كتب ستيوارت تايلور الابن (نيوزويك)
ما القرار الذي يجب أن يتخذه أوباما بشأن الـ 250 رجلا الذين لايزالون محتجزين في معتقل خليج غوانتانامو؟ من بين المشاكل الكثيرة التي سيواجهها الرئيس الجديد، هذه من أصعبها وهي مشكلة يجب أن يجد الحل الصحيح لها. فضلا عن ذلك، عليه الإجابة عن أسئلة صعبة بالقدر نفسه، تتعلق بكيفية تعامل إدارته مع الإرهابيين المشتبه بهم في المستقبل: أين سيتم احتجازهم وما الحقوق الشرعية التي سيتمتعون بها؟ وما وسائل الاستجواب التي سيسمح بها الرئيس أوباما؟ وأي منها سيحظر؟
فقد أجاب عن بعض هذه الأسئلة بوضوح من خلال الوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية، وسيكون من الحكمة أن يعلن عن نواياه خلال حفل التنصيب أو قبله. يجدر بأوباما أن يشجب وعلى الأرجح أنه سيشجب استخدام كل وسائل الاستجواب العنيفة، وليس فقط تلك التي حددتها إدارة بوش بأنها وسائل تعذيب. عليه أن يوقف العمل بنظام "اللجان العسكرية" الفاشل الذي تم شجبه على نطاق واسع والذي شكله الرئيس بوش عام 2001 لمحاكمة الإرهابيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وعلى الأرجح أنه سيوقف العمل به أو سيقوم بإصلاحه. وعليه أن يعلن عن خطة مفصلة لإغلاق سجن غوانتانامو، ربما في غضون سنة، وعلى الأرجح أنه سيفعل ذلك.
برأيي، يجب أن تتضمن هذه الخطة تعيينا سريعا للجنة رفيعة المستوى تضم أعضاء من كلا الحزبين لتقييم حال السجناء. ويجب أن تشمل مهام اللجنة قيامها بدراسة معمقة عن كل سجين: كيف تمت معاملته في غوانتانامو» هل من أدلة كافية لمقاضاته في محكمة فيدرالية أو في محكمة عسكرية عادية» وهل يبدو خطرا» وهل يجب إطلاق سراح الذين يبدون خطرين لكن لا يمكن محاكمتهم أو يجب الاستمرار في سجنهم» وهل يجب دفع تعويضات لبعض أو جميع الذين تم سجنهم بشكل تعسفي. ينبغي أن يكون عمل اللجنة وتقريرها النهائي علنيين، مع الحفاظ على سرية المصادر الاستخباراتية والوسائل المستخدمة. ويجب إطلاق سراح الرجال الذين يتبين أنهم غير خطرين أو نقلهم إلى بلدان أخرى. وبأسرع وقت ممكن، يتعين على أوباما أن ينقل بقية المعتقلين إلى سجون داخل الولايات المتحدة لإزالة وصمة غوانتانامو عن صورة أمريكا.
لكن هذه الخطوات وحدها قد لا تكون بمستوى التوقعات الكبيرة في أنحاء العالم وداخل القاعدة الليبرالية للحزب الديموقراطي. حتى بوش أعلن أنه يريد إغلاق سجن غوانتانامو وأنكر أنه سمح بالتعذيب. مؤيدو أوباما في أنحاء العالم ومجتمع المدافعين عن حقوق الإنسان يريدونه أن ينفصل بالكامل عن سياسة بوش من خلال حظر حتى وسائل الاستجواب بالإكراه المعتدلة التي قد (أو قد لا) تنتهك القوانين الدولية المتعلقة بـ"المعاملة المذلة والمهينة". ويريدونه أيضا أن يلغي فورا ـــ وليس فقط أن يتخلى عن ـــ نظام الاعتقال من دون توجيه تهم الذي يجسده معتقل غوانتانامو.
يجب عدم إحراج أوباما وإجباره على اتخاذ خطوات كهذه من دون تفكير معمق في هذه المسألة. (لن يضغط عليه الناخبون. 29 بالمائة فقط من الذين شملهم استطلاع حديث للرأي أجراه معهد جامعة كوينيبياك أيدوا إغلاق السجن» في حين عارض إغلاقه 44 بالمائة). اللعبة السياسية الداخلية والسياسة الخارجية تحولان دون اتخاذ قرار بشأن حظر وسائل الاستجواب بالإكراه إلى أن يتسنى لأوباما ومساعديه وقت لدراسة الأدلة المثيرة للجدل بشأن فعالية هذه الوسائل، وإلى أن يحظى الرئيس بدعم من كلا الحزبين (بما في ذلك تأييد جون ماكين) في الكونغرس.
القرار الأصعب سيتعلق بما إذا كان يجب إطلاق سراح العدد الكبير من المعتقلين الذين يبدون خطرين لكن لا يمكن إدانتهم بأي جرائم، أو ما إذا كان يجب إبقاؤهم قيد الاعتقال في سجون أمريكية من دون توجيه تهم إليهم. المعتقلون الـ 250 الذين لايزالون في غوانتانامو (تم إطلاق سراح نحو 500 آخرين منذ عام 2002) يتضمنون على الأقل 15 قائدا مزعوما في تنظيم القاعدة و60 رجلا آخر تصنفهم إدارة بوش بأنه يمكن محاكمتهم من قبل لجان عسكرية. سيكون صعبا أو مستحيلا محاكمة الـ 175 رجلا الآخرين في أي محكمة: بعضهم لم يقترف أي جرائم، والأدلة ضد البعض الآخر غير مقبولة في المحاكم أو غير دامغة بما يكفي. لقد صنفت الإدارة نحو 100 من هؤلاء الـ 175 على أنهم يمكن أن يكونوا خطرين.
يجادل بعض الخبراء المعتدلين من الحزب الديموقراطي (والجمهوري) بشكل حاسم بأنه يجب أن يستمر أوباما والكونغرس في السماح بسجن المعتقلين من دون توجيه تهم إليهم لبعض الوقت، لكن يجب اتباع المزيد من الإجراءات القانونية الملائمة لتسهيل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يمكن إطلاق سراحهم ومتى. لقد طالب البعض بتشكيل "محكمة أمن قومي" جديدة تقرر أي من المعتقلين يمكن سجنهم من دون توجيه تهم إليهم ولأي مدة. ويجادل آخرون بأن الاستمرار في اعتقال السجناء من دون توجيه اتهامات إليهم سيزيد من الكراهية تجاه أمريكا في الخارج لدرجة أنه قد يكون أخطر من إطلاق سراحهم. هذه وجهات نظر جديرة بالنقاش، وستكون أول اختبار حقيقي لدهاء أوباما، ليس فقط كسياسي، بل كطالب وأستاذ سابق في مجال القانون.