طليطلة ومدرسة المترجمين
المدرسة الأولى للاستعراب الإسباني

الأستاذ محمد القاضي
طنجة


1 ـ طليطلة زينة المدن الأندلسية:

لا يخفى على أي مهتم بتاريخ الأندلس عامة وبفترة ملوك الطوائف على وجه الخصوص الدور الذي لعبته مدينة طليطلة في تفعيل الأحداث السياسية بالأندلس، نظراً لموقعها الاستراتيجي الموجود في منحنى نهر التاخو (Rio Tajo)، حيث عرفت: »(بالثغر الأوسط) المتاخمة حدودها للممالك الإسبانية النصرانية، واعتبارها بذلك حاجز الدولة الإسلامية وجناحها الشمالي الأوسط ضد عدوان النصارى«([1]).

وقد وصفها ياقوت الحموي بأنها »مدينة كبيرة ذات خصائص محمودة بالأندلس... وكانت قاعدة ملوك القوطيين وموضع قرارهم، وهي على شاطئ نهر تاجه وعليه القنطرة التي يعجز الواصف عن وصفها. وقد ذكر قوم أنها مدينة دقيوناس صاحب أهل الكهف، قالوا:"وبقرب منها موضع يقال له جنان الورد فيه أجساد أصحاب الكهف لا تبلى إلى الآن، والله أعلم... وهي من أجل المدن قدراً وأعظمها خطراً"«([2]).

وتعتبر طليطلة (Toledo) اليوم من المدن الإسبانية القديمة، إذ كانت موجودة قبل احتلال الرومان لها سنة 192 قبل الميلاد، وحظيت وما زالت تحظى بمكانة لدى الإسبانيين بصفتها عاصمة دينية لها خصوصيتها، »وكانت مع أحوازها أحد الأقاليم الخمسة التي تألفت منها مملكة قشتالة الجديدة. وما زالت طليطلة عاصمة دينية لإسبانيا، بعد أن كانت عاصمة لإمبراطوريتها وقاعدة للملوك القوطيين قبل الفتح الإسلامي للأندلس« ([3]).

وتعد كذلك من المدن التي وصلها طارق بن زياد ففتحها ضمن ما فتح من البلاد الأندلسية، فوجدها »خالية ليس فيها إلا اليهود في قوم قلة، وفر عالجها مع أصحابه، ولحق بمدينة خلف الجبل، وتبعهم طارق بعد أن ضم اليهود وخلى معهم بعض رجاله وأصحابه بطليطلة«([4]).


2 ـ طليطلة الإسلامية

ويذكر الدكتور حسين مؤنس أن طارقاً بن زياد دخل طليطلة من غير مقاومة تذكر، واستولى على الكنوز الزاخرة التي وجدها في قصور القوط وفي كنيسة طليطلة الكبيرة بوجه خاص. ولم يسهب المؤرخون المسلمون في شيء مما وقع للمسلمين في فتوحهم كلها مثلما أسهبوا في صفة المذبح المحلى بالجواهر الذي اغتنمه المسلمون في هذه الكنيسة الجامعة. فقد سموه مائدة سليمان بن داود وذهبوا إلى أن هذه المائدة كانت من زبرجد خالص. ومن المحقق أن هذا المذبح كان درة من درر الفن المحلى بأثمن ما لدى القوط من الذهب والجوهر، وأن وقوعه في يد المسلمين أثار بينهم دهشة كبرى. وينقل عن ابن حيان المؤرخ الأندلسي:

وهذه المائدة المنوه عنها المنسوبة إلى سليمان النبي عليه السلام لم تكن له فيما يزعم العجم، وإنما أصلها أن العجم في أيام ملكهم كان أهل الحسبة منهم إذا مات أحدهم أوصى بمال للكنائس. فإذا اجتمع عندهم ذلك المال، صاغوا منه الآلات الضخمة من الموائد والكراسي وأشباهها من الذهب والفضة، تحمل الشماسة والقسوس فوقها كتب الإنجيل إذا أبرزت في أيام المناسك، ويصفّفُونها على المذابح في الأعياد للمباهاة بزينتها. فكانت تلك المائدة بطليطلة مما صيغ في هذا السبيل ([5]).

أصبحت طليطلة إحدى القواعد الإسلامية المهمة بعد الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الإبيرية، فبلغت أوج ازدهارها أيام الحكم العربي الإسلامي وخصوصاً أثناء حكم ملوك الطوائف الذي قام على أنقاض الدولة الأموية، وذلك في أواخر الربع الأول من القرن الخامس الهجري، حيث احتضنت طليلطة أسرة قوية تعاقبت على حكمها، وهي أسرة بني ذي النون الذين تمكنوا من تكوين أكبر دول الطوائف فيها، ساعدهم في ذلك موقعها الاستراتيجي ووفرة مواردها، فاكتسبت مناعتها من انتصاراتها على كثير من ملوك الطوائف؛ كما اكتسبت أهمية في ميداني التعليم والثقافة حيث كانت تضم علماء وفقهاء وأدباء أفذاذاً تجمعوا بهذه المدينة لاعتبار أساسي هو رد موجة الثقافة المسيحية نظراً لقربها من المملكة الإسبانية. فأضحت من القواعد الكبرى للثقافة العربية الإسلامية في الأندلس، فكانت بذلك سداً معرفياً صلباً.

فكان يرحل إليها علماء أوربا ليدرسوا العلوم العربية، وبلغ حب ذي النون للكتب أنهم كانوا يستولون على المكاتب الخاصة بالقوة؛ كما نقلت إلى هذه المدينة مخطوطات كثيرة من مكتبة المستنصر (961 ـ 976 م)، التي تبعثرت ولم يصل إلينا منها سوى مخطوط واحد وضع عليه الحكم الثاني ملاحظات بخط يده([6]).


3 ـ طليطلة ومكانتها العلمية

وقد أنجبت طليطلة العديد من رجال العلم والأدب والدين، منهم: أبو الوليد بن الوقشي. وقد لقيه صاعد بتلك المدينة عام 438 هـ. وكان يجمع إلى علوم اللغة والفقه معرفة بصناعة الهندسة والمنطق؛ وأبو جعفر بن منيح أحد المعتنين بعلم الهندسة والمنطق والنجوم والطب؛ والقويدس الذي تأدب في طليطلة وبرع في علوم العدد والهندسة والفرائض، ودرس في تلك المدينة زمناً طويلاً؛ وأبو إسحاق إبراهيم بن يحيى التجيبـيّ النقاش المعروف بولد الزرقيال، وكان بصيراً بعلم الفلك. قال فيه ابن الأبار: »ولم تأت الأندلس بمثله، آخر أرصادهبقرطبة، وكان أكبر رصده قبل ذلك بطليطلة في أيام المأمون«. (التكملة، ص. 138).

ومن المشتغلين بالعلم أيضاً في طليطلة، أبو عامر بن الأمير المقتدر بن هود. وكان يضيف إلى معرفته بالعلم الرياضي اهتماماً بالمنطق والعلم الطبيعي والإلهي. ومن المهتمين بالطب ابن البغونش. وقد درس على علماء قرطبة فأخذ علم العدد والهندسة عن مسلمة المجريطي، وعلم الطب عن ابن جلجل وابن عبدون الجبلي وغيرهما، ثم خدم الظافر بن ذي النون والمأمون... ومن مشاهير الأطباء الذين استوطنوا طليطلة، ابن وافد اللخمي. وقد ألف كتاباً في الأدوية المفردة جمع فيها بين كتابي ديوسقوريدس وجالينوس. وكان يرى أن التداوي بالغذاء مقدم على التداوي بالدواء. أما صاعد بن أحمد الطليطلي الذي ولي قضاء طليطلة ليحيى بن ذي النون، وهو مشهور بمؤلفه التاريخي "طبقات الأمم"، فقد كان من الحكماء والفقهاء الذين جمعوا بين الفقه والحكمة. تتلمذ على ابن حزم في قرطبة ([7]).


4 ـ طليطلة بين تقلص الحكم الإسلامي واتساع المد المسيحي

لقد تميزت فترة حكم ملوك الطوائف في الأندلس بالخلافات والتفرقة والانشقاق والفوضى والتخاذل والانقسامات الداخلية، في حين كانت قوة إسبانيا النصرانية تغذي هذه الخلافات مستغلة عوامل الوهن والأزمات في صفوف ملوك الطوائف، وتساعد بعضهم ضد البعض الآخر من أجل إضعافهم والانقضاض عليهم في النهاية، لأنه:

لم يكن ممكناً لدول الطوائف أن تستمر، لكونها لم تكن تتوفر على أدنى شروط الدولة المستقلة، خاصة غياب سلطة مركزية، وعدم قدرة السلطات الحاكمة على فرض سلطتها على السكان، وحماية أراضيها من نهب الجيش الأجنبي. فهي في الواقع لم تكن دولاً بالمعنى المعروف، وإنما كانت أقرب منها إلى وحدات الإقطاع([8]).

هكذا عاشت الأندلس قلقة مضطربة تحت حكم ملوك الطوائف الذين انشغلوا بخلافاتهم على السلطة، والصراعات الطائفية والسياسية، وبدا لأهل الأندلس أن كل شيء بدأ ينذر بالسقوط والانهيار، وكثر المتآمرون وطغى الاستبداد، وكان هجوم النصارى يتوالى على القواعد الإسلامية، وتوج ذلك بالاستيلاء على طليطلة سنة 478 هـ (1085 م)، وذلك بعد حصار دام تسعة أشهر، حيث استعادها ألفونسو السادس الذي كان قبل سنوات قليلة لاجئاً فيها عند المأمون بن ذي النون.

وكان استيلاء ألفونسو السادس، ملك ليون وقشتالة على مدينة طليطلة، وهو ما يحدد معظم المؤرخين المسيحيين والمسلمين تاريخه بشهر ماي 1085 م، من أهم أحداث التاريخ الإسباني في العصور الوسطى؛ إذ كان هذا تتويجاً للجهود المضنية، التي بذلت في حركة الاسترداد المسيحي، في القرن الحادي عشر. فقد كان له نفس الصدى الذي حدث عند سقوط هذه المدينة يوم كانت عاصمة القوط الغربيين القديمة في أيدي المسلمين، قبل ذلك بأربعمائة سنة، بحيث سرى هذا الاستيلاء في جميع أنحاء الأندلس والمغرب مسرى الألم والحسرة، مما كان حافزاً أساسياً دفع أمير المرابطين يوسف بن تاشفين إلى التدخل العسكري في شبه الجزيرة الإبيرية ([9]).

ترك سقوط طليطلة أثراً عميقاً في نفوس الأندلسيين عبر عنه الشعراء في غضب وبكاء... بكاء على المدينة العظيمة التي فقدت بنكبتها ركناً من أركان الإسلام وحصناً من حصونه، وذلك لما للمدينة من أهمية وشهرة بالغتين باعتبارها حاضرة الأندلس الكبرى. وقد رثاها أحد الشعراء قائلاً:

طليطلة أباح الكفر منها
فليس مثالها إيوان كسرى
محصنة محسنة بعيد
وكانت دار إيمان وعلم
فعادت دار كفر مصطفاة
مساجـدهـا كنائـس أي قـلـب
حماها إن ذا نبأ كبير
ولا منها الخورنق والسدير
تناولها ومطلبها عسير
معالمها التي طمست تنير
قد اضطربت بأهليها الأمور
عـلى هـذا يـقـــر ولا يـطــير
فـيـا أسـفاه يا أسـفـاه حـزنـــا
يكــرر مـا تـكــرره الدهــور([10])

كما يعتبر سقوط طليطلة محطة كبرى في تاريخ فقهاء الأندلس خلال القرن الخامس الهجري، حيث أرخت لتحول موقفهم من ملوك الطوائف بعدما سجلت الفترة السابقة لسنة 478 هـ/ 1085 م مساندتهم المطلقة واللامشروطة لسياسة ملوك الطوائف، بحيث كانت مصالح كلا الطرفين، من موقعها الطّبقي، تعرف انسجاماً عميقاً. ولكن مع احتلال طليطلة، لم يجد الفقهاء بداً من إعلانهم العصيان والتمرد فأطلقوا العنان لبعض الفتاوي المناهضة لحكم دول الطوائف، وخصوصاً عندما تأكدوا أن زمام الأمور السياسية بدأ ينفلت من يد هؤلاء الأمراء وأصبح حكمهم يعرف هزات عنيفة تنذر بتحولهم لقمة سائغة في متناول القوة المسيحية القادمة من الشمال. أما فقهاء طليطلة، فإن احتلال مدينتهم حرك وعيهم بضرورة اتخاذ مواقف صارمة وواضحة من المد المسيحي. فكانت قيادتهم للحركة الاحتجاجية التي تبناها المجتمع الطليطلي، أحد تلك المواقف المناهضة لسياسة حاكم طليطلة الابتزازية، بالإضافة إلى الصمود الحازم الذي أبداه بعض الفقهاء اتجاه عملية الهدم التي لحقت بمسجد طليطلة، وهو الشيخ محمد بن عيسى بن فرج عبد الله المغامي (المتوفى سنة 485 م) حيث كان بالمسجد »وبين يديه أحد التلامذة يقرأ. فكلما قالوا له عجل، أشار هو إلى تلميذه بأن أكمل، ثم قام ماطاش ولا تهيب، فسجد به واقترب، وبكى عليه ملياً وانتصب النصارى يحطمونه« ([11]).

ويبقى الموقف الذي اتخذه الفقهاء من الاستنجاد بالمرابطين أهم موقف يمكن تسجيله في سياق الحديث عن مواقف مجموعة من فقهاء طليطلة أمام السياسة التوسعية لألفونسو السادس. وأمام هذه التحديات، أصبحت الضرورة تستلزم الاستعانة بجيوش المرابطين بقيادة أميرهم يوسف بن تاشفين الذي كان عبوره إلى الأندلس بداية عهد جديد، حيث أنقذ الإسلام من الخطر الداهم الذي أصاب هذه البلاد. وبهذا يكون المرابطون قد مدوا حياة الأندلس السياسية وأبقوها تحت راية الإسلام زهاء أربعة قرون أخرى.


5 ـ سقوط طليطلة وأهميتها للإسبان

لقد كان استيلاء ملك ليون وقشتالة على مدينة طليطلة سنة 1085 م من أهم أحداث التاريخ الإسباني في العصور الوسطى:»فقد كان له نفس الصدى الذي حدث عن سقوط هذه المدينة، يوم كانت عاصمة القوط الغربيين القديمة في أيدي المسلمين«([12]).

ونظراً للمكانة العظيمة التي أصبحت تحظى بها هذه المدينة عند الإسبان بعد استرجاعها، فقد امتد اسمها إلى مناطق كثيرة في أمريكا الجنوبية والشمالية والفلبين والبرتغال إلى أن وصل إلى ستة وثلاثين (36) من الأماكن والمدن التي تحمل الاسم نفسه (طليطلة [Toledo])([13]).

يرى بعض الباحثين العرب أنه لحسن حظ العرب والثقافة والحضارة العربيتين، استولى النصارى على مدينة طليطلة. فكما كان من الضروري على العرب فتح الأندلس ومد جسر بينهم وبين الغرب، كان من الضروري أيضاً أن تسقط مدينة طليطلة في يد ألفونسو السادس (الأدفونش)، وفي التاريخ الذي سقطت فيه أي عام 1085 م. ولو تأخرت خمسين سنة عن السقوط، لما أتيح للعرب أن يؤدوا دورهم الثقافي والحضاري في العالم الغربي. ولو تأخر استرداد مدينة طليطلة خمسين سنة، لما استفاد الغرب شيئاً من الثقافة العربية واليونانية، بل كان الغربيون لجأوا إلى ترجمة الثقافة اليونانية من مصدرها اليوناني...، لأنه من المعروف أن الثقافة اليونانية وصلت إلى الغرب عن طريق العرب، أي أن العرب كانوا قد نقلوا الحضارة اليونانية إلى العربية، ثم جاء الغربيون، ونقلوا هذه الحضارة من العربية إلى اللاتينية في مدينة طليطلة([14]).

ومن الحقائق التاريخية الثابتة أن إسبانيا كانت المعبر الأكثر أهمية الذي تسربت منه الثقافة والحضارة الإسلامية إلى أروبا.


6 ـ طليطلة ومدرسة المترجمين

ظلت طليطلة حتى بعد زوال الحكم الإسلامي محتفظة بالحضارة العربية الإسلامية:

وقد غلبت العروبة على نصارى طليطلة، ولبثوا نصارى؛ ولكن اتخذوا اللغة العربية والثقافة العربية لأنفسهم، وكانوا يقيمون صلواتهم وطقوسهم الكنيسية باللغتين العربية واللاتينية، وأطلق على هذا الطقس الكنيسي اسم »الطقس المستعرب«... وظل سكانها متمسكين بعروبتهم، ولبث أخذهم وعطاؤهم وبيعهم وشراؤهم وجميع صكوك معاملاتهم باللغة العربية حتى أواخر القرن السادس عشر، ورغم أنهم طوال وجودهم تحت الحكم العربي، كانوا كثيري العصيان والتمرد والثورات على حكام قرطبة ([15]).

ويؤكد المؤرخ الإسباني خواكين بالبيه، أستاذ اللغة العربية في جامعة مدريد المركزية:

أنه بعد سقوط طليطلة، ظلت اللغة العربية لغة رسمية لأكثر من ثلاثمائة وخمسين سنة (350 سنة). وهناك أكثر من ألف وثيقة تمت كتابتها في تلك المدينة بعد سقوطها، ويشير إلى أن أكثرها متعلق بالمعاملات الخاصة بالمورسكيين الذين ظلوا في المدينة ولم يغادروها ([16]).

وبالرغم من كل ما اتخذته السلطات المسيحية الحاكمة فيما بعد من تعنت وقهر وتعذيب لإرغام المسلمين الذين فضلوا البقاء في طليطلة على التنصير، فقد بقوا مسلمين في سرائرهم محافظين على شعائرهم الدينية، وأصبح المسلمون شبيهين بجمعية سرية تكتم أمرها أشد الكتمان، وكانوا يجتمعون سراً ويتناقشون في أمور دينهم خفية حتى لا يعرف أمرهم. واستمروا على هذه الحالة إلى أن أصدر:

الملك فيليبي الثاني يوم 7 نونبر سنة 1566 م قانوناً بموجبه يمنع التكلم باللغة العربية ويقضي على التقاليد العربية وحطم الحمامات، كما ألزم المسلمين المتضررين بمقتضاه بترك أبواب منازلهم مفتوحة بصفة دائمة لكي يقع تفتيشها في كل وقت وحين لكي يتحقق المسيحيون من عدم أداء المسلمين لشريعتهم الإسلامية خفية إذا خلوا إلى أنفسهم([17]).

أما دورها الثقافي، فقد استمر في العطاء، فأصبحت وسيطاً من أهم وسائط الثقافية العربية الإسلامية إلى جميع أرجاء القارة الأوروبية، حيث أدرك ألفونسو السادس أهميتها وفاعليتها في هذا الميدان، لأنها سرعان ما تحولت إلى دار ترجمة كبيرة للثقافة العربية الإسلامية إلى اللاتينية، حيث توافد عليها الباحثون والمتعطشون للمعرفة من مختلف أنحاء أوربا. فقد كان من أهم أعمال ألفونسو السادس:

تأسيسه لمدرسة المترجمين التي عهد إليها بنقل أمهات الكتب العربية في مختلف العلوم إلى اللغة اللاتينية وبالسهر على إشاعتها... وقد استعان على نقل الكتب العربية إلى اللغة اللاتينية بكبار المتخصصين من المسلمين واليهود والنصارى، لأن اللاتينية كانت لغة الدين والدولة والعلم في الممالك النصرانية كافة... وقد كان لهذه المدرسة دور هام في إيقاظ أوربا من سباتها العميق وإخراجها من ظلمات الجهل والتعصب إلى نور العلم والمعرفة، بما تناقله العلماء بشتى الأقطار من نتاج الحضارة العربية وما اقتبسوه عنها من وسائل البحث وطرائق الاكتشاف، وبفضل ما استخرجوه من الكتب... ويقول رواة التاريخ الإسباني خلال هذه القرون السبعة الأخيرة: إن أولئك العلماء من مسلمين ويهود قد نهضوا بالمهمة المسندة إليهم على أحسن وجه بما أنجزوا من عمل النقل وتعليم الترجمة والإشراف عليها فكان فضلهم على النهضة الإسبانية عظيماً([18]).

وكان من أهم رجالها في هذه الفترة الراهب رايموندو Raymond)) (1126 ـ 1157 م)، الذي أدرك أنه لا مفر من معرفة كنه العلوم الإسلامية التي لا تعرف المسيحية منها آنذاك إلا القشور، ووضع خطة لترجمة أمهات الكتب العربية ترجمة علمية عن طريق النخبة من المستعمرين الوافدين على إسبانيا والمستقرين بها من اليهود والمسلمين والدارسين لشتى العلوم الإسلامية وعلى رأسها الفلسفة، وبلغت الكتب التي ترجمها ما يزيد على خمسة وسبعين (75) كتاباً وموسوعة. وكان فعله هذا حدثاً حاسماً كان له أبعد الأثر في مصير أوربا، كما يقول إرنست رينان:

فقد تولى الأسقف رايموندو رعاية جماعة من المترجمين والكتاب، تعرف في تاريخ الأدب "بمدرسة المترجمين الطليطليين" (Toledanos Colegio de Traductores)، وحفز، أفرادها على المهمة في نقل المؤلفات العربية. فتمت في هذه المدرسة ترجمة عيونها في الرياضيات والفلك والطب والكيمياء والطبيعة والتاريخ الطبيعي وما وراء الطبيعة وعلم النفس والمنطق والسياسة، ومنها "أورجانون" أرسطو وشروح المسلمين عليه أو مختصراتهم له، وهي شروح ومختصرات جليلة وضعها فلاسفة مسلمون من أمثال الكندي والفارابي وابن سينا والغزالي وابن رشد([19]).

ومن بين أشهر الوافدين إليها جيراردو دي الكرموني (Gerardo de Cremona) الذي وفد إليها من إيطاليا، حيث أمضى حوالي ثلاث وأربعين سنة (43) من حياته في الترجمة والتأليف، ووصل ما نقله من العربية إلى اللاتينية سبعة وثمانين (87) كتاباً في الفلسفة والمنطق والطب والفلك وغيرها من العلوم.


7 ـ ألفونسو العاشر ومدرسة المترجمين

ظلت طليطلة مركزاً للثقافة الإسلامية في إسبانيا النصرانية في عهد الملك ألفونسو العاشر الملقب بالعالم والحكيم (El Sabio)، الذي اعتلى العرش سنة 1245 م وتوفي سنة 1284 م. وكان فعلاً عالماً محباً للثقافة ومجالسة المهتمين بها.

[فقد] مارس سياسة انفتاح على الأدب والفكر الشرقيين. ورغم مخاصمته العرب سياسياً، فقد بلغ الاهتمام بالثقافة العربية في عهده ذروته: فكان علمي التفكير، ونظرته إلى الثقافة نظرة إنسانية شاملة، وهو يفصل في أعماق الحقيقة بين قوميته الإسبانية، وبين قيمة الحضارة العربية العظيمة، التي حاول أن يحافظ على معطياتها، ورغم ما بدأت تتميز به تلك العهود في الممالك الأخرى من حقد على العرب... وظلت إسبانيا في عهده مستعربة إلى حد بعيد، وتعاون هو شخصياً مع العلماء المسلمين، واستفاد من تركة العرب الثقافية... استفاد من علومهم وآدابهم... ومثل خلفاء العرب أحاط نفسه بالأدباء والعلماء ([20]).

وبهذا يكون ألفونسو العاشر قد اقتفى أثر العرب في إقبالهم على نقل تراث الفرس والإغريق إلى اللغة العربية أيام خلافة المأمون العباسي الذي اعتنى بالترجمة والتأليف انطلاقاً من »بيت الحكمة« الذي أنشأه والده هارون الرشيد ببغداد، حيث جمع فيه المؤلفات العربية والمخطوطات للترجمة، وشكل مجموعة من المترجمين لنقل العلوم من اللغات اليونانية والفارسية والهندية والقبطية والآرامية. وأسند هذا الملك العالم مهمة ترجمة الكتب العربية القيمة بالأندلس إلى اللغة الإسبانية الناشئة آنذاك إلى أساتذة المدرسة الطليطلية المشهورة وطلابها، وكان من بينهم.

نفر من النصارى والمسلمين واليهود المتحققين بشتى العلوم حوله. وقد أشرف بنفسه على توجيه أعمال الترجمة والتحرير أو التلخيص التي كان مساعدوه يقومون بها، وأنشأ في مرسية معهداً للدراسات بمعاونة القرطبي الفيلسوف المسلم، ولم يوفق هذا المعهد المرسي كثيراً، فنقله إلى إشبيليا وأنشأ فيها مدرسة عامة للاتينية والعربية، وجعل فيها أساتذة من المسلمين لتدريس الطب والعلوم([21]).

وقد ترجمت في عهده العديد من المؤلفات إلى اللغة الإسبانية كان أهمها كتاب "الإنجيل" و كتاب "كليلة ودمنة" وكتاب "التلمود" وقسم من مؤلفات ابن رشد. و»أمر الملك ألفونسو كذلك بترجمة كتب في ألعاب شرقية كـ"كتاب الشطرنج" [Juego de Ajedrez] (نشره آرنالد تشايجر في زيوريخ عام 1941 م) واستخدم الموسيقى الأندلسية في وضع أناشده الذائعة الصيت (Las Cantigas)«([22]).

وكان لهذه الترجمات التأثير الحاسم على الثقافة الأوربية. فهذا رينان يقول عن توما الأكويني: »إنه كفيلسوف مدين تقريباً بكل شيء لابن رشد«، ويقول عن معلم توما الأكويني ألبيرتوس الكبير: »إنه مدين بكل شيء لابن سينا«، علماً بأن المترجمين باستثناء اثنين منهم هما غند سللبو ويوحنا الإسباني كلهم أجانب نقلوا ما ترجموه إلى بلدانهم، وتأثر علماء العصر بهذه الترجمات، بحيث أن الذين نبغوا في القرون الوسطى كان نبوغهم بتأثير الثقافة العربية: البرتوس ماغنوس، توما الأكويني، يوحنا الصليبي، دانتي، روجير بيكون وغيرهم كلهم تأثروا بالثقافة العربية ([23]).

أما في ميدان التأليف، فقد كان جهده عظيماً بحيث جمع في طليطلة نفراً من أهل العلم ليصنفوا له كتب علم الفلك. وقد تمكن هؤلاء العلماء من النهوض والتقدم بالدراسات الفلكية بفضل مشاهداتهم ونقولهم وما قاموا به من أعمال علمية أخرى. وكان الملك كثيراً ما يشرف بنفسه على الأعمال التي كانت تجري في مدرسته الطليطلية، وكان يأمر بترجمة ما يرى نقله من الكتب العربية خاصة ويقوم بترتيبها بنفسه وخاصة ما يقول منها بنظريات جديدة تعدل مذهب بطلميوس في الفلك والجغرافية. وأمر كذلك بصنع آلات وأجهزة لم تكن معروفة إلى ذلك الحين. وكان يراجع ما ينجز من الترجمات ويصلح من أسلوبها، ويتجلى ذلك بوضوح من مقدمة ما يعرف (بالأوامر الخاصة) بكتب النجوم الأربعة. فقد جاء فيها:

هذا هو كتاب "هيئات النجوم الثابتة الكائنة في السما الشافية"، مما أمر بترجمته من الكلدانية والعربية إلى الإسبانية الملك دون ألفونسو... بعد أن رتبها الملك المذكور وأمر بتصنيفها ثم استبعد منها الآراء التي وجد أنه قد تقادم بها العهد أو تكررت في الكتاب، والعبارات التي لم يكن أسلوبها قشتاليّاً قومياً ووضع محلها عبارات أخرى تفي بالمراد.
أما كتب علم الفلك هذه، فتتألف من:

1 ـ الكتب الأربعة في نجوم الفلك الثامن.
2 ـ الكتب الألفنسية في أجهزة علم الفلك وأدواته وكتبه.
3 ـ كتاب الزيج الألفونسي.

إن الكثير من الكتب التي استعملت في هذه التآليف كانت نقولاً عن الزرقالي ومسلمة المجريطي وعلي بن خلف فلكي المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة وغيرهم كثير([24]). كما نشطت في عهده وتحت إشرافه كتابة التاريخ على الطريقة الحولية اقتداء بالطريقة الإسلامية في تدوين التاريخ، فدونت عدة حوليات من أشهرها "الحولية التاريخية الكبرى لإسبانيا" التي كتبت باللغة القشتالية، واعتمد واضعوها على مصادر تاريخية عربية ككتاب "البيان الواضح في الملم الفادح" للمؤرخ البلنسي ابــن علـقمـة المتوفى سنة 1115 م. وهـذا الكتـاب مفقـود ـ ويا للأسف! ـ، ولكن نقل عنه عدد من المؤرخين اللاحقين أمثال ابن عذاري المراكشي وابن الأبار وابن الخطيب. وكتاب في "أخبار الخلفاء" لابن الكردبوس، الذي عاش في أواخر القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي). وقد قام بترجمته أخيراً صديقنا المستعرب فليبي مايو سالكادو رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة سالامنكا الإسبانية.

[و] المقارنة تدل بما لا يدع مجالاً للشك على أن هذه الموسوعة الإسبانية التي ألفت في القرن الثالث عشر الميلادي (السابع الهجري) قد نقلت أخباراً وروايات كثيرة عن هذين الكتابين ـ كتاب ابن علقمة، وكتاب ابن الكردبوس ـ وبصفة خاصة الأخبار المتصـلة بسقـوط بلنسية في يد الفارس الإسباني المغامر السيد القمبيطور (El Campeador)، أي المبارز في القرن الحادي عشر الميلادي (الخامس الهجري)، وهي معلومات جديدة لم ترد في المصادر الأخرى([25]).

وقد دونت مغامرات السيد القمبيطور في ملحمة إسبانية ألفت في القرن الثاني عشر الميلادي، وتعتبر من شوامخ الأدب الإسباني في فجر حياته. وهي أول ملحمة إسبانية كتبت باللغة القشتالية.

والواضح من اسمها وألفاظها وأحداثها أنها كتبت على نمط السير العربية. فهي تصور السيد (El Cid). وقد خرج من قريبة فيفار (Vivar) ليبني له مجداً وشهرة، فاتصل بالملك المستعين بن هود ملك سرقسطة، ودخل في خدمته، وحارب أعداءه وصار يتشبه بقادة العرب المشهورين، وتروقه أخبار المهلب بن أبي صفرة، كما كان يزجر الطير ويتفاءل به ويتشاءم على عادة العرب، وكان جنوده ينادونه على عادة الملوك بعبارةMiocid، وهي ترجمة لكلمة »يا سيدي«. من هنا لصق به اسم السيد (El Cid)، مع أن اسمه الأصلي رودريخو ديات Rodrigo Diaz)). ومع موت المستعين، انقلب هذا الفارس المغامر على المسلمين، واستولى على مدينة بلنسية التي استردها المرابطون بعد وفاته سنة 1099 م. والملحمة كتبها شاعر مستعرب من مدينة سالم Medina Celi)) في شمال إسبانيا. وأحداثها التاريخية صحيحة إلى حد كبير، لأنها دونت بعد فترة قصيرة من وقوعها. ولهذا تعتبر مصدراً تاريخياً هاماً لتلك الفترة المتعلقة بعصر الطوائف والمرابطين([26]).

لقد كان فضل ألفونسو العاشر على الثقافة والفكر الإسبانيين عظيماً، لم يضاهه فيه ملك آخر من بعده، علماً بأن الثقافة الإسبانية خاصة والأوربية عامة مدينة لهذا الملك ومدرسته الطليطلية، في حين كان غيره من الملوك في شبه الجزيرة الإبيرية يطعمون النيران بأحسن ما أنتجته العبقرية العربية في قرونها الزاهرة.

ومن الغريب في أمره، أنه بينما عرشه يهتز تحت قدميه، يجد مكاناً بين أنقاض هذا العرض لتدعيم الجهاز العلمي، يسرق الوقت من حيث لا يوجد وقت سواء في السلم أو في الحرب، في النجاح أو في الفشل لنمو إنتاجه الفكري. إنه دائب على إعادة النظر في الكتاب الذي سلمه إياه أبو العيش: "الأحجار"([27]).


الحواشي:
________________________________________
([1]) محمد عبد المنعم الحميري، الروض المعطار في جنة الأقطار، تحقيق إحسان عباس، الطبعة الثانية، بيروت، 1984، ص ص. 393 ـ 394.
([2]) معجم البلدان، المجلد الرابع، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ص. 40.
([3]) عبد اللطيف الخطيب، »ألفونسو السادس عشر ومدرسة المترجمين بطليطلة«، مجلة دعوة الحق المغربية، العدد السابع، السنة الثانية عشرة، يونيو 1969، ص. 69.
([4]) انظر: ابن عذاري المراكشي، البيان المعرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق ومراجعة كولان وليفي بروفنسال، دار الثقافة، بيروت، ج 2، ص. 12.
([5]) انظر: فجر الأندلس، ط. 1، القاهرة، 1959، ص ص. 78 ـ 79.
([6]) انظر: سيمون الحايك، الملك ألفونسو العاشر الحكيم أو نشوء الدولة النصرية، المطبعة البوليسية، بيروت، 1987، ص. 21؛ وانظر كذلك سيمون الحايك، »طليطلة مدينة الثقافة والترجمة«، مجلة العربي، عدد 315، فبراير 1985، ص. 67.
([7]) انظر كذلك بالتفصيل: القاضي صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، وخصوصاً ما يتعلق بعلماء طليطلة وسرقسطة، ص ص. 80 ـ 100. وقد نقل عنه ابن أبي أصيبعة، ج 3، ص ص. 78 ـ 85؛ كما نقل عنهما الدكتور إحسان عباس في كتابه "تاريخ الأدب الأندلسي: عصر الطوائف والمرابطين"، دار الثقافة، بيروت، ص ص. 60 ـ 61.
([8]) رجب محمد عبد الحليم، العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية، القاهرة، دون تاريخ، ص. 275.
([9]) ليفي بروفنصال، الإسلام في المغرب والأندلس، ترجمة محمد عبد العزيز سالم ومحمد صلاح الدين حلمي ومراجعة لطفي عبد البديع، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، ص. 120.
([10]) انظر القصيدة كاملة عند: الدكتور سيمون الحايك، السيد: عنترة الإسبان أو الأندلس على عهد ملوك الطوائف وقدوم المرابطين إليها، مطابع الكريم الحديثة، لبنان، ص ص. 107 ـ 108.
([11]) ابن بسام، الذخيرة، ط. 2، بيروت، 1979، القسم 4، ج 1، ص. 132.
([12]) يوسف أشباخ، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، ترجمة محمد عبد الله عنان، ط. 2، القاهرة، 1958، ص. 60.
([13]) انظر ذلك في مجلة:
Mundo Hispanico, N° 27, Octubre, 1970, ps 36 y 37 (Toledo en El Mondo).
([14]) سيمـون الحـايـك، »طليطلـة مدينـة الثـقافـة والترجمـة«، مجلة العربي، عدد 315، فبراير 1985، ص. 67.
([15]) المرجع نفسه.
([16]) انظر: مجلة الشرق الأوسط، عدد 345، فبراير 1993، ص. 14، "أطلس اللغة الإسبانية يضم بحراً عربياً" ضمن ملف أعده للمجلة كل من طلعت شاهين وسمير بيروتي ومحمد حربي.
([17]) انظر: الدكتور محمد القادري، »هجرة المسلمين من إسبانيا في القرن السادس عشر«، مجلة الإيمان المغربية، عدد 7 ـ 8 (مزدوج)، 1964، ص. 71،.
([18]) انظر: عبد اللطيف الخطيب، »ألفونسو السادس ومدرسة المترجمين بطليطلة«، مجلة دعوة الحق المغربية، العدد السابع، السنة الثانية عشرة، يونيو 1969، ص ص. 69 ـ 70؛ وكذا:»حول مدرسة المترجمين بطليطلة«، دعوة الحق، العدد السابع، السنة الثالثة، أبريل 1960، ص ص. 58 ـ 59.
([19]) انظر: أنخيل غونثاليث بالينثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين مؤنس، ط. 1، القاهرة، مطبعة النهضة المصرية، ص. 537.
([20]) انظر : ناديا ظافر شعبان، »ألفونسو العاشر والإسلام«، المجلة العربية السعودية، عدد مزدوج، 4 ـ 5 ماي 1979، ص ص. 110 ـ 112.
([21]) أنخيل غونثاليث بالينثيا، مرجع مذكور، ص ص. 573 ـ 574.
([22]) المرجع نفسه، ص. 574.
([23]) سيمون الحايك، »طليطلة مدينة الثقافة والترجمة «، مجلة العربي، عدد 315، فبراير 1985، ص. 9.
([24]) انظر ذلك بالتفصيل عند: أنخيل بالنثيا، مرجع مذكور، ص ص. 574 ـ 576.
([25]) انظر أحمد مختار العبادي، »من التراث العربي الإسباني. نماذج لأهم المصادر العربية والحوليات الإسبانية التي تأثرت بها«، مجلة عالم الفكر، عدد 1، المجلد الثامن، 1977، ص ص. 86 ـ 87؛ وانظر كذلك: »السيد القمبيطور وعلاقته بالمسلمين«، المجلة التاريخية المصرية، العدد الأول، المجلد الثالث، 1950؛ وانظر كذلك بالإسبانية: Mendendez Pidadal, La Espana del Cid, II, p. 892.
([26]) انظر مجلة عالم الفكر، مرجع مذكور، ص. 88. وقام بترجمة نص الملحمة إلى اللغة العربية، وقدم لها بدراسة تفصيلية الدكتور طاهر أحمد مكي تحت عنوان "ملحمة السيد، أو ملحمة أندلسية كتبت في اللغة القشتالية" وصدرت عن دار المعارف بالقاهرة عام 1970.
([27]) انظر د. سيمون الحايك، »الملك ألفونسو العاشر الحكيم أو نشوء الدولة النصرية«، ص. 221 (مرجع سابق). لقد ورث ألفونسو العاشر عن أبيه فرناندو الثالث ملكااً قوياً، كاد أن يضيعه بحيث لم يستطع أن يسترجع غرناطة من العرب، كما كان ينتظر منه؛ كما فرض ضرائب جديدة على شعبه بسبب ثورة Soria عليه. حاول في أواخر أيامه أن يقسم مملكته بين أبناء أخيه وولده سانشو الذي عارضه، فثار عليه، فلجأ إلى إشبيليا إلى أن مات فيها سنة 1284 م.


الرابط الأصلي لهذا البحث:

http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad15partie5.htm