آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 1 2 3
النتائج 41 إلى 45 من 45

الموضوع: النص الكامل لكتاب «العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد»

  1. #41
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. حسين علي محمد
    تاريخ التسجيل
    03/12/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    394
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: النص الكامل لكتاب «العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد»

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. نادر عبدالخالق مشاهدة المشاركة
    كوكبة نقدية وأدبية رفيعة الشأن والفكر يمكن من خلال رؤيتها الوقوف على أهم ملامح التجربة الأدبية عند الشاعر الكبير الدكتور حسين على محمد ويمكن أيضا استخلاص الأحكام النقدية المعاصرة وبلورتها فى إطار فكرى نقدى متطور يبحث فى المنظور الشعرى ويؤطر للمفاهيم النقدية المطروحة ، وتلك فائدة جمة للنقد والفكر الحديث وهذا ما أردت التنبيه إليه وإلى اهمية كتاب العاشق والوردة ليس لكونه سجلا وبحثا مهما جمع فيه الشاعر الأراء والدراسات النقديةالمتعلقة بإبداعه وإنما لكونه شاهدا على تطور الفكر النقدى المعاصر، من ناقد لأخر ومن مرحلة لأخرى ومن فكرة ورؤية إلى نظرية عامة وخاصة من خلال التفنيد والتحليل الأدبى المتطور ، فإلى المزيد من التألق ومن الريادة والعطاء
    دكتور
    نادر أحمد عبدالخالق
    شُكراً للناقد الصديق الدكتور نادر،
    مع موداتي.


  2. #42
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. حسين علي محمد
    تاريخ التسجيل
    03/12/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    394
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: النص الكامل لكتاب «العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد»

    (29) قراءة في قصيدة «حديث جانبي ..» للدكتور حسين علي محمد
    بحث فى التجربة والصورة (1 ـ 2)

    بقلم: د. نادر أحمد عبدالخالق
    .................... ................

    النص:
    لن يرجِعَ للطّائرِ هذا الرِّيشُ الوامِضْ
    بالفَرحِ الدَّافقْ
    روحي العاريةُ المثقلةُ بقيْظٍ خانقْ
    تعبثُ بكُراتِ الثلجِ النَّزِقَهْ
    تلبَسُ قُفَّازَ العادةِ
    تدخلُ دهليزَ الشَّفْرة
    تبرأُ من طقسِ الدَّهشةِ
    يتداخلُ نقْعٌ وغبارٌ
    وأنوثةُ عنصرها
    هذي الصحراء !

    (2)
    تتفجّرُ في الشريانِ ينابيعُ اللغة الطِّفْلهْ
    يتفجّرُ في الأُفقِ البرْقُ
    يُعانقُ ضعْفي وجنوني
    أيتها الأمطارُ الصّحراويةُ
    مازالتْ بيْنَ أناملِكِ السحريةِ دِلتا روحي
    تسألُني في الليلِ سُلالةُ رملكِ
    هلْ أنتَ القادمُ يوماً
    لتُضَمِّخَ روحي
    بالأشعارِ الورديّةِ
    وهواجسِكَ الطِّفْلهْ ؟
    (3)
    ـ يا منْ أرسلْتُكَ ، أوْجدتُكَ
    كيْ تكتشفَ عذابَ النبتةِ
    وتفرُّدَها بالصَّرخةِ
    ماذا … ؟
    ـ لن يغتالَ سكينة روحي فرسانُ النَّرْدِ
    ولن يقدرَ فارسُهُمْ أنْ يزرعَ وردتَهُ
    في عَبَقِ الجرْحِ
    ولنْ يُطلِقَ لحظاتِ النشوةِ
    غرباناً سُحْماً
    تقتحِمُ سمائي

    ديرب نجم 31/1/1991
    ***
    العنوان:
    ..........
    حديث جانبى
    قصيد للدكتور حسين على محمد والتقدير هذا حديث جانبى حذف المبتدأ اسم الإشارة وبقى الخبر ، والخبر هنا لا يقف عند حدود العنوان بل يتعداه إلى النص ومايحتويه من دلالات وعلاقات متواصلة مع المبتدأ المحذوف تقديرا ، والحالة التى جاء فيها الخبر هى الإفراد لتركيبيه (حديث – جانبى ) ولو تأملنا الحالة الإسنادية المسند والمسند إليه ، لوجدنا أن لذلك دلالة تعود على المعنى الموضوعى للعنوان ، حيث يتوافق المعنى مع الدلالة ، مع اهمية المحادثة الخاصة ، وكأن النص حالة من الإفضاء بأشياء نفسية فى المقام الأول ، لا يجب البوح بها ،أو أن البوح بها يحتاج إلى من يستطيع ، أن يتلقى ذلك التصريح الوجدانى الشعورى ، حيث يؤدى الوصف والتشبيه دورا مهما فى توضيح خصوصية ، الحديث الذاتى ، الجانبى الشعورى . وتلك حالة نفسية تعكس مدى صدق التجربة عند الشاعر .
    النص :
    بداية الطاقة التشكيلية التعبيرية ، عند شاعرنا الدكتور حسين على محمد واضحة المعالم ، بارزة مكتملة ، لا يجد الشاعر كبير عناء ، فى أن يقدم لنا ملامحها عبر نصوصه وهى تمثل أركان التجربة لديه ، وتمثل أبعادالرؤية والموقف والحالة ، النفسية الداخلية والخارجية ، وتمثل البعد المتصارع لديه وتحقق أمرين الأول : البعد عن الغنائية ، والثانى : التدفق الشعورى المتواصل لرسم أبعاد التجربة كذلك تقف هذه اللوحات على العديد من ملامح الحياة الخاصة للشاعر والتى هى جزء من الملامح العامة ، للحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية ،التى نتأثر بها جميعا وهذا جانب آخر من جوانب التجربة عند الشاعر ، يضاف إلى ماسبق أن حسين على محمد من خلال هذه اللوحات ، قد رسم لنفسه خصوصية شعرية ، تمثل الشخصية الإبداعية لديه ، وتمثل جزء كبيرا من معاناته ، التى مر بها على مستوى الإبداع ، وعلى مستوى الواقع المعاش ، فالصورة أو اللوحة التعبيرية التشكيلية لا تتركك دون أن تلقى بك فى عالم من الأسئلة ، التى تمثل صراعا نفسيا مشتركا ، بين الشاعر والقارىء
    ويقول الدكتور على عشرى زايد :
    إن الصورة الشعرية " واحدة من الأدوات التي يستخدمها الشاعر الحديث في بناء قصيدته وتجسيد الأبعاد المختلفة لرؤيته الشعرية . فبواسطة الصورة يشكل الشاعر أحاسيسه وأفكاره وخواطره في شكل محسوس ،وبواسطتها يصور رؤيته الخاصة للوجود والعلاقات الخفية بين عناصره . وإذا كان الشاعر الحديث- بشكل عام – يستخدم إلى جانب الصورة الشعرية أدوات وتكنيكات شعرية أخرى ،فإن هناك من الاتجاهات الشعرية الحديثة ما يعتمد اعتمادا أساسيا على الصورة الشعرية "([1]) .
    وهذا ما قام به الدكتور حسين فى جل أشعاره حيث لا ينفصل لديه الإحساس عن ترجمته للوجود ، والعالم من حوله ، والنص الذى بين أيدينا "حديث جانبى " يقف على كثير من الأفكار التى ناقشتها ، وطرحتها ، كرؤية تحليلية لأبعاد التجربة الكلية ، الداخلية والخارجية .
    والنص ينقسم إلى ثلاثة أقسام كل قسم منها يمثل بعد تشكيلى أو لوحة تصويرية لها خصوصيتها ، فى التعبير والإدراك وتمثيل ذات الشاعر ، ينتقل بواستطها من حديث إلى آخر كما صرح هو بذلك من خلال العنوان،دون أن يفقد السيطرة على البعد التشكيلى الكلى للنص ، ودون أن ينغمس باكيا ، أو يكشف لنا عن أسراره دفعة واحدة
    يقول الشاعرفى المقطع الأول :
    لن يرجِعَ للطّائرِ هذا الرِّيشُ الوامِضْ
    بالفَرحِ الدَّافقْ
    روحي العاريةُ المثقلةُ بقيْظٍ خانقْ
    تعبثُ بكُراتِ الثلجِ النَّزِقَهْ
    تلبَسُ قُفَّازَ العادةِ
    تدخلُ دهليزَ الشَّفْرة
    تبرأُ من طقسِ الدَّهشةِ
    يتداخلُ نقْعٌ وغبارٌ
    وأنوثةُ عنصرها
    هذي الصحراء !
    هذه اللوحة التصويرية تفسر كثيرا من ملامح التجربة عند الشاعر ،ولأن الصورة الشعرية فى المقام الأول، هى درجة من درجات التطور عند الشاعر ، حيث تمثل مصدرا مهما ، من مصادر الرؤية التوظيفية لديه ، فإن من المفيد أن نقف هنا على مصادر هذه الصورة ، ومدى استفادته منها ، فى بناء الفكرة ، وفى وجود العلاقة الإنسانية بين النص والقارىء ، وبين النص والعالم الخارجى للذات المبدعة ، وهذه عملية فى غاية الدقة ، وفى غاية الأهمية ، لأنها لا تقف على معالم التجربة فقط ، بل تتعدى ذلك ، إلى درجة من درجات النمو والتدريج للعملية الإبداعية داخل النص ، وداخل وجدان الشاعر .
    والمصادر هنا فى أولى تقريباتها تنقسم إلى قسمين :
    الأول : خارجى طبيعى يتمثل فى الاستعارة التى يقدمها الطائر فى حالته التى هو عليها، وهى حالة انحرافية غير أصلية . لكنها لا تبعد عن كونها صورة حسية ، مما يجعل المصدر الاول للتجربة فى النص مصدرا حسيا ، احتمى خلفه الشاعر ، ليقدم مشهدا من مشاهد النفس الإنسانية المعاصرة .

    الثانى : وهو البعد المعنوى الرمزى ، الذى يمثل الناحية النفسية الداخلية للنص والشاعر ،وهذا يمثل ترجمة حقيقية للمعاناة ، والآلام التى يعانى منها إنسان العصر الحديث .
    والمتأمل فى مفتتح النص يصطدم بحالة من النفى والإثبات التى يتضمنها الفعل المضارع المنصوب ( لن يرجع للطائر هذا الريش ..... ) ( الوامض بالفرح الدافق )
    والصورة اللغوية هنا لا تقف عند حدود المنع المطلق بل تتعداه إلى عملية نقل غاية فى التركيب الدقيق حيث نقل المحسوس بدرجته ، إلى المعنوى الوجدانى العميق ، أنظر إلى كلمة : الوامض واستعارتها الرقيقة الدقيقة التركيب ، حيث تدل على اللمعان الخفيف ، وعند نسبة هذا اللمعان إلى الريش تلاحظ أن هناك توفيقا فى الإسناد ، وإحساسا بالصورة ، وقدرة فى التوظيف .
    وكلمة : الفرح - و الدافق
    فنسبة الدافق التى تدل على السرعة فى الحدوث ، هذه السرعة غير مفسرة لما تحتويه على كتمان وسرية ، من ضعف الملاحظة وعدم مواءمتها للحدث النفسى المشاهد بواسطة الصورة المركبة الدقيقة ، يدل على الملاءمة الفعلية للفرح ، الذى يترجم البهجة المتمثلة فى الريش المفقود ، والذى سيفسر بعد ذلك بالحالة التى عليها الشاعر ، الذى خلعت عنه البهجة ،والسرور ، ويمكن ترجمة ذلك بالمعاناة الإنسانية فى وقتنا الحاضر . وتبديل المظهر الخارجى (الريش) الزاهى ، بسلبيات الحياة والعصر .
    ثم تكتمل هذه الرؤية وتتضح وتترجم إلى واقع حقيقى حينما تتعلق بالنفس والروح دون الجسد، يقول الشاعر:
    (روحي) العاريةُ المثقلةُ بقيْظٍ خانقْ
    وهذا تحول من المحسوس المدرك المقرب بواسطة المصدر الخارجى (الطائر) إلى المعنوى الذى سرعان ما يتحول هو الاخر ، عندما يحل الفعل المضارع نائبا عن الحركة داخل الصورة ، تعبث - تلبس - تدخل
    تبرأ - يتداخل ........
    والمدرك لتركيب : قيظ خانق
    ودلالته ونسبته الانحرافية الخارجية بصفته مصدرا مساعدا من مصادر التجربة يمكنه أن يقف على حقيقة الافعال السابقة حيث الدلالة التى يحتويها كل مركب يتلائم مع التوظيف المسند إليه ، فنسبة العبث إلى كرات الثلج تتوافق مع وجود القيظ، ونسبة تلبس ، تبرأ ، تدخل ، يتداخل تتوائم مع العلاقة التى نشأت من دلالة الاستعارة فى الصورة .
    ويقول الشاعر فى المقطع الجزئى الاخير ، مقدما صورة تداخلية متطورة ، تدل على عملية النمو الداخلى للنص والصورة ، وارتباطها بالمصدر الخارجى المباشر، ولا أبالغ إذا قلت أنها صورة فريدة فى تركيبها ، وفى علاقاتها ، وارتباطاتها الدلالية الخارجية ، والداخلية حيث نسبة الأنوثة الرقيقة ،إلى الصحراء التى لاتعطى إلا الجدب والقحط والحيرة ، والشاعر هنا يطارد نفسه من خلال مطاردة الوجود والمحيط ، الذى يمتزج فيه الساكن بالمتحرك فى رتبة واحدة ، فسكون الصحراء ما هو إلا دلالة على حركتها المستمرة ، والتى تمثلت فى أنوثة تخرج عن حقيقتها إلى مجازية المصدر ، والملاحظ أن الشاعر قد وقف على مجموعة دلالات تصور حقيقة الموقف التصويرى لديه .
    الدلالة الأولى : أن الصورة لديه واقعية ، والواقعية هنا ليست الواقعية المعروفة بتقسيماتها الكلاسيكية ، وإنما هى حقيقة التجربة وصراحة التفسير والتعبير عن الإبداع كحالة شعورية متدفقة تعكس الحياة والإنسان والوجود، والذات المبدعة .
    الدلالة الثانية : أن التأويل القريب فى هذا المقطع يفصح عن عملية تداخل مركبة للمعوقات التى تعبر عن المعاناة التى يمثلها النقع والغبار، والانوثة المركبة والمشتقة من عنصر ،لا يفصح عن حقيقة التأويل ، يقول الكاتب :
    يتداخلُ نقْعٌ وغبارٌ
    وأنوثةُ عنصرها
    هذي الصحراء !
    والمتأمل يجد أن الصورة لا تلهث وراء الساكن والجامد بل تحاول استنطاق هذا الساكن ، ولعل الإضافة التى نسبت الأنوثة إلى الصحراء ، بطريقة انحرافية هى التى عمقت من الدلالة الأولى والثانية .
    وفى القسم الثانى الذى يمثل اللوحة الخاصة ذات التعبيرالنفسى الوجدانى المتعلق بالخصوصية ، التى يفصح فيها الشاعر عن دواخله ، فى حوار نفسى ومنولوج درامى مركب تركيبا داخليا وخارجيا يقول مطورا الأداء النفسى ومستخدما نفس المعادل الموضوعى التراثى " الصحراء" كتشكيل ثابت وخلفية اساسية تدور فى فلكها الصورةالتعبيرية :


  3. #43
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. حسين علي محمد
    تاريخ التسجيل
    03/12/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    394
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: النص الكامل لكتاب «العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد»

    قراءة في قصيدة «حديث جانبي ..» للدكتور حسين علي محمد
    بحث فى التجربة والصورة (2 ـ 2)

    بقلم: د. نادر عبد الخالق
    .................... .........

    (2)
    تتفجّرُ في الشريانِ ينابيعُ اللغة الطِّفْلهْ
    يتفجّرُ في الأُفقِ البرْقُ
    يُعانقُ ضعْفي وجنوني
    أيتها الأمطارُ الصّحراويةُ
    مازالتْ بيْنَ أناملِكِ السحريةِ دِلتا روحي
    تسألُني في الليلِ سُلالةُ رملكِ
    هلْ أنتَ القادمُ يوماً
    لتُضَمِّخَ روحي
    بالأشعارِ الورديّةِ
    وهواجسِكَ الطِّفْلهْ ؟
    والمحادثة تتحقق مباشرة من خلال البعد المتحاور فى النص ومن خلال العملية النفسية الازدواجية التى تقوم عليها الصورة . " كمعادل موضوعي للتجربة الذاتية ؛ حيث كان يتخذها قناعا يبث من خلاله خواطره وأفكاره ، "والقناع – كما يقول البياتي –هو الاسم الذي يتحدث من خلاله الشاعر نفسه متجردا من ذاتيته ؛ أي إن الشاعر يعمد إلى خلق وجود مستقل عن ذاته ، وبذلك يبتعد عن حدود الغنائية والرومانسية التي تردّى أكثر الشعر العربي فيها "([2]).
    ولعل من المفيد أن نقف قليلا عند أهمية المعادل الموضوعي في شعر الدكتور حسين على محمد وهل تحقق له الخلوص من الغنائية والرومانسية بفضل عملية التداخل التي نشأت من الازدواجية النفسية ، وابتعد عن الوقوع في الغنائية ، أم جانبه ذلك ؟
    الحقيقة كما ذهب الدكتور على عشرى زايد فى نظرته لهذه القضية واستند اليه الدكتور محمدابراهيم حسين عوض عند دراسة التجربة عند بلند الحيدرى الشاعر الكبير معتمدين على مقولة البياتى، أن التجربة عند الدكتور حسين لا يمكن أن تنفصل بأى حال من الأحول عن العمق الدلالى للصورة القائمة على المعادل الموضوعى واللوحة التى بين أيدينا تؤكد ذلك :
    فالبرق - والأمطار الصحراوية - وسلالة رملك
    كعلاقة خارجية ومعادل موضوعى :
    مقابل العلاقة الداخلية المتحاورة فى:
    في الشريانِ ينابيعُ اللغة الطِّفْلهْ
    يُعانقُ ضعْفي وجنوني
    أناملِكِ السحريةِ دِلتا روحي
    دليل على أن الصورة عند الشاعر مركبة من نفسه ووجدانه أولا ومن المعادل الموضوعى الخارجى ثانيا ، فالبرق والأمطار ذات الخصوصية التى تتعلق بوجدان الانسان عموما خاصة إنسان الصحراء والبيئة الصحراوية عموما وكذلك الطبيعة الرملية ، أصوات وألوان ، متداخلة فى نسيج الصورة ،وفى محيطها العام ، تظل عاملا مساعدا للفعل والحركة الداخلية للصورة ، ومعادلا موضوعيا ينوب عن وجدان الشاعر ، ويقدم علاقة بيانية انحرافية ، ذات أثر بالغ فى التشكيل العام للصورة والموضوع .
    وجاءت الحركة داخل الجملة الفعلية لتقدم ملمحا أخر فى البعد الكلى للصورة تأمل معى الأفعال : تتفجر - يتفجر - يعانق فالفعل الأول مسند إلى الشريان وهوإسناد مجازى ، منقول من طبيعته الأصلية ، إلى طبيعة استثنائية ، حيث تعلق باللغة الأولى التى عبر عنها بالطفلة ، وهو تعبير مسند إلى غير حقيقته الأصلية ، والفعل الثانى "يتفجر" البرق وهوقريب فى دلالته ، والفعل الثالث " يعانق " وهو يمثل العودة إلى حقيقة الذات المبدعة ، وحقيقة التجربة لدى الشاعر ، وصوره المشتقة من الملمح الخارجى ، فالعناق هنا حالة استعارية ، غير أصلية فى إسنادها وفى وظيفتها ، حيث نسب إلى الضعف والجنون ، الذى أحالته ياء المخاطبة إلى ضمير الشاعر، وإلى ذاته المعذبة ، كذلك النداء "أيتها الأمطار الصحراوية" الذى يتحول بفعل الحديث الجانبى إلى استجداء ، وإلى استعطاف ، دليل على وجود النسبة التعادلية للفعل والتجربة ، كخلفية قامت عليها الصورة والختام الجزئى بالاستفهام فى نهايةاللوحة والمقطع يقول الشاعر :
    تسألُني في الليلِ سُلالةُ رملكِ
    هلْ أنتَ القادمُ يوماً
    لتُضَمِّخَ روحي
    بالأشعارِ الورديّةِ
    وهواجسِكَ الطِّفْلهْ ؟
    وهو يمثل عودة للشاعر من رحلته النفسية إلى واقع الحياة ، وإلى مهمته ودوره ، وعدم الإجابة أبلغ من الإجابة ، حيث أن الحديث الاستفهامى مسند إلى واقع مجازى ، وإلى حقيقة وجدانية .
    وفى القسم الأخير ، أوفى اللوحة الأخيرة، يتحرر الشاعر من ذاته ، ومن خصوصيته النفسية ، إلى الإفصاح عن أهميته ودوره وصرامته يقول معاتبا فى حديث جانبى ذاتى رقيق :
    (3)
    ـ يا منْ أرسلْتُكَ ، أوْجدتُكَ
    كيْ تكتشفَ عذابَ النبتةِ
    وتفرُّدَها بالصَّرخةِ
    ماذا … ؟
    ـ لن يغتالَ سكينة روحي فرسانُ النَّرْدِ

    ولن يقدرَ فارسُهُمْ أنْ يزرعَ وردتَهُ
    في عَبَقِ الجرْحِ
    ولنْ يُطلِقَ لحظاتِ النشوةِ
    غرباناً سُحْماً
    تقتحِمُ سمائي
    والمتامل فى الصورة يجد أنها اعتمدت على نوعين من الأسلوب الإنشائى والخبرى.
    النداء وحالة الثبات الناتجة من الجملة الاسمية ، مما يجعل الاستفهام حالة دائمة ،ذات خصوصية داخلية تنتج الرد وتنتج السؤال فى آن واحد وتلك إحدى دلالات التركيب داخل الجملة الشاعرية للدكتور حسين على محمد .
    وتأمل الحوار الداخلى والحديث الجانبى فى ( ماذا ....... ؟ ) والتى جاءت عقب خبر وإجابة محذوفة .
    والمقطع الاخير فى اللوحة :
    الذى بنى على التأكيد والنفى والإثبات والنقل من الحسى إلى المعنوى ومن ثم التحويل الانحرافى الوجدانى النفسى المعتد على الاستعارة ، والتى تعكس حالة من الهياج الداخلى الذى يقوم بدور كبير فى الرد والإنابة عن المتحاور الداخلى فى النص ، وتلك حالة من التعبير عن الإصرار وعدم مواصلة المشوار فى ظل هذه المتغيرات ، وفى ظل الشتات الناتج عن التداخلات الحسية والمعنوية ، المعاصرة والإنسانية التى يحاول الشاعر الوقوف عند تأويلها وفض مكنونها.
    -------------------------------
    (1) عن بناء القصيدة العربية الحديثة ، د/على عشري زايد ، دار الفصحى للطباعة والنشر ، طـ1 سنة 1977، صـ68.
    ( 2 ) استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ، د/ علي عشري زايد صـ24 ، وهو منقول عن عبد الوهاب البياتي ، تجربتي الشعرية ، منشورات نزار قباني 1968 صـ35 .


  4. #44
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. حسين علي محمد
    تاريخ التسجيل
    03/12/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    394
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: النص الكامل لكتاب «العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد»

    (30) رؤية نقدية:
    القهوة المُرة في فندق الرشيد!

    بقلم: أحمد محمد عبده
    .........................

    الدكتور حسين علي محمد.. صوت شعري وحس نقدي. ربما تكون قد خسرته المنتديات والمؤتمرات والمؤسسات الثقافية والأدبية داخل مصر. لغيابه الطويل خارج البلاد. إلا أن حضوره كان مستمرا ومشاركته دائمة واتصالاته لم تنقطع بالأدباء وبالحياة الثقافية طوال هذه المدة. وربما كان حضوره الدائم علي شبكة الإنترنت ناقدا ومبدعا ومؤسسا لمنتديات أدبية قد وسع من دائرة صداقته لقاعدة عريضة من الأدباء في مصر وخارجها.
    كنا في صالون دائم معه.. من خلال الشبكة العنكبوتية كما يقولون. ولم نعدمه متحدثا في برامج الاعلام السعودي وعلي صفحات الجرائد والمجلات العربية في مصر.
    الدكتور حسين علي محمد. الذي عمل استاذا للأدب الحديث بجامعة الامام محمد بن سعود بالرياض لفترات طويلة. لم يمنعه ذلك العمل الاكاديمي الشاق من اضافاته الإبداعية. بل هو غزير الانتاج. حتي انك لتظن انه قد تفرغ لذلك فله ما يزيد علي الخمسين كتابا ما بين الكتب النقدية والمسرحيات الشعرية وشعر الأطفال والمجموعات القصصية والدواوين الشعرية غير الأبحاث المحكمة في العديد من المجلات والحوليات الجامعية. وكان آخر انتاجه كتابه "المتنبي يشرب القهوة في فندق الرشيد" وهذا الكتاب. وبحكم التقسيم الفني لكتب الشعر يعد ديوانا يجمع سمات الديوان الشعري. وذلك للوحدة الفكرية أو الخط الايديولوجي أو الجو العام الذي تدور في فلكه القصائد والمقطوعات. فحسين علي محمد شأنه شأن كل موجوع عربي بهموم الوطن وقضايا الأمة. استدعي شاعر العربية الأول. أبو الطيب المتنبي ليكون رمزا لصوت الكلمة والتي هي الداعية الأولي للعزة العربية والنخوة والاعتداد بالنفس وعدم الخضوع والخنوع. المتنبي يشرب القهوة في فندق الرشيد. بكل ما يحمل العنوان من دلالة. قد يبين بعضها في القصيدة وفي باقي القصائد. وقد ترك بعضها الآخر لما اسماه الدكتور صابر عبد الدايم. لأفق توقع القارئ! وجاء العنوان كعتبة أولي للنصوص. ثم جاءت العتبة الثانية في الإهداء. الذي كان لأحفاد الشاعر. وهو ما يشير إلي المستقبل الذي يؤرقه.
    وقال الدكتور صابر إن ديوان حسين علي محمد يحمل عدة ظواهر منها ما يسمي بالاختيار الايقاعي. والذي تمثل في تقمص الشاعر لشخصية عنترة التي اتخذها قناعا "للشاعر اثنتا عشرة قصيدة عن عنترة في هذا الديوان وفي غيره من الدواوين". ومن تلك الظواهر أيضا ظاهرة الانزياح أو العدول.. وقد ظهر هذا في العديد من قصائد الديوان "وأنا أكتب عن مخلوقات تتكاثر لتموت" وقوله "بجرح البلبل المسكون بالوجع المباح" وقوله "فوق الأفواه العطشي مطر يغلي" وقوله "قمر أسود" وغيرها كثير. فكما نري. يأتي الشاعر بألفاظ صادمة. توضع في غير موضعها المنطقي. أو علي غير المألوف من التراكيب. وغالبا ما يأتي ذلك علي سبيل السخرية أو محاولة لتحدي المألوف أو ربما قلب المنطق ومحاولة صياغة الواقع.
    يتضمن الديوان عدة قصائد سردية جاءت في تسلسل منطقي شعري بديع. كما وظف الشاعر التراث في الكثير من قصائده.
    .................................
    *المساء ـ في 10/10/2009م.


  5. #45
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. حسين علي محمد
    تاريخ التسجيل
    03/12/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    394
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: النص الكامل لكتاب «العاشق والوردة: دراسات في شعر حسين علي محمد»

    (31) قصيدة «السؤال» لحسين علي محمد

    بقلم: ثروت مكايد
    ....................

    *النص:
    ..........
    كلُّ شيْءٍ في مكانِهْ:
    فُرشةُ الأسنانِ،
    معجونُ الحلاقَهْ
    بغضُ أشعارٍ قديمهْ
    نصفُ فنْجانٍ من الشايِ،
    استعاراتٌ عقيمهْ

    كيف تأتيني "فتوحاتي العظيمهْ" ؟

    صنعاء 30/1/1987م
    ***
    يُذكرك هذا النص بأشعار طاغور شاعر الهند العظيم.
    إنه لينساب بنعومة ويُسر وبساطة، غير أنه يحمل تحت سطحه الهادئ بركاناً وفلسفةً عظيمةً..
    لا أدري كيف يُوارَى هذا الشعر!
    كيف يظل البلبل شريداً طريداً، في حين تنعق الغربان فيوق أشجار حديقتنا؟ .. كيفَ؟ كيف؟!

    الأزمة هنا أننا لا نتحرك..
    نظل نلوك أفكاراً قديمةً، وندخل في صراعات عقيمة، ونُحارب أعداءً ابتلعتهم القبور ليظل الماضي حاضراً، ونظل أسرى له.
    كل شيء في مكانه، من فرشة الأسنان للاستعارات العقيمة .. تلك التي لا تُنتج شيئاً ، ولا تأتب بثمرة؛ ليظل الوضع على ما هو عليه!
    يبدو أن «يبقى الوضع على ما هو عليه» من ركائز حياتنا.
    ومن ثم « كيف تأتيني "فتوحاتي العظيمهْ" ؟».
    ***
    قد جاءك يا شاعرنا الدكتور حسين علي محمد من الفتوحات ما نعتز به، وتعتز به أنت في زمن احتل البوم والغربان الساحة، وحصدوا الجوائز والمنابر، لكن حظهم العاثر أنك ما زلت تُغرد!!


+ الرد على الموضوع
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 1 2 3

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •