فاس وفأس القهر
اكتساح فوق العادة
أضاء نور الهاتف المحمول ثم أعقبته رنات أخينا الأستاذ إدريس , تبين من لهجة محادثته أنه يعاني من مشكلة طارئة في الحي الذي يسكنه ولو أنها مشكلة مضحكة – ومن الهم ما يضحك – عجلنا بالانتقال إلى حيث هو فكان هول ما شاهدناه أكثر مما رواه على عجل , فحي طارق السكني بكل أحيائه هو عبارة عن بنايات جديدة حديثة العهد , لم تهيكله شركة معمار إنما كان مأوى كل من هرب من جحور المدينة القديمة العتيقة ومن غلاء الكراء وضنك العيش وهول السكن غير اللائق , وبعض من ينوون امتلاك قبر الحياة وبناء عش الزوجية , ساهموا في إحداث هذه الأحياء واختاروها مستقرا ومقاما بعد أن كانت يزمن قريب أراضي زراعية . ولم يدر أي واحد منهم أن هناك من يقتسم معه ملكية العقار من سكان باطن الأرض , نزلاء الجحور تحت أرضية , الجرذان والفئران التي لم تكره المزارع والجدران والشقوق والجحور والقمامات , كما كرهتها بعد أن هجمت عليها سيول الأمطار الغزيرة الفجائية , اشتاقوا لنفحة هواء , فغادروا الجحور وهجموا على الشقق المنزلية والدكاكين والمطابخ والمطاعم , وذبت بالمقابل حركة الانتقام وسط السكان لا يتوانون في نشر المصائد والمبيدات السامة بشكل اعتباطي ما دام المجلس البلدي لا يكترث لحالة الهلع والخوف من انتشار الأوبئة , وقد شعرت الفئران أن الحي سيطبق فوق رؤوسهم , وها هي تغادر إلى الشارع , لا تتسلل ملتصقة بالجدار , بل تسير الهوينى متبخترة لا تتوقع أن يسحقها حذاء أو عجلة سيارة , وليست هناك عملية مكافحة خطيرة أو حملة تطهير ضد سلوكهم الجديد
وبينما نحن نواسي الأخ إدريس ونساعده على حمل ما خف من الضروريات فوق سيارة أجرة نقل المتاع , إذا بخبر تناولته الألسنة وهي تحكي عن انطلاق مسيرات احتجاج في بعض الأحياء الشعبية بالمدينة , دون تحديد طبيعتها وهويتها سوى أنها في ثلاث نقط من ثلاث مقاطعات بالإضافة إلى مسيرة انطلقت من فاس الجديد المشور ,بل وبعض ا:لأخبار تقول إنها ثماني نقط , وحيث إن إحدى هذه النقط كانت وجهة الأخ إدريس حيث مقر سكن أصهاره في عين هارون , تردد قليلا يستشير عن أي الأضرار أخف , وحسم الأمر بسرعة وهو يرى وجل أبنائه وخوفهم من العودة إلى البيت وخطر هجوم الفئران عليهم في اكتساح جديد يتربص بهم
محمد التهامي بنيس