الشكر الجزيل للأخ نذير على عرضه لأدلته (مع أنه تجاهل الإجابة على بعضها تساؤلاتي). التعاون والحوار بين الإخوان المسلمين والشيعة معروف منذ أمد بعيد, والقرضاوي هو استمرار لهذا الخط. لا أشكك في النوايا الحسنة لهؤلاء العلماء, سواءاً إخواناً كانوا أم غير ذلك, وبحثهم عن نقاط التلاقي بين الفرق الإسلامية جهد مشكور, وإن شاء الله يجدون الأجر على ذلك يوم القيامة.
دليل حديث الوحدة الإسلامية:
جاء في البخاري ومسلم (واللفظ للبخاري): ابنِ عُمَرَ أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ الناسَ حتَّى يَشْهَدوا أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللّهِ، ويُقِيموا الصلاةَ، ويُؤْتوا الزَّكاةَ. فإذا فَعَلوا ذلكَ عَصَموا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهُم إِلاّ بِحَقِّ الإِسلام، وحسابُهم عَلَى اللّه»
جاء في صحيح مسلم: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهٰذَا حَدِيثُ ابْن أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللّهِ فِي سَرِيَّةٍ. فَصَبَّحْنَا الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ. فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً. فَقَالَ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله. فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذٰلِكَ. فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : «أَقَالَ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله وَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفا مِنَ السِّلاَحِ. قَالَ: «أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ: أقالها أم لا»، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ، فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا وَالله لاَ أَقْتُلُ مُسْلِما حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ. قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله} (الأنفال الآية: 39) فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ. وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ.
جاء في صحيح البخاري: عن أبا سعيدٍ الخدريَّ يقول: «بعثَ عليُّ بن أبي طالبٍ رضيَ اللَّهُ عنه إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ اليمن بذُهَيبةٍ في أديم مَقروظٍ لم تحصَّلْ من ترابها، قال: فقسمَها بين أربعةِ نفر: بين عُيينَةَ بن بدرٍ، وأقرعَ بن حابِس، وزيدِ الخيلِ، والرابعُ إما عَلقمةُ، وإما عامرُ بن الطفَيل. فقال رجلٌ من أصحابِه: كنّا نحنُ أحقَّ بهذا من هؤلاء. فبلغَ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تأمَنوني وأنا أمينُ من في السماء، يأتيني خبرُ السماء صباحاً ومَساءً؟ قال: فقام رجلٌ غائرُ العَينين، مشرِف الوَجْنَتين، ناشز الجبهة، كثُّ اللحية، مَحلوق الرَّأس، مشمَّر الإِزَارِ فقال: يا رسولَ الله اتَّقِ الله. قال: وَيلَكَ! أَوَلستُ أحقَّ أهلِ الأرض أن يتَّقيَ الله؟ قال: ثمَّ ولَّى الرجل. قال خالدُ بن الوَليدِ: يا رسول الله، ألا أضرِبُ عُنقَه؟ قال: لا، لعلَّهُ أن يكونَ يُصلِّي. فقال خالد: وكم من مُصَلٍّ يقول بلسانِهِ ما ليس في قلبه. قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إني لم أُومَرْ أن أنقُبَ قلوبَ الناس ولا أشقَّ بُطونَهم. قال: ثمَّ نَظَرَ إليهِ وهو مُقَفٍّ فقال: إنه يخرُجُ مِن ضِئضِىءِ هذا قومٌ يَتلونَ كتابَ اللّهِ رَطباً لا يُجاوِزُ حَناجِرَهم يَمرُقونَ من الدِّين كما يمرُقُ السهمُ منَ الرَّميَّة. وأظنُّه قال: لئن أدركتُهم لأقتلَنَّهم قتلَ ثَمود».
لكن:
جاء في صحيح مسلم: حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُميْدٍ . حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ . حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ . حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ . حَدَّثَنَي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ ، أَنَّهُ كانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ. الَّذِينَ سَارُوا إِلَىٰ الْخَوَارِجِ. فَقَالَ عَلِيٌّ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ. لَيسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَىٰ قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ. وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَىٰ صَلاَتِهِمْ بِشَيْءٍ. وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَىٰ صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ. يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ. يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ. لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتهُمْ تَرَاقِيَهُم. يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ». لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصيبُونَهُمْ، مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَىٰ لِسَانِ نَبِيِّهِمْ ، لاَتَّكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ. وَآيَةُ ذٰلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلاً لَهُ عَضُدٌ. وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ. عَلَىٰ رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ. عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ فَتَذْهَبُونَ إِلَىٰ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَـٰؤُلاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَاللّهِ إِنِي لأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَـٰؤُلاَءِ الْقَوْمَ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرامَ. وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ. فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللّهِ.
الشيعة والإباضية يشهدون أن لا إله الله محمد رسول الله, ويصلون ويصومون ويؤدون الزكاة (الشيعة المساكين يدفعون خمس مالهم إلى مرجعياتهم, في حين أن هذا الخمس هو خمس غنائم الحرب, وقد فرض الله على المسلمين دفع 2.5 بالمائة من الأموال التي مضى عليها حولٌ كامل للفقراء والمساكين وابن السبيل والذي عليهم دين وغيرهم, فانظر إلى نعمة اتباع السنة, وشقاء من يخالف السنة. وقد حرم بعض علماء الشيعة أخذ الخمس, لكن صوتهم غير مسموع), ويحجون.
إذن, من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله, وأقام الصلاة, وآتى الزكاة, فقد عصم دينه وماله, أما إذا كان لديه خلل في عقيدته, وتفسير أعوج للإسلام, أو نفاق, فحسابه على الله. لكننا مأمورون بقتالهم إذا أظهروا عقيدتهم الفاسدة وأمروا الناس بها وقاتلوهم لنشرها, كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بقتال الخوارج عند خروجهم .
لا شك أن هناك نقاط التقاء كثيرة بين السنة والشيعة, لكن هناك نقاط خلاف رئيسية لا يمكن التغاضي عنها. الشيعة يدعون الله تعالى, لكنهم كما هو معروف يدعون أيضاً الحسين والأئمة المعصومين, لذلك تراهم يحجون إلى الأضرحة ولو كانت في آخر المعمورة, وهذا ينافي كمال التوحيد, وأقرب ما يكون إلى الشرك. قال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا). وأوامر أئمة الشيعة ومرجعياتهم يجب أن تنفذ دون النظر إلى الدليل الشرعي, فالشيعة يطيعون - فيما أعلم – كلام مرجعياتهم طاعة عمياء, وقد قال تعالى في ذلك: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ). فقد كانت طاعة اليهود لأحبارهم والنصارى لرهبانهم طاعة عمياء دون التبصر في الدليل الشرعي. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا).
أما زواج المتعة, فقد قرأت أن بعض فقهاء الشيعة, ومنهم الذين اهتدوا على مذهب السنة, قد حرموه بناءاً على نصوص قطعية من كتب أحاديث الشيعة, لكن صوت هؤلاء غير مسموع, وإنك إذا نظرت إلى المآسي التي حصلت بسبب زواج المتعة لاقتنع كل عاقل بضرورة تحريمه, وكم من متمتع جمع بين المرأة وأمها، وبين المرأة وأختها، وبين المرأة وعمتها أو خالتها وهو لا يدري. إن الحوادث من هذا النوع كثيرة جداً، فقد تمتع أحدهم بفتاة تبين له فيما بعد أنـها أخته من المتعة، ومنهم من تمتع بامرأة أبيه, كل هذا جهل من الناس.
بالنسبة للأخت نانسي, لم أقل أنك طائفية, ولكن قلت أنك متأثرة بالتقسيم الطائفي الموجود في لبنان. وقلت لك أن أهل السنة ضد أي شخص يسب علي بن أبي طالب وآل بيته أينما كانوا.
لم يحرم الإسلام اعتزاز أي قومٍ بقوميتهم ولغتهم وثقافتهم (ما لم تخالف تعاليم الإسلام, كاحتفال الإيرانيين بعيد النيروز مع أنه عيد مجوسي), بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتز بعروبته, وهناك الكثير من الأحاديث على تفضيل المسلمين العرب على المسلمين العجم بما اختصهم الله فيه من إنزال القرآن بالعربية, وحمل العرب لواء نشر الإسلام. لكن الإسلام لم يدعوا إلى العنصرية التي تحملها المفاهيم القومية الحديثة التي تدعوا إلى تهميش الآخر. الانتماء للإسلام يأتي أولاً, ثم يأتي الانتماء القومي, فأنا مسلم قبل أن أكون عربياً, لأن انتمائي للإسلام هو الذي يدخلني جنةً عرضها السماوات والأرض, أما الانتماء القومي فهي حكمة الله في الأرض, قال تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
الله سبحانه وتعالى عجل انتقامه من الشريف حسين في الدنيا, ولعل الرجل تاب, فعلمه عند الله تعالى, أما انتقام الله تعالى من أولاده فلعل الله سبحانه وتعالى قد أجله لهم إلى يوم القيامة, ولا تنسي أن ابنه عبد الله قد قتل في المسجد الأقصى بعد أن انفضح تآمره مع الصهاينة بعد نكبة 1948, والعلم عند الله.
لست هنا بمعرض إعطاء دروس تاريخ أودين أو فقه لأحد, فلست أهلاً لذلك. سيرينا الزمان قريباً أخيرٌ هذه الدعوة للوحدة أم شر, فهنيأً لكلٍ منا إيمانه وما اطمأن به قلبه, وأرجو أن يجعلنا الله جميعاً من أهل الجنة.
أعلن لجميع الأخوة توقفي عن الكتابة في هذا الموضوع, ,واطلب من الأخوة التوقف عن الكتابة في الموضوع استجابة لطلب الأخ الأستاذ محمد حسن يوسف, فقد عرض كل طرف ما يكفي من الأدلة, فمن أراد أن يستكمل شيئاً من النقاش فليراسلني على بريدي الالكتروني, والله يوفق الجميع لكل خير.
وكل عام وأنتم بالف خير
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
المفضلات