التّلقين

طقوس اعتماد " بتاحوتب" الكاهن الفرعوني الأكبر
للسيدة اليزابيث
وتلقينها ألغاز الكهانة في مصر القديمة وألغاز الحياة الأبدية

إنها قصّة رحلة روحية ونفسية طويلة
لامرأة خلال عُمرين مختلفين !..

في :
مصر الفرعونية القديمة ...
وفي أوروبا القرن العشرين...


ترجمة وإعداد
أدهم وهيب مطر

بدية الكتاب......
اليوم أدخل المعبد للمرة الأولى ، فيما تساورني الشكوك والتساؤلات، هل سأستطيع الاستمرار بهذا الصفّ الطويل الطويل بين القصر والمعبد؟ وكم سأمضي من السنين حتى أصبح أنا نفسي هي الطريق حتى وإن أغمضت عينيّ ، ستبقى قدميّ تحملاني إلى المعبد!
وعند قائمة المدخل سوف ترتاح ، وهناك أراها تعانقني، تقبّلني، وتمسكني بقوّة ، ثم تجذبني إليها وتحضنني بعاطفة جياشة كما لو أنّنا لن نرى بعضنا من جديد ،ثمّ ، وبعد أن هدأت نفسها ، قبّلتني وانحنت أمامي !.
يمكن أن يُتمتّع بالتلقين في العديد من المستويات المختلفة؛كرواية متعلّقة بالسيرة، كقصّة تقمص إمرأة وكتحرير تجربة روحية، وبسبب تميز النبوءة والرؤى ، فقد قورن "التلقين" بكتاب "جون غرانتJohn Grant " الفرعون المجنّح.
"التلقين" باختصار هو سيرة تلقين فتاة شابة ألغاز الكهانة في مصر القديمة، تحت توجيه الكاهن الأكبر بتاحوتب Ptahhotap وهي تنبّه من الحقائق الغامضة وتقود خطوة فخطوة إلى فهم الألغاز النهائية.
ملاحظة المؤلف
لم يكن في نيّتي على الإطلاق أن أقدم صورة تاريخية لمصر، ذلك لأن أي شخص يعيش في أيّ مكان ما ، لا تتكون لديه أدنى فكرة عن خواص بلاده، وهو لا ينظر إلى العادات واللغة والدين من وجهة نظر أنثوغرافية، في حين أنه يتعامل مع كل مل يحيط به كأمر طبيعي. أنه إنسان لديه أفراحه وأتراحه شأنه في ذلك شأن كلّ إنسان، في أي مكان، و أي زمان ،وهذه الانفعالات الإنسانية التي تعتبر ثابتة وخالدة .
إن اهتمامي هنا يتعلق فقط بالإنسان، وليس بوصف الأعراق البشرية والتاريخ. ولهذا، فقد آثرت استخدام عناصر وشروط حديثة عمدا فيما يتعلق بأحداث الرواية أثناء السرد ، فقد تجنّبت استعمال الكلمات الصوتية المصرية لإيحاء خلق وهم الجوّ المصري.
وبناء عليه فإنّ تعليمات الكاهن الأكبر Ptahhotep قد نقلت بلغة حديثة لكي يتسنى للناس العاديين في عصرنا الحديث فهمها ، أما بالنسبة للرموز الدينية أيضا، فقد اخترت استعمال عناصر وشروط حديثة لكي يستطيع الغالبية فهم ما تعنيه تلك الرموز .
إن الناس اليوم يفهمون ما نعنيه أكثر إذا نقول كلمة "الله" بدل استعمالنا التعبير المصري " بتاح" أو "Ptah" لنفس المفهوم، وهكذا ، فإذا ما قلنا كلمة " بتاح" "Ptah" أمام أحد ما ، فإنه سوف يجيب فورا، "أوه نعم، بتاح Ptah، الإله المصري."
لكن لا! فإن بتاح Ptah ما كان إلهاً مصرياً ، بل بالعكس، فقد كان المصريون القدماء يدعون
" الله "ما ندعوه نحن " الله" ولكن باسم "بتاح" Ptah.
ومثال آخر على ذلك فقد كانوا يطلقون على الشيطان اسم " سيث" Seth .
إن ما تحمله كلمتي "الله والشيطان" من معان لنا اليوم لا ينطبق عما كانت تحمله كلمتي " بتاح " و " سيث " للمصريين القدماء ، فالناس الذين يعيشون في زماننا الحاضر، ينظرون إلى تلكم الكلمتين وكأنهما فارغتي المعنى ، بل وكتعبيرين أجوفين لا قيمة لهما ولا قيم.
كما أن شعارات التعبير ومبدأ التعبير المبدع له معنى لنا نحن أناس اليوم ، في حين لا ندرك ذلك من التعبير "الصقر حورس Horus Hawk".
وعلى سبيل المثال فإن الكهرباء اليوم هي ذات الكهرباء قبل آلاف السنين، وتكوين الذرّة هو نفسه ولم يتغير عبر الزمن، وهكذا، فإنه وببساطة، كان له اسماً آخر، اسم مختلف.
وبناء على ذلك ، فقد أحببت أن أبدي هذه التعليقات والشروح هنا لكي يكون قرّائي قادرين على تكريس انتباههم إلى محتوى القصّة الذي يقرؤونها ،وبدون أن يتوقفوا بشكل غير ضروري أمام ما سيجدونه من مفارقات تاريخية مجرّدة بسبب تسميات العناصر التي استعملتها – على سبيل المثال عندما يتحدث الكاهن المصري الأكبر عن "التفاعل المتسلسل"!
لقد تجنّبت عمداً محاولة إعادة إنتاج أو تقليد المصطلح القديم للظواهر التي نعرفها الآن بأسماء الأشخاص المعتادون على نسبها إليهم.
المقدمة
يعتبر الإيقاع الوطني للشعب الهندي دين قائم بحد ذاته، فمع كلّ دقة قلب، فإن الهندي يحسّ نفسه وقد اقترب خطوة أخرى نحو الهدف الأبدي المجيد في معرفة الله.
فحينما يسمع اسم الله على شفاه شخص عابر ، تلتقط أذنه الحادّة ذلك النغم بينما يبدأ بترتيل المديح للخالق ، بالرغم من أنّه لربّما لا يتوفر لديه لا غذاء ولا سقف فوق رأسه – بل يكون في غالب الأحيان قوس السماء هو ملجأه – لكنه رغم كل ما يصيبه ، لا يزال الله في قلبه، لأنه يعرف تماماً بأنّه قد جاء إلى هذه الدنيا وذهب عددا لا يحصى من المرات وبأنه مجرد زائر مؤقت في هذه الأرض وسيذهب ثانية، من خلال الولادات التي لا تُعد ، وبأنّه قد تمتّع بكلّ ما يقدمه العالم المخلوق ذلك لأنه يعرف الحقيقة الكونية بأن "كلّ شيء هنا على الأرض إلى زوال "ولا شيء يمكن أن يرضيه أكثر ويجعله سعيداً فأمنيته الآن هي في أن يجد ويصل إلى ذلك المصدر الذي منه يتدفق نبع التجليّات .
ومن أجل هذا، ومنذ الطفولة المبكرة، يصلّي: " أتأمّل روعة الوجود التي خلقت هذا الكون، لعلها تنير لي عقلي "
تُذكّره قدسية وجمال الطبيعة، بكينونتها وبالذي كونها، والذي يصبح جل إعجابه.
وهكذا، تصبح كلّ النصوص المقدّسة، ومهما كان دينها ، والتي تتحدث عما يؤمن به ، نصوصاً تستحوذ على احترامه وإعجابه، ويصبح كلّ شخص ينهج منهجه ويتكلّم حول الطريق إليه ينال أيضاً ً كل احترامه وإعجابه .
وهكذا، فقد حُبيت بثروة عظيمة حينما جلست عند أقدام روح مستنيرة : إليزابيث هايش،معلّمتي، ومرشدتي ، ففي حضورها تبدأ بتلات روحي الحسّاسة بالتجلّي، وفي أغلب الأحيان ، فإن كلمة منها تفتح عيوني، وأحيانا لمحة متعاطفة وحنونة بما فيه الكفاية لأن تقوّيني وتشد أزري في طريق التحدي ، في الوقت الذي كان تعليق أي صديق لي يمكن أن يبعد كلّ شكوكي أحيانا، لكن في كلّ لحظة من حضور معلّمتي، كانت تجلب لي تجارب جديدة وتعجّل تقدّمي، و في أغلب الأحيان عندما تضايقني بعض الأشياء ،كنت أجد العون والمواساة والسلوان في كلمات معلّمتي: "لا تحيا من أجل الحاضر فقط ، ولا تسمح للأشياء العابرة أن تؤثر فيك ، عش في خلود، بعيداً عن الزمان والمكان ،بعيداً عن الأشياء المحدودة. وعند ذاك لا شيء يمكن أن يؤثّر عليك."
في حضور معلّمتي، أتمتّع بالاستقلال المطلق للفكر، وبالنسبة لي فقد تعلّمت بأنّه أمر خاطئ للإرادة لتطبيق أفكار الشخص الآخر في حياته الخاصة. "أنا ببساطة لا أريدك أن تتبع الطريق التي اتبعها للوصول إلى الهدف " وقالت لي "سر في طريقك الخاص، على الطريق الذي اخترته بنفسك ولنفسك ليقابل ميولك الأعمق خصوصية ، ولا تقبل أيّة مقولة لمجرد أني كنت أنا من قلتها ، وحتى إذا كانت حقيقية ، إلا أنها لا تزال ليست حقيقتك ولا تعبر عنها ، وقد لا تكون هي تجربتك، ولا تخصك ، ومن أجل ذلك عليك أن تعي أولاً حقيقة من تكون ، وبعد ذلك سوف تخصك ، انظر إلى حياة أولئك الذين أدركوا الحقيقة فقط ، واعتبرهم كبرهان للذين يعرفون كيف يصلون إلى الهدف ."
لقد كانت لكلمات معلّمتي بالغ الأثر فيّ لدرجة أنها استحوذت على كياني بشكل كلي وبدافع لا يقاوم نحو الاستقلال المطلق، وهذا الحافز حرّرني من الموقف الشنيع للمساعدة المتوقّعة من الخارج.
أنا لست بحاجة إلى معلّم ليؤثّر علي، ولكن لمعلّم يعلّمني أن لا أسمح لنفسي بأن أؤثّر عليه.
لعدّة سنوات،كنت امتلك ذلك الامتياز العظيم للاستماع إلى الحقائق العميقة والتي توضّح من خلال الكلمات الأسهل، لكنني لغاية الآن لم أسمع أي شخص آخر أوضح لإيحاءات التوراة وخفاياها بشكل أوضح مما فعلنه "إليزابيث هايش" وبأسلوب قابل للتطبيق في حياتنا اليومية .
على الرغم من أنني قد سافرت بعيدا، وفي كلّ سفراتي ، لم أستطع العثور على أية كاهن أو كاهنة يستطيع أن يوضّح لي المعنى الحقيقي لتلك الإيحاءات ، على الرغم من أنّي كنت قد سألت المئات. بعد كل هذا ، كيف يمكنه إذا هو لم يصل إلى "مملكة السماء ضمناً" ؟ عدا عن ذلك، كيف يمكن أن يكون طالما هو لم يختبر نفسه ضمن حقيقة الجملة: "أنت ضوء العالم، "طالما هو لم يدرك لغاية الآن: "أنت المعبد الحيّ للروح القدس" ؟
لقد حضرت المئات بل والآلاف من المحاضرات الأسبوعية ومجموعات التأمل تحت إشراف إليزابيث هايش ، بل كانت أمنيتنا جميعاً هي الحصول على تعاليمها على شكل الكتاب.
كانت أرواحنا خلال تجربة كلّ محاضرة متعطشة للحقيقة التي كانت تغنينا بشكل لا نحلم به، فقد كانت تتولد فينا بهجة عظيمة بأنه أخيرا، سوف يتوفر لدينا جزء من هذه المعرفة في شكلها المركّز ضمن دفتي كتاب.
يعتبر هذا الكتاب مقدمة إلى الفنّ العالي للوصول والتعلم واستحضار القدسية فينا من أجل التعرف على هذا المخلوق المجهول الذي يدعى الإنسان.
نحن سنكتشف الحقيقة العظيمة: إن تطور الذات سيكشف عن ذلك الكمال الذي كان في الإنسان منذ بداية الخليقة ، والدين ما وجد إلا لتنشيط المبادئ القدسية التي تنتظر أن تتوضح تلك الدلالات في الإنسان .