بسم الله الرحمن الرحيم
العراق بعد ست سنوات من الاحتلال
رأي القدس

20/03/2009




يبدأ العراق اليوم عامه السابع تحت الاحتلال الامريكي، وما زالت الاوضاع فيه مأساوية رغم الاحاديث المتزايدة من قبل الادارة الامريكية والحكومة العراقية المنبثقة عن مشروع الاحتلال بحدوث تقدم على الصعيدين الامني والاقتصادي.
الوقائع على الارض تعطي صورة مغايرة، فالكهرباء ما زالت شبه مقطوعة، وكذلك امدادات المياه، ومعدلات البطالة متفاقمة، اما الامن فما زال في أضعف صوره، وكل ما حدث ان عمليات القتل انخفضت وتيرتها دون ان تتوقف، وانتقلت من العاصمة الى بعض المدن الاخرى، وخاصة مدن الشمال.
احصاءات الامم المتحدة الرسمية قالت ان هناك اكثر من اربعة ملايين ونصف المليون عراقي هجروا اماكن اقامتهم طلبا للامان، نصفهم على الاقل غادروا البلاد كليا الى دول الجوار مثل سورية والاردن، واعداد محدودة من هؤلاء عادوا بسبب صعوبة الظروف المعيشية، وعدم توفر فرص العمل لهم في المهاجر الجديدة.
العراق لم يتحول الى نموذج للرخاء الاقتصادي والديمقراطية في محيطه، بل الى نموذج للطائفية، والصراعات العرقية، والتطرف باشكاله كافة. فحتى هذه اللحظة لم تتم المصالحة الوطنية، وما زال البرلمان دون رئيس، والهوية الوطنية التي توحد العراقيين خلفها ما زالت غائبة.
صحيح ان انشطة تنظيم 'القاعدة' قد تراجعت، والشيء نفسه يقال عن بعض فصائل المقاومة الوطنية الاخرى، ولكن هذا التراجع لم يأت بسبب تحسن الاوضاع الامنية، وقوة الجيش العراقي، وانما نتيجة لمجموعة عوامل ابرزها زيادة عدد القوات الامريكية في العراق، وبعض ممارسات تنظيم 'القاعدة' التكفيرية، وفرض قوانين صارمة على المواطنين في المناطق السنية، واستهداف ابناء الطائفة الشيعية بالتفجيرات والعمليات الانتحارية، وهي الممارسات التي أدت الى بروز ظاهرة قوات 'الصحوات'، وهي مجموعات من العراقيين جرى اغراؤهم بالاموال الامريكية او تلك القادمة من الدول العربية.
الادارة الامريكية الجديدة اعترفت بان الحرب في العراق لا يمكن كسبها، ولهذا قررت سحب قواتها في غضون ثلاثة اعوام على الاكثر، تقليصا للخسائر البشرية والمادية، وانقاذا لسمعتها المتدهورة في العالم بأسره.
ست سنوات من الاحتلال كلفت امريكا اكثر من ثمانمئة مليار دولار حتى الان، علاوة على مقتل اكثر من اربعة آلاف جندي من جنودها، واصابة ثلاثين الفا آخرين. وهي خسائر ضخمة بكل المقاييس يزيد من فداحتها فشل المشروع الامريكي في جعل العراق دولة مستقرة وحليفة للولايات المتحدة والغرب، وفتحه امام النفوذ الايراني المتزايد.
الصورة ستظل غير واضحة المعالم حتى انسحاب القوات الامريكية، ووقوف الحكم العراقي الحالي امام استحقاق تحمل مسؤولية الامن في البلاد بمفرده، وهو اختبار من الصعب الجزم بنتائجه حاليا، ولكن غياب المصالحة الوطنية، وقيام مؤسسات الدولة على اسس طائفية، بما في ذلك المؤسستان الامنية والعسكرية، يجعلاننا اميل الى التشاؤم من التفاؤل.
العراق بعد ست سنوات من الاحتلال يبدو اسوأ حالا، فاقد السيادة والدور والهوية، متقطع الاوصال، مفتقراً الى القيادة التي توحده وتعيد اليه هيبته وكرامته وعزته الوطنية.

qca



--------------------------------------------------------------------------------