عودة الضباط السابقين للجيش العراقي
في كل دولة يكون الجيش رمزاً لها وسوراً منيعاً لحماية أستقلالها وسيادتها ، والعراق لم يشذ عن هذه القاعدة ، فلو أستقرأنا التاريخ لوجدنا أن الجيش في العراق قديم قِدَم الحضارة فيه ، فلقد كان للأمبراطورية الآشورية جيشٌ يُرْهِبُ الأعداء ، الملك الكلداني حمورابي ومسلَّته المشهورة بإسمه تضمنت في بعض أبوابها على قوانين تُنَظِّم علاقة منتسبي الجيش بقادتهم وآمريهم من جهة ، ومن جهة ثانية علاقتهم بالمجتمع ، كما كان نظام التجنيد في ذلك العهد إجبارياً .
كلنا نعلم بأن الجيش العراقي السابق البطل كان قد تأسس في 6 / كانون الثاني / من عام 1921 وذلك بعد أن تأسست الدولة العراقية وكان أول فوج فيه هو فوج موسى الكاظم .
وكلنا نعلم بأن الجيش العراقي السابق البطل وعِبْرَ تاريخه النضالي المشرّف والطويل كان رمزاً للسيادة الوطنية العراقية وسوراً منيعاً للوطن ودفاعه القوي عندما يتعرض الوطن إلى أي أعتداء خارجي ، كما يعتبر لا بل هو عنوان الدولة العراقية وأحد أركانها الأساسية .
أكبر خطأ تاريخي أرتكبه بول بريمر الذي نصب نفسه حاكماً مدنياً للعراق بعد السقوط والأحتلال هو جريمة حل الجيش العراقي السابق البطل في 23 نيسان عام 2003 ، لقد حلَّ بريمر الجيش العراقي السابق بطريقة عشوائية وأسَّسَ بدله جيشاً هزيلاً لايقوى على الوقوف على قدميه لشدة التمزقات والتناحرات وطريقة تكوينه على أسس طائفية ميليشياتيه ، مما سبب الكثير من الخراب والدمار للعراق أثرت بشكل كبير جداً على علاقاته بدول الجوار وأستقرار المنطقة بشكل عام ،
بسبب حل الجيش العراقي السابق غاب القانون ، وبغيابه لَعِبَ الفأر كيفما شاء وكما يحلو له ، فلا رقيب ولا حسيب ، وتناوب على العراق لصوص التاريخ وسُرّاق الحضارة وخفافيش الليل ممن أدخل جيشنا الرعب في قلوبهم فباتوا يتحينون الفرص للإنتقام منه، وها قد جاءت الفرصة فأغْتَنِموها أيها المَعيوبون ، لقد أغتنموها فعلا ودمروا كل ما يَمت للعراق حضارةً وثراثاً وشعباً بصلة ، فأصبح العراق مغارةً للصوص ومرتعاً للإرهاب وملاذاً أمناً للجريمة .
بغياب الجيش العراقي السابق تناوب على نهش لحم العراق الطري دول كانوا يحلمون بأن تطأ أقدامهم تراب حدود العراق وأنّى لهم ذلك .
بغياب الجيش العراقي السابق نُهِبَتْ ثروة العراق وحضارته ودُمِّرَتْ بنيته التحتية وهيكليته وصناعاته وقتل الكثير من كفاءاته .
بغياب الجيش العراقي السابق أستطاع اللص أن يضع ما يحلو له من نجمات على كتفيه .
مفوض شرطة يصبح برتبة عميد بين ليلة وضحاها ، صباغ أحذية في إحدى المحافظات يصبح لواء ركن وغيرها الكثير ، كما أن من المعروف عنه أن يكون وزير الدفاع من قادة الجيش المشهود لهم بالكفاءة والمقدرة ، ولكن نشاهد اليوم وزير الدفاع من لا يفقه في أمور الدفاع شيئاً .
إن كوادر الجيش العراقي السابق سواء القتالية أم الهندسية كانوا قمة في الخبرات الأختصاصية والفنية لتجاربهم الكثيرة فأصبحوا نبراساً تهتدي بهم أكثر جيوش المنطقة .
منذ السقوط في 2003 ولحد الآن نرى كانون كليلة ليلاء لا يظهر فيها القمر ، لقد غاب نجم العراق الساطع ، وغابت أسلحته وغاب قمر العراق ، وفي الليلة الليلاء يُفْتَقَدُ البدر ، نعم يفتقد البدر ، ويا ليتنا نغني مع فريد الأطرش " أطلع ياگمر بالليل "
غاب القمر وغابت أشعته ، ولكنه غياب مؤقت وسوف يشع ضوءه من جديد ليعلن ميلاد فجر جديد .
نعم كانت الأحقاد الصهيونية على جيش العراق على أشدها ، وكيف لا ؟ ألم يشترك هذا الجيش البطل في معارك عام 1948 بخيرة قادته ؟ الم يشترك في معارك الشرف عام 1973 وكان له شرف إسقاط أربعون طائرة حربية من الطائرات الإسرائيلية ؟ ألم يخض حرب الخليج الأولى 1980 – 1988 وحرب الخليج الثانية عام 1991 وحرب الخليج الثالثة عام 2003؟
6/ كانون الثاني بعد السقوط أصبح يوماً يتيماً لم تشرق الشمس فيه لحزنها على حل الجيش العراقي السابق البطل .
6 / كانون الثاني أصبح يوماً مظلماً في تاريخ العراق
6 / كانون الثاني غاب فيه القمر عن ليالي العراق الحالكة السواد
6 ، كانون الثاني يندب حظه ويستصرخ الضمير العراقي طالباً بإعادة رجاله الشجعان له
يا قادة العراق أعيدوا ل 6 / كانون الثاني شرفه وبهجته وإشراقته
اليوم أي جيشٍ يحتفل ب 6 / كانون الثاني ؟ جيش الحكومة المركزية ؟ أم جيش الأقاليم ؟ أم جيش الميليشيات ؟ أم الجيش الفدرالي ؟
الجيش العراقي السابق البطل كان عراقياً قلباً وقالباً ، قادةً وآمرين ، يأتمر بأمر العراقيين ، واليوم هذا الجيش يأمره من جاء من خارج الحدود وتحركه أصابع لا تمت للعراق بصلة .
بالمناسبة ففي عام 1928 أفتتحت مدرسة الأركان وتطورت حيث أصبحت في عام 1937 كلية الأركان
وفي عام 1935 دخل نظام الخدمة الإلزامية حيز التطبيق في الجيش العراقي .
إن منتسبي الجيش العراقي السابق البطل يحتفظون لحد هذه اللحظة بملابسهم العسكرية ورتبهم وفوق ذلك كله إنهم يحتفظون بشرف الوطنية العالي الذي ضحوا من أجله الغالي والنفيس .
اليوم تطالب الحكومة العراقية ضباط الجيش العراقي السابق بالعودة وترسل الوفود إلى الدول التي يتواجد فيها هؤلاء الأبطال لإقناعهم بالعودة إلى العراق ، وهم محرومون من كل شئ ، لا بل مهددون في كل شئ ،
حسب ما كان معمولا به قبل السقوط فقد أنتمى أكثرية ضباط الجيش العراقي السابق إلى صفوف حزب البعث وقد أغلق الجيش لصالح تنظيمات الحزب الحاكم فبات من الضروري أن يكون الأكثرية منتسبا أو منضوياً تحت تنظيمات الحزب وتشكلت قيادة حزبية عسكرية خاصة بهم وفروع عسكرية للحزب وشُعَبْ وفِرَق ومنظمات ، واليوم تطلب الحكومة من هؤلاء الأبطال بالعودة وما زالت أسباب لجوئهم إلى تلك الدول قائمة ، ومنها : ــ
قانون أجتثاث البعث ما زال ساري المفعول .
رواتبهم ما زالت محتجزة .
دورهم ما زالت مغتصبة ؟
قادتهم ما زالوا يقبعون خلف القضبان وفي السجون ومهددون بالإعدام ، لا لشئ بل لكونهم طبّقوا الأوامر العسكرية ونفّذوها حرفياً وهذه هي صفات الجندية الحقيقية ( الطاعة العمياء ) .
الحفاة صفّوا لهم رتباً أعلى من قادتهم .
الجيش الحالي ممزق بين ولاءات متعددة مختلفة .
فبأي منظار ترون عودة هؤلاء الأبطال ؟ وكيف يعودون ؟
دعوة مخلصة للحكومة العراقية لإنصاف من ظُلِمَ جوراً وعواناً
دعوة كريمة للحكومة العراقية لإنصاف الأشراف الوطنيين الأحرار .
دعوة جادة لإعادة الحق لمن سلبت حقوقه بالقوة .
دعوة شريفة لإنصاف من حَمى العراق وتلقّى رصاص الأعداء بصدره الواسع الرحب ، ومن فَضَّلَ الموت على الحد خير من الموت على وسادة ليصون شرف العراق وشعب العراق .
دعوة من أعماق القلب لإطلاق سراح وزير الدفاع العراقي السابق سلطان هاشم أحمد ورفاقه الضباط السجناء
إنها دعوة مخلصة ...... فهل من مجيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نزار ملاخا20/02/2009
المفضلات