بسم الله الرحمن الرحيم
السعودية والأردن.. الأتي قضية وجود
شبكة البصرة
د. قيس ألنوري
وقائع مهمة طفت إلى سطح الأحداث بعد أن كانت بالأمس القريب مجرد أشارات غير مؤكدة، من بينها حدثين مهمين، الأول التصعيد الإيراني حيال منطقة المشرق العربي وازدياد النبرة التهديدية الإيرانية وما صاحبها من إفصاح أميركي بالاستعداد للتقارب، والتفاهم، والمشاركة فيما يتعلق بقضايا المنطقة مع إيران..
الحدث الثاني، صعود إدارة إسرائيلية جديدة تحضر للتأسيس على ما حصدته الإدارة السابقة بشأن استكمال بناء (يهودية الدولة)، مؤشراته التحضير لطرد مزيد من الفلسطينيين نحو الضفة الغربية..
يبدو للوهلة الأولى، أن لا علاقة للحدثين مع بعضهما لكن الوقائع تؤشر بوضوح الترابط البنيوي بين الحدثين من حيث ملامح المشهد الاستراتيجي لبناء شرق أوسط جديد، قوامه التركيز على جعل إيران وإسرائيل فقط من دول شرق المتوسط تتمتعان بالقوة العسكرية المتفوقة، ومن ثم التأثير الفاعل في رسم الخارطة السياسية الجديدة لهذه المنطقة..
من هنا نستطيع فهم مغزى التوجه الأميركي الموصوف بالجديد، أو المغاير لمنطق الإدارة الأميركية السابقة، رغم أن توجه إدارة أوباما لا يشكل في جوهره إلا امتدادا، بل استكمالا لما فعلته إدارة بوش من حيث أن الإدارة الجديدة ما كان لها أن تخرج بأطروحاتها هذه إلا بعد أن تأكد لها من اختلال التوازن الاستراتيجي لصالح إسرائيل وإيران أثر غزو واحتلال العراق وإخراج قدراته من دائرة التأثير، حيث مثل هذا الفصل أولى مداخل وصفحات بناء المشروع الأمني الأميركي الإسرائيلي لمنطقة المشرق العربي..
لم يعد خافيا على المختصين، حقيقة التقارب المؤسس على قنوات غير معلنة والتي تشتغل منذ سنوات بين إسرائيل وإيران، بصرف النظر عن الديماغوجية الإعلامية قصد التضليل، هذا التقارب المرتكز على ما يجمع بين الطرفين من العداء للعرب، وهو القاسم المشترك الجامع الذي انطلقت منه عقود من التقارب ومنذ نشأة الدولة الصهيونية..
الفعل الأتي كما تفصح عنه ملامح التحرك الاستراتيجي القادم يستهدف أولا، الأردن، المرشح في هذه الإستراتيجية كوطن بديل للفلسطينيين، مما يعني هذه المرة إلغاء الوجود الأردني برمته، وهو تهديد مباشر للدولة، ليس على صعيد التركيبة السكانية فقط، وإنما النظام أيضا، وهذا ما سوف تضطلع به إدارة نتن ياهوـ ليبرمان دون تردد..
الفعل الثاني سوف يأتي من الحليف الشرقي، إيران، المتلهفة لقضم البحرين وأنفصال المنطقة الشرقية عن المملكة العربية السعودية، لتأسيس دولة طائفية تمثل منصة الوثوب نحو أعادة رسم الجزيرة العربية على أسس طائفية تكون إيران فيها اللاعب الحاسم..
إيران لا تخفي أطماعها، ولا تخفي سعيها لدور فاعل في المنطقة يخدم مشروعها، بل أنها تفصح وعلى لسان مسؤوليها وصناع القرار فيها عن نياتها بتأسيس الكيانات الطائفية بديلا للدول القائمة.. سؤل رئيس مصلحة تشخيص النظام عن أمكانية احتواء الأربعة ملايين نسمة من العرب في منطقة الأحواز المحتل.. أجابته أفصحت بوضوح عن حدود خارطة سياسية جديدة عندما أجاب : أن عدد سكان هذه المنطقة ليس ثلاث ملايين، وإنما ثلاثين مليون نسمة بعد إضافة جنوب العراق والكويت إليهم.. هكذا أذا، دولة طائفية جديدة تمسك بأعلى الخليج من ضفتيه الشرقية والغربية، تجاورها دولة مقتطعة من المملكة العربية السعودية تمتد جنوبا لتضم البحرين..
كورش (المحرر) ينهض ليجدد الطوق، فهل يعي عرب المشرق ملامح الخطر القادم؟
أن الوعي وحده لا يكفي لإفشال هذه النوايا القاتلة، وإنما العمل بتفعيل أهم مكامن القوة العربية المتمثلة الآن، لوحدها، وليس هناك سواها، بالمقاومة العراقية، ودعمها بكل السبل المتاحة، فهي وحدها خارج إرادة التأثير الأميركي الصهيوني الفارسي ومشروعهم المشترك..
أن دعم المقاومة العراقية يفعل من قدرتها على لجم المشروع المشترك وما يستتبع بالضرورة من إفشال الجناح الغربي للمشروع من خطة الطوق..
السعودية والأردن أذا سوف يواجهان قضية وجود وليس إدارة صراع، وأمام الدولتين الفرصة التاريخية النادرة بالتحرك، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما يغرق يوما بعد آخر في أزمته الاقتصادية الخانقة ومن ثم ضعفه المؤكد..
المطلوب إذاَ اغتنام الفرصة والتحرك بوعي لاستدراك واحتواء خطط الإلغاء والتفتيت المبيتة.
شبكة البصرة
الخميس 6 ربيع الثاني 1430 / 2 نيسان 2009
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المفضلات