالمعطياتِ الجديدةِ ! .

(3)
خارجٌ من شرائعَ ما يُحدِثُ يُهَشِّمُ " الرمـادي " سقفَه
ليقيسَ في مجاهلِ التيِّه سماءَ أغلاله ! .
كم هي "الوحدةُ " مغريةٌ بالتأملِ
يمحُو ما بهِ ،ليكتب أغنيةَ المرحلةْ :
(من حالقٍ ؛ من سماءٍ قصيةٍ
ينهضُ كوكبٌ في سديمِ الدجىَ ،
" إنسانٌ كاملٌ " يقهرُ أوجاعهْ
يشتريِّ جنَة فاضلةٍ في ممالكِ "القـلبِ" ،
يبذرُ "الخيرَ" و"الحبَ" في الناسِ
يفتحُ له الفجرِ أبوابَ السكينة،
ويرتعُ في ملكوتِ الرضَا واليقين!.
"إنسانٌ كاملٌ" يعرفُ أوجعَه
يحيا نقياً وحراً من كل قيدٍ
يشعلُ في كل ناحيةٍ أسئلةً
حواس تحبلُ بالمعجزاتِ
وتسطعُ بالأمنياتِ الكبيرةْ ! .)

خارجٌ من وحلِ ما يحدثُ
بات يُلقي وصاياه الأخيرةَ في النلس
ويمشىِّ في جنازته مخفورا بالعيونِ الصديقةِ !.

(4)
وكمَا يبسطُ الفجرُ الآه ؛ في فضةِ النهرِ
ينفذُ " للطفلِ" الذي كأنهُ ذات يوم؛ يتسقطُ أخبارَه ،
فتنهشهُ رعشةٌ ملساء ،يلونُ منها بالوناتٍ وأخيلةَ ومرايلَ زرقاءْ ! .
نبياً يدخلُ علي أطيافِ المحبةِ، ويخرج على الناس إنسانا لايمل
- "أيتها الذكرياتُ اطرحي ثماركِ الناضجةِ عليه
انثريهِ قربَ مقاصفَ أقرانه دمعة تطمحُ أن تستحيلَ إلى وردةٍ في كتابْ
اطرحيهِ ثماراً ليعودَ كما كان طفلامبللاً بالبراءةِ والطهرِ يعجنُ طينِ مواعيدهِ ،
ويشكلَّها كالرغيفْ " !.

شاخصاً قلبه صوب ماضٍ – حاضرٍ ،
يُودعُ فيه خبيئةَ إصغائهِ
ملياً يطيلُ الوقوفَ عليه ملتهباً بالحواسِ الدقيقةِ
ملتهياً بالدقائقِ تسرعُ فيه وتبطئُّ
متهماً بالخروجِ عليه ………وا ل ج ن ونْ !.


(5)
قطعةً… قطعةً ، يخلعُ " الرمـادي " سراويل شهواتِه
يتقدمُ "العقلَ" ملكوتَ صبوا تَه
فيحيكَ المقالبَ " لنساءِ صغيراتْ "
فاجأهنَّ الغرامَ قربَ حُمرةِ القطنِ ،
فذُبنَ وطارت عصافيرهنَ من الوجد
فأجهضنَ أحلامهنَ النبيلةَ ؛
ولاقينهُ واجفاتِ تحت "عمودِ نورْ"!.

عندَ شرخِ الشبابِ كان يرىَ زُرقةَ البحرِ
ويسمعُ همسَ السماءِ يدركُ فتنةَ "الجسدِ" وإغوائه
لكنه كن يأوي لوجودِ عامرٍ بالنوايا البريئةِ والقصدِ
يحنُ إلى أنوثةِ "القلبِ"
ويذهب ُ إلى ألفةٍ فاخرة ؛تُذهبُ عنه بياتَ الشتاءَ ،
يتعظُ بالغيرِ من شرِ نفسِه ، ولا يقربَ فاكهةَ الآخرين ! .

ملاكٌ يمرُ
يحملٌ حرمانهٌ فضيلةَ الزهدِ إذ يتحوقلُ
في أوجِ "الرغبةِ"،بتمتمةِ الأولياءِ والصالحينِ ،
في ارتجاجِ الردفِ وإستدارةِ الصدرِ
يتشاغلُ بالفرار الفز إلى كوكبِ إمرأةٍ
تؤنسُ مباهجِ "الطلحِ" مفاتن حنائها
عنقاء تتمددُ على عمرهِ كله
إمرأةٌ خضراءَ تصلحُ للسريرِ والمؤانسةْ ! .

ملاكٌ يمرُ
كان يسرحُ مغامرةَ "العادةِ" ،
ويصومُ – عامداً – عن الفعلِ
لاهثاً خلفَ وعولِ أحلامهَا
يدينُ لها بفضل كبيرٍ
ويسهرُ – حتى انبلاجِ الصباحِ
في وهجِ "الروحِ" وجمرُ "العاطفةِ" ! .

(6)
لقاراتهِ الخمسْ،
يدخرُ للعالمِ : كنوزَ الهوى والمودةْ
لأصفياءَ رافقوه، عندَ منعطفِ الزوابع والأعاصيرْ
ثمَّ لم يعودَ كذلك !.
مهاجرٌ فيهمْ أو إليهم ،
يقشرُ "الوحدةَ " كالبرتقالةِ ،ويرى فيما يرىَ النائمِ :
( البطاريقَ -الموجَ المتلاطمِ – – ونجمةَ البحرِ )
يرى ما لايراه الجميع !.

(7)
من عُريِّ هذا العصرِ ؛ ومن غيه الفاحشِ ،
من عواءٍ صارخٍ فى ألوهيةِ "المادةِ" وقُدسيةِ " الروحِ"
من حوارٍ نيءِّ؛غيرَ قابلٍ للتداولِ أو صالحٍ للنشرِ
يوغل في اكتشاف ضلالِ المذاهبِ وغلوائِهَا
في إصطراعِ الحضاراتِ بأضدادهَا
يغسلُ عقلُه عن كل شيٍء
ويدخلُ ناصعاً كما الثلجِ في معيِّة الله !.

في الأرضِ كان ، أو في السماءِ
يجرُ السؤالُ عليه وبال السؤالْ :
( فلماذا لكي يحددَ موقفهُ من "العـالمِ" علية دائماً
أن ُيُنهى تحركَه للأمامِ ويتلفتَ – كاللصِ – في كل الجهاتْ !.
لماذا كي يرى كل وجوه الحقيقة كان عليه أن يتكرَّعَ من مرهِا ،
أن يمزقَّ أغلالهَا أن يعكفَ علي الرصدِّ البصير، ويمعنَ في شهوةِ المغامرةْ !.)

وحيداً كان يُجادلُ الريحِ ، يفلسفُ الدنيا علي كيفه ،
يُغوضُّ بنيانهَا ، ليعيدَ تخليقهَا من جديدْ !.
وله من الوقتِ متسعٌ ليشغلَ دقائقَ لحظاتِها بالتأملِ
يهفوْ - لكي يتداركَ أخطاءهَ ، يدخلُ للحقِ من بابِه
يعدُ عصفورةَ البرقِ المضاءةِ يترقبُ " ساعةَ الصفرِ"
ويثبتُ في ساحةِ المعركةِ !.

"لليسارِ" مزقَ حُجبَ الغيبَ _الاصيل
إلا انه لم يكنهِ ، نزقاً وضلالاً ؛
و" لليمينِ" أخذَ الأجرَ
ونفذَ ألي ينابيع أقدارهِ القاهرة
( يسارٌ يمينٌ … يمينٌ يسارْ
طاشتْ كلَّ سهامِ الخليفةِ عنه
وجرَّتْ عليه فرائسُ الخلائقِ وبالَ المآلِ !.)

وحدهُ كان ـ "بالعقلِ المدبرِ "
يحطمَّ زيفَ الوجودِ وأقفاصه…يقيسُ الحياةِ بآماله ،
ويؤنسُ بطيبةِ "القلبِ" صروفَ الحياةِ الضنينة!.

من زيفِ هذا العصرِ ومن غيِّه
يسحقُ زيغِِ "المقـدسِ"
يُعطي عُريَّ "القناعاتِ"
بلباسَ الرضَا القبول !.
ينامُ ملءَّ أجفانهِ حين يصحو ،
ويصحو ليملأَ غفلةَ الكونِ بالانتباهْ !.


و( الرمــاديُّ )
عدو التشابهِّ والمواريثِ الثقيلةِ ،
والويلُ الذي أضرمَ نارهُ
في هشيمِ الخرافةِ ، وتركةِ الكوابيسِ !.
أنا / هو :………………………….
يقدحُ مرأبَ " الروحِ "
في جحيمِ المسافةِ -جمرَ المُعا ش !.
و" الرمــاديُّ" : إحتفالٌ اخيرٌ لتحالفِ ( الضوءِ) و (الظلِ ) ،
عصرٌ تولدهُ التضحياتُ الجسيمة وعصرٌ تتقدمهُ المعجزاتْ !.)

هو/ أنا : مصعبَ الرمــاديَّ
رجلٌ يمددُ "أسـمه" في شروعِ الكتابةِ ،
يُروضُ خيولَ المطلقِ اللامتناهيِّ ،
يؤرخُ للكونِ قصتهُ الأذليةْ ،
يمدُ الدلاءَ الطويلةَ صَوْبَ "بئرِ المكانْ " - الزمان،
ثمَّ لا يلتقي بأحدْ !.

(9)
ملطخٌ بأوهامِه الجميلةِ؛ يُرتبُ "العالمَ" تحتَ أصابعِه
خفيفاً بلا جُنحةٍ أو غُرورٍ ،يدنسُ براءةَ "الورقـةِ "بالحبرِ
ويختالُ مثقلاً "بالرؤيةِ " البكرِ ؛ والأخيلةِ المُلهمه !.
يفضُ العلاقاتَ التي تربطُ الشيءَ بالشيءِّ ،
يدخلُ متاهةَ الكتابةِ حراً وينعىَ " شجرةَ البلاغةِ "
التي أثمرتْ في مطرِ الغربةِ عكسَ ما يشتهى .،
بالحرصِ والألفةِ – ذاتها يخوضُ مغامرةَ الوعيِّ الصديقِِ
يؤلفُ بين السؤالِ وأضدادهِ نازفاً فضاءَ أفكارهِ :
بإسمِ غدٍ – حاضرٍ قدْ يكنُه ، وبإثمِ سؤالٍ حارقٍ لم يُجِبْهُ ،.
يبشرُ دائماً بانمحاقِ فجرِ "الثبـاتِ"ويُعلنُ :
" عن صعودِ عصرِ التحولِ ، وسـقوطِ النظامِ !.

وليسَ له أن يُيبدد تاريخُه كُله
في مساجلةِ وجود فراغٍ مثل هذا
لذلك فهو يرقىَّ إلى مرتبةِ المجدِ ،
" فرد " واحد مختبيءٌّ فى " الجماعة "
يوقنُ بحقيقةِ الفنِ وانتصارهِ فى النهايةِ
ويوغلُ في "جمالِ الصناعةِ" - كمـالَ الكلامْ !.
الرؤيَا : مِفْتَاحَه إلى دالةِ"الرمـزِ"
والقوافيِّ : نزيفهَ الذي يَذُوبُ كالشمعةِ في حنانِ الظلامْ .
والمعانيِّ : أقاصيِّ السماواتِ البعيدةِ مشردةً في براري الكتابةِ
وملقاةً وحدها في الطريقِ !.


بعدَ غليلٍ ، سيسطوُ عليه ، علية قابعٌ في أولِ السطرِ
يُهزرُ بما ليسَ يُدركُ ، ويفيضُ بما لا يُقالْ .
لأعدائهِ أن يَمْتَحِنُوا رهافةَ أعماقهِ
وللأصدقاءِ عن يُهتكوا خبيئةَ أسرارهِم النائمة !.

(10)
ملكٌ للفضاءِ الفسيحِ يتجولُ في وضحِ الليلِ
حمامةٌ محترقةُ الريشِ تعلو على سيرةِ الجُرحِ -الصديقِ
وبرتقالةَ الأزمنةِ المستعادةِ و تفاحةُ الروحْ !.
متحداً بالشعر والغناءِ الرهيفِ ،وباخعٌ نفسَه علي المحوِ والنسيانِ !.
لملاكٍ جميلٍ يحط‘ علي كَتِفْيِّه ،
وهو : (لاكما الفراشات الملونة تحليقه
ولكن كما القُبرَاتِ يفلتُ من قيودِ الخرائطِ والأمكنةْ .)


بمثقالَ ذرةٍ من "الشـرِ" ،
بالوجودِ الأصيلِ الذي يفتكُ بالرثاثةِ والزيفِ ،
يستدرج‘ الغوايةَ إليهِ ، ويشرح‘
فوائدَ الفتنةِ والفرحُ المستباحْ !.


هكذا كان ملكٌ كما شاءَ له الليل – أن يصطفيهِ!.
في إتخاذِ التحررِ رمزاً
يريدُ للأرضِ أن تحدُ من دورانِها ،و للنهرِ أن يُغَيِّرَ مجراهُ
يناطحُ "الصخرَ" ، ويُفَتِّتُ بنيته
و الرمـاديُّ سجينُ زمانٍ آخرٍ غيرَ هذا
يكتبُ اشعارهُ فى كرةٍ مضيئةٍ ، تدورُ حولهَا كرةٌ مطفئةْ
معلقٌ بينَ ابراجِ السماواتِ واقطارَ الأرضِ
يحملُ اقداره بينَ يديِّه و يُودعُ كل أسراره في جيناتِ اللغة !.

يوليو 1998 – أغسطس 2002م
الخرطوم – القضارف