همزتان أخريان كتبتا على الوصل
الأولى في قوله تعالى : (إِنَّ قَـاـرُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَـاـهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(76) القصص
همزة "لَتَنُوأُ" مضمومة؛ ولا تكون الألف صورة للهمزة في أي الحالين؛ إن كتبت على الوقف والانقطاع، أو كتبت على الوصل والاستمرار.
والالتباس في ضبط كتابتها راجع إلى أمرين:
الأول: أن كل الهمزات التي كتبت على الوصل في الأسماء والأفعال؛ قد زيدت فيها ألف التفصيل بعدها.
والثاني: أن ما قبل الهمزتين حرف الواو، والقاعدة ألا تجتمع واوان ليس بينهما فاصل، وكانت الأولى منهما مضمومة.
فهذه الألف هي ألف التفصيل لما زاد عن الواحد، والتي تزاد بعد واو الجمع، أو بعد واو الفعل المضارع المتكرر فعله وتكون لامه واوًا، كما في؛ "يرجُوا" و "يدعُوا" وغيرهما.
والالتباس جاء من وجود واو أصلية في الفعل لأنه من ناء ينوء ، وأن الهمزة لها صوت منطوق .. ووجد في الرسم ألفًا ... فجعلت الهمزة على الألف.
وأرى الواجب ضبطها على هذه الصورة "لتَنـ وـؤُا". فتكتب واوًا صغيرة تشير إلى الواو المحذوفة فوق اتصال النون بالواو،(تعذر رسمها على الوورد)، وتوضع الهمزة فوق الواو، وتبقى الألف حرفًا للتفصيل.
فإن رسمها يدل على كتابتها على الوصل والاستمرار، وليس على الوقف والانقطاع؛ فاقتضى الأمر تصوير الهمزة واوًا لضمتها، وزيادة ألف التفصيل بعد الواو كما فعل بكل الهمزات التي كتبت على الوصل في الأمثلة التي درسناها.
ولما اجتمع واوان في كلمة واحدة ليس بينهما فاصل؛ وجب حذف أحدهما، وحذف واو المد منهما أرجح. فجاءت الصورة على هذا الوضع في الرسم القرآني (لتنوا) قبل إضافة الحركات والتنقيط والهمزات والعلامات.
وكيفما ضبطت الكلمة لتعبر عن النطق الصحيح لها؛ إلا أن صورة حروفها تبقى على حال واحد لا يتغير بتغير الضبط لها.
أما الثانية ففي قوله تعالى : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـاـبِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاؤُا الظَّـاـلِمِينَ(29) المائدة
فقد كتب الفعل " تَبُوأَ" على الوصل والاستمرار، وكانت الهمزة مفتوحة وما قبلها ساكن، فحقها في الوصل أن تكتب على ألف؛ لتدل على حمل إثمين؛ إثم القاتل والمقتول، كما بينته الآية بعد ذكر الفعل.
وبهذا انتهت الكلمات التي كتب همزتها واوًا على الوصل والاستمرار لا الوقف والابتداء.
ولم يجعل هذا الباب بابًا منفصلا في الكتب والمتون التي تناولت الرسم القرآني، وإنما جعلت أمثلته في قاعدة الإبدال للحروف؛ لأن هذه الكتب لم تنظم على تعليل الرسم.
والله تعالى أعلم.
وللموضوع بقية فيما كتب على الوصل (على الياء)، سنكمل بها الموضوع إن شاء الله تعالى، أو نجعل لها بابًا منفردًا بها..
أبُو مُسْلِم/ عبْدُ المَجِيد العَرَابْلِي
المفضلات