هل يمكن أن تعرفنا بنبذة عن الشيخ المفيد؟ من هو؟
الجواب:
الشيخ المفيد من أهم أعلام الطائفة وعلمائها الكبار.
وهو من أصل عربي، فإن تلميذه النجاشي الذي يعد خريت فن علم الرجال في عصره، وكان كثير من العلماء يقدمون رأيه على رأي غيره عند تعارض الأقوال لما امتاز به معرفة خصوصيات من يترجم لهم، يورد اسم الشيخ المفيد كاملا ويقول: هو محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام، ثم يذكر بعد ذلك30 واسطة من أسماء الأجداد إلى أن يصل النسب إلى يعرب بن قحطان. (معجم رجال الحديث ج17 ص202)
كنيته أبو عبد الله وكما ذكر ذلك الشيخ الطوسي. (معجم رجال الحديث ج17 ص206)
وقد لقب بعدة ألقاب، فقد لقب بالحارثي نسبة إلى أحد أجداده وهو الحارث بن مالك بن ربيعة.
ولقب بالعكبري لأنه ولد في بلدة عكبراء، وهي بلدة صغيرة تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة بينها وبين بغداد مسافة عشرة فراسخ أي ما يقارب 55 كيلو مترا، وقد ولد فيها عام 338هجرية، وقيل: 336هـ.
ولقب بالكرخي (العبر في خبر من غبر ج2 ص225) لأنه عاش في منطقة الكرخ من بغداد، وهي من المناطق الشيعية فيها.
ولقب بابن المعلم في بدايات عمره لأن والده كان معلما بواسط.
ولقب بعد ذلك بلقب المفيد واشتهر به، ومنشأ هذا اللقب يوعز إلى اثنين من المعتزلة أحدهما أستاذه علي بن عيسى الرماني، والآخر هو القاضي عبد الجبار ضمن قصتين تدللان على نباهة وفطنة الشيخ المفيد وسرعة بديهته، وسأختار منها القصة والمناظرة التي جرت بينه وبين القاضي عبد الجبار حول مسألة الرواية والدراية، حيث سأل الشيخ المفيد القاضي: ما تقول في الخبر الذي ترويه طائفة من الشيعة: "من كنت مولاه فعلي مولاه" أهو مسلم صحيح عن النبي (ص) يوم الغدير؟ فقال القاضي: نعم، خبر صحيح، فقال الشيخ: ما المراد بلفظ المولى في الخبر؟ فقال: هو بمعنى أولى؟ قال الشيخ: فما هذا الخلاف والخصومة بين الشيعة والسنة؟ فقال القاضي: أيها الأخ هذا الخبر رواية وخلافة أبي بكر دراية، (أي أمر معلوم) والعاقل لا يعادل الرواية بالدراية، فقال الشيخ المفيد مخاطبا القاضي عبد الجبار: فما تقول في قول النبي (ص) لعلي (ع): "حربك حربي وسلمك سلمي"؟ فقال القاضي: الحديث صحيح، فقال: فما تقول في أصحاب الجمل؟ فقال القاضي: أيها الأخ إنهم تابوا، فقال الشيخ: أيها القاضي، الحرب دراية والتوبة رواية، وأنت قد قررت في حديث الغدير أن الرواية لا تعارض الدراية، فبهت القاضي ولم يحر جوابا، ووضع رأسه ساعة ثم رفع رأسه وقال: من أنت؟ فقال له الشيخ: خادمك محمد بن محمد بن النعمان الحارثي، فقام القاضي من مقامه، وأخذ بيد الشيخ وأجلسه على مسنده، فقال: أنت المفيد حقا، فتغيرت وجوه علماء المجلس مما فعله القاضي بالشيخ المفيد، فلما أبصر القاضي ذلك فقال: أيها الفضلاء العلماء، إن هذا الرجل ألزمني، وأنا عجزت عن جوابه، فإن كان أحد منكم عنده جواب عما ذكره فليذكره ليقوم الرجل إلى مكانه، فسكتوا وتفرقوا.
وهناك رواية ثانية تنسب لقب المفيد إلى رسالة من الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف إليه، وما قيل حول هذه الرسالة من استبعادات من قبيل أنه لايمكن أن يحصل تواصل في عصر الغيبة الكبرى بين الإمام الحجة (عجل) ونوابه أجاب عنها كل من السيد الأجل بحر العلوم (رجال السيد بحر العلوم ج3 ص320) والمحدث النوري.
يقول المحدث النوري:
"ونحن أوضحنا جواز الرؤية في الغيبة الكبرى بما لا مزيد عليه، في رسالتنا جنة المأوى (الملحقة بالجزء الثالث والخمسين من بحار الأنوار) وفي كتاب النجم الثاقب، وذكرنا له شواهد وقرائن لا تبقى معه ريبة، ونقلنا عن السيد المرتضى وشيخ الطائفة وابن طاووس (رحمهم الله) التصريح بذلك، وذكرنا لما ورد م تكذيب الرؤية ضروبا من التأويل يستظهر من كلماتهم (عليهم السلام) فلاحظ.
هذا ومن أراد أن يجد وجدانا مفاد قول الحجة (ع) في حقه: " أيها الولي الملهم للحق" فليمعن النظر في مجالس مناظرته مع أرباب المذاهب المختلفة وأجوبته الحاضرة المفحمة الملزمة، وكفاك في ذلك كتاب الفصول للسيد المرتضى الذي لخصه من كتاب العيون والمحاسن للشيخ، ففيه ما قيل في مدح بعض الأشعار يسكر بلا شراب، ويطرب بلا سماع، وقد عثرنا فيه على بعض الأجوبة المسكتة التي يبعد عادة إعداده قبل هذا المجلس". (مستدرك الوسائل ج3 ص229)
المفضلات