آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الدرويش والنواب..!؟

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية ضيف الجيلاني
    تاريخ التسجيل
    19/04/2009
    المشاركات
    76
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي الدرويش والنواب..!؟

    العالم هذا الصباح يثير حفيظتي !! والوجوه المنتصبة كالأشباح على جانبي الطريق توقظ في روحي مشاعر متباينة من خوفٍ ,,وفضول,,ودهشة.. المطر الذي انهال البارحة على البلدة لم يشأ أن يتركها إلاّ وقد ارتوت..وهي الظمأى منذ عقود من الزمن... لقد غسل حموضة ما أراقته عيون بعض ساكنيهــا .....ملصّقات المترشحين والمترشحات للمجلس النيابي تعبث بها الريح وتداعب حواشيها وكأنّها تستفزّ أصحابها..إنها لم تسلم حتى من عبث الشباب والصبيان..لقد تطّلعوا بقاماتهم ومزّقوها..بل وفيهم من كتب عليها.. كلامًا ..وو..وفيهم من عوقب ووبّخ ومن كوفىء ومُنح!!
    ....من نهاية الشارع تنبعث حشرجات متقطّعة لعجوز ,قد أنهكته الحياة,فما عاد لها طعم!! وما عادت الحياة حياة!! الأيام الأخيرة عاشت القرية فيها جوًّا محمومًا وصراعًا لم يكونا معهودين.. تقلّصت المسافات بين الأفراد.. وامتدّت بين آخرين لتفتح مجالاً لخلافات لن تمحوها عقود من الزمن!!
    الثقلان في القرية يتقاسمان القوّة والنفوذ!! والصراع بينهما على أشدّه
    !! ـ نحن أهل البلد ولو تكلمت لقالت : إنها لنا؟ والنائب يجب أن يكون من أبنائنا!؟
    ـ السماء لله والأرض لنا,والتاريخ يثبت أنها لم تكن لغيرنا يومًا!! ولن يكون النائب إلاّ ابن عائلتنا ....
    ـ اللعنة على إبليس.. اتّقوا الله يا رجال,وترفّعوا عن هذه الحماقات كلّكم أبناء الوطن الواحد ودينكم واحد.. لم لا تختارون الأصلح والأكفأ وتدرأون هذه النعرات الجاهلية!!
    كان ما شهدته منذ أسبوع في مقهى البلدة من حوارات, ومداخلة الشيخ مصطفى إمام البلدةآخر ما استجمعته ذاكرتي!!وما استطاعت أن تعيد حياكته مما مضى.
    الصراع بين القبيلتين قديم..قدم الأرض والخلاف بينهما يظهر مع إشراقة شمس كل يوم,لكن أشكاله تتغيّر من حين إلى حين:
    ـ مرشّحنا ابن الأشراف, هو طبيب ناجحٌ!! أنسيت يوم قصدت عيادته ليكشف عن ابنك الذي أصابته الدفتيريـــا!!أنسيت أنّه رفض أن يأخذ أجرة الكشف!؟!؟ أنسيت يا ناكر الجميل؟
    ـ كلاّ لم أنس! ولكن لاتنس أن قبدر مهندسٌ وهو ابن الحاج السعيد سليل الأسرة العريقة ,لقد نشأ وتربّى في أحضان الزاوية والقرآن...وهو أقدر على معرفة مصلحة القريّة وأحقّ بهذا المنصب من طبيبكم...ولا شكّ أنه سيخدمكم ويجلب إليكم الخير كلّه..
    حمّى الاختلاف والتنافس لم يكن موضوعها هذه الانتحــــابات!!بل كانت أوسع دائرة وأرحب لقد كانت الحياةُ مسرحَها وموضوعها: الاختلاف في تزويج خديجة لأحمد بحجة انتمائه للعرش الغريم... مساعدات الدولة للمتضررين جرّاء الأمطار الطوفانية الأخيرةوسيطرة .......واستحواذهم عليها...مشروع عبور خط السكة الحديدية بأراضي هذا العرش والتواطؤ مع المجلس البلدي وو.......
    لكن هذه الانتخابات التي لم تكن تعني للكثيرين غير التباهي بتعليق صور ذويهم ومسحها من حين إلى حين والذود عنها من هجمات الذباب المارد!! وحضور الولائم والعرضات.. حيث الطعام يقدّم مجّانًا.. وبطون أهالي البلدة أغلبها يحنّ إلى مذاق اللحم و......فالجفاف الرابض عليها قتل فيها الإحساس بالمذاق والطعم!!
    الخلاف في البلدةوالمناوشات والمشادّات لها طعم آخر ونمطية مخالفة لما ألفناه في المدن!! ربّما قد لايتوانى أحد القرويين في السّخرية من بقرة غريمه بأنها تبدو كهيكل لا يمكنه أن يدرّ حليبًا!! و..و.........
    الأهالي اليوم يتملّكهم وجوم وحيرة ,,لم أجد لهما تفسيرًا!!
    ـ أهي الانتخابات وفوزأحد الخصمين!! كلاّ إن الانتحابات عوّدتهم على الاختلاف والاحتقان في علاقاتهم حينًا, لتمحو الأيّام جزءًا من آثارها..
    ـ(( اللّه يلعن الانتخابات ويلعن اللي جابها!!)) عبارة جلول (درويش البلدة) الذي كثيرًا ما كنت أخلو إليه في زاويتنا المعهودة في المقهى .كانت تمثل أحكامَ الطبقة الرّاشدة في البلدة ونظرتها إليها !! لكنّ جلول لم يكن يريد من هذه الانتخابات سوى اللحم والأكل!! ولعلّه الرابح الوحيد فيها..
    ـ عمّي أحمد (هكذا كا ن يحلو له أن يناديني, مع أنّني أصغره بما يفوق العقدين من الزمن) : - الثلاثاء التي مضت دعانا فلان إلى بيته وأكلنا الكثير.الكثيرَ! الكثير!!
    ـ كان سؤاله التالي قنبلة اهتزّ لها المكان:
    ـ النوّاب في البرلمان يأكلون مثلنا؟!؟!ـ لاشكّ أنهم لم يترشّحوا إلاّ ليأكلوا اللحم؟!
    ـ لقد ذبحوا أغلب خراف القرية!!ولم يتركوا إلاّ القليل!! ولن نجد ما يمكن أن يذبح في عيد الأضحى القادم.
    كانت كلمات جلول قطعة قماش ناعمة في يدٍ أكثرَ نعومة تمسح زجاجًا يتخفّى وراءه من البشر ومن الرّغبات ما غيّبني التفكير فيه عن الزمان والمكان!!
    لم أستفق ولم أعد إلى المشهد إلاّ والبلدة تودّع يومًا من تاريخها المثير على صوت آذان إمامها..
    ـ نظرت في المكان بحثًا عن جلول الدرويش,فما وجدته؟ ولعلّه ما كان موجودًا أصلاً!؟
    ـ أيّ درويش هذا الذي يسأل هكذا سؤال! أيكون سؤاله مبطّنًا بما لا يعرفه غير الدراويش!! الحمد لله لأنّنا لم نخلق دراويش.
    ضيف الجيلاني
    [msg]القصّة مهداة إلى الأستاذ المبدع الأديب بونيف الحاج... مع خالص تحياتي وفائق تقديري....

    التعديل الأخير تم بواسطة ضيف الجيلاني ; 20/04/2009 الساعة 10:57 AM سبب آخر: خطأ في العنوان

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •