آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: يوتا ابن العبيطة!

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي يوتا ابن العبيطة!

    يـُوتـا
    ابن العبيطة!
    بقلم: د. إبراهيم عوض


    منذ فترة قصيرة ظهر كتاب عنوانه: "تَيْس عزازيل فى مكة" خَطَّهُ بحافِرِه تيسٌ من التيوس ينتمى خطأً إلى جنس الإنسان يُدْعَى: "يوتا ابن العبيطة"، افترى فيه على النبى الكريم الافتراءات السافلة الكاذبة وتناول عِِرْض أمه الشريفة بالسفالة والبهتان تصورا من هذا السفيه الواطى أنها من نفس النوعية التى منها أمه، وقال إنه ألف هذا الكتاب ردا على اضطهادات المسلمين للنصارى وتطاول علمائهم على دينهم. وفى مقدمة الكتاب نراه يهديه إلى الدكتور زيدان والدكتور زغلول النجار على النحو التالى: "اهدي هذه الرواية الي الدكتور يوسف زيدان مؤلف رواية عزازيل واهداء خاص الي زغلول النجار". وهذه بعض الملاحظات التى عَنَّتْ لنا وَسْطَ ما نشعر به من إرهاق الصيام فى هذه الأيام المفترجة:
    * وأول ملاحظة هى أن رواية "عزازيل" التى ألفها الدكتور زيدان قد فضحت الكنيسة وبينت أن شعارات المحبة والوداعة والمسكنة هى شعارات كاذبة لا تصمد أمام حقائق الواقع المرعبة من تقتيل وسحل وسلخ وإحراق للمخالفين وإفناء لهم كما فعلوا مع الفيلسوفة الإغريقية السكندرية هيباتيا واليهود فى القرن الخامس الميلادى بتحريض من كيرلس أسقف الكنيسة الأرثوذكسية، وكما فعلوا مع المسلمين واليهود بالأندلس حين تمت لهم السيطرة هناك فى أواخر القرن الخامس عشر، وكما فعلوا فى بيت المقدس أثناء الحملات الصليبية، وكما فعلوا مع الهنود الحمر فى الأمريكتين، وبالذات فى أمريكا الشمالية، كما بينت الرواية أن عقيدة النصرانية فى المسيح تبعث على الاضطراب والحيرة وتدفع بمن يُعْمِلون عقولهم إلى ترك النصرانية جملة، وأن الرهبنة نظام غير إنسانى يضاد الفطرة البشرية وينتهى بممارسيه إلى مقارفة الفواحش والارتكاس فيها. وما أخبار العلاقات المحرمة بين الرهبان والراهبات وأولاد الزنا الناتجين عن تلك العلاقة بخافية عن النصارى، إلا أن أحدا لا يتحدث عنها رغم المصائب المتلتلة التى تترتب عليها، فضلا عن الفضائح التى يأتيها القساوسة مع النساء والغلمان فى قلب الكنيسة ذاتها كما هو معروف لجميعهم، ومع ذلك يسكتون فلا يفتحون الموضوع خوفا من تنفير شعب الكنيسة منها كما يُفْهِهم القساوسة والأساقفة.
    كذلك فإن كتابات الدكتور زغلول النجار فى الأهرام وأحاديثه فى التليفزيون تبرجل عقولهم لأنها تبرهن كل يوم لكل من عنده عقل أو ألقى السمع وهو شهيد على صلابة العقيدة الإسلامية عن طريق بحوث العلم الحديث وكشوفه، وكان من جراء ذلك أن أسلمت وفاء قسطنطين زوجة كاهن أبو المطامير، وهو ما طير النوم من أعينهم نظرا لمركز زوجها الدينى. كما أنه هو الذى أثار الشبهات حول مقتل تلك السيدة بيد الكنيسة ودعا إلى التحقيق فى ذلك، ففقد القوم صوابهم تماما
    * تطاوُل يوتا ابن العبيطة على الرسول سَبَبُه أن دين النبى العظيم هو الدين الوحيد الذى قصم ظهر النصرانية وأخذ منها أحسن البلاد التى كانت تعنو لها فأخرجها من ظلام التثليث والتصليب والتجسيد إلى نور التوحيد والتنزيه والتجريد، ولم يستعمل فى ذلك إكراها ولا ترويعا كما تصنع الكنيسة، ولم يلجأ إلى التعذيب والإبادة على طريقة النصارى فى كثير من البلدان، ولم يعرف طوال تاريخه محاكم التفتيش. وهذا الأمر يؤرق الكنيسة ويملأ قلوب رجالها بالغل والحقد والصديد العفن المنتن، إلا أن قوة المسلمين لم تكن تترك لهم فرصة للسباب والبذاءة، أما الآن فإن القوم يظنون أن ساعة الإسلام قد حانت. لكن عندما يفيقون من أحلامهم السفيهة مثلهم وتروح السكرة وتجىء الفكرة فعندئذ يصبح لكل حادثة حديث. ولسوف يعضون بنان الندم ويقولون: "حَقّنا برقبتنا"، ولكن بعد فوات الأوان. وإنا لمنتظرون ومتربصون يا ابن العبيطة، ولسوف ترى ونرى!
    * التطاول والتباذؤ فى حق سيد الأنبياء والمرسلين ليس وليد اليوم، بل ابتدأ على أيدى النصارى مبكرا جدا بمزاعمهم الكاذبة حول بحيرا وسُكْر الرسول وانطراحه على كوم زبالة وأكل الخنازير جثته وعبادة المسلمين ثلاثة أصنام... مع أن المسلمين لم ينالوا من المسيح ولا من أمه أو حوارييه منالا، إن لم يكن بدافع الأدب والتهذيب فلأنهم مأمورون بالإيمان بجميع الرسل والنبيين واحترامهم وتبجيلهم وعدم المساس بهم، وإلا خرجوا عن مقتضى ذلك الإيمان، والمسيح واحد من هؤلاء الرسل والنبيين.
    * زعم يوتا ابن العبيطة أنه إنما الف حدوتته الركيكة ركاكة عقل أبيه وأمه ردا على رواية يوسف زيدان، وكل إناء بما فيه ينضح. لكن زيدان لم يجرّح عرض أحد من رجال دينهم أو يسبّه، فضلا عن أنه لم يتطرق إلى سيدنا عيسى من قريب أو من بعيد، ولم يفعل شيئا سوى رصده للاختلافات التى نشأت بين الأساقفة الأولين والانشقاقات الكنسية التى ترتبت على هذا. فأين هذا مما تورط فيه يوتا ابن العبيطة من شتم النبى والكذب عليه واتهامه هو وأمه وزوجاته وصحابته أبشع الاتهامات؟
    * يزعم ابن العبيطة أن قلة أدبهم إنما هى رد على إيذاء علماء المسلمين لهم كالشعراوى وزيدان والنجار، مع أن أيا من هؤلاء لم يلجأ يوما إلى الشتائم أو البذاءات، وكل ما فعلوه هو إبداء رأيهم فى النصرانية بمنتهى الهدوء. وحتى حينما أصاب القومَ السعارُ وصاروا يكذبون ويفترون على الإسلام والمسلمين المفتريات ويسبّون من لا يستحقون أن يقبّلوا حذاءه وأنشأوا لذلك قناة فضائية تبث سفاهتها على الملايين لم يبادلهم هؤلاء العلماء سَبًّا بسبٍّ. ومع هذا يكذب العبيط ابن العبيطة وأشباهه من العبطاء أولاد العبيطات فيدّعون أنهم إنما يقابلون بقلة الأدب والبذاءة ما يصنعه علماء المسلمين معهم. والواقع أن قلة الأدب والتمرد ديدنهم طوال تاريخهم معنا، فهم لا يسكنون ويسكتون ويتظاهرون بالوداعة إلا حين يكون المسلمون أقوياء أعزاء. فإن شاموا منهم ضعفا انقلبوا عليهم وأطلقوا ألسنتهم فى أعراضهم وفى حق نبيهم وفى الله ذاته سبحانه وتعالى، ولجأوا فى كل ذلك إلى الأكاذيب والعبث بالقرآن، مدللين بهذا على صدق ما رماهم به الكتاب المبين من تحريفهم لوحى السماء. وما "الفرقان الحق" و"القرآن الشعبى" ببعيد. وهو ما يثبّت المسلمين على دينهم ويؤكد لهم أن القرآن لم يقل فى القوم إلا حقًّا وأن إنكار أولئك السفهاء لهذا الاتهام إنما هو إنكار كل قاتلٍ زنيمٍ لجريمته أمام القاضى.
    * قلة الأدب التى يمارسها يوتا ابن العبيطة تُضَادُّ نصوص الأناجيل التى تأمر أتباعها بالخضوع لحكامهم وتأدية الجزية لهم فى صمت ودون شغب وتدعوهم إلى أن يقابلوا اللطم على الخد الأيمن بإدارة الخد الأيسر لتلقى لطمة أخرى دون أن ينبس الواحد منهم ببنت شفة، فضلا عما لا يكفّون عن إزعاج الآخرين به من أن دينهم ليس له مثال، إذ هو دين المحبة والسلام ومقابلة الأذى والعدوان بالصفح والغفران. وهذا إن كان هناك من يؤذيهم، أمّا والمسلمون لا يمكن أن يمسّوا المسيح ولا أمه ولا حوارييه بكلمة مسيئة واحدة ولم يقع من أى منهم شىء من هذا، فمن الواضح أن هذا العبيط ابن العبيطة قد خرج على النصوص الإنجيلية التى يشهرونها فى وجوهنا صباحا ومساء. لكن هناك جانبا آخر لا يشيرون إليه عادة، وهذا الجانب يتمثل فى طول لسان يسوع على اليهود الذين كان يصب عليهم اللعنات صبا، وعلى السامريين الذى شبههم بالكلاب، وعلى أتباعه أنفسهم بما فيهم الحواريون، الذين رماهم بقلة الإيمان وبالنفاق وقال عن كبيرهم إنه شيطان، وعلى أمه ذاتها وإخوته. فهم إذن تلاميذ أوفياء لهذا الميراث الذى يعملون على التعتيم عليه ولا يحبون الحديث فيه.
    * يوتا ابن العبيطة يفترى الكذب على التاريخ فيروح يتخيل ما لم يحدث قط، أما زيدان فقد التزم بالتاريخ كما قرأه هنا وهناك. فهل هناك كتاب واحد أو رواية واحدة اعتمد عليها ذلك التيس ابن التيس على ما قاله فى حق النبى الكريم وأمه الشريفة العفيفة وزوجاته الطاهرات النبيلات؟ هذا هو الفرق بين كاتب مسلم لا يعرف سوى الصدق منهجا له عند الكتابة عن النصرانية، وكاتب نصرانى لا يجد أمامه عند الحديث عن الإسلام إلا الكذب والاختراع. ولكن ما الغرابة فى هذا، والقوم قد مَرَدُوا على التحريف والتزييف واختراع الأقاويل ونسبتها إلى الله والزعم بأنها وحى السماء؟
    * تدّعى الحدوتة التى كتبها بحوافره يوتا ابن العبيطة أن بحيرا كان يوالى النبى بالوحى ليل نهار، مع أن بحيرا لم يلقه صلى الله عليه وسلم إلا مرة فى صباه وشهد له بالنبوة، بغض النظر عن صحة الرواية التى ذكرت هذا أو لا، وكان ذلك على مرأى ومسمع من القرشيين الذين كانوا معه فى القافلة، ثم لم يلتقيا بعد هذا قط. لكنه الكذب المفضوح الذى ليس عند القوم سواه بسبب إفلاسهم وانهتاك أمرهم وحيرتهم وضلالهم وطمس التعصب المقيت لعقولهم الزنخة.
    * يقول يوتا ابن العبيطة إنه تعمَّدَ أن يخطئ فى اللغة العربية التى كتب بها حدوتته لكراهيته لتلك اللغة. وهذا حمق منه، وإلا فهل هناك عاقل يتفاخر بالخطإ؟ لقد تعلمنا مثلا لغة الإنجليز، الذين كانوا يحتلون بلادنا وسلموا فلسطين غنيمة باردة لليهود، وكانوا ولا يزالون يعضدونهم ضدنا ويمدونهم بالسلاح ويصوتون دائما لصالحهم فى المحافل الدولية، ولا يكفّون عن إذلال المسلمين والعمل على إضعافهم، لكن ذلك كله لم يدفعنا إلى توخى الخطإ عند الكتابة أو الحديث بتلك اللغة، بل كنا نحاول بلوغ أعلى المستويات فيها، لأن الجودة فى أى مجال لا تعاب، فإن عابها عائب فهو أحمق سفيه كيوتا ابن العبيطة. والواقع أن ابن العبيطة لم يتعمد الخطأ فى لغة القرآن، الذى يؤرقه ويطير النوم من عيونه، بل هو بطبيعته غبى بليد لم يُؤْتَ القدرة على الإتقان، فكان كالثعلب الذى نط كى ينال عنقود العنب المتدلى من شجرته، لكنه لما لم يستطع الحصول على العنقود عاد يقول: إن العنب لم ينضج بعد وإنه لا يزال حِصْرِمًا! فابحث لك إذن عن عذر آخر يا ابن العبيطة! وعلى أية حال فاللغة العربية لغة شريفة راقية لا يمكن عبيطا ابن عبيطة مثلك أن يتقنها!
    * وتبدأ رواية "تيس عزازيل فى مكة" بطقس وثنى، وهو إحضار الكاهن اليهودى كبشا من الكباش لتحميله أوزار بنى إسرائيل، مما لا يمكن أن تقول به شريعة ربانية. وقد أتى الإسلام بما يقضى على كل تلك الوثنيات معلنا أن الذنوب إنما يتحملها صاحبها وحده، ولا يمكن أن يحاسَب عنها أى شخص آخر، فضلا عن أن تتحمل مسؤوليتها الحيوانات المسكينة، وأن من السهل جدا تخلص صاحب الذنب من ذنبه إذا ما ندم عليه واستغفر ربه. ولنلاحظ أن النصارى يقولون إن المسيح إنما نزل من علياء الألوهية ومات على الصليب فداءً للبشر من الخطيئة الأولى التى ارتكبها آدم، بخلاف الإسلام، الذى يقرر أن الله سبحانه وتعالى قد غفر لآدم ذنبه وتاب عليه بعدما تنبه إلى زلته واستعفى الله فعفا عنه بواسع كرمه وفضله، ومن ثم لم تكن هناك حاجة إلى كل هذه اللفة الطويلة المعقدة المزعجة والمخزية التى لا تليق بمقام الألوهية المتعالى. ولنلاحظ أيضا كيف أن المسيح يسمى فى بعض نصوص العهد الجديد بــ"الخروف". فمن الواضح إذن أن إلههم هذا هو امتداد لتيوس بنى إسرائيل التى كانوا يحمّلونها ذنوبهم كما جاء فى الإصحاح السادس عشر من سفر "اللاويين". والعجيب أننا إذا أرنا التحقير من قيمة إنسان قلنا عنه إنه تيس أو خروف، أما القوم فإنهم يجعلون من الله، الله ذاته لا إنسان حقير، خروفا. هنيئا مريئا لهم، ومبارك عليهم إلههم الخروف!
    * يدّعى يوتا ابن العبيطة أن التيس الذى كان فى يد الكاهن اليهودى قد أفلت منه وظل يجرى حتى وصل إلى زمزم فرآه قُصَىّ بن كلاب وذبحه ليأكله هو وبعض القرشيين فجرى دمه مدرارا حتى اختلط بماء زمزم، و"سرعان ما خرج صوت الشيطان من رأس التيس يتوعدهم بالقصاص والاذي اذا لم يبنوا في هذا المكان مقام تدفن بها الرأس ويوضع معها الحجر الذي ذبح عليه التيس ويدفن معهما 72 طفلة من بنات العرب تكفيرأ عن ذبح التيس عزازيل ومن شدة رعب مصعب واصحابه أن بدءوا فورآ في بناء هذه المكان الذي اطلق عليه عليه كعبة نسبة لجده كعب ابن لؤي بن غالب واجتمعت كل قبائل مكة واتموا بناء الكعبة ونقلوا الحجر الابيض الذي تحول الي الحجر الاسود بسبب دماء التيس عزازيل التي حملت معها كل خطايا وذنوب وسيئات بني اسرائيل".
    وبطبيعة الحال لم يقع شىء من هذا قط، كما أن الكعبة كانت موجودة قبل ذلك بدهور، فكيف يزعم ابن العبيطة ما يزعم حول تشييد قصى للكعبة بناء على أمر الشيطان؟ أما ما قاله يوسف زيدان فى روايته فمستقًى من كتب التاريخ الموثقة، ولم يقع أنْ نسب إلى أية شخصية تاريخية نصرانية شيئا لم تفعله. وإذا كان هيبا قد زنى وشك فى دينه فإن هيبا ليس شخصية تاريخية حتى يقال إن هذا لم يحدث فى التاريخ، فضلا عن أن ما نسبه إلى هيبا لم يعترض عليه عبد المسيح بسيط فى حلقة من حلقات "العاشرة مساءً"، بل قال إن الرهبان بشر ويمكن أن يقعوا فى الخطيئة. كما أن حوادث الزمان تبرهن أنهم كثيرا ما يقعون فيها، وما الفضائح التى تنفجر فى الغرب وتفضح سلوك القساوسة والرهبان وشذوذهم مع الغلمان بخافية على أحد. وكان الباباوات أنفسهم أسوأ مثال فى هذا المضمار حتى لقد كان بعضهم يعاشر أخته، وبعضهم يصحب معه فى جولاته التى يبارك فيها أتباعه فى أرجاء القارة الأوربية عشيقته لا يبالى. ومعروف مقدار الأموال الرهيب الذى تحت يد الباباوات فى كل مكان، ينفقون منها على أغراضهم الشريرة، وكذلك الترف والذهب الذى ينغمسون فيه، مما يتناقض وما يعلنونه من تقشف الديانة النصرانية وزهدها فى هذه الدنيا. وبالمناسبة فالكتاب المقدس يفيض بأمثال تلك الفواحش التى ألصقها القوم بأنبيائهم ولم يكادوا يتركون أحدا منهم إلا لوثوه، فمن الطبيعى أن يسير الرهبان والقساوسة على سنة هؤلاء الأنبياء. وقد أدت هذه الأمور كلها فى النهاية إلى كفر الغرب بالنصرانية وتناديهم أيام الثورة الفرنسية قائلين: "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس"
    * يقول يوتا ابن العبيطة: "وبعد اتمام بناء الكعبة ودفن رأس التيس عزازيل خرج صوت الشيطان منها ايضآ يطلب من قبائل العرب عبادة الله الواحد الصمد الذي لاشريك له الاله القمر فاجتمعت قبائل العرب واحتفلوا في ليلة البدر بالاله اكبر اله القمر ورقصوا عرايا وطافوا حول الكعبة وكانوا يمارسون الجنس والمجن والفجور والفاحشه داخلها ارضاءآ لاله القمر وكانت نساء العرب يجلسن عرايا علي الحجر الاسود وكانت المرأة التي يأتيها الحيض تجلس علي هذا الحجر حتي تتبارك منه وتنجب اولادآ وانتشرت في كل جزيرة العرب عبادة اله القمر واصبح العرب يحجون كل سنة الي هذه الكعبة واصبح الحجر الاسود له قدسية لدي كل قبائل العرب لم يفطن العرب أن التيس عزازيل مات بمجرد ذبحه وأن الصوت الذي يخرج من رأس التيس ما هو الاصوت الشيطان الذي يعد العدة لاضلال هؤلاء العرب الي الابد عن طريق هذا المكان الذي بنيت فيه هذه الكعبة فلقد نقل كل الخطايا وكل الذنوب وكل سيئات البشر وجعلها في مكة عن طريق التيس عزازيل واصبح الاله القمر الله اكبرهو الصوت الذي يتكلم به الشيطان مع قبائل العرب فأصبحوا عباده المخلصين ومنهم من سمي ابنه بأسم عبد الله واصبحت الكعبة هي مخزن الخطايا ومكمن اسرار الشيطان واصبحت الكعبة هي المركز الرئيسي والمقر الدائم لابليس وسكن في داخل الصنم اكبر اله القمر وكانت قبائل العرب تجتمع كلما اكتمل القمر واصبح بدرآ وكانوا يقدمون قربانا لاله القمر بوأد البنات وكل شهر كانت بنت من بنات العرب تدفع حياتها ثمنآ لارضاء اله القمر اكبر وسط حفلات الرقص والمجون والخمر والجنس وكان الرجال والنساء يضاجعون بعضهم ويرقصون عرايا كما ولدتهم امهاتهم وكانت هذه اهم مناسك الحج وعبادة الاله الواحد الاحد الصمد اله القمر في الكعبة وكانت تعقد صفقات الزواج بين القبائل في مكة داخل الكعبة وكانت هناك سوق النخاسة حيت راجت تجارة الرقيق الابيض وبيع الجواري من الحريم وتبادل الزوجات حتي اصبحت الكعبة كانها بيت دعاره كبير واصبحت اهم مراكز التجارة في مكة واصبحت سببآ للحروب بين قبائل العرب ووجدت قبائل قريش في الكعبة مغنمآ عظيمآ واصبحت الكعبة اقدس مكان لدي القبائل".
    والآن إذا كان هذا هو حال الكعبة والعرب كما يقول العبيط ابن العبيطة بغض النظر عن صحة ما قال أو لا، فما الرأى يا ترى فيمن طهر الكعبة والعرب من هذا كله وأخذ بأيديهم إلى سبيل الكرامة والعفة والصحو العقلى والوحدة والإيمان بالله الواحد الأحد ونهاهم عن عبادة الشمس والقمر والأصنام والأوثان ووأد البنات وشرب الخمر والزنا... إلخ؟ ألا ينبغى أن نقف لذلك الرجل العظيم و"نضرب له تعظيم سلام" يا عبيط يا ابن العبيطة، ويا عابد الخروف وآكل فطائر الخراء تنفيذا لأوامر دينك؟ الحق أنه ما من واحد منكم كتب يحارب الإسلام إلا وكسه الله وطمس على بصره وبصيرته فوقع فيما يدينه ويفضحه؟
    * ويرمى يوتا ابن العبيطة السيدة آمنة بنت وهب بالبهتان مع بحيرا الراهب (سمك، لبن، تمر هندى)، زاعما أنه طلب منها أن تتزوج عبد الله بن عبد المطلب ثم تسمّه، وأنها قد سمته فى المدينة، مع أنها عند موته فى طريق عودته مع قافلة قريش من الشام كانت هى فى مكة. ولماذا يطلب بحيرا منها أصلا أن تتزوج من عبد الله ثم تسمّه؟ أوكان بحيرا معتوها كيوتا ابن العبيطة فهو لا يدرى ماذا يقول ولا ماذا يصنع؟ وهذا لو كان لبحيرا صلة بأية سيدة فى مكة، فضلا عن أن تكون تلك السيدة هى آمنة بنت وهب. إن هذا كله إنما يدل على مدى التخلف العقلى الذى يتمتع به يوتا ابن العبيطة فلا يجد شيئا فى التاريخ يمكن أن يسىء إلى آمنة بنت وهب لأن آمنة كانت أشرف العرب، فيذهب يقيسها على أمه، التى كانت فيما يبدو، وكان هو أيضا، ضحية لاعتداء أحد القساوسة عليه فى ظلمات الكنيسة.
    ولينظر القارئ الآن فيما تقوله الأناجيل عن مريم عليها السلام رغم أننا لا نصدق شيئا من هذا، إلا أننا نرد على التيس بن التيس بما يؤمن به لا بما نخترعه من عند أنفسنا. فهذه الأناجيل تقول عن يسوع إنه ابن يوسف النجار، وتؤكد هذا على لسان مريم نفسها التى لا يعرف أحد غيرها حقيقة ذلك الأمر، وليس على لسان أى شخص آخر. كما ينسبونه من جهة أخرى إلى يوسف النجار عن طريق سلسلة النسب التى لا تظهر فيها مريم على الإطلاق، والتى يمثل يوسف النجار فيها همزة الوصل بين يسوع وداود، ومن هنا يقال إنه ابن داود. كذلك فبدلا من أن ينصرف هذا التيس فيدفع عن يسوع ما رُمِىَ به فى الغرب من أنه كان عشيقا لمريم المجدلية وعلى علاقة شاذة بأحد تلامذته، يذهب هذا التيس ابن التيس إلى هذا الكلام المعتوه. لقد درس يوسف زيدان التاريخ وكتب روايته بأسلوب جميل، أما أنت يا عبيط يا ابن العبيطة فتكتب حدوتة من حواديت المصاطب بأسلوب كأساليب تلاميذ محو الأمية. وهذا هو الفرق بين المنتسبين إلى الإسلام والمنتسبين إلى النصرانية. إنه الفرق بين الجمال والقبح، وبين العقل والخرافة، وكذلك بين الاستقامة والصدق من جانب والكذب والتحريف من جانب آخر. هل هى عادتكم أم ستشترونها؟
    * الدكتور يوسف زيدان، رغم أنه ليس من أصحاب الاتجاهات الدينية، لم يفعل شيئا غير الرجوع إلى كتب التاريخ، أما يوتا ابن العبيطة فيكذب كذبا فاجرا تعوّد عليه ورضعه مع لبان أمه العبيطة، إذ هو تقليد من تقاليد دينه، ألا وهو تقليد التحريف والتزييف والعبث بكتب السماء حتى تتناسب مع وثنيتهم وعبادة الخرفان والتيوس وأكل فطائر الخراء. يقول يوتا ابن العبيطة عن سيده وسيد أبيه وأمه: "وكان يعقد الجلسات يحدثهم عن الدين الجديد القديم فهو جديد بالنسبة للعرب الوثنيين لكنه قديم لانه مأخوذ من الهرطقة النسطورية والابيونية ومأخوذ عن الديانة اليهودية ومأخوذ عن بعض الاساطير قبل الاسلام ومأخوذ عن الشيطان الذي كان يعتقد انه جبريل وهكذا اصبح الاسلام دينآ محيرآ للعقول تجد فيه الشئ ونقيضه تجد فيه التوحيد والشرك وتجد فيه العنف والارهاب وتجد فيه السلام تجد فيه مدح ايمان اليهود والنصاري وتجد فيه تكفير اليهود والنصاري بالاجمال تجد الشئ وتجد ناسخه لذلك لم يستطيع العقل اوالفكر أن يكون هو المؤثر في اعتناق هذا الدين وايضآ الايمان ليس له مكانة انما الامر يعتمد علي نطق عبارتين ( الشهادتين ) دون اي فهم للدين ودون ايمان وبذلك يصبح الانسان فردآ جديدآ ينضم للدين الجديد الذي الغي العقل تمامآ ومنع الناس أن يفكروا اويسألوا عن امور هي ضد العقل السليم وضد المنطق وقيل لمن يريد أن يسأل اويفكر لاتسالوا عن اشياء قد تسيئكم وبالتالي اغلاق الموضوع لكي لايتبين الانسان ماهو الخطأ وما هو الصواب واستخدم محمد بذكاءه الجنس في اجتذاب الناس الي ديانته واستخدم الغنائم لتشجيع القتلة واللصوص والمجرمين الي الانضام للاسلام حيث تناسبهم الغزوات وهي شغلهم الشاغل وبذلك اشتدت شوكة الاسلام بعدما بدأ ضعيفأ في مكة حتي أن محمدآ هرب الي الحبشة وهناك اخبر النجاشي ملك الحبشة انه مسيحي وهارب من بطش المشركين وعباد الاوثان في قريش وانه يطلب الحماية من النجاشي كملك للمسيحيين فأسبغ النجاشي ملك الحبشة عطفه وحمايته علي محمد واصحابه الذي كأن طوال فترة بقاءه في الحبشة يذهب الي الكنائس هو واصحابه وقد ساعده ما تعلمه من ورقة بن نوفل ومن بحيرة الراهب في اقناع النجاشي انه يؤمن بالمسيحية ولكن بعد قيام احد القساوسة في الحبشة بمناقشة محمد في ايمانه المسيحي تأكد هذا القس أن محمد يتبع الهرطقة النسطورية والابيونية وهو يعتبر مسيحي هرطوقي فما كان من النجاشي الا ان قام بطرد محمد واصحابه من الحبشة خوفآ من قيامه بنشر هرطقته في الحبشة".
    إن ابن العبيطة يزعم أن الرسول قد هاجر إلى الحبشة مع أصحابه حيث أعلن هناك أنه نصرانى. فانظر، أيها القارئ، وتأمل هذا الكذب الجلف الذى ليس فيه ذرة واحدة من فن الحبك والتأليف! هل هناك من قال، ولو فى بلاد الواق واق، إن الرسول قد هاجر مع أصحابه إلى الحبشة؟ ليس ذلك فحسب، بل زاد العبيط ابن العبيطة جرعة الكذب والبذاءة فوصفه صلى الله عليه وسلم بأنه "شخص جبان يهرب الي الحبشة". إن سيد النبيين والمرسلين ليس مثل بطرس الجبان حسبما تصفونه فى كتبكم التى ألفتموها وزعمتم أن الروح القدس قد أوحى بها لمن زيفوها، إذ أنكر المسيحَ بعد القبض عليه وأقسم مؤكدا أنه لم يسبق له أن عرفه رغم أن يسوع قال له إنه سوف ينكره ثلاث مرات فأكد أنه لا يمكن أن يفعل ذلك، ثم فعلها وكذب وحلف على هذا الكذب، وإن كنا لا نؤمن بما تقولونه فى أناجيلكم عن حوارييه عليه السلام. أما أصحاب محمد (ودَعْكَ من محمد ذاته) فقد أعلنوها صريحة واضحة لا لَبْسَ فيها، وقالوا للنجاشى ولمن حوله من البطاركة إنهم مسلمون وإن دينهم يقول فى المسيح إنه عبد الله ورسوله، فما كان منه إلا أن جاوبهم بأنه لا يجد أى فرق بين ما يعتقده فى المسيح وما يعتقدونه هم فى شىء. وهل كان محمد ليهاب النجاشى، وهو الذى أرسل إليه وإلى كل الملوك والأمراء من حوله يدعوهم فيها إلى الدخول فى دينه: فقبل منهم من قبل، ورفض منهم من رفض، وكان منهم من لم تسعفه ظروفه على إعلان إسلامه، ولكن انتهى الأمر إلى أن دخلت جميع البلاد التى كانوا يحكمونها فى الدين الجديد؟ وهذا هو ما يجنن ابن العبيطة ويدفعه إلى قلة الأدب وافتراء الأكاذيب بتأثير ما ورثه عن أسلافه وتربى فى ظله من البهتان والافتراء.
    ولقد أسلم النجاشى، رحمه الله، إلا أن ابن العبيطة يقلب حقائق التاريخ كما فعلها أسلافه الأوساخ طوال تاريخهم، فزعم أن النجاشى طرد الرسول وصحبه من الحبشة خشية أن ينشروا نصرانيتهم المنحرفة فى بلاده ويفتنوا شعبه، مع أن حقائق التاريخ تقول إن أصحاب رسول الله عاشوا ما عاشوا عند ذلك الملك معززين مكرمين إلى أن قرروا من تلقاء أنفسهم بعد زوال الخطر وقيام دولة المدينة أن يعودوا إلى ذويهم، وأنهم جميعا كانوا مسلمين موحدين لا صلة لهم بالنصرانية على الإطلاق. وكيف تكون هناك صلة بينهم وبين النصرانية، والقرآن لا يدع فرصة تمر إلا ويخطّئ النصرانية والنصارى تخطئة شاملة؟ إلا أن ابن العبيطة، بعقليته التَّيْسِيّة، يتوهم أنه سوف يكون أوفق حظا ممن اخترعوا كتابَىِ "الفرقان الحق" و"القرآن الشعبى"، اللذين مزقهما علماء المسلمين تمزيقا وألقَوْا بقاياهما فى بلاليع المجارى الوسخة مثل ملفقيهما، جاهلا أن مصير كتابه الوسخ مثله، وكذلك مصيره هو أيضا، سيكون مصير ذَيْنِك الكتابين: المجارى! وإلا فهل عاد أحد يسمع بهذين الكتابين الآن؟ أما ما يزعمه من أن القرآن يمدح أهل الكتاب مرة ويذمهم أخرى فلا وجود لشىء من ذلك إلا فى كلام ابن العبيطة الكذاب. ذلك أنه لم يحدث قط أن أثنى القرآن على أحد من أهل الكتاب المعاصرين للرسول الكريم بوصفهم أهل كتاب، بل كان الثناء عليهم لقبولهم دعوة الحق واعتناقهم الإسلام: كورقة بن نوفل ونجاشى الحبشة وعبد الله بن سلام، والرهبان والقساوسة الذين أتَوْا إلى المدينة فاستمعوا إليه صلى الله عليه وسلم وهو يتلو القرآن ففاضت منهم الدموع وأعلنوا إيمانهم بالله وانحيازهم إلى جانب الحق وأصبحوا مسلمين حسبما تنص على ذلك آيات سورة "المائدة"، التى يزعم ابن العبيطة أنها تتحدث عن النصارى. بعيدة عن شاربك يا ابن العبيطة! شاربك الذى فى استك المنتنة!
    * يقول ابن العبيطة: "وعندما كان محمد يقع في مأذق اوسؤال او مشكلة متعلقة بالدين الجديد كان يقنع اتباعه بأنه منتظر الوحي للاجابة عن السؤال وقد يطول الانتظار شهورآ طويلة ذلك ان محمدآ كان يلجآ لورقة بن نوفل ليلقنه الاجابة والتي كان يظن اتباعه انها من عند الله وكان محمدآ يغيب فترات طويلة يمكث فيها مع ورقة بن نوفل وايضآ مع بحيرة الراهب يتعلم منهم مايقول لاتباعه انه الوحي ولم يتخلي ورقة بن نوفل عن محمد لحظة واحدة الي ان مات فكيف يتخلي عنه وهو قريب له نسب من ناحية جده قصي بن كعب وايضآ زوجآ لبنت عمه خديجة وناشرآ للبدعة النسطورية والابيونية التي كان يتبعها ورقة بن نوفل".
    ومعنى هذا الذى يقوله ابن العبيطة أنه ينبغى ألا يحتوى المصحف إلا بضع سور قصيرة لا تزيد كثيرا عن أصابع اليد الواحدة، وهى السور التى نزلت فى بداية الدعوة أيام كان ورقة حيًّا، ما دام الوحى قد مات بموته! فانظروا إلى الأكاذيب الساذجة! ولقد خيب الله ظن ابن العبيطة فآمن ورقة بالوحى الجديد. أى أن المسطول ابن المسطول الذى لا يعرف كيف يَحْبِك كذبة مثلما لم يعرف أسلافه الأوساخ مثله أن يحبكوا ما افْتَرَوْه وادَّعَوْا أنه وحى سماوى فقالوا إن موسى مثلا قد وضعته أخته على شاطئ النهر حيث وجدته ابنة فرعون فأخذته واتخذته ابنا لها، لنراها عقب ذلك تقول إنها قد انتشلته من الماء ولم تجده على الشط، كما جعلوا ملكا من ملوك بنى إسرائيل أكبر من أبيه بعامين، وسلِّم لى على الملوخية، وقالوا كذلك إن عيسى هو ابن يوسف، وفى ذات الوقت هو ابن الله، ثم عادوا فأَعْطَوْنا نسبًا آخر للمسيح لا علاقة له بهذا على الإطلاق، أقول إن هذا المسطول ابن المسطول يتصور أن الناس مساطيل مثله هو وأبيه، ومن ثم سوف يتصورون أن القرآن لا يزيد فعلا على بضع سور قصيرة.
    ثم لماذا لم يدَّع ورقة بن نوفل أو بحيرا الراهب النبوة ما دام ادعاؤها سهلا إلى هذه الدرجة بدلا من هذا اللف والدوران مثل اللف والدروان فى حدوتة المسيح الذى نزل من السماء ودخل بطن مريم مريم ثم خرج من فرجها ليفتدى البشر، بدلا مما يقوله الإسلام من أن الغفران الإلهى لا يحتاج فى الحصول عليه إلى كل هذا الرحلة الطويلة المرهقة والبهدلة المهينة للإله؟ لكن ما العجب، وهو إلهٌ خروفٌ؟ إذ متى كانت الخرفان تعقل أو تفكر، فضلا عن أن تفكر تفكيرا سليما مستقيما؟ جاتك داهية فى العبيطة أمك أيها العبيط! أتتصور أنك ستصيب الإسلام والمسلمين فى مقتل، وبهذا الأسلوب السقيم الركيك المتداعى تداعى عقلك التافه وركاكته وسقمه؟ فأين أنت من "الفرقان الحق"، الذى اجتمع له دهاقنة المخابرات المركزية والشاباك وجندوا له أكبر العقول عندهم وأصحاب أحسن الأساليب، ومع هذا لم يأخذ غلوة واحدة فى أيدى علماء الإسلام وانتهى أمره إلى أكوام المزابل؟ وهنا يستخف ابن العبيطة دمه المنتن كدم البق فيشبّه حياة الرسول بفلم "وكالة البلح"، ونادية الجندى معلمة الوكالة بالسيدة خديجة، وصبى المعلمة محمود ياسين بالنبى ذاته. وما دام ابن العبيطة يحب السينما ويحفظ أسماء نجومها على هذا النحو ويغرم بأفلام المعلمين والمعلمات ويشبّه محمود ياسين بسيد الأنبياء وفاضحهم فى كل مكان ومخزيهم على مدى الدهور والأزمان وكاشف عورة دينهم ومسخِّف عقولهم وكاسرهم وكاسب مئات ملايين البشر منهم إلى عقيدة التوحيد وجاعلهم "مُسْخَة" أمام من يساوى ومن لا يساوى، أود أن أقول له إن المرحوم فريد شوقى يسلّم عليك ويقول لك: أمّك فى العُشّ أم طارت؟ وبالمناسبة فالرسول الأعظم لم يكن يُدْعَى: معلِّما، بل الذى كان يُدْعََى: معلِّمًا هو يسوع يا عبيط يا ابن العبيطة. فانظر على من تنطبق وكالة البلح إذن؟ لكن قل لى أولا: أمك فى العش أم طارت؟
    * ومن الأقاويل المعتوهة لابن العبيطة قوله: "كان محمد يبادل زوجاته لارضاء بعض رجاله اصحاب التأثير الي أن قام محمد قبل موته بمنع هذه العادة". يا يوتا يا ابن العبيطة: أمك فى العش أم طارت؟
    * ويقول ابن العبيطة: "والكارثة أن الجيل المعاصر من المصريين لا يتعاطف مع الأجداد بقدر ما يتعاطف مع جلاديهم من الأعراب، ولا يحترم الحضارة القبطية أو الفرعونية بقدر ما يرى كل شئ من منظار اسلامي أسود، يمسح كل أنواع الحضارة ويبقي على ثقافة أجنحة الذباب واحكام نكاح الصبايا ووطء الغلمان، والحور العين". ونقول نحن بدورنا لابن العبيطة: إننا نحمد الله أن هدانا من ضلال الوثنية ومن لُوثة التثليث، فمُتْ بغيظك يا عبيط يا ابن العبيطة. أوتريدنا أن نعود إلى الفرعونية بوثنيتها المتخلفة أو إلى الصليب بتجسيده الله وشبحه على الخشبة واستحقاقه اللعنة حسبما يقول كتابكم ذاته، وفوق ذلك الإيمان بإلهٍ بَوّالٍ خَرّاء يبصق أعداؤه على وجهه ويضربونه بالرمح فى جنبه ويكسرون عظامه فيتألم ويصرخ من شدة العذاب ويقول: أجرنى يا إلهى، فلا يلتفت إلى صراخه أحد، ثم يموت ملعونا على الصليب مع اللصوص، ولا يجد أحدا من تلاميذه يسأل عن صحته سوى أمه ومريم الأخرى وأبيه يوسف النجار، الذى لا ندرى كيف يكون أبا له إلا فى الحرام يا عبيط يا ابن العبيطة؟ أرأيت يا عبيط يا ابن العبيطة كيف يعمى الله بصيرتكم فتشوهوا معنى الألوهية وتسيئوا إلى المسيح وأمه فيأتى الإسلام ليصحح تلك المفاهيم ويضع الألوهية فى إطارها السليم ويعيد للمسيح وأمه اعتبارهما أمام الناس جميعا؟
    أما أن الإسلام يعادى الحضارة فلسوف أكتفى، فى الرد على ذلك، بالإشارة إلى ما يعرفه الجميع بما فيهم العبيط ابن العبيطة من أن الإسلام يدعو إلى العلم ويفضل العلماء على غير العلماء، ويجعل للنظافة والنظام والجمال مكانة لا تعدلها مكانة، ويمجد العمل والإنتاج والإبداع والاجتهاد تمجيدا، على عكس ما نقرأ فى كتبكم من أن النظافة شىء لا معنى له وأن الأفضل عدم الاشتغال بها، وأن الإيمان شىء لا علاقة له بالعقل أو التفكير، بل على الإنسان أن يؤمن وكفى. وليس فى الأناجيل دعوة إلى العلم ولا كلام عنه من قريب أو بعيد. ونفس الشىء يقال فى النظافة والأناقة والنظام والجمال والعمل والإبداع والاجتهاد. ومن هذا كله يتبين كيف أن ابن العبيطة يكذب ويكذب ويكذب ولا يخجل من الكذب، وإن لم يكن فى هذا شىء مستغرب لأنه ورث الكذب وراثة، فهو يجرى فى دمه ويتنفسه تنفسا.
    يا ابن العبيطة، لقد كادت الحضارة الإسلامية فى وقتها أن تكون هى الحضارة المزدهرة الوحيدة فى العالم، واستمر الأمر على هذا الوضع ما استمر المسلمون فى التمسك بدينهم. وقد أنتجب هذه الحضارة فى ميادين العلم والفكر والأدب وحدها الآلاف المؤلفة من العلماء والكتاب والأدباء والشعراء المشاهير، ودعنا من غير المشاهير، سواء فى الطبيعة أو الكيمياء أو الطب أو الصيدلة أو الفلك أو الشعر أو النقد أو البلاغة أو الأدب المقارن أو الرحلة أو السِّيَر والتراجم أو مقارنة الأديان أو السياسة أو الاقتصاد أو التشريع أو علم الكلام أو التفسير أو الحديث أو التاريخ أو الجغرافيا أو اللغة أو الاجتماع أو الرياضيات أو البحرية، أو فى تأصيل المنهج العلمى حتى استوى على ساقه... إلخ. ولو رجع القراء إلى ما كتبه الأوربيون فى هذا الموضوع رغم أن كثيرين منهم يتحاملون ولا يقولون كل الحقيقة وقارنوه بما كتبه ابن العبيطة لعرف أن ما كتبه ذلك العبيط هو كذب فى كذب فى كذب فى كذب. ثم لما تراخى تمسك المسلمين بدينهم بدأوا يتقهقرون، بخلاف ما كان عليه الأمر فى الأمم النصرانية، إذ كانت أيام تمسكها بدينها متخلفة أشد التخلف، ثم لما نبذت النصرانية ابتدأت أحوالها تستقيم. وكان على من يريد من تلك الأمم أن يستخدم عقله أن يخوض أولا جحيم محاكم التفتيش بأهواله التى لا يمكن تصورها قبل أن يستطيع التفكير مجرد التفكير، لأن دنيكم يحرم عليكم التفكير ويأمركم أن تعيشوا كقطعان البقر. وكان ذلك بمساعدة ما أخذته تلك الأمم واستعارته واستوعبته من حضارة الإسلام فى كل ميادين الحياة. والكتب التى تُرْجِمَتْ عن تلك الحضارة لا تُعَدّ ولا تحصى، وكانت قراءة تلك الكتب ومعرفة ما فيها مبعث فخار للأوربى فى ذلك الوقت، إلى أن قويت شوكة تلك الدول وأصبحت قادرة على الإضافة إلى ما أخذته عن حضارة الإسلام الميمونة المباركة يا ابن العبيطة! لكنكم قوم كاذبون تظنون أنكم تستطيعون حجب نور الشمس فى رائعة النهار، وهيهات يا عبيط يا ابن العبيطة. وقد سبقك إلى هذا الكذب المفضوح وزير خارجية فرنسا فى أخريات القرن التاسع عشر فكتب فى ذلك كتابا فرد عليه محمد عبده وأفحمه وألجمه وأخزاه وأرداه. ويمكن القراء أن يعودوا إلى كتابه: "الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية".
    * أما ما يصدّع به العبيط ابن العبيطة أدمغتنا عن الفتح الإسلامى وإنكاره، ككل لئيم خسيس، اليد الإسلامية الكريمة التى امتدت للنصارى المصريين فى محنتهم وانتشلتهم من المعاناة وأراحتهم من ألوان العذاب، وتطاوله على سيده وسيد أهله جميعا عمرو بن العاص، فليسمع ابن العبيطة الآتى: نحن المصريين المسلمين نعتز بديننا وبأن الحظ السعيد قد قيّض لنا رجلا كعمرو بن العاص، الذى فتح مصر، فتعرّف أسلافنا إلى دين التوحيد وأحبوه وهشوا له ودخلوه بالملايين عن سعادة واقتناع رغبةً منهم فى رضا الله وإحراز الجنة بدلا من ارتكاسات الوثنية والتثليث. والآن ما دخلكم أنتم فى هذا؟ لقد أنكرتم ما فعله عمرو لكم حين أنقذكم من جور الرومان وبطشهم وأعاد الأسقف بنيامين من مخبئه فى الصحراء إلى حيث يستطيع العيش فى أمان وكرامة، وأخذتم تشتمونه وتقولون فيه الكذب كعادة كل لئيم لا يحفظ الجميل كلما رأى فى الأفق قوة قادمة يظن أن باستطاعته الاستعانة بها ضد من أحسنوا إليه وأنقذوه من الهوان والعذاب والاضطهاد، والآن تريدون أن تتدخلوا فى ديننا، وما أنتم إلا أقلية، وتظنون أنكم سوف تنجحون فى رد الأغلبية الساحقة الماحقة إلى الكفر مرة أخرى. بالمناسبة: أمك فى العش أم طارت؟ لكن هل قال لكم أحد إن المسلمين المصريين ضائقون بدينهم؟ هل نصّبكم الله أوصياء عليهم؟ وهل هم قاصرون لا يستطيعون التصرف فى أمورهم؟ ألا يرى القراء مدى سماجة ابن العبيطة ومن يرافئه على هذا؟ قل يا عبيط ما تشاء من الكذب والتضليل عن إكراه العرب للمصريين على اعتناق الإسلام، فلى سؤال واحد أسألكم إياه: يا ترى من الذين أُجْبِرَ أجدادهم على ذلك؟ نحن أم أنتم؟ نحن طبعا، إذ أنتم لا تزالون على دينكم وتثليثكم وتصليبكم وتجسيدكم لله، أما نحن فقد أعزنا الله وكتب لنا الخروج من هذا كله. فما دخلكم أنتم فى ذلك؟ ستقولون: ولكن هذا إنما تم عنوة وقسرا. ولن أضيع وقتى فى الدخول فى مناقشات بيزنطية، وبخاصة أننا الآن فى الصيام ومرهقون، بل أكتفى بالقول بأنه حتى لو كانت مزاعمكم عن الإجبار والقسر صحيحة، وهى بكل يقين عارية عن الصحة جملة وتفصيلا، فإننا نشكر الله أنْ أخرجَنا من ضلال الكفر وهدانا إلى التوحيد واعتناق الإسلام، فماذا أنتم قائلون؟
    ألم تسمع، يا ابن العبيطة، بالمثل البلدى القائل: واحد شايل ذقنه، والتانى زعلان ليه؟ هل طلبنا منكم أن تساعدونا على الارتداد إلى الكفر، والعياذ بالله؟ وهذا طبعا إن كان هناك عاقل أو حتى مجنون يفكر فى ترك الهدى والعودة إلى الضلال! إننا، معشر المسلمين، أصحاب الأغلبية الساحقة الماحقة فى البلاد، ومع هذا لم نفكر قط فى يوم من الأيام فى فرض الإسلام عليكم، على حين أنكم، وأنتم أقلية لا تزيدون على أكثر تقدير حسب إحصائيات الأوربيين أنفسهم عن نحو 6% قبل أن تكثر هجرتكم وتتقلص مواليدكم فتقل نسبتكم بدورها عن ذلك، تريدون أن تعيدونا نصارى مثلكم. ورغم ذلك كله لا تكفون عن الزعم بأن الإسلام دين دموى وأننا نحن المسلمين إرهابيون نفرض ديننا على الآخرين بالسيف. أليست هذه مفارقة مضحكة؟ أليس هذا دليلا على مدى تأصل الكذب والتضليل فى نفوس القوم وأن أمثال يوتا ابن العبيطة مرضى نفسيون لا يُرْجَى لهم شفاء؟ إن الأمم النصرانية هى التى تحتل بلاد المسلمين وتستنزف ثرواتهم وتتآمر عليهم وتصنع كل ما فى استطاعتها لمنع المسلمين من امتلاك أسباب القوة ومحاصرتهم والتنكيل بهم والتطاول على نبيهم ودينهم منذ عدة قرون، ومع هذا يجد ابن العبيطة فى نفسه الجرأة كى يتهم المسلمين المظلومين المسحوقين على أيدى الأمم الغربية النصرانية بأنهم قتلةٌ إرهابيون!
    * اسمع يا عبيط يا ابن العبيطة: إنكم تظلون خانعين وادعين ما دمتم تَرَوْنَ أنفسكم ضعفاء، وتذهبون حينئذ ترددون كلامكم الممجوج عن المحبة والسلام والتسامح، حتى إذا ظهر للإسلام عدو وظننتم أنه يمكنكم الاستعانة به لضربه فى مقتل فسرعان ما تنقلب الحملان الخانعة الضارعة الوادعة ضباعا وذؤبانا شَرِسَةً نـَهِسَة، وتشرعون فى التهديد والسب والتطاول والتباذؤ غير مبقين للسلام مكانا ولا مفكرين فى الغد حين ينكسر هذا العدو وينصرف عنكم ويترككم وحدكم. حدث هذا، على سبيل المثال لا الحصر، أثناء الحملات الصليبية والحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى، ثم هذه الأيام أيضا استقواءً بأمريكا وإسرائيل. لقد بات كثير من المسلمين يتساءلون، وهذه أول مرة يثور فيها ذلك التساؤل لدى المسلمين: ترى هل أخطأنا نحن أهل التوحيد حين تركنا النصارى على دينهم ولم نعمل على إفنائهم كما صنع نصارى الأندلس بالمسلمين هناك بعدما كُتِب لهم النصر عليهم حتى صارت تلك البلاد كلها مثلِّثة لا تُسْمَع فيها كلمة التوحيد لعدة قرون؟
    إن النصارى متى ما ملكوا فى أيديهم أسباب القوة والسيطرة فسرعان ما يطبقون ما هو منسوب للمسيح فى الأناجيل من أنه لم يأت بالسلام بل بالسيف والخصومات والعداوات، فضلا عما فى العهد القديم من الأوامر المنسوبة لله سبحانه بإبادة بنى إسرائيل للأمم الأخرى رجالا ونساء وأطفالا وحيوانات دون الإبقاء على أية نسمة حية لا لشىء سوى أنهم "آخَرون" متى أمكنتهم الفرصة. والعهد القديم، كما نعرف، جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس الذى يؤمن به النصارى. أما فى القرآن الكريم والسنة المطهرة فلا وجود لشىء من هذا على أى وضع من الأوضاع. لقد ترك المسلمون الفاتحون نصارى الأندلس مثلا كعادتهم فى التخلية بين أصحاب كل دين ودينهم دون التدخل فى شؤونهم أو التضييق عليهم وإكراههم على ما لا يريدون، فكانت النتيجة وبالا عليهم حين انقلبت الموازين. أفلا يحق للمسلمين أن يطرحوا هذا السؤال إذن؟ لقد كانوا يحفّظوننا فى المدرسة قوله سبحانه وتعالى: "لا إكراه فى الدين. قد تبَيَّن الرُّشْد من الغَىّ"، "ولو شاء ربك لآمن مَنْ فى الأرض كلُّهم جميعا. أفأنتَ تُكْْرِه الناسَ حتى يكونوا مؤمنين؟"، "ولا يزالون (أى البشر) مختلفين* إلا مَنْ رحِم ربُّكَ. ولذلك خلقهم"، "وقاتلوا فى سبيل الله الذيين يقاتلونكم ولا تعتدوا. إن الله لا يحب المعتدين"، "وإن جَنَحُوا للسَّلْم فاجْنَحْ لها وتوكل على الله. إن الله يحب المتوكلين"، "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألْقَوْا إليكم السَّلَم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ظلم معاهَدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طِيب نفسه فأنا خصيمه يوم القيامة"، "لا تتمنَّوْا لقاء العدو. ولكن إذا لقِيتموهم فاثبتوا"، إلى جانب صحيفة المدينة التى تعطى كلا من المسلمين واليهود نفس الحقوق، وتكلفهم نفس المسؤوليات بالعدل والقسطاس. ثم فوجئت بزميلى النصرانى فى السكن المفروش فى لحظة سهو منه غاب فيها عقله ولم يأخذ حذره، وكان ذلك بُعَيْد تولى شنودة رئاسة الكنيسة الأرثوذكسية بقليل، يقول لى على حين بغتة، ونحن واقفان فى الشارع بين الظهر والعصر، إن النصارى هم وحدهم أصحاب البلد، وإن المسلمين الموجودين فى مصر ليسوا مصريين حقيقيين، بل عربا جاؤوا من الجزيرة العربية واستقروا فيها. ووالله ثم والله لقد كنا نحن الشبان المسلمين فى الشقة المفروشة نعامله أحسن معاملة، ولم نكن نضع فى ذهننا وقتها أننا مسلمون وأنه نصرانى.
    إذن ففى الوقت الذى علَّمونا فيه فى المدرسة أن رسول الله (الذى يسبونه فى جلافة وإجرام وانحطاط ما بعده انحطاط) سيخاصمنا يوم القيامة إذا ظلمْنا أحدا من أهل الذمة، كانوا هم يعلمون أولادهم فى الكنيسة أنهم هم وحدهم أصحاب البلد وأننا نحن الأربعة والتسعين فى المائة (على الأقل) من السكان أجانب غرباء عن البلاد ينبغى أن يعودوا من حيث أَتَوْا. هل رأى أحد لوحة عبثية مثل تلك اللوحة البائسة؟ ثم إنهم بعد هذا كله يزعمون أننا نضطهدهم ونؤذيهم، مثلما يكذبون فيدّعون أن المسلمين فى أرض المحروسة ليسوا مصريين بل عربا، وكأن البضعة عشر ألفا من العرب الذى أتوا إلى مصر قد تكاثروا حتى أصبحوا الآن نحو سبعين مليونا، على حين تقلصت الملايين التى كانت تسكن مصر فى ذلك الوقت إلى أن أضحت بضعة ملايين فقط لا غير. أليس هذا أمرا مضحكا؟ لكن علامَ يدلّ؟ إنه يدل على الكذب الفاجر السافل! ثم يزعمون مع ذلك أنهم أصحاب سلام وتسامح، وأن المسلمين قتلة إرهابيون. وهل يُنْصَر دين الله الحق بمثل هذه الكذب الإجرامى؟

    هل نقض الأقباط العهد؟
    بقلم: د. رفيق حبيب
    تشهد مصر حالة من الصراع السياسي، والذي عبر عن نفسه كثيرا في صراع حول الهوية. وهذه الخلفية ضرورية لفهم موقف الأقباط، أو لمتابعة مواقف الأقباط المتنوعة، والبحث عن موقفها من الأسس التي قامت عليها الجماعة المصرية، وهنا نسأل هل يريد الأقباط أو فريق منهم تغيير الأسس التي قامت عليها الجماعة المصرية تاريخيا؟ والحقيقة أن هناك العديد من المواقف القبطية التي نراها ترفض علاقة العهد التي قامت بين المسلمين والمسيحيين في مصر، تلك العلاقة التي أسست للجماعة المصرية الواحدة، التي تتميز مكوناتها وتتضامن في آن واحد. وأول هذه المواقف هي تلك الخاصة بالانتماء العربي والإسلامي، فهناك رؤية قبطية تريد تأسيس الجماعة المصرية بوصفها جماعة متميزة عن محيطها ولا ترتبط به، وبالتالي يصبح الانتماء المصري نافيا لأي انتماء عربي أو إسلامي. وهذه الفكرة تعني رفض انتماء المسلم المصري لأمته الإسلامية. وهذا المعنى يحرم المسلم من جزء أساسي في عقيدته، وهو الأخوة الإسلامية وأهمية بل ضرورة تحقيق وحدة الأمة الإسلامية. وبهذا تكون هذه الفكرة تفرض شرطا يؤثر على تميز فئة ويفرض عليها ما يخالف ما تؤمن به، رغم أنها تمثل الأغلبية. وبهذا تكون فكرة إخراج مصر من الانتماء العربي والإسلامي، فكرة تهدم عقد العهد بين المسلم وغير المسلم، لأن هذا العقد حفظ لكل منهما التزامه بعقيدته، كما أن عقد العهد بينهما، قام على أساس الحفاظ على التوجهات العامة للأغلبية، بأن تكون توجها عاما للجميع، بمعنى أن العهد قام على أساس أنه بين المسلم والمسيحي في مصر، وهو في ذات الوقت عهد أمة المسلمين جميعا مع المسيحيين وغيرهم في البلاد العربية والإسلامية جميعا. ولهذا تصبح فكرة تأسيس الجماعة المصرية على أسس تفك رابطها بالأمة العربية والإسلامية، خروجا من العهد.
    ومن جانب آخر، نجد بعض الرؤى لدى الأقباط تقوم على فكرة تأسيس المساواة بين المسلم والمسيحي في مصر من خلال التدخل الخارجي، ومن خلال القواعد الدولية والمواثيق الدولية. وهنا نواجه مشكلة الاستعانة بطرف خارجي لحسم قضية داخلية بين طرفي العهد الداخلي المؤسس للجماعة المصرية. وهذا التوجه يحمل مشكلتين، الأولى تتعلق بالاستعانة بطرف خارجي، خاصة وأن هذا الطرف على عداء مع الأمة الإسلامية، نقصد الإدارة الأمريكية خاصة. المشكلة الثانية، أن هذا التدخل الخارجي يقوم على فرض معايير دخيلة على الجماعة المصرية، وهي غير المعايير التي قامت عليها الجماعة المصرية. وبهذا يكون طلب التدخل الخارجي منهيا لعقد العهد بين المسلم والمسيحي، لأن هذا العقد لا يسمح باستدعاء طرف خارجي، كما أن عقد العهد ينتهي تلقائيا في حالة التعاون من أي طرف مع طرف آخر تراه الأمة بأنه عدو. يضاف لهذا أن الاتجاه القبطي المنادي بالتدخل الخارجي، غالبا ما يقوم بهذا من داخل منظومة فكرية علمانية، أي أنه لا يطلب التدخل الخارجي فقط، بل يطلب علمنة النظام السياسي والمجال العام أيضا. وبعض التوجهات القبطية كغيرها من التوجهات لدى بعض النخب من المسلمين تنادي بالعلمنة، أي تطبيق العلمانية في مصر، حتى وإن لم تطالب بالتدخل الخارجي. ونرى هنا أن فكرة تطبيق العلمانية في مصر تعني محاولة تغيير الرؤية السياسية الحاكمة للجماعة المصرية، ومطالبة هذه الجماعة بتأسيس كيانها ووجودها التاريخي والاجتماعي والسياسي على أسس جديدة. وهذه الدعوة في تصورنا، هي دعوة للجماعة المصرية لتبني مرجعية جديدة عليها، وبالتالي الخروج من مرجعيتها السابقة، أي المرجعية العربية الإسلامية. وتوصيف ذلك، أن هناك دعوة علمانية تخرج عن الأسس التي قامت عليها الجماعة المصرية، وتطلب منها أن تتأسس على أسس جديدة. ومن يطالب بهذه الدعوة، سواء كان مسيحيا أو مسلما، فقد خرج من عقد العهد التاريخي القائم على المرجعية الدينية أساسا، ويدعو لمرجعية جديدة. وهنا يكون المحك الحقيقي لهذه الدعوة مرتبطا بالجماهير، فإذا أيدته فتكون بذلك قد رأت أن تؤسس مستقبلها على أسس جديدة، أما إذا رفضت فهي صاحبة الاختيار ومصدر السلطات. ولكن المشكلة تكمن في محاولة البعض جعل كل الأقباط مع هذه الدعوة، وهنا يكون كل الأقباط خارج دائرة العهد، وكلهم يطالب الجماعة المسلمة بقواعد أخرى لتأسيس الجماعة المصرية. وتكمن المشكلة هنا في حالة رفض الجماعة المسلمة لهذه الرؤية، وهو رفض مؤكد، حيث تصبح الجماعة القبطية كلها خارج رابط العهد، وتدعو لرابط آخر، ترفضه الجماعة المسلمة.
    قضية أخرى نراها تمثل واحدة من القضايا الشائكة، عندما تظهر اتجاهات بين بعض الأقباط ترفض بالجملة أي تطبيق للشريعة الإسلامية. وهذا الموقف يعني رفض الأقباط للأحكام الإسلامية في المجتمع المصري، وهو مجتمع مسلم، حيث أن أغلبيته مسلمة. وهذا الموقف ينقض عقد العهد تماما، ويعيدنا لفكرة بحث بعض الأقباط عن هوية جديدة تقوم على المصرية العلمانية. وهنا تتمثل المشكلة في أن الشريعة الإسلامية هي مرجعية الجماعة المسلمة، وهي أيضا مرجعية الجماعة المصرية عبر العديد من القرون، ومعنى ذلك أن أحد مكونات الجماعة المصرية يرفض إعطاء حق مكون آخر في تحديد مرجعيته رغم أنه يمثل الأغلبية. والمشكلة هنا أن عقد العهد القائم بين المسلم وغير المسلم، تأسس على الحفاظ على عقيدة كل طرف والتزامه بهذه العقيدة، وتأسيس المجال العام على أحكام عقيدة الأغلبية، والحفاظ للفئات الأقل عددا على التزامها بعقيدتها وشريعتها إذا خالفت شريعة الأغلبية. وبهذا يكون العهد قائم على المرجعية الدينية أساسا، وهو عهد نابع من الالتزام الديني. وبهذا يكون الاتجاه القبطي الرافض لتطبيق الشريعة الإسلامية، هو اتجاه يحرم الأغلبية من تطبيق مرجعيتها، رغم تعارض ذلك مع أسس الديمقراطية السياسية القائمة على الأغلبية. ولهذا نرى أن هذا الاتجاه يمثل توجها نحو العلمنة، ويصبح دعوة من حق الجماعة المصرية أن تقبلها أو ترفضها. ولكن نؤكد مرة أخرى أن من الخطورة أن تكون تلك الدعوة ممثلة لكل الأقباط، لأن معنى رفضها من الجماعة المسلمة، هو انتهاء عقد العهد بين المسلم والمسيحي في مصر، وتفكك الجماعة المصرية.
    لهذا يصبح من الضروري أن يراجع كل طرف مواقفه، ومن المهم أن لا يوضع الأقباط جميعا في سلة واحدة، سواء من أصحاب الدعاوى التي تخرج على عقد العهد التاريخي بين المسلم والمسيحي، أو من الأقباط أنفسهم. لأن رهان الأقباط على مستقبل خارج أسس عقد العهد الذي تشكلت عليه الجماعة المصرية، يمثل مخاطرة في حق تاريخهم كجزء أصيل من الجماعة المصرية، ومخاطرة في حق مستقبلهم، ومستقبل الجماعة المصرية.

    الإبداع الفني والرقابة الدينية
    بقلم: جمال أسعد
    الإبداع بكل أشكاله وكافة أساليبه هو تعبير صادق وحر وأمين عما بداخل العقل من أفكار ومشاعر وأحاسيس يخرج في لحظة إبداعية إلى المتلقي ويحدث ردود فعل لدى المتلقي يمكن أن يتوافق مع أفكار المبدع أو لا يصل إلى تلك الأفكار بل يمكن أن يتجاوز أفكار المبدع من خلال اكتشاف أفكار لم يحسها المبدع ولم يبعد عنها، وهذه هي قيمة الحالة الإبداعية.
    المأزق هنا هو في هؤلاء الجماعات التي تتخندق وراء أفكار معينة أو لها تفسيرها الخاص وفهمها الذاتي لنصوص دينية تم إبعادها عن السياق العام والمقاصد العليا للأديان معتبرين العمل الفني والإبداعي حالة مادية يمكن قياسها ومطابقتها لمقاييس وأوزان يحددونها هم بطريقتهم ومن وجهة نظرهم ثم يصدرون أحكامهم الجائرة والغير مدركة للفن أو فاهمة للإبداع.
    والاهم هو إصدارهم لتلك الأحكام مختومة بذلك الخاتم الذي استغله طوال التاريخ كل المستبدين والمسيطرين والذين يحافظون على مواقعهم ومنافعهم وهو الخاتم الديني، معتمدين في ذلك على الجمهور العريض الذي لا يملك سوى ذلك الشكل من التدين الذي جعل العاطفة الدينية هي البديل لذلك الإيمان العميق والصحيح للدين. وللأسف فتلك الجماعات المتمسكة بالدين لهدف شخصي قد سمح لها المناخ المتدين شكلا بالتدخل في كل القضايا عن غير فهم أحيانا قاصدة فرض وصايتها في كل الأحيان.
    ولذا فقد أصبح من الطبيعي أن نرى بعض رجال الدين من هنا ومن هناك ومن يطلق عليهم رجال الحسبة بقصد التواجد الإعلامي ولهدف إثبات الذات وصنع بطولات زائفة لدى المتدينين نرى هؤلاء يخرجون علينا ليل نهار رافضين عملا إبداعيا بحجة أن هذا العمل يسيء إلى الدين أو يزدريه. ويتم الوقوع في إشكالية ذلك القياس الخاطئ الذي يقيم الإبداع بأدوات لا علاقة لها بالإبداع أو يرفض ذلك العمل الإبداعي بعيدا عن أي تقييم فني مع العلم أن الدين والعقيدة الدينية هي إحدى المكونات الشخصية للمبدع ولو خضع الإبداع لفكر هؤلاء لتحول إلى عظات مباشرة لا علاقة لها بأي فن ولا بأي إبداع.
    وهؤلاء يتصورون خطأ أنهم الحراس والأوصياء على الدين، ولا نعلم من ذا الذي أعطاهم هذه الصفة ولذا فقد رأينا في السنوات الماضية سطوة هؤلاء الأوصياء على الدين والفكر والإبداع وهم في الغالب الأعم بعيدون عن ذلك حيث تكشفهم مواقف كثيرة. وغير ذلك فقد وجدنا من يفرق بين زوج وزوجته لمجرد أنه مارس حقه في الاجتهاد حتى ولو أخطأ فسيكون له أجر وقد رأينا شيوخ وقساوسة الحسبة الذين استمرأوا الضجة الإعلامية والتي اكتشفوها في معارضتهم للأعمال الفنية المختلفة.
    فمن يطلب عدم عرض فيلم المهاجر للمبدع يوسف شاهين ومن يعترض على عرض من الذي لا يحب فاطمة ... لمجرد أن بهذه المسلسلات من تحول دينيا أو من تزوجت من هو على غير دينها. كأنه لا يوجد في الواقع مثل هذه الحالات أو كأن عدم عرض هذه الأعمال سيقضي على هذه الحالات. وكان من أقام الدنيا ولم يقعدها على رواية وليمة لأعشاب والتي تسببت في تجميد حزب وفي غلق صحيفة. وكانت الطامة الكبرى عندما تصدى هؤلاء المتنطعون لفيلم من أحسن وأروع الأفلام المصرية وهو فيلم بحب السيما. حيث كان هذا التنطع من أفراد مرضى بحب الظهور الإعلامي، والغريب أنهم لم يشاهدوا الفيلم من الأساس ولكنه استغلال العاطفة الدينية لدى الجمهور ذلك الاستغلال السئ والخطير ضد القيم الدينية المتسامحة والتي تعلي المثل وتميز بها الإنسان.
    وبلا شك فهذه المواقف المتخلفة من الإبداع باسم الدين فالدين منها براء ولكنه التعصب ليس ضد الآخر المختلف دينيا وفكريا بل في فيلم... أينما كان التعصب ضد المسيحي البروتستانتي. بل هو التعصب الأعمى لصالح الانا وكأنها ملاك لا يخطيء وبشر لا يعرفون الشر وهي نظرة نرجسية مريضة تتناقض مع جوهر الدين الذي يقر ضعف الإنسان وخطئه.
    أما آخر أخبار تلك الرقابة الدينية الغير شرعية والغير قانونية والتي تفرض نفسها استغلالا للدين. ذلك الموقف من رواية الدكتور يوسف زيدان باسم عزرائيل. وهي عمل أدبي أوهم فيه المؤلف القارئ بأن أحداثه استقاها من خلال مخطوطات سريالية. وهذا الإيهام جائز حتى أن العمل يدخل تحت بند الإبداع الأدبي ولا علاقة له بالعقيدة الدينية.
    وهنا نقول حتى ولو كان للمؤلف رأي أو أن المؤلف قد استقى آرائه من مؤرخين غربيين أو من مصادر أخرى. تلك الآراء التي أزعجت بعض القساوسة وهي أن المسيحيين في بداية عهدهم قد قاموا بتعذيب غير المسيحيين، وهنا فلا أحد ينكر واقعة قتل وتعذيب العالمة هيباتيا. ولكن كون أن هذا قد تم عن طريق وبمعرفة كيرلس عامور الدين من عدمه فهذا طبيعي جدا حيث أنه كمسلم هو اقرب للنطورية بلا شك والتي تقول أن المسيح رسول. أي أن ما جاء بالقصة لم يكن إساءة للمسيحيين ولكنها آراء موجودة في العقائد الأخرى غير المسيحية. فهل عندما تذكر في إطار أدبي وإبداعي تصبح إساءة ويتم مصادرتها.
    وعلى هذه الوتيرة المتعصبة ظهر رجل دين مسيحي لكي يرد على عزرائيل برواية باسم .... عزرائيل في مكة، وهذا ليس ردا فكريا ولكنه التعصب والتطرف باسم الدين ضد الفن والإبداع. ويا ليت رجال الدين يتفرغون لمهمتهم في تقوية تابعيهم دينيا حتى يقوي الإيمان الصحيح وبهذا الإيمان يستطيع المؤمن أن يفرز الغث من السمين. فلا وصاية على الفكر ولا مصادرة لإبداع باسم الدين. فبالحرية نؤمن بأدياننا وبالحرية نبدع وبالحرية نحكم ونقبل ونرفض كذلك.


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية عمرو الأمير
    تاريخ التسجيل
    05/07/2008
    المشاركات
    74
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: يوتا ابن العبيطة!

    حازت رواية عزازيل جائزة البوكر

    يا ترى متى يلتفت لرواية ابن العبيطة بمكافأةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •