السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته
عودة ميمونة لأعرض مجموعة أخرى من هذه الحكايات، أتمنى صادقا أن تجد المتتبع و القارئ

* القصة الثالثة : " حكاية عصفورة الغابة "
"تنعم بما لديك، فكثير ممن حواليك، يتمنون ما لديك"
يحكى أن عصفورة جميلة كانت تسكن في الغابة و لها عش فوق شجرة تأوي إليه عند المساء
و عند بزوغ أولى خيوط الفجر المشرقة تنطلق من عشها مغردة بشدوها الجميل و مرفرفة بأجنحتها الملونة
إنها تروح جائعة و تغدو مقتاتة بأمر الله العلي القدير الذي قدر لها أقواتها كباقي المخلوقات
و في يوم من الأيام و هي ترتاد احدى الحدائق اقتنصتها شباك الصياد الذي فرح كثيرا لظفره بهذا الصيد الثمين
إنها عصفورة زاهية الألوان عذبة الانشاد و سيبيعها بثمن غالي للذين يعشقون هذا النوع من الطيور
تألمت العصفورة كثيرا لكونها باتت في قفص ذهبي - لكنه لا يساوي شيئا أمام عشها البسيط - عند أحد الأثرياء و قد زودها ما تحتاج إليه من أكل و شرب - الذي لا يعدل ما كانت تحصل عليه من حب -
و في المقابل عليها أن تعطيه شدوها الجميل و ترفرف بريشها الزاهي فيطرب لذلك عقل كل من شاهدها
لكنها كانت تحن للغابة و للحرية حيث كانت حرة طليقة تمشي أينما تريد و تأكل مما رزقها الله
توالت الأيام و الليالي و هي سجينة في القفص الذهبي و صاحبها يتمتع بشدوها و لون ريشها غير آبه بحريتها
ذات يوم، و في غفلة من أهله جاء طفل صغير و بدأ يلعب بها، كما قال الشاعر:
" فلا الطفل ذو عقل يحن لما بها= و لا العصفورة ذات ريش تطير فتذهب"
و في لحظة ،أراد الطفل أن يقترب من العصفورة أكثر ففتح باب القفص لتطير العصفورة و تخرج من النافذة محلقة إلى السماء و قد استعادت حريتها و بقي الطفل واقفا مشدوها لا يحرك ساكنا
لقد استردت العصفورة حريتها و عادت إلى الغابة تحلق و تشدو كما كانت من قبل و هي تغني نشيد الحرية.

أطفالي الأعزاء، كانت هذه حكاية عصفورة الغابة لكن،
ترى ما هي العبرة و المغزى من هذه الحكاية ؟
"تنعم بما لديك، فكثير ممن حواليك، يتمنون ما لديك "
نعم أحبائي الصغار، قليل من يعرف قيمة ما أعطاه الله و حباه من نعم ...
و لا يعرف قيمة ما لديه إلا من فقده ...
فالحرية مثلا، نعمة من النعم التي نعيش بين أحضانها و نتنفس هواءها، لكننا لا نعرف قيمتها حتى نفقدها لذلك علينا أن نشكر الله على نعمة الحرية
و كما يقال : " قيدوا النعم بالشكر "
فعلينا أن نقيد النعم بالشكر.
أتمنى أن تكون الفائدة من هذه القصة قد وصلت، و أن ننعم بما لدينا من أفضال و نعم
و لنعلم بأن غيرنا ممن حوالينا الذين ليس لهم مثل هذه النعم، يتمنى جاهدا أن يتذوقها.


* صادق دعواتي لكم بالنجاح و التوفيق، كما أوصيكم بالسعي للظفر برضى الوالدين
صادق مودتي / عز الدين الغزاوي