بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بعضُ الأراء في إنتخابات محافظة كربلاء

شبكة البصرة

محمد العماري
بعد فرز 90 في المئة من أصوات الناخبين المشاركين في إنتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم السبت 31 يناير في العراق تأكد أن السيد يوسف الحبوبي وقائمته"المستقلة" حقّقت نصرا كاسحا في محافظة كربلاء.وكمرشح حصل الحبوبي بمفرده، حسب مصادرالمفوضية العليا للانتخابات، على 250 ألف صوت. وهي نسبة عاليا جدا إذا أخذنا بنظرالاعتبار إن مدينة كربلاء، التي تضم مرقدي الامامين الحسين والعباس عليهما السلام، تعتبرمعقل لحزب الدعوة الذي يتزعّمه العميل نوري المالكي رئيس وزراء حكومة الاحتلال الأخيرة. وقد تحوّلت المدينة، منذ إحتلال العراق وحتى اليوم، الى حسينية كبيرة لممارسة مختلف أنواع الشعوذة والدجل والطقوس الدينية الغريبة والدخيلة على الاسلام والطائفية الشيعية في العراق، ودون أن يتحقّق لأبناء المدينة شيئا ملموسا على أي صعيد.

فما هي يا ترى الأسباب التي جعلت السيد يوسف الحبوبي يحقّق هذا الفوزالكبير وفي مواجهة خصوم بل تماسيح من العيارالثقيل تقف خلفهم أحزاب مؤثرة وفاعلة وحملات دعائية ضخمة صرفت لها آلاف الدولارات وإستخدمت فيها كل الطرق والأساليب الشرعية والغيرشرعية؟ لا يكفي القول إن السيد الحبوبي ينحدرمن عائلة عربية عريقة. فليس الفتى من قال كان أبي. ففي العراق والحمد لله توجد عشرات بل مئات العوائل العريقة. لكن في رأيي المتواضع هناك ثلاثة عوامل أساسية ساهمت بشكل فعّال في تمكين السيد يوسف الحبوبي من تحقيق نصره الكاسح على خصومه، وهي كالتالي:

أولا، ماضي السيد يوسف الحبوبي الوظيفي والاداري. فهو واحد من أولئك الرجال الشرفاء الذين عملوا بتفاني وإخلاص في مؤسسات ودوائرالدولة العراقية في عهد النظام الوطني السابق. وسواء كان الرجل بعثيا، وهذا شرف كبير له، ام لم يكن كما صرّح ربما مرغما، فقد إختاره مواطنوه بعد أن أدركوا بالتجرية المرّة الفوارق الشاسعة بين رجال النظام السابق، الوطني فعلا وقولا، وبين الرجال بل أشباه الرجال الذين جثموا على صدورهم كالكوابيس السوداء منذ إحتلال العراق والى يومنا هذا. بعد أدخلتهم القوات الأمريكية معها لتستخدمهم كقطع غيار في الأوقات المناسبة لتشغيل آلتها الاحتلالية. وكما تقول الأغنية العراقية القديمة "جرّب قلب غيري حتى تشوف خيري". وقد جرّب العراقيون بما فيه الكفاية وإستطاعوا التمييز بدقّة بين معدن الرجال الحقييين، رجال ما قبل الاختلال، وبين معادن صدئة وسكراب لرجال عجزوا، رغم كلّ الجهود التي بذلوها،عن أن يقنعوا المواطن بانهم رجال.

ثانيا،أثبتت إنتخابات محافظة كربلاء والنصرالكبير الذي حقّقه السيد يوسف الحبوبي بان المواطن العراقي، رغم حملات التشويه والتضليل والشعوذة الدينية والارهاب الآتي من وراء الحدود، بانه ما زال يحتفظ بقدركبيرمن التوازن ووضوح الرؤية، ولم تستطع سنوات الاحتلال السمان بالدماء والقتل والتهجير والمداهمات سحق روحه الوطنية وإقتلاعه من تربته العراقية الطاهرة. فلذا فانه فضّل وإختار واحدا من أبنائه المخلصين لخبرته وكفائته ولنظافة يده، وهذه كما أشرنا سابقا خِصال كانت تميّز جميع رجالات النظام الوطني السابق، إبتداء من رئيس الدولة وإنتهاءا بابسط موظف فيها.

ثالثا، إن إنتخابات محافظة كربلاء والفوزالكبير لقائمة السيد الحبوبي، وهو رجل لا يضع على رأسه عمامة من لون ما ولم يتقنّع بقناع ديني أو طائفي من نوع ما، جاءت تأكيدا قاطعا على أن الاحزاب الطائفية وأتباع االتيارالصفوي للمعادي للعراق ما هم الاّ دخلاء على المدينة وإن وضعوا على رؤوسهم عمائم سوداء وإدّعوا ليل نهار، وهو إدّعاء باطل وزائف بلا شك بانهم من أتباع آل البيت الكرام. والنكسة التي مُنيَ بها حزب المجلس الأعلى الايراني لصاحبه عبد العزيز اللاحكيم وأبنه المدلّل عمار تستحق أن يتوقّف عندها كثيرا المحلّلون والمختصّون في شؤون الانتخابات.

فكربلاء التي لا تبعد أن الاّ بضعة كيلومترات عن النجف الأشرف"الفاتيكان الشيعي" رفضت بشكل لا لبس فيه كل المحاولات الرامية الى إضفاء صبغة طائفية مغلقة عليها رغم وجود المراقد المقدّسة فيها ورغم أهميتها بالنسبة لعموم المسلمين وللشيعة بشكل خاص. وبالتالي فان فوز قائمة يوسف الحبوبي"المستقل" تعني فيما تعني أيضا رفض أبناء كربلاء التخلّي عن مدينتهم العريقة لأجانب حاقدين، جواسيس وتجارمخدرات ومفسدين ومروّجي أفكار وثقافات متطرّفة لا علاقة لها لا بتاريخ العراق العظيم ولا بشعبه المتآخي المتجانس،الثري بالعطاء والابداع والتطوّر.

mkhalaf@alice.it

شبكة البصرة

السبت 11 صفر 1430 / 7 شباط 2009

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس